الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شواغر ولا وظائف!

مصعب وليد

2015 / 8 / 13
الادب والفن


"دقت ساعة العمل!"، هذه أول مرة أقتبس "القذافي" في عُمري المتناقص، ولستُ أبالي، بصفة وجودية، إن فسرتها على هواي. وشواغر تملأ حقول العمل، ولا عمل بالتحديد يساوي فرصة عمل بارزة، وأنا أشكو من صرعٍ تمحور في وظيفة جادة تقيني صوتَ أمي من على سريرها الذي يُمثل محور الدوران لبيتنا المُكعبّي؛ "إنهض وتوكل على الله ولا تيأس في البحث عن العمل"، وكسل الإستيقاظ في صباح مُفترض متكرر تتجاوز ساعته الواحدة والنصف بعد الظهر، حيث لا هواءً ندياً ولا صوتُ "فيروز" في سيارات "العمومي" يبرهن للعامة أن الصباح لم يكتمل ولم ينتهي بعد.

"شواغر"، ولا غرفة عمل، بصورة عامة، خالية من التصرّف؛ "شواغر"، وإزديداد نسبي في مُعدل المُتقدمين لوظائفٍ مختلفة في شتى المجالات، وإن أصابت الوظيفة أحداً فليس حكراً بالتأكيد أن أكون أنا. "شواغر" بتردد وبلا تردد وبلا رأي أو رأي آخر. "شواغر" ولسوء حظي أنني أهملت ذقناً يُشبه بالضرورة لحى "داعش"، فقبل أن أجلس للمقابلة في جريدة "اليوم" المحلية، طُرح سؤالٌ، كان لا بد من طرحه، على طاولة ناقصة الأضلاع: "ذقن داعشي أم موضة؟" وكان تحولاً مباشراً قد طرأ على أجواء الغرفة، كانت الإبتسامة تعم وجهي آنذاك، وشيءٌ من الإرتباك زال لمجرد طرحه موضوع الذقن؛ تحولتُ بالكاد الى شخص آخر بوجه مُجَهَّم. ففضلتُ، بالضرورة، أن أكون مرحاً في إجابتي: "داعشي، بتردد وبلا تردد!" فجائني الرد السريع على صيغة "إيميل" ساخن: "نعتذر عن قبولك، لا يوجد لدينا وظائف!"، رغم إعلانهم عن وجود شواغر قبل أيام؛ فأدركت حينها فحوى الرسالة الغامضة.

حاولت أن أوقظ الذي قابلني للوظيفة الموعودة، وأسعى به الى مصدر فلسفتي، فقد يُعزى كل ما حدث لي للفلسفة الوجودية التي غلبني إليها "سارتر"؛ فإعتبرتُ نفسي لوهلة "كومة من الكائنين المنزعجين، المرتبكين بأنفسنا، ولم أملك أي سبب لأكون هنا، لا أنا ولا الآخرون..." وكنت أحس بأنني كائن مضطرب يحس نفسه زائداً على اللزوم بالنسبة للآخرين! فلم يلقي المُقابِل لها بالاً، كنت على يقين بأنه سيغير وجهة نظره لو عرف ما أرمي إليه؛ اللحية؟ يا رَجُل، تخلص من الصور النمطية في عقلك... هذه الصلة الوحيدة التي أستطيع أن أقيمها بين لحيتي وفلسفة الحياة...

هل تكون اللحية بحد ذاتها فلسفة للحياة؟ ليست كذلك، ولكنني إعتبرتها لوهلة كذلك؛ لا تهتم لشيء ولا بشيء؛ لا بذقنك ولا بأي أمرٍ قد يعتبره الناس طبيعياً، بل كنت أود أن أكون شخصاً خارقاً للطبيعة التي يدّعون بها. اللباس الرسمي؟ لا ألبس لباساً رسمياً، وكيف لا يكون ذلك طبيعياً بالنسبة لهم! أليست هذه الفكرة بالذات مستوردة من الخارج، كذلك أمر اللحية، لكن لنفترض أنها لم تكن ولنفترض أن كل العاملين يلبسون ثياباً رسمية كي يتمكنوا من ممارسة عملهم... الأمر أصبح فوق طاقتي، فلو كان "ماركس" هُنا لخرج بمصطلح جديد يُسمى "عبودية اللباس الرسمي"!

"شواغر" لفلسفتي، ولا "وظائف" لها في العالم الواقعي؛ "شواغر" وغرفة المسؤولين مكتظة بصورٍ فلسفية برمجها عقلي بشكلٍ لا إدراكي؛ منفظة سجائر خالية إلا من بقايا سجائري، صورة فارغة لمسؤولٍ مات قبل قرنين، هو و"ديكتاتوريته"، فنجان قهوة فارغ وفاتر لأسباب متعلقة بـ"البيروقراطيين"؛ أهمها "طيلة البال"، صورتي الغير واضحة على مرآة الحائط داخل المكتب وتعكس بالضرورة شخصية "أنطون روكنتان" في ملامح وجهي التي تُشير بالضرورة الى "الغثيان"... المكتب مكتظ بكل ذلك؛ شواغر، ووظائف لم توجد بعد!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل