الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاور المؤامرة على الارادة الشعبية

جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)

2015 / 8 / 16
مواضيع وابحاث سياسية



ليس غريبا ان تكون التظاهرات الجماهيرية في بغدادا محط انتباه واهتمام جميع الكيانات السياسية في العراق، ابتداءً بتلك الحريصة منها على حاضر ومستقبل العراق، مرورا بكيانات الفساد السياسي وانتهاءً بدولة الخرافة المدعومة بكوادر البعث الدموي.
وليس غريبا كذلك ان يتحول هذا الانتباه والاهتمام، مع نجاح مسيرة التظاهرات، الى فعل واندساس محسوب ومخطط، تارة لتخريب التظاهرات ثم الانقضاض على منجزاتها، وتارة اخرى لحرف مسيرتها ودس شعارات مشبوهة تسوق لسياسات لا علاقة لها بالتيار المدني العلماني الذي شكل جماهيره المحور الاساسي لتلك التظاهرات. وقد ظهر هذا النشاط التخريبي بنوعيه في تظاهرات الجمعة الثالثة.
فما زالت تتفاعل حتى الساعة حادثة الاعتداء على المتظاهرين، وتعاد قراءتها واستبيان مخططها على صفحات الناشطين السياسيين والمدنيين في مواقع التواصل الاجتماعي. كما ان الاجهزة الامنية، وهي متهمة بالتواطئي مع المعتدين، تحاول من جهتها دفع التهمة عنها وتبرئة ساحتها حتى وان كلفها ذلك التضحية بكبش او كبشين من عناصرها المسؤولة عن امن المتظاهرين.
أما القوى التي اعتبرها المدنيون، منذ حصول العدوان ووفق قرائن وادلة، انها (أو بعض قياداتها في بغداد) هي التي حرضت على العدوان ودفعت لارتكابه، فقد اعلن قياديون فيها عن براءتهم منه وجددوا تأكيدهم على انهم مع مطالب الشعب العادلة. ولكن النفي اللفظي ليس كافيا لتبرئتها من الوقوف وراء عملية البلطجة ضد المتظاهرين السلميين في ساحة التحرير. فليس هنالك سوى افتراضات محدودة لتشخيص الطرف الذى يقف وراء هذا العمل، فهو اما ذلك الطرف الذي كانت التظاهرات سببا افقده امتيازاته وهدد مستقبله السياسي، او انه ذلك الطرف الذي يمهد للقفز الى السلطة والاستحواذ على مقدراتها، فجاءت التظاهرات بشعاراتها المدنية العلمانية لتهدد مخططاته، أو انه الاثنان معا.
هذا فيما يخص حادثة الاعتداء والبلطجة، أما بالنسبة لعملية حرف مسيرة التظاهرة بدس شعارات مشبوهة تسوق لسياسات لا علاقة لها بالتيار المدني العلماني الذي شكل جماهيره المحور الاساسي لتلك التظاهرات، فإنها قد تجلت بهتافات خبيثة اطلقتها مجموعة صغيرة من الدخلاء على التظاهرة، تندد بإيران.
والموضوع بالتأكيد ليس ايران التي ادخلت في غير محلها وبعيدا عن اهداف التظاهرة نفسها، بل هو اكبر واوسع ويهدف تحديدا لضرب انجاز هام وواقع جديد حققته التظاهرات، وهو وحدة ابناء الوطن الواحد، على تنوع انتماءاتهم القومية والدينية والمذهبية. هذا الواقع الذي اصبح يتجذر من جمعة الى اخرى ارعب دولة الخرافة الوهابية وهدد اسس نظام المحاصصة الاثنية والطائفية ورموزه التي قفزت الى كراسي الحكم من على منصة الفرقة الطائفية والاثنية.
وهذا الاختراق في تقديري هو الاخطر والاكثر ضررا، ليس فقط بأهدافه المباشرة، بزرع بذور الفرقة بين ابناء شعبنا الواحد، بل وبأهدافه غير المباشرة، المتمثلة بخلط الاوراق على بسطاء الشعب العراقي بحيث يتشوش التمييز بين العدو والصديق. فايران، وليس من باب الدفاع عن سياستها الداخلية والخارجية، اثبتت انها الصديق الذي وقف بصلابة ودون تردد مع شعبنا في محنته الكبرى في مواجهة قوى الظلام التي استباحت الارض والعرض على مساحة واسعة من بلدنا.
وللتذكير، فانه نفس المخطط الذي قام عليه مشروع الشرق الاوسط الجديد، بصناعة اعداء من داخل المنطقة يكونون هدفا لحرب تدميرية لا نهاية لها. فيلبسون الصديق قناع العدو والعدو الحقيقي قناع الصديق، ولتصبح هموم المواطن العاجلة هموم آجلة بفضل شعارات فئة مشبوهة. واستذكر هنا كلمات الشاعر الفلسطيني محمود درويش "في كل مأذنة حاو ومغتصب، يدعو لأندلس ان حوصرت حلب".
وعلى العموم فان السبيل الافضل لمنع حصول هذه الخروقات وتفاقم اثارها، هو التعاون والتنسيق المنظم بين رموز التظاهرات والقائمين عليها وبين القوى الامنية المسؤولة عن حماية التظاهرات، لإفشال اي خرق يمكن ان يحصل، سواء بالاعتداء على المتظاهرين السلميين او بدس شعارات مشبوهة تضر بالأهداف التي خرجت من اجلها الجماهير.
على ان يكون مضمونا في نفس الوقت حق جميع المواطنين بالمشاركة بالتظاهرة، حتى لتلك الفئة منهم، التي تطلق العنان لعواطفها وتتطاول على رموز السلطة السياسية في العراق. وهذا ليس جديدا على التظاهرات التي خرجت وتخرج في كل انحاء العالم. ففي فرنسا عام 1968 كان بين جموع المتظاهرين من تطاول على رمز تحرير فرنسا من النازية، الجنرال ديغول. ولو تركنا مثال فرنسا، الدولة العريقة بديمقراطيتها، ففي روسيا التي تعتبر حديثة العهد بالتقاليد الديمقراطية، علت هتافات منددة ببوتن في تظاهرات 2011 والتي اطلق عليها تسمية "الشريط الابيض".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مجلس صيانة الدستور في إيران يوافق على 6 مرشحين للرئاسة


.. عقب استقالة بني غانتس.. بن غفير يطالب نتنياهو بالانضمام إلى




.. غسان أبو ستة: لو أردت أن تمحو شعبا امحي تعليمه


.. يديعوت أحرونوت: عملية النصيرات ستقللُ بشكل كبير من فرصة إنقا




.. مجهول يعتدي على السفارة الأميركية في سيدني والشرطة تحقق