الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة من سفر التطور – 6 – من ال 1 إلى ال 3.

نضال الربضي

2015 / 8 / 18
الطب , والعلوم


قراءة من سفر التطور – 6 – من الـ 1 إلى الـ 3.

شجرة التصنيف البيولوجي منهجية ٌ (للتبسيط نقول ُ: خريطة ٌ) تساعدنا لنتعرف َ على تجمعات الكائنات المتشابهة في صفاتها، و تفرعات ِ كل تجمع إلى تجمعات فرعية، تتشابه ُ أكثر َ في الصفات و تتفرع ُ بدورها إلى تجمعات أكثر تشابُها ً و هكذا، حتى نحصل َ في النهاية ِ على ثمانية فاصل سبعة بالعشرة 8.7 مليون طرف، يمثِّل ُ كل ُّ طرف ٍ فيها نوعا ً من الأنواع الحيوانية أو النباتية، و منها نوع ُ الإنسان العاقل Homo Sapiens الذي ننتمي إليه.

التجمعات الرئيسية لشجرة التصنيف هي:
النطاق
المملكة
الشعبة
الصف
الرتبة
الفصيلة (العائلة)
الجنس
النوع


فمثلا ً بالنسبة ِ للإنسان فإن التصنيف سيكون:

النطاق: حقيقيات النوى (أي كائنات عندها خلايا، في كل خلية نواة مُحاطة بغشاء).

المملكة: الحيوانية (هناك ممالك أخرى مثل المملكة النباتية مثلاً).

الشعبة: الحبليات (لنا حبل ظهري و عمود فقري، بينما كائنات أخرى مثل العناكب مثلا ً تفتقر إلى هذا).

الصف: الثديات (أنثى الإنسان تلد و تُرضع).

الرتبة: الرئيسيات (و هي كائنات تشمل نسانيس و قرود صغيرة مختلفة، قرد إنسان الغاب البرتقالي، الغوريلا، الشيمبانزي، البابون، الإنسان).

الفصيلة: القردة العليا (تشمل فقط: قرد إنسان الغاب البرتقالي، الغوريلا، الشيمبانزي، البابون، الإنسان).

الجنس: الإنسان (فقط و دون باقي القردة العليا).

النوع: العاقل (و هو النوع الوحيدُ حاليا ً. في الماضي كانت أنواع ٌ أخرى موجودة ً لكنها انقرضت. فمثلا ً إنسان النياندرتال تواجد بالتزامن معنا حتى ما قبل خمسٍ و ثلاثين ألف سنة، و تشير بعض الأبحاث غير المؤكدة بالقطع، إلى تزاوج تم َّ بيننا نحن ُ الإنسان العاقل و بين إنسان النياندرتال).


دعونا الآن ننظرُ إلى شجرة ِ الحياة نظرة ً أعمق، نبدأ ُ فيها بالعودةِ من كل ِّ نوع ٍ إلى ما فوقه ُ من تصنيف، لندرس علاقته بالأنواع الأخرى، و سأستخدم ُ مثالي َالسابق: الإنسان َ العاقل.

من نوع الإنسان العاقل نصعد ُ إلى جنس الإنسان لنسأل: هل هناك َ أنواع أخرى تحت هذا الجنس؟ و سيكون ُ الجواب ما أوردتُه عن إنسان النياندرتال قبل الفقرة السابقة.

لنصعدْ أكثر من جنس الإنسان إلى فصيلة ِ القردة العليا، سنجد ُ أننا نشترك في الصفات مع إنسان الغاب البرتقالي، الغوريلا، الشيمبانزي و البابون.

لنعد ْ أكثر َ باتجاه رتبة الرئيسيات، و ستنضم ُ لقافلتنا المسافرة الآن نسانيس و قرود صغيرة، و هناك سيبدأ أحساس ٌ لدى الكثيرين بعدم الراحة من وضع هذه الكائنات البسيطة معنا، طبعا ً ناهيك َ عن الإشارة أن عدم الراحة قد بدأ عند الكثيرين منذ تكلمت ُ عن النياندرتال، لكنني هنا أفترض ُ بـِـدْأ َ عدم الراحة عند دخول النسانيس فقط مُعتبرا ً أن قــُـرَّائي يتميزون بانفتاحٍ عقلي يتيح ُ لهم التعامل َ مع أفكار ٍ غير مريحة بعين ِ البحث ِ و التساؤُل ِ و التفكير ِ و التمحيص و الفحص.

من رتبة ِ الرئيسيات سأصعدُ بكم نحو صف: الثديات، و سأسأل: هل هناك َ صفوف ٌ أخرى؟ الجواب: بالطبع هناك َ صفوف ٌ أخرى، و منها صف: الزواحف مثل الأفاعي و السحالي و التماسيح، و سآخذ ُ الارتياب َ و الشك َّ و عدم الراحة نحو مستويات أعلى و أكثر إدرارا ً للأدرينالين لأسأل: ما شأننا بهم؟

تفيدنا علوم الأحافير بأننا نشترك ُ مع الزواحف في سلف ٍ مُشترك، و هنا لا بُد َّ أن أنبّـِه أن كلمة سلف مشترك تعني وجود كائن لم يكن ثديّـَـا ً و لم يكن زاحفا ً، إنه كائن ٌ أسبق منهما، انحدر من أصبحوا زواحفا ً منه، و كذلك من أصبحوا ثديات ٍ أيضا ً. هذه العملية حتى تخصصت ِ الكائنات ُ إلى زواحف َ و ثديات ٍ أخذت ملاين السنين، فلم تكن نُزهة ٌ و لا فصلا ً و لا بِضع سنين و لا قرونا ً حتى.

يُميِّزُ العلماء الثديات لأن لها غددا ً حليبية أي مسؤولة عن إدرار الحليب لتُرضع صغارها، لكن المُشكلة َ أن الأحافير التي تذهب ُ فيها الأنسجة ُ و تختفي منها الغدد بفعل التحلل لا تــُـمكــّـِنـُـنـَـا من تميز ِ الزاحف ِ من الثــَّـديِّ، خصوصا ً إذا كانت الأحفورة لثــَّـدي ٍّ عتيق ٍ جدا ً يُشبه الزاحف، فكيف َ نعرفهما من بعضهما إذا ً؟

لهذا طرق ٌ كثيرة سأتناول ُ منها اليوم َ واحدة ً!

قديما ً قال َ عاشق ٌ ولهان: الأُذن ُ تعشق ُ قبل العين ِ أحيانا ً، و أقول ُ له: نعم، و أزيدُك َ – و إن كانت الزيادة ُ لا شأن لها في العشق – لأقول: الأذن ُ أفيـَـدُ للفاحِصُ من الغدد ِ الحليبية كذلك!

فلو نظرنا إلى أحفورة ِ حيوان ٍ قديم يبدو أن زاحف، و يشبه البُرص أو السحلية ربما، ثم احترنا هل هو زاحف ٌ أم ثدي، فما علينا إلّا أن نفحص َ الأذن. إن سلف الزواحف و الثديات المشترك كان له فك أسفل في نهايته عظمة صغيرة، و فك أعلى في نهايته عظمة صغيرة، و تلتقي العظمتان لتجمعا الفكَّين، و كان له في أذنِه عظمة واحدة فقط،،،

،،، لكنه حينما بدأ يتكاثر و عبر ملاين السنين طرأ تغيرٌ على بعض ِ من انحدروا منه و الذين صاروا فيما بعد ثديات: فاختلف َ تركيب ُ الفك لديهم حيث ُ صعدت ِ العظمتان ِ نحو الأذن ليصير لديه ثلاث ُ عظمات ٍ في الأذن بدل واحدة. هاتان العظمتان الجديدتان ِ على الأذن و اللتين نملكهما نحن البشر هما: المطرقة و السندان.

لقد صعدت ِ العظمتان ِ إلى الأذن لتأخذا وظيفة ً جديدة ً هي وظيفة ُ تحسين ِعملية السمع. و تُعرف ُ عملية ُ اتخاذ عضو ما لوظيفة جديدة في الجسم بدل الوظيفة القديمة باسم: التكيُّف المٌسبق أو التكانُف (تكيف آنف) Exaptation.

أما تحسين عملية السمع فيتم بواسطتين:

- تطوير عملية نقل الصوت من خلال استخدام ثلاث عظمات بدل واحدة.

- و تطوير القدرة على نقل ترددات صوتية معينة و تثبيط أو تقليل نقل ترددات أخرى.

و كمثالٍ جميل على هذه النقطة الأخيرة الخاصة بالترددات: أود ُّ الاستعانة َ بالخفَّاش (أو الوطواط و هو حيوان ٌ ثديٌّ عزيزي القارئ حتى و إن كان يطير) حيثُ أنه قد طور أيضا ً عضلتين مُرتبطتين بالعظمتين السابق ِ ذِكرُهـُما، حتى تمنعا عن أذنيه التضرُّر َ بالموجات الصوتية التي يُطلقها بنفسه حين يريدُ تحديد موقع فريسته أو التعرُّف َ على محيطه، بطريقة "الرصد بالصدى". (طريقة الرصد بالصدى هي أن يطلق َ الكائن ُ صوتا ً، ثم َّ يستقبل َ موجات ِ الصوت التي اصطدمت بالفريسة ثم عات إليه، و يحدِّد َ بقوة خصائصة الطبيعية موقع الطريدة، أي بطريقة الرادار، و التي تعلمناها نحن ُ البشر ُ من الحيوانات!)


لاحظ أيها القارئ الكريم أن أشكال َ و صفات ِ الزواحف ِ الآن َ مختلفة ٌ عن الثديات، فالإنسان، لا يشبه السحلية َ، لكن َّ علوم البيولوجيا و الجينات و الأحافير تقول ُ لنا و بكل وضوح أننا نشترك ُ في سلف ٍ سابق أعطانا ما استخدمه كل ُّ نوع ٍ منا بطريقة مختلفة، و بواسطة ِ القدرة البيولوجية لشريط الـ DNA، حتى أصبحنا ما نحن عليه كثديات و منه الـ 3 بدلا ً من الـ 1، و أصبحوا ما هم عليه كزواحف،،،

،،، تمثــّـِـل ُ هذه العلوم توقيع َ: الأم ِ الطبيعة، على كلينا، و هو مطبوع ٌ فينا، جميع َ السابق ِ يؤكِّد ُ،،،

،،، و تعرفُه عين ُ العلم الخبيرة، و تقبلُه قدرة ُ العقل المُنيرة!



---------------------------------------------------
المصادر و لمزيد ٍ من القراءة:

حقيقيات النوى:
https://en.wikipedia.org/wiki/Eukaryote


التصنيف البيولوجي:
https://en.wikipedia.org/wiki/Taxonomy_(biology)
http://www.exploringnature.org/graphics/ecology/classification_chart.jpg


تطورعظيمات السمع:
https://en.wikipedia.org/wiki/Evolution_of_mammalian_auditory_ossicles

https://en.wikipedia.org/wiki/Ossicles


تطور الثديات و الزواحف من سلف مشترك:
http://www.talkorigins.org/faqs/comdesc/section1.html


الرصد بالصدى لدى الخفاش:
https://en.wikipedia.org/wiki/Animal_echolocation


فصيلة القردة العليا:
https://en.wikipedia.org/wiki/Hominidae


التكيُّف المٌسبق أو التكانُف (تكيف آنف):
http://www.livescience.com/39688-exaptation.html








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاستاذ نضال الربضي المحترم
وليد يوسف عطو ( 2015 / 8 / 18 - 15:29 )
في سلم التطور يظهر جنين الانسان في بطن امه مراحل تطور الانسان من الحيوان ..

فهو اي الجنين يشبه السمكة بدون اطراف ..

ثم يظهر لديه شعركثيف يغطي جسده ويختفي لاحقا قبل الولادة الا في حالات نادرة مثل حالة عيسو اخو يعقوب ..

ويظهر للجنين ذيلا قصيرا يحتوي على عدة فقر ات ثم يختفي لاحقا الا في حالات شاذة ..

واخيرا يظهر للجنين مجموعة اثد
اء مثل باقي اللبائن لكنها تختفي ويبقى زوج منها فقط .

اما خلايا الطاقة في الانسان الميتوكوندريا فهي قد اخترقت خلايا الانسان منذ مليارات السنين من الاشنات البحرية ..ختاما تقبل اسمى اعتزازي وتقديري .


2 - عزيزنا الباحث وليد يوسف عطو
نضال الربضي ( 2015 / 8 / 19 - 06:30 )
تحية صباحية طيبة أخي!

نعم، دراسة ُ نمو ِّ الجنين لأي كائن تُظهر مراحل تطوره نوعِه عبر ملاين السنين، ما تفضلت َ به صحيح.

بالنسبة للميتوكندريا فهي تورث عن طريق الأم فقط و لي في هذه النقطة بالذات مقال ٌ جميل يُظهر كم نحن مدينون للأنثى، تحت هذا الرابط:

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=413891

هناك عدة نظريات عن نشوء الميتوكندريا إحداها أن للميتوكندريا أصل بكتيري (أي أنها متطورة من سلف مشترك مع البكتيريا).

إن ظهور خلايا: حقيقيات النوى و هي خلايانا نحن البشر، و خلايا الحيوانات، و خلايا النباتات، تطلَّبت عملية نشوء تعايشي Symbiogenesis أي اندماج مـُـتــَـعــَــضِّــيـَــتَــين أو أكثر لتشكيل كائن آخر، و هذا ما نجده في خلايانا التي دخلتها الميتوكندريا قبل حوالي مليار و نصف العام.

دراسة البيولوجيا تخبرنا عن الأصول الصحيحة لنشوء الحياة، و منها نفهم نوعنا: الإنسان العاقل، و علاقته بكل الأنواع الأخرى، و وحدة َ الأصول بيننا.

إننا مدينون للبكتيريا نفسها بوجود الأكسجين الذي نتنفسه، فانظر يا أخي الحبيب إلى هذا الارتباط بين الكائنات!

أرحب بحضورك َ الثريِّ المُـثري دوماً!

اخر الافلام

.. الطبيب غسان أبو ستة: تحول جذري يحدث في المجتمعات الغربية


.. ارتفاع وفيات فيضانات البرازيل لـ85 شخصا وقلق حول إمدادات الم




.. عصام صاصا مطرب المهرجانات يصل مصلحة الطب الشرعى لإجراء تحليل


.. الجيش الإسرائيلي يركد وفاة الطبيب الفلسطيني عدنان البرش داخل




.. صور بالأقمار الصناعية تظهر حجم الدمار الذي تعرضت له البرازيل