الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كي لا تتكرر مآسي الانتفاضات الجماهيرية في العراق والوطن العربي

فريد جلَو

2015 / 8 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


ان اغلب الانتفاضات تبدأ بمظاهرات مطلبية لتتطور الى انتفاضة جماهيرية نتيجة استخفاف الحكام بالجماهير , ويقينا اني اصنف هذه المظاهرات في موقع انتفاضة في حالة صيرورة , لهذا كان عليَ ان اراجع كل الانتفاضات المشابهة في بداياتها منذ اواخر القرن الماضي ولحد الان للوصول الى استنتاجات تخدم الانتفاضة في حالة الصيرورة وافاقها ولنبدأ بالعالم العربي من تونس , معلوم حصلت انتفاضات متتالية في الوطن العربي على الانظمة الديكتاتورية الجائرة , بدات من تونس وامتدت الى ليبيا ومصر ومن ثم سوريا والبحرين وحتى السعودية وكذلك اليمن , اي ما يقارب نصف الدول العربية , هذا اذا لم نأخذ بالاعتبار الاحداث التي تدور في السودان والدول العربية الاخرى .
خرجت الجماهير في هذه الدول من اجل حقوقها المستلبة وسياسة نهبها من قبل حكامها ومافيات الفساد والطبقة الطفيلية , ثم تطورت الى انتفاضات جماهيرية نتج عنها حالتين : الاولى العودة الى المربع الاول مثل حالة مصر وتونس والبحرين اذ ان السيسي كمثال الابن البار لنظام مبارك بحلة جديدة بعد ان ادخلت الجماهير المنتفضه في نفق الاخوان المسلمين المظلم وخرجت منه مغشيا عليها , فالطبقة التي انتجت نظام مبارك وجدت التكتيك المناسب وبدعم امريكي غير منظور للعودة الى الحكم والا كيف يفسر على اقل تقدير تبرئة مبارك واولاده وحاشيته من الجرائم التي اقترفوها بحق الشعب بينما يحكم بالسجن على قادة الحراك الشعبي النشطين بتهم هزيلة , اما الشكل الثاني مما آلت عليه الانتفاضة مثل دول ليبيا وسوريا واليمن وهو الفوضى العارمة واصابع خفية لدول المنطقة وامريكا واضحة بصماتها فهي من جانب تريد ان تحقق مكاسب في تلك الدول على حساب المنتفضين ومن جانب اخر تريد ان تقول لشعوب المنطقة لا فائدة من الانتفاضة فالأمر حتما سيؤول الى احد الحالتين السابقتين , وفي كل الاحوال نجد ان ضعف القوى اليسارية وتشتتها وتقدم الجماهير عليها وهي القوى التي تكاد تكون الوحيدة التي لديها مشاريع للتغيير نحو الافضل ولكن انكفائها على نفسها واحيانا سوء التقدير واسباب عديدة جعل انتفاضة الجماهير لقمة سائغة لتبتلعها نفس القوى المنتفض عليها .

الانتفاضات العراقية
والتي تتشابه بعض الشيء مع انتفاضة الجماهير في البحرين ولنبدأ بانتفاضة 1991 , كانت انتفاضة عفوية لم يكن لأحد فضلا عليها سوى جور النظام السابق , وللحقيقة وبأعتراف الكثير من السياسيين كانت مساهمات المعارضة فردية من كل الأحزاب لأن صدام سبق ان وجه ضربات شديدة لكل الأحزاب السياسية في المعارضة وكادت هذه الأنتفاضة ان تصل الى قلب بغداد , كما كانت المحافظات الغربية والشمالية تتهيأ للالتحاق بها وهذا ما تحقق فقط في كردستان مع فارق ان تلك الانتفاضة كان لاحزاب كردستان حضورا فيها .

نتائج الأنتفاضة
ركبت الموجة بعض احزاب الأسلام السياسي التي جاءت من ايران متأخرة عن بداية الأنتفاضة لترفع شعارات طائفية متناسية ان العراق لا يضم طائفة واحدة او دين واحد او قومية واحدة بتعمد او بتوصيف آخر وكانت بمثابة هبة للنظام لأنقاذه من سقوط محتم , فبدأت السعودية بالضغط على امريكا لفعل شيء خوفا من تسلط الشيعة على الحكم الذي تعتبرهم امتداد للنظام في ايران وحسب اعترافات شواركوف القائد العسكري لقوات الحلفاء في العراق آنذاك وبرسالته الشهيرة الى بوش الاب في حينها ان المخطط له الوصول الى بغداد واسقاط النظام وباللحظات الاخيرة تم ايقاف العمليات ولهذا السبب قدم استقالته , كما سمح المحتل للنظام باستخدام طائراته المروحية بحجة تسهيل انسحاب القطعات العراقية اضافة الى فك الحصار عن قوات الحرس لجمهوري التي كانت تتمتع بقوة نارية عالية وتتمركز في الناصرية ولم تدخل اي معركة مع المحتل مما سمح للنظام بتحريكها بأتجاه قمع الأنتفاضة , كما ان تلك الهبة التي منحت للنظام من قبل المعارضة الأسلامية الشيعية وشعاراتها جعلته يخاطب المحافظات السنية ( الانبار, الموصل , تكريت ) بلغة طائفية بحت ليستعديهم على الأنتفاضة , ونجح طبعا في ذلك , كما ان توقيت انتفاضة كردستان التي تأخرت بعض الشيء عن الأنتفاضة في الجنوب سمحت للنظام بأستخدام قواته لقمع الأنتفاضة والأنتقال الى الأنتفاضة في كردستان وقمعها ايضا .
الانتفاضات والأعتصامات في الأنبار
بدأت هذه المظاهرات والأعتصامات بمطالب مشروعة وكانت مرشحة للامتداد للجنوب ولكن عدم وجود قيادات سياسية وطنية تقود هذه المظاهرات واستخفاف الحاكم بالمطاليب وتسويفها سمح لبقايا البعث والسياسيين الفاسدين وشيوخ العشائر الطامحين بالثروة والسلطة ومن خلال اولئك للقاعدة للنفوذ الى ساحات الأعتصامات والهيمنة على منصاتها وجعل المطاليب خارج الأطار الوطني فتلقفها الآخرين ومنهم الحاكم ليجعلها قضية طائفية بأمتياز تمهيدا لمكاسب انتخابية اقل ما يقال عنها رخيصة وعلى حساب الوطن ووحدته وحدة شعبه وهذا ما حدث ايضا في البحرين التي سوفت مطاليب الجماهير وتسلق الطائفيون على ظهرها ليجعلوها انتفاضة طائفية مما سهل للحكام ضربها تحت بصر وسمع العالم بأجمعه .
عودة الى المظاهرات العراقية في هذه الأيام
المتمعن في المشهد يجد ان هذه الجماهير عندما خرجت من اجل حقوقها غير مسيسة الا في حالات قليلة منفردة وكانت شعاراتها في العموم وطنية ومطلبية وضد الفساد وكانت منظمات المجتمع المدني ومواقع الفيسبوك فضلا كبيرا في خروج الجماهير اما الأحزاب في معظمها كانت اما في الصفوف الأخيرة او غير موجودة اصلا لأنها هي المقصودة ( الأحزاب والكتل النافذة في السلطة والبرلمان ) والان تحاول ان تظهر في المشهد من تصريحات وشعارات تطلقها هنا وهناك في محاولة لتوجيه الجماهير الى طرق مسدودة بعد امتصاص غضبها لتعود حليمة الى عادتها القديمة , ليس هناك خط احمر على اي حزب يريد المشاركة ولكن حذار من رفع اي شعارات سياسية تخدم مصالح شخصية او حزبية انانية .
في الوقت الذي يرى الكثير من المراقبين ان المظاهرات ليست ضد رئيس الوزراء بل على نظام تسيد فيه الفاسدون وقد تكون هذه الظاهرة جديدة فعادة ما يكون رأس النظام هو المستهدف ولكن ما زال نسبة كبيرة من هذه الجماهير تأمل من السيد العبادي ان يصطف معها لأحداث قفزة نوعية في النظام خصوصا انه وللان لم يستطع احد ان يتهمه بأي ملف من ملفات الفساد او الارهاب او او او
ونحن مع الجماهير ننتظر ما سيقرر السيد العبادي ولكن لن يطول الوقت كثيرا لتتخذ الجماهير قرارها في توجهاتها اللاحقة .
يكرر العراقيون دائما وفي كل موقف يتطلب حلول ( الله كريم ) ولكني ايضا اقول دائما ان الله لا ينزل الحلول لكم في زمبيل , وفي نفس اطار هذا الفهم والتأويل اقول اسعوا وحينذاك فقط سيساعدكم الاله .
والى لقاء في الايام القادمة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا