الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نوال السعداوي علمتني كسر الثوابت

حسام جاسم

2015 / 8 / 17
الادب والفن


عندما كنت في سن العاشره من عمري (الذي لا يتجاوز الان الثامنه عشر ) جلب ابي الى البيت كتاب جديد كتاب اصفر الورق . طبعته قديمه ولكنها جديده بافكارها كتاب اسمه ( الرجل و الجنس ) وضع ابي الكتاب في المكتبه التي تم انشاءها في بيتنا حيث كان الاطفال في الحي يلعبون وانا ارسم و أقرا كتبا كبيره على عقلي الصغير لان ابي قال لي : عندما تقرا تستطيع كسر حواجز الجهل .
اخذت الكتاب الجديد بالنسبه لمكتبتنا الادبيه وبدأت اقرا . قرأت القصص و الظلم الاقتصادي و السياسي و القهري ضد المرأه والرجل وانا لا اعرف هذا الربط الغريب الذي تربطه الكاتبه بين الاقتصاد و الجنس و السياسه و الطب و الادب معا في هذا الكتاب .
في ذلك السن الصغير توقف عقلي امام العديد من المصطلحات التي لا اعرفها ولم اسمع بها فذهبت لابي لاقول له : ماذا تعني العاده السريه ؟ وما هي الانحرافات الجنسيه ؟
- فرد ابي: من اين قرأت هذة العبارات ؟
- انها في كتاب الرجل والجنس .
-اين وجدت ذلك الكتاب ؟
-في المكتبه مع الكتب الجديده .
-اعطني الكتاب وساشرح لك .
فاعطيته الكتاب فقال لي : العاده السريه تغيرات نفسيه تحصل داخل جسم الانسان الكبير ولكنك صغير الان عندما تكبر تعرف اكثر . اما الانحرافات هي كل شيء ضد الواقع او ضد المجتمع .
لقد سمعت امي كل ما دار بيني وبين ابي من نقاش فتدخلت من حيث لا ادري وقالت : من اين تعلمت هذا ؟ وصفعتني كف . و قالت لابي : كيف تاتي بمثل هذة الكتب الى المنزل لقد تحول ابني الى فاجر صغير .

لقد صودر الكتاب ومنع من القراءه داخل منزلنا الذي يقع في مجتمع يكرة الكلام عن الجنس من الناحيه الاجتماعيه ويخاف من وضع الحقائق . حاولت منع بيع الكتاب ولكن ابي أخفاه عني وتم بيعه مع حريتي التي صودرت معه .
لم اعرف كيف احصل على الكتاب ولكن ظل اسم الكاتبه يراودني . بعد بضعه سنوات اخذت اقرا جميع الكتب وبدأت افكر في الخوف اذا علمت امي بانني اقرا كتب لاشخاص اكبر مني سنا .قرأت ( المرأه و الجنس ) و ( الاله يقدم استقالته ) ( موت الرجل الوحيد على الارض ) وغيرها الكثير .
لقد انفتح دماغي على امور متناقضه يفرضها المجتمع الابوي الطبقي الديني كما تقول الكاتبه ليفرق بها بين البشر بين ذكر وانثى بين اعلى وادنى بين اقوى و اضعف بدأت افكر في كسر العبوديه في زمن الارهاب و التطرف الديني فالطفوله كانت سنوات مزعجه ذبح و دمار كنت طفلا ولكن لم اصرخ مع صراخ الاطفال و هم يسمعون اصوات القنابل اقوى من اصواتهم لاني كنت مؤمن بان الازمه ستمر و الكتب ستحقق غايتها .
انفتح دماغي على العالم و ايقنت انني كنت في عالم اخر . كيف لا ارى هذة التناقضات وهذة الاصوات ؟ لانني كنت جبانا لا اتكلم بها اخاف من اسرتي اخاف من اصدقائي و من الارهاب اخاف ان اقتل لان امي قالت لي : سوف تقتل اذا تكلمت او قدمت نقدا عن الدين .
خفت من كلام امي وذهبت لابي وقلت له : هل الله وضع الطائفيه ؟ وقال لهم اقتلوا في سبيلي كل من يخالفكم .
فقال ابي : لا البشر هم من يفعلون ذلك و يلصقون التهمه بالله .

ومن هذا اليوم بدأت اكتب عن كل ما اراه عن كل ما قرأته عن كل الافكار والاحلام عن الحب و السلام خبئت جميع الكراسات في دولاب كتبي المدرسيه .
وبعد ان تشجعت واصبحت لي اراده كتبت مقالتي الاولى للنشر وكانت تحت رقابه ابي فحذف منها الكثير من العبارات و الجمل لتصبح ملائمه للمجتمع. فنشرت في جريده من جرائد العراق الذي لم تكن مدينتي تقرأ فيه الا الاناشيد الدينيه وكيف يتم اسكات الكتابه و الكلام الحر بقوة القتل .
كان عمري خمسه عشر عاما حينها . اخذت انشر عدة مقالات تحت اشراف ابي فهو لم يوافق على البعض من مقالاتي و لا على افكاري فأخذها وقال لي ساذهب بها للجريده لكي يتم نشرها ولكنه وضعها في درج مكتبه واخفاها وعندما اقول له : اين نشرت؟ يقول لي ابحث عنها في موقع الجريده على النت لعلهم نشروها . ولكنني عثرت على مقالاتي بالصدفه في مكتبه فايقنت انه بدأ يحارب افكاري كرهت الخداع وكل شيء بدأت ابكي
- قلت له : لماذا لم تنشرها ؟
- انها ضد المجتمع .
- اجبته بعصبيه : عن اي مجتمع تتكلم هل هو الخوف ام القتل ام النار لماذا اسكت ؟ اريد ان اكتب اريد ان ارفض .......... انا ارفض هذة الثوابت .
- مجتمعنا لا يتقبل رأي معارض له فالقتل هو الحل الوحيد لاسكات صوت افكارك .

لقد كرهت الخوف و نحن نستسلم له كيف يمكن ان يسقط ك (سقوط الامام ) في الروايه .
بدأت ابحث عن الكاتبه في مواقع النت لعلي اجد عندها حل لكسر الخوف الذي انتابني و فرض علي .
لقد رايتها في التلفاز تتكلم في برنامج حر اغلقت امي القناة وقالت لي : هذة كافره انها في النار كيف لم تغطي شعرها ؟ كيف يظهر شعرها الابيض امام الناس ؟ لم اجب على امي فتركتها ودخلت غرفتي .

لقد كانت كتبها المتنفس الوحيد لحريتي وافكاري فتعلمت منها كيف احب جميع الناس بالرغم من اختلافهم و كيف احب الكتابه من اجل تحقيق العدل . فانا لست كاتبا مشهورا ولكن احببت الكتابه و رفضت واقعي المشين .

وهنا كانت البدايه ف ( تعلمت الحب ) وكتبت افكاري كما قالتها الكاتبه في ( الاغنيه الدائريه ) وكما جمعت ( تؤام السلطه و الجنس ) لكي تحقق ( لحظه صدق ) وتعيد ترميم ( الصوره الممزقه ) لكي لا تكون هناك ( امرأه عند نقطة الصفر ) او ( امرأتان في امرأه ) ف ( الانثى هي الاصل ) ولكن ( كسر الحدود ) يحتاج الى قوة ارادة وليس ( حب في زمن النفط ) فكانت لها ( معركه جديده في قضيه المرأه )لان المرأه ( كانت هي الاضعف ) ف ( الحاكم بأمر الله ) وضعها في ( جنات و ابليس ) فكانت المرأه تعرى من جهه وتغطى من جهه اخرى فكشفت الكاتبه ( الوجه العاري للمرأه العربيه ) في كافة المجالات و جمعتها كلها في رواية ( الروايه ) و ازالت التناقضات في ( اوراق حياتي ) .

قد يسأل البعض لماذا تكتب هذة المقاله ؟
فاجيبهم لكي اشكر من علمتني الحب وكسر الثوابت فلا توجد ثوابت امام عقلي .
فشكرا يا مبدعه شكرا ( د. نوال السعداوي ).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال


.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا




.. جائزة العين الذهبية بمهرجان -كان- تذهب لأول مرة لفيلم مصري ?


.. بالطبل والزغاريد??.. الاستوديو اتملى بهجة وفرحة لأبطال فيلم




.. الفنان #علي_جاسم ضيف حلقة الليلة من #المجهول مع الاعلامي #رو