الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطورة الانقسام الفلسطيني

عماد صلاح الدين

2015 / 8 / 13
القضية الفلسطينية



هناك سؤال يخطر على بال المتابع للشأن الفلسطيني، وهو لماذا سمحت إسرائيل لحماس بالاشتراك في انتخابات السلطة الفلسطينية عام 2006؟
قد يجيب البعض أن إسرائيل تريد من حماس أن تتورط بنتائج الانتخابات، ومن ثم ليتم حشرها في إطار قيود ومحددات السلطة السياسية والأمنية والمالية، وبالتالي قبول الاعتراف بإسرائيل والتنسيق الأمني معها، كما هو حال حركة فتح، وان رفض حماس لشروط السلطة وأوسلو سيواجه بحصار تجربتها كما حصل ذلك فعلا.
ولكن هل إسرائيل لا تدرك من الأساس أن حماس لا يمكن أن تقبل بمثل تلك الشروط والمحددات، ولا يمكن أن يثنيها عن ذلك الحصار والاستهداف وغير ذلك؟.
إسرائيل تدرك أن حركة عقائدية وسياسية وطنية مثل حماس لا يمكن أن تقبل الاعتراف بها، وان أدوات الحرب والحصار لا تجعلها تغير من نهجها وثوابتها المستمدة من العقيدة والثقافة الدينية.
ما دام الأمر كذلك، اكرر هنا السؤال أعلاه لماذا قبلت إسرائيل ولم تعرقل فكرة مشاركة حماس في انتخابات السلطة التشريعية عام 2006.
إسرائيل قبلت مبدأ مشاركة حماس في تلك الانتخابات، لأنها تعرف كمؤسسة سياسية وأمنية واستخباراتية أن هناك قاعدة مؤسسة للخلاف الفلسطيني الفلسطيني على البرنامج الوطني منذ ستينيات القرن العشرين بخصوص إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على أي جزء يتم تحريره، والذي تجلى أولا في برنامج النقاط العشر لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1974، إلى أن أصبح واقعا في أوسلو عام 1993-1994.
لقد تم حشر الجميع في النهاية مؤيدين ومعارضين لأوسلو في بوتقة سياسية وأمنية خاضعة لإشراف أمريكي غربي وإسرائيلي، والمحشورون في هذه البوتقة منقسمون على توجهات وخيارات متناقضة، وهي عمليا لا تلتقي، والشعب الفلسطيني في الداخل والخارج إما محاصر أو تشن عليه الحروب باستمرار أو ملاحق في بعض دول الجوار العربي.
وأما المقاومة الفلسطينية فتم إيصالها إلى طريق تدفع فيه ولا تقبض للصالح الوطني، وحرب غزة 2014 شاهد على الدفع وعدم القبض سياسيا ووطنيا، وأما المفاوضات ومفاوضوها فاستنفدت الأولى نفسها من تكرار الفشل والمفاوضون غيروا وجهتهم من سراب الإسرائيليين إلى سراب الأمم في العالم، دون أن يكون في الحالين سند قوة للمطالبة أو المخاطبة.
وخطورة الحشر في بوتقة الحصر الاوسلوي للجميع موالاة أو معارضة هو تكريس الانقسام والخلاف الفلسطيني الفلسطيني الذي هو في الأساس غاية إسرائيلية صهيونية، الهدف منه إضافة أداة فاعلة في إنهاء وإفناء الفلسطينيين وقضيتهم الوطنية؛ ذلك أن المشروع الصهيوني الإسرائيلي هو مشروع فلسفته وقيامه الترانسفير سواء منه الابادي النهائي أو الترحيلي التهجيري إلى أماكن وبلدان أخرى غير فلسطين الأم والهوية، ثم انه معروف اجتماعيا وإنسانيا تنظيميا كمجتمع أو امة وعبر السابقة التاريخية أن المجتمعات والمنظومات الإنسانية تنتهي وتفنى إذا فقدت روحها القائمة على وئام وانسجام مجموعاتها وتجمعاتها الشعبية والرسمية( راجع في هذا الخصوص الدكتور غوستاف لوبون في كتابة سنن تطور الأمم ترجمة الدكتور عادل زعيتر).
ولعل ما تعانيه الشعوب العربية اليوم أيضا من انقسامات على مستوى القطر الواحد إلى درجة الاحتراب الأهلي، مرده أيضا إلى قضية أو محاولة حشر الجميع المؤيد والمعارض في بوتقة الشكل الدولاني للنظم السياسية العربية المستبدة والمتولدة في الأساس كمخرج غير وطني عن الحقبة الاستعمارية الغربية في أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين الماضي، وقد مورست هذه الخدعة بحق الشعوب العربية وثوراتها منذ سنوات قليلة، والنتيجة كانت تغلب نظم الثورات المضادة على الثورات العربية - على الأقل- في هذه المرحلة في غير بلد قامت فيه هذه الثورات.
إن القضية الملحة للفلسطينيين اليوم هو إعادة صياغة بل وتكوين لمرجعية وطنية عليا تتبنى إستراتيجية متصالحة مع طبيعة الصراع مع المشروع الصهيوني تقوم على فكرة المواجهة الشاملة مع إسرائيل ككيان عنصري، مع تحديد مفاهيمي وممارسي لحق تقرير المصير والعودة، ومن ثم أخيرا إقامة دولة فلسطين الديمقراطية والعادلة للجميع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الزمالك المصري ونهضة بركان المغربي في إياب نهائي كأس الاتحاد


.. كيف ستواجه الحكومة الإسرائيلية الانقسامات الداخلية؟ وما موقف




.. وسائل الإعلام الإسرائيلية تسلط الضوء على معارك جباليا وقدرات


.. الدوري الألماني.. تشابي ألونزو يقود ليفركوزن لفوز تاريخي محل




.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ