الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افتحوا الأبواب،لاتكبلوا التظاهرات بأسوار الخوف!

شاكر الناصري

2015 / 8 / 15
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


المطالبة بالحقوق وكشف فساد النظام السياسيّ، حتّى في أعرق البلدان الديمقراطية في العالم، لايمكن أن يكون دون قيادة أو تخطيط وخارطة طريق، تفضي إلى أشياء ملموسة على ارض الواقع. لايمكن أن يترك للتكهنات والنوايا الحسنة وللخوف من التسييس وابعاد الآخر المختلف، فما بالك حين يكون هذا الآخر هو من يمسك بزمام السلطة ويستعد لفعل المستحيل من اجل الحفاظ عليها!

ما حدث في ساحة التحرير ببغداد عصر يوم الجمعة، هو محاولة أولى من التيارات والقوى الإسلامية لجس نبض من يتواجدون في هذه الساحة وإختبار قدرتهم وإمكانياتهم على المواجهة، التي يمكن أن تتطور باتجاهات اخرى. ما حدث كان محاولة قوى السلطة لتحويل مسار التظاهرات واهدافها وتشتيت قواها بالعنف والقوة والتهديد!! "يوم أمس،كتبت عن هذا الأمر وعن استعدادات هذه القوى للزج بعناصرها للّعب دور مؤثر في التظاهرات، كما ادعت، وكما حدث في ساحة التحرير في بغداد وميدان الحبوبيّ في الناصريّة".

من عاش تجارب تونس ومصر أو شاهد وقائعها عبر شاشات التلفزيون، عليه أن يتعلم الدرس جيداً، عليه أن يفهم أن قوى السلطة لن تسمح لك بتجاوز الحدود والخطوط الحمراء التي رَسمتها، مالم تكن قادراً على ذلك، ومواجهتها بشكل مباشر، بمعنى إن عليك الإرتقاء بقدراتك السياسية والتنظيميّة لفرض مطالبك ومواجهة السلطة وعدم التباطؤ والشعور بالعجز، ما أن تصل إلى أسوار تلك السلطة، التي يتوجب عليك مواجهتتها، ببديلك السياسيّ القادر على تحقيق الأهداف التي ناضلت وتظاهرت وتحملت الكثير من الأعباء من أجل تحقيقها!
ما يحدث في العراق ومنذ عدة أسابيع، اننا إزاء حالة حرب حقيقية وجدية ومصيرية على الصعيد السياسيّ والاجتماعيّ، حرب بين السلطة وقواها التي تواجه معضلة اثبات البراءة من كل التهم الكارثية التي تواجهها ووضعتها امام مأزق حقيقي كشف عن هزال مشروعها وإنهياره، سياسياً واجتماعياً. قوى كهذه لاتمتلك القدرة ولا الرؤية الصحيحة لاستشراف المستقبل والتعاطي معه بروحية متحضرة ومرنة، بل إنّها تسير بإتجاه التحول إلى قوة قامعة ومستبدة تدافع عن سلطتها وإمتيازاتها وثروات عناصرها.

علينا جميعا أن نفهم، أن العراقيّين لايعيشون في ظل دولة اعتيادية، ولكنّهم إزاء سلطة أحزاب ومليشيات وقوى خارجة على القانون وتمكنت من إبتلاع الدولة بشكل كامل، هذه القوى، تقاسمت السلطة والثروات والوضائف العامة، ولم يعد لديها ما تقدمه للمجتمع الذي تحكمه سوى الإرهاب والتخويف المتواصل والتهديد بالقمع.

حتّى وعود الاصلاح التي أطلقها العباديّ، فانها لم تكن سوى محاولات لكسب الوقت وتسكين التظاهرات والتشويش عليها. العباديّ في خاتمة المطاف هو ابن القوى التي تحكم وأحد رموز الحكم الطائفيّ، رغم كل كل المساعي البائسة لتحويله للبطل المنقذ!

ما حدث يوم أمس، أسقط فرضية الكثير من المتظاهرين أو الذين يَدعون للتظاهر، وكانو يتعاملون مع الموضوع وكأنه ممارسة ديمقراطية وفي بلد عريق بالديمقراطية وأسسها وتجسيدها الاجتماعيّ والسياسيّ!، ولكنها في حقيقة الأمر لم تكن نزهة للمطالبة بحقوق أو اصلاحات سياسية، كما يتصور البعض، انه صراع سياسيّ يمس جوهر السلطة القائمة ونفوذ قواها وامتيازاتها وتوافقاتها!. صراع لمواجهة الفساد وقواه، صراع كهذا، يحتاج إلى تصورات وأفكار وتوقعات تعبر اللّحظة القائمة!

افتحوا الأبواب والقنوات للتعاطي مع ما يطرح من تصورات ومقترحات لاتهدف في النهاية، إلاّ لتطوير التظاهرات والبدائل والأهداف التي انطلقت من أجلها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دولة العصابات غير قادرة على انقاذ مواطنيها!
طلال الربيعي ( 2015 / 8 / 15 - 14:08 )
الصديق العزيز شاكر الناصري
شكرا على مقالك.
اود ا بداء بعض الملاحطات بخصوص الوصع في العراق الآن.
الجيش, حسب دستور العراق, نظريا على الاقل, محظور عليه التدخل في السياسة الداخلية. الخطر الاكبر يتأتى من العصابات, فالدولة هي في جوهرها دولة عصابات وهي تستطيع ان تمارس كل اشكال العنف تجاه المتظاهرين في نفس الوقت الذي تدعي فيه ان هؤلاء عصابات مارقة ن الدولة. والدولة , كالعادة, تكذب لانها هي نفسها تسهّل دخول هذه العصابات الى ساحات التظاهر وتسمح لهم بالعبث في الارض فسادا ومن ثم الانسحاب بدون عقاب بعد ان ادوا رسالتهم على احسن وجه, بالنسبة لهم طبعا. الدولة لا تحتاج الى قمع المتظاهرين مباشرة وتحاول اظهار نفسها بمظهر الام الحنون, وتنطلي هذه اللعبة على العديد من الناس فيوجهوا التهم الى العصابات وليس الى الدولة. وعندما تتدخل الدولة ببعض الاجراء الشكلية او باطلاق بعض التصريحات المستنكرة لافعال العصابات, نعلم عندها ان نفاق الدولة وريائها لا حد له. والمواطن يفرح حاله حال الغريق الذي يتشبث بقشة خشب.
يتبع


2 - دولة العصابات غير قادرة على انقاذ مواطنيها!
طلال الربيعي ( 2015 / 8 / 15 - 14:15 )
وكلما ازدادت آمال المتظاهرين ان الدوله قد تستطيع انقاذه (من نفسها) كلما تعمّق غرقه وشارف اكثر على الموت. الدولة لا تستطيع انقاذ حتى نفسها من هيمنة العصابات. فلا وجود للدولة بالمرة. الدولة هي عصابات وان تجلببت بجلباب الدولة, والعديد من السذج تنطلي عليه الحجة ويعتقد بوجود دولة تستطيع ان تلبي مطاليبه, او يسمح لها ان تنطلي عليه لاسباب مصلحية ذات طابع مادي, طائفي, الخ.
لو قارنا وضع العراق الآن مع وضع مصر اثناء الثورة على مرسي لتبينا نقاط اختلاف عديدة. وضع مصر مختلف تماما لعدم وجود طائفية والدولة كانت دولة مؤسسات مستقلة نسبيا, مثل الجيش والقضاء والاعلام, على عكس العراق حيث التسييس يشمل الكل. المطالب في مصر كانت جذرية في حين انها في غالبيها مطلبية في العراق. لا توجد في مصر مرجعيات دينية كما في العراق التي وظيفتها هي حقن المورفين ليل نهار في عروق الناس والمتظاهرين.
وافر تحياتى


3 - رد من الكاتب
شاكر الناصري ( 2015 / 8 / 16 - 11:27 )
الصديق طلال الربيعي..شكرا لمتابعتك وتعليقك..ما أشير اليه هو ان الدولة الحالية في العراق تدار من قبل قوى وعصابات ومليشيات مسلحة، دولة كهذه ستكون معنية تماما بالصمت ازاء تجاوزات وخروقات اتباعها ضد من يتظاهرون في بغداد والمدن العراقية الاخرى..
ان كل ما نكتبه أو نقوله يأتي من منطق فضح هذه الدولة البائسة وفضح القوى التي تديرها وتحول حياة الناس الى جحيم مخيف..
مع التظاهرات ومطالبهان ضد المحاصصة الطائفية وضد سطوة المليشيات الاجرامية ومن اجل دولة مدنية..

اخر الافلام

.. الكوفية توشح أعناق الطلاب خلال حراكهم ضد الحرب في قطاع غزة


.. النبض المغاربي: لماذا تتكرر في إسبانيا الإنذارات بشأن المنتج




.. على خلفية تعيينات الجيش.. بن غفير يدعو إلى إقالة غالانت | #م


.. ما هي سرايا الأشتر المدرجة على لوائح الإرهاب؟




.. القسام: مقاتلونا يخوضون اشتباكات مع الاحتلال في طولكرم بالضف