الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشكلة النضال النخبوي الفلسطيني

عماد صلاح الدين

2015 / 8 / 18
القضية الفلسطينية




منذ عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين الماضي، ومع بداية عهد الانتداب البريطاني على فلسطين، وهجرة الجماعات اليهودية من شرق أوروبا من روسيا وبولندا وأوكرانيا، عن طريق مشروع ونشاط الحركة الصهيونية السياسية إلى فلسطين، ونحن نسمع عن كفاح الشعب الفلسطيني وثوراته وانتفاضاته، في مواجهة الانتداب الانجليزي والجماعات اليهودية المهاجرة.

حدثت ثورة البراق في عام 1929 وكذلك ثورة عام 1936-1939، وكانت نتيجة هاتين الثورتين أعلاه وخصوصا الأخيرة الإجهاض والالتفاف عليهما بجهود انجليزية استعمارية ودولية، تحت رعاية وإشراف عصبة الأمم المتحدة، وبموافقة محلية عائلية شبه وطنية فلسطينية متنفذة بإيعاز عربي رسمي.

وما بعد وقوع فلسطين في الجزء الأعظم منها عام 1948 تحت سيطرة واحتلال العصابات الصهيونية العسكرية وإقامة إسرائيل على أنقاض الشعب الفلسطيني فيها، كان المستوى العربي والفلسطيني الرسمي يعملان في اتجاهين متناقضين ترجمة عملية لخلافاتهما على النفوذ والسيطرة والزعامة، ففي حين تم تشكيل ما بات يعرف بحكومة عموم فلسطين في 23 أيلول من عام 1948 ومركزها المؤقت في غزة برئاسة احمد حلمي عبد الباقي، تم في المقابل المضاد عقد مؤتمر في عمان بجعل الملك عبد الله ممثلا للفلسطينيين في الضفة الغربية، ومن ثم تم عقد مؤتمر في أريحا عام 1949 من قبل شخصيات فلسطينية نادت بوحدة الضفتين الشرقية والغربية، إلى أن تم إعلان الوحدة رسميا عام 1950.

ولا شك أن هذا التعارض الفلسطيني الفلسطيني والعربي والعربي بخصوص فلسطين، تمتد جذوره إلى الصراعات الداخلية العائلية والقيادية داخل فلسطين نفسها، والى والصراعات العربية الرسمية البينية على النفوذ ومد سيطرة عروشها سواء في الشام وفلسطين أو في العراق وغيرها، خصوصا ذلك التنافس غير المحمود بين ملك مصر فاروق باشا وملك الأردن عبد الله قبل نكبة الفلسطينيين وبعدها.

وقد كانت يوميات حرب عام 1948ووثائقها شاهدة على طموح الملك عبد الله بالسيطرة على الضفة الغربية وإلحاقها بإمارة الأردن الشرقية، من خلال اقتصار الدفاع عنها في وجه العصابات الصهيونية، والانسحاب من مناطق أخرى كانت مخصصة للفلسطينيين، جرى التوافق على ذلك وقتها بين الملك عبد الله وقيادة الحركة الصهيونية في فلسطين.

وتجد مثل هذا التعارضات العربية والفلسطينية الخطيرة، على مصير الفلسطينيين السياسي والإنساني، في فترة ما قبل هزيمة حزيران وما بعدها؛ حيث تم عام 1964 تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية ببعد قومي، من خلال مؤتمر القمة العربية الذي قاده الراحل جمال عبد الناصر، وتم تعيين احمد الشقيري رئيسا لمنظمة التحرير، وبعد هزيمة 67 تم تسليم قيادة منظمة التحرير لياسر عرفات، وأصبحت ببعد وطني تحديدا عام 1969.

والأمر المشابه حدث كذلك منذ سبعينيات القرن الماضي، ففي حين كان النداء الفلسطيني الحزبي، وعلى مستوى منظمة التحرير الفلسطينية، يتحدث عن كامل ارض فلسطين في التحرير وتقرير المصير، صارت الإستراتيجية الوطنية على أي جزء يتم تحريره، وذلك في عام 1974 في برنامج النقاط العشر، إلى أن تم الاعتراف بقراري مجلس الأمن الدولي رقم 242 338 من قبل منظمة التحرير عام 1988، ثم الدخول إلى مفاوضات مع إسرائيل وقيام السلطة الفلسطينية بموجب اتفاقات أوسلو عام 1994 إلى أن تم تعديل الميثاق الوطني الفلسطيني عام 1998..

وتجد كذلك التناقض والخلاف الفلسطيني والعربي بخصوص اتفاقات كامب ديفيد عام 1979، والتذبذب النخبوي الفلسطيني والعربي بشأنها، بين مرحلة ومرحلة.

وهذا التعارض والتناقض والخلاف الفلسطيني الفلسطيني والعربي العربي، والذي تغلب عليه سمات مصلحية وحزبية ونظمية ضيقة، وضمن حسابات إقليمية ودولية، تجده في التعامل مع الساحة الفلسطينية منذ أوسلو وحتى وقوع الانقسام في المشهد الفلسطيني بين فتح وحماس خصوصا عام 2007، وقد انعكس ذلك على طبيعة المحاولات والتوفيقات بين الطرفين والتي حتى كتابة هذه السطور باءت بالفشل.

لقد قد الفلسطينيون تضحيات كبيرة عبر تاريخهم النضالي الطويل، لكن ثمار هذا النضال لم تتحقق واقعا لصالح الفلسطينيين، والسبب يعود دائما إلى مقصورية ومحدودية ونخبوية هذا النضال على قطاعات بعينها من الشعب الفلسطيني، والى استبدادية النظم العربية المتفردة بمصير شعوبها، وبما ينعكس ذلك على قضية الشعب الفلسطيني.

كانت العائلات المتنفذة قبل النكبة هي صاحبة الكلمة العليا فيما يخص شعب ووطن بأكمله، وما بعد النكسة أصبحت الكلمة العليا لفصيل ما أو لقائد ما ليقرر مصير شعب في الداخل والخارج، دون ثابت أو إستراتيجية حقيقية عليا.

كان ذلك واضحا في المفاوضات مع إسرائيل، أو ما جرى التعامل بخصوصه مع انتفاضة الحجارة الأولى عام 87 أو الانتفاضة الثانية عام 2000، أو في مسالة متى نقاوم عسكريا أو شعبيا سلميا، حتى اختلطت الأمور على الناس وداخلهم الإحباط، وأصبحت عموم الرؤية الوطنية ضبابية.

إن مسالة النضال الوطني تاريخيا، يجب أن تكون منضبطة بمعايير إنسانية وأخلاقية وفكرية ثقافية، وفي النهاية إستراتيجية ومنها:

1- لا بد من وضع رؤية إستراتيجية متفق عليها من الجميع الوطني بخصوص المسائل الجوهرية في التحرير وتقرير المصير(مفهوم واسع ومحيط ولكن محدد في النهاية)

2- لا بد من وجود مؤسسات وطنية تمثيلية شاملة تمثل الكل الفلسطيني والرؤية الجامعة عبر آليات انتخابية وديمقراطية( وهنا لابد من إعادة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وأجهزتها الرئيسية وفي المقدم منها المجلس الوطني الفلسطيني)


3- يجب تعميم مسالة النضال الفلسطيني على الكل الفلسطيني بكافة مكوناته السياسية والحزبية والمدنية ضمن مشروع النهضة الإنسانية والثقافية والممارسية في تهيئة الإنسان في الصحة والتربية والتعليم وإعادة الأمل وفي مجمل النشاط والحراك الخاص والعام.

4- يجب أن تتوافر فلسطينيا البنية الإنسانية ولو تحت الاحتلال، وفي سياق عموم النضال الحد المقبول من الحرية والكرامة والعدل، ومن ثم تحقق القدرة العقلانية والمنطقية، في اتجاه سير المبادرة القائمة على التلقائية الممرسة اجتماعيا، في الانخراط الفاعل في مجالات النشاط العادي المدني الاجتماعي، وفي محرك الخصوص النضالي الوطني عموما، تحت الإطار الأوسع للتحرر وتقرير المصير.


فمن غير المعقول في تاريخ التجربة النضالية والتحررية التقليدية والمعاصرة أن يكون عبء النضال ملقا على فئات محدودة من عموم الحالة الوطنية ككل مها كان دورها ونتائجها، وبقية المكون الوطني لا علاقة له بالموضوع.

ولا يعقل أن يكون مصير وطن بأكمله مرهونا بقرار أو برؤية قائد أو حزب، بينما بقية الشعب الغالب مغيب ولا يملك من عموم المشهد الوطني واتجاهاته المصيرية إلا التسليم في السلم والحرب والمفاوضات والثورة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير من إدارة الطيران الأميركية بسبب -عيب كارثي- في 300 طائ


.. استشهاد 6 فلسطينيين بينهم طفلتان إثر قصف إسرائيلي على منطقة




.. كيف سيكون رد الفعل الإسرائيلي على إعلان القسام أسر جنود في ج


.. قوات الاحتلال تعتقل طفلين من باب الساهرة بالقدس المحتلة




.. شاهد: الأمواج العاتية تُحدث أضراراً بسفن للبحرية الأمريكية ت