الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا للتوهم .. في تظاهراتنا!

عادل احمد

2015 / 8 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


في كل تظاهرة عامة مثل ما يحدث في بغداد والمحافظات العراقية الأن، تشارك فيها طبقات وفئات مختلفة. وان طبيعة هذه التظاهرات هي انية وتتمحور مطاليبها حول موضوع معين وفي ظروف معينة. اي ان في البداية تكون شرارتها تحدث بسبب شئ او مطلب جماهيري معين والذي يخص المجتمع بشكا عام مثل مطلب الكهرباء في التظاهرات الحالية. وان حضور الجماهير الغفيرة الى الساحة حول مطلب الكهرباء يتوسع من تلقاء نفسه الى مطاليب اخرى وضرورية ايضا وهي مطاليب سياسية تخص فئات مختلفة ايضا وهو موضوع الحكم والسلطة نفسها. ان هذا التوسع يأتي من شعور المتظاهرين انفسهم بأنهم ليسوا اناس وحيدين منفردين بل لديهم كيان اجتماعي ذو قوة اجتماعية كبيرة، وبأمكانهم المساس بالقضايا السياسية اليومية المتراكمة ايضا. ولان مطاليب ومصالح الفئات المختلفة تكون متنوعة، وتتوزع قوة المتظاهرين تبعا لهذه التصورات ولهذه المصالح ايضا. ان هذه الظاهرة هي شئ عادي في كل تظاهرة عامة والتي تختلف عن التظاهرات العمالية الصرفة. ولكن تغير سكة التظاهرة فيما بعد وتصنيفها سياسيا يتوقف على القوة الفاعلة ورأسها المدبر الى اين يوجهها وكيف يسلط ويوسع افقها السياسي. ان هذا الرأس في كل تظاهرة سيكون عامل الحسم في انجاح او فشل توجه هذه القوة الاجتماعية الى النهاية.
في تظاهرات بغداد وبقية المحافظات العراقية رأينا كيف بدأت الشرارة وكيف نزلت الجماهير الى الساحة. بدأت الشرارة حول عدم وجود الكهرباء مع ارتفاع درجة الحرارة الى أكثر من 50 درجة مئوية. ان عدم تحمل الجماهير لهذه الوضعية هي نتيجة تراكمات من خلال سنوات حكم هذه الاحزاب وعدم قدرتها على أن تلبي حتى ابسط الامور والمطاليب الاجتماعية وهي توفير الكهرباء، بالاضافة الى حروبهم وفسادهم ولصوصيتهم المعلنة في وضع النهار. ولكن مع استمرارية هذه التظاهرة ووصولها بجمع ملايين الناس الى الساحة تغيرت مطاليب الجماهير من توفير الكهرباء الى تغير النظام كله وهي "لا شيعية ولا سنية.. نعم للمدنية".. ان هذا مطلب سياسي يخص المجتمع كله ويعبر عن رأي اكثرية المجتمع ولكن افق هذا الشعار مختلف تبعا لاراء الفئات المختلفة المشاركة في التظاهرات. فأن افق فئات المثقفين والطلاب والاساتذة واصحاب المهن الصغيرة يختلف عن افق العمال والكادحين وفقراء المجتمع المشاركين في هذه التظاهرات.. اذا كان رأس المتظاهرين من الطلاب ومثقفي المجتمع فيتم تحريك مسار التظاهرة صوب افقهم السياسي، وهو الحصول على بعض الامتيازات والتنازلات من قبل السلطة الحاكمة مثل محاسبة المدراء والوزراء وحتى مجاميع سياسية، والقيام ببعض الاصلاحات او رفع بعض القيود على تطوير بعض المهن والصناعات الصغيرة، أي من الناحية السياسية استقرار نسبي بين فئات المجتمع المختلفة وعدم تقسيم السوق والأقتصاد على اساس "السني والشيعي". ولكن اذا كان رأس هذه التظاهرات العمال والطبقات المحرومة فلها افق مختلف عن هؤلاء المتذبذبين من صغار الصناعيين وذو المهن واصحاب المحلات الصغيرة. ان العمال والكادحين لا مصلحة لديهم بتغير الوجوه فقط وليس لديهم مصلحة مع بقاء النظام كله بل يريدون أزالته كليا ونهائيا من راس المجتمع. وليس هذا وحسب بل يتوسع سقف المطاليب بوجود قائد عمالي وراديكالي الى كل الامور المتعلقة بحياة الانسان، والاستفادة من امكانات والموارد الطبيعية لخدمة كل الناس، ومن هنا تتمدد المطاليب الى كل شيء يتعلق بالمعيشة والحياة ويمس النظام بأكملها.
ان التوهم بين المتظاهرين بوعود السلطة الحاكمة لبعض الاصلاحات امر مميت وخطر جدا. ان من يكون على رأس المتظاهرين من المهم جدا ان يبعد الناس عن شبكة خداع ووعود السلطة الحاكمة. ان زمام الامور من البداية من قبل العمال وممثليهم وترؤسهم قيادة التظاهرة امر ضروري جدا. ان حضور قيادات عمالية وفعالي الحركة العمالية والشيوعية بكثافة والقيام بخطابات والتركيز على المطاليب العمالية ورفع شعارات اكثر راديكالية وترديدها بين المتظاهرين ضروري جدا لراديكالية التظاهرة. ليس هذا وحسب بل وهي الطريقة الاجتماعية المهمة لظهور القياديين العماليين والاشتراكيين على مستوى المجتمع برمته. ان اظهار شخصيات عمالية وشيوعية وفعاليتها في التظاهرات امر في غاية الاهمية. ان ظهور خطباء عماليين وشيوعيين في هذه التظاهرات تعطي راديكالية وتغير افق المتظاهرين صوب المشكلة الرئيسية، وهي الصراع الطبقي بين الطبقات الرئيسية في المجتمع وان هذا هو جوهر المسألة والمشكلة.
ان على الطبقة العاملة العراقية الحضور بكثافة في هذه التظاهرات وتوسيع رقعتها في كل مكان. وان حضورها وحضور قادتها الميدانيين من جميع المؤسسات والشركات، وخاصة عمال شركة نفط الجنوب والشمال وشركات الغاز والفوسفات والكبريت والصناعات الى هذه التظاهرات واظهار مطاليبهم، سيقوي التظاهرات ويعمق راديكاليتها. ومن هنا يحتاج المجتمع الى وجوه عمالية وقادتها في رسم ملامح المجتمع وليس رجال الدين الفاسدين والسياسين البرجوازيين الفاشليين ذوي الافق الطائفي والقومي. المجتمع بحاجة الى القيادة العمالية في رسم افقها السياسي والتنظيمي والاقتصادي. حان الوقت ان نبين هذه الامكانية لانفسنا وللمجتمع بأن لدينا رؤية وافق سياسي مختلف كليا عن ما جربناه في حياتنا حتى الان. وان بمشاركتنا الكثيفة وبرؤيتنا الواضحة وبقياداتنا الميدانية وبأمكاناتنا المادية وشعاراتنا وخطابائنا، ووجودنا على رأس المتظاهرين، نستطيع ان نقاوم التوهم بالطبقات الحاكمة ووعودها ووعود ممثليها في التظاهرات، وان نوسع افقنا السياسي العمالي والاشتراكي لهذه التظاهرات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موقع إسرائيلي: حسن نصر الله غيّر مكان إقامته خوفا من تعرضه ل


.. وقفة لرواد مهرجان موسيقي بالدنمارك للمطالبة بوقف الإبادة بغز




.. برلمان فنلندا يقر اتفاقية للتعاون الدفاعي مع أمريكا


.. المدعي العام يطلب فتح تحقيق جنائي مع بن غفير بتهمة التحريض ع




.. في تصرف غريب.. هانتر بايدن يحضر اجتماعات والده مع المسؤولين