الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بينَ الهمسةِ والصَرخةِ

امين يونس

2015 / 8 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


صديقي ( س ) لهُ ولدٌ في منتصف العشرينيات من عُمرهِ .. ويعمل في شركة ، وطبيعة عملهِ ، تُتيح لهُ الكثير من وقت الفراغ . وكما في كُل البيوت ، فأن صديقي ( س ) يحتاج بين الحين والحين ، ان يقوم إبنهُ بمُساعدتهِ في أعمال المنزل اليومية الضرورية .. لكن الإبن ، يُماطِل ويتهرب ويختلق الأعذار . وعادةً يدور مثل هذا الحديث بينهما ؟
* الأب : ... أنها الثالثةُ بعد الظُهر ، لماذا لم تذهب لجلب مُصّلِحٍ للغسالة كما إتفقنا البارحة ؟
- الإبن : لقد نمتُ مُتأخراً ، ولم أنهَض .
* لقد قرعتُ باب غرفتك عدة مرات ، وإتصلتُ بك على الهاتف .. ولم تَرُد ! .
- لم أسمع .. كنتُ نائماً ! .
* هل عالجتَ إطار السيارة يوم أمس ، وهل فيها بانزين ؟ كما تعرف عندي مشوارٌ مُهم اليوم .
- سأقوم بذلك اليوم .
* حقاُ .. أنكَ مُهمِل وكسلان ولا تصلح لشئ .
- غاضباً ومُستاءاً : أنا لا أصلح لشئ ؟ .. من حَقِكَ أن تقول ذلك ... لو أنني كنتُ مثل بعض الشباب الآخرين : أسرُق واُقامِر وأسكَر وأتعارَك وأتحارَش ببنات الناس .. واُسّبِب لك مئات المشاكِل .. فماذا كُنتَ ستقول ؟؟!
.........................
صديقي المسكين ، يُعاني من هذه العلاقة الشائكة مع ولدهِ .. الذي يعتقد أنهُ يُحّمِل والدهُ مِنّةً ، لأنه لايسكَر ولا يُقامِر ولا يسرُق .. ويتصوَر أنهُ ليسَ مَعنِياً بأعمال المنزل إطلاقاً !
صديقي ( س ) لايُريد أن يُؤذي مشاعر إبنهِ ، ويرُد عليهِ : .. لو كنتُ أنا مثل بعض الآباء الآخرين : .. أهمُل البيت والأولاد ، لا اُوّفِر إحتياجات المنزل ، لا اُبالي بما يحصل لأفراد العائلة .. فماذا كنتَ ستفعل حينها ياولدي ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
علاقة الشعب ، مع السُلطة في أقليم كردستان .. فيها بعض الشُبه من علاقة صديقي ( س ) مع ولدهِ . فالشعب أي الأب .. يُعاتِب الإبن أي السُلطة :
.. لقد جعلتُم الرواتب فَصلِية بدلاَ من شهرية .. وصارت البطالةُ مُتفَشِية ، والكهرباء متقطعة ، والبانزين سئ النوعية ، وعلاقاتنا مع بغداد في تدهور .. وكذلك مع المحيط الأقليمي ... تنافساتكم اللعينة على السُلطة والمناصب والزعامة والمكاسب الضيقة ، أوردَتْنا موارد التهلكة .. حقاً أنكمُ فاسدونَ وأثبَتُم فشلكُم الذريع ... وأنكم لاتصلحونَ للإدارة ! .
السُلطة : .. نحنُ لانصلحَ للإدارة ؟؟ .. أنكم تتمتعونَ بالأمان وليسَ مثل بقية العراق " لاتنسوا ما حصل قبل أيام فقط ، في علوة جميلة في بغداد وكذلك في بعقوبة وغيرها " من إنفجارات مُروعة . وتذكروا ما تتمتعون بهِ من حُريات شخصية لاتتوفر لا في الموصل ولا بغداد ولا البصرة .
لو كُنّا مثل حزب الدعوةِ أو دولة الخلافةِ الإسلامية في العراق والشام .. فماذا كنتُم ستقولون ؟! .
.........................
كما أن صديقي ( س ) لايُريد ان يُصارِح إبنهُ ( حتى هذه اللحظة ) ، كي لايجرح إحساسه .. فأن الشعب أيضاً ، يفّضِل أن يهمس في اُذن السُلطةِ : .. لو كُنا مثل الشعب الأوكراني ، الذي يرمي نوابهُ الفاسدين في صناديق القمامة / لو كُنا مثل الشعب التونسي والمصري ، الذي عاقبَ حُكامه المستبدين الفاسدين أشد عِقاب .. فماذا كنتُم ستفعلون ؟!
الشعب يهمس بخفوت ( حتى هذه اللحظة ) كي لايجرح مشاعِر السُلطة [ السُلطة التي تعتبرُ توفُر شيئٍ من الأمان والقليل من الحُرِية ، مِنّةً ] .. لكن إذا إستمرَ الحال على هذا المنوال .. فمن المُمكن جداَ أن يتحول الهمسُ الى صرخةٍ مدوية تَصُم ُ الآذان ! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كاتب موهوب بالفطرة
الحكيم البابلي ( 2015 / 8 / 16 - 17:48 )
مقال رائع جداً عزيزي وصديقي أمين يونس
خير الكلام ما قل ودل
يقول الأعراب أن معنى البلاغة: أن يكون هناك معنى كبير في الكلام القليل
ولا أعتقد أن كاتباً آخراً يُضاهيك في هذا المجال
إستمر ... نحنُ بحاجة لك
كل الود
طلعت ميشو

اخر الافلام

.. مراسل الجزيرة يرصد الأوضاع الإنسانية من داخل مستشفى كمال عدو


.. عاجل | مصدر لبناني للجزيرة: حزب الله فقد الاتصال بهاشم صفي ا




.. ما أغلى 5 صفقات لحراس المرمى بالعالم؟


.. مصدر أمني لبناني يكشف للجزيرة أن حزب الله فقد الاتصال برئيس




.. إسرائيل تواصل محاولة اكتشاف مواقع حزب الله في الجنوب اللبنان