الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا يفشل الفلسطينيون؟

عماد صلاح الدين

2015 / 8 / 16
القضية الفلسطينية



سبق أن كتبت مقالا بعنوان "لماذا نفشل في العالم العربي" منشور على المواقع الإعلامية الالكترونية، أوضحت فيه، ومن خلال دراسة لبنك سويسري اسمه يو بي اس نقلتها قناة سي ان ان الاقتصادية العربية، بان العامل المصري يعمل عددا من الساعات سنويا أكثر من نظيره في أي بلد من العالم، وقد تجاوز بذلك عن الكوري الجنوبي والفرنسي والياباني، وغيرها من الدول.

وقد أشرت في ذلك حول سبب فشل الإنسان العربي رغم ما يبذله من أعمال ومجهودات إلى غياب الحرية وقاعدة الممارسة الديمقراطية، وما يرتبط بها في النهاية من تحقق للعدل لجميع قطاعات الناس على العموم.

وان غياب الحرية يؤدي إلى غياب قاعدة التلقائية والطبيعية اللاشعورية في مراس أنواع المنطق خصوصا منه العاطفي والديني الذي يشكل في النهاية روح العرق والجماعات الإنسانية، والذي يغلب على منطق العقل في سير الجماعات الإنسانية على مدى التاريخ.

ولذلك، نجد مشهدا شبه عبثي في العملية الكلية للمدخلات الجهدية العربية، وطرائق معالجتها ومخرجاتها، على غير صعيد ومجال.

وفي الحالة الفلسطينية، التي هي جزء من عموم الحالة العربية، نسمع عن نضالات فلسطينية وحراكات مقاومة وتضحيات وثورات وانتفاضات شبه متتالية، منذ عقود طويلة في عهد الانتداب البريطاني وما بعده، وصولا إلى الاحتلال الإسرائيلي أعوام 1948 و1967 وحتى اليوم، لكن هذه الحراكات ومجهودات المقاومة العظيمة التي ربما تتفوق تاريخيا على نظيراتها عربيا وامميا؛ من ناحية البذل والعطاء الثوري والانتفاضي، لم تعط ثمارا حقيقية للشعب الفلسطيني، على طريق تحرره وتقرير مصيره الشامل.

والسبب في ذلك كله وبرأيي على الأقل يعود إلى ما يلي:

1- ان التعريف الثقافي والفكري النضالي الصحيح للقضية الفلسطينية، وبشكل اقرب للاستراتيجيا والتأصيل ألمفاهيمي، لم يجر تحديده مضبوطا، ضمن القاعدة والسقف، بما يشمل المفهوم النضالي وأدواته، وتحديد مفهوم العودة وتقرير المصير، بأبعاد الهوية الوطنية والعربية، وكذلك الأبعاد الأخلاقية والإنسانية والواقعية، في التعامل مع قضية فلسطين واحتلالها، من قبل كيان استعماري استيطاني إحلالي، مرتبط بمنظومة استعمارية غربية كبرى.

2- ان الحالات الفردية الفلسطينية الفكرية والثقافية النضالية، في وضع تصورات واقتراحات للمفهوم الثقافي النضالي للقضية الفلسطينية لا تكفي وان وصلت إلى درجة محترمة ومعقولة في أطروحاتها المفاهيمية والفكرية، فهذه الحالات لا ترتقي إلى مستوى التعميم والعمومية لكافة قطاعات الناس المختلفة.


3- ان مسالة التعميم والعمومية الثقافية والفكرية للحالة النضالية الفلسطينية تحتاج إلى بنى مؤسسية رسمية وغير رسمية في الإطار الشعبي العام، وهذه من المفروض ان يتم تبنيها على الأقل من قبل منظمة التحرير الفلسطينية، بعد ان يتم إصلاحها وتوسيع العضوية الحزبية والمدنية فيها، على أسس من الشراكة والتداولية السلمية الديمقراطية، هذا بالإضافة إلى جهود المؤسسات الشعبية والقطاعات المدنية والنقابية والتعليمية وغيرها، في مسألة تعميم ونشر الاستراتيجيا النضالية الفلسطينية ومبادئها وأدواتها، على فئات وتجمعات الفلسطينيين في الداخل والخارج.

4- يدخل في عموم الإستراتيجية النضالية الفلسطينية ضمن إطارها المفاهيمي الثقافي والفكري، قضية إعداد الفلسطيني خصوصا جيل الأطفال والشباب في النواحي الإنسانية والصحية والتوجيهية، بحسب مجال المقدرة الذاتية والتشاركية في مجالات التربية والتعليم المختلفة، وفي قطاعات المهن والأعمال المتنوعة، وبشكل جماعي وطني عام.


5- عانت الساحة الفلسطينية، وعلى طوال عقود الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين سواء في الداخل أو في الخارج من مسألة النخبوية الثقافية المحدودة والنخبوية النضالية المحدودة إلى درجة الاحتكار المطلق في العقود الأخيرة، مما أدى إلى جعل مسالة النضال الفلسطيني موسمية ومحددة الهدف القاصر لهذا القائد أو الفصيل؛ كما حدث في الانتفاضة الأولى وما تلاها من مشروع التسوية مع إسرائيل، أو مع الانتفاضة الثانية سنة 2000 كورقة للضغط التفاوضي، أو إلى جعل هذا النضال عبئا على قطاعات محدودة من الفلسطينيين، بينما الآخرون أو الغالبية لا تحرك ساكنا وكأن الأمر لا يعنيها أو هي في نظر البعض الفلسطيني مغرما لا مغنما. ومن خطورة النخبوية النضالية، تكريس مسألة احتكار القرار الفلسطيني، بل والرؤية الفلسطينية، سواء باعتبار المقاومة الخيار المطلق أو المفاوضات الطريق الأوحد لحياة الفلسطينيين.

ولذلك فان غياب رؤية نضالية فلسطينية شاملة في سياق مفهوم واسع ومحدد للفكر والثقافة التحررية، تأخذ في الاعتبار مسألتي توفير القاعدة الأساسية لتكوين الشخصية الفلسطينية الحرة على صعيد الخاص والعام، مما يوفر المقدرة التلقائية والطبيعية للفكر والممارسة النضالية المنسجمة مع طبيعة الصراع مع الكيان الصهيوني، أدى هذا الغياب إلى نمطية التفرد بالشأن الفلسطيني وفي قضاياه المصيرية، دون ان يكون للشعب فيها دور صاحب الكلمة العليا، مما أدى في النهاية إلى تدشين الانقسام وتكريسه بشكل جلي منذ أكثر من ثماني سنوات دون أفق للتوفيق أو لم الشمل داخل البيت الفلسطيني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سوليفان في السعودية اليوم وفي إسرائيل غدا.. هل اقتربت الصفقة


.. مستشار الأمن القومي الأميركي يزور السعودية




.. حلمي النمنم: جماعة حسن البنا انتهت إلى الأبد| #حديث_العرب


.. بدء تسيير سفن مساعدات من قبرص إلى غزة بعد انطلاق الجسر الأمي




.. السعودية وإسرائيل.. نتنياهو يعرقل مسار التطبيع بسبب رفضه حل