الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديقراطية..من يعارضها ويحاربها .. ولماذا ؟

هرمز كوهاري

2005 / 10 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


لا يخفى بأن كل فكرة جديدة أو نظام جديد يتكون له أعداء
ومعارضين في بدايته أما لتعارضه مع مصالحهم الاقتصادية أو مراكزهم أو
أفكارهم الدينية أو الطائفية أو العشائرية أو التقاليد الأسرية البالية .
وتتخذ هذه المعارضة أساليبا مختلفة ومتنوعة ، وقد تكون مباشرة وعنيفة
إذا كان المبدأ أو النظام الجديد يحدث تغييرا جذريا في النظام الاقتصادي السابق
أو النظام الاجتماعي المراد تغييره . أن تلك المعارضة العنيفة تستعمل نوعين من
الوسائل للوصول الى أهدافها وقد يسبق أحدهما الآخر أو كلاهما في آن واحد
وهما السلاح المادي أي الناري أو السلاح الأبيض أو أية مادة أخرى تصلح للمقاومة والآخر السلاح الفكري ، وربما يكون السلاح الثاني أي الفكري
أمضى وأجدى ، وهذا ما أريد أن أؤكد عليه في كلمتي هذه .
أنه المسخ والتشويه في الشعارات وما يعرف ب( قول حق يراد به باطل)
وهذا السلاح أيضا له أساليب عدة يتبعها المتمرسون طبقا لاسس وقواعد ،
فأما يعارضون المبدأ جهارا ويضربون على الوتر الحساس وأقصد الدين
وخاصة في المجتمعات المتمسكة بقشور الدين والتي لا تمت بصلة لجوهر الدين
وما أضيف إلى الدين من قبل " وعّاض السلاطين "، وهنا لا أخص دينا أو مذهبا معينا ،فأتباع الديانات الوثنية قاوموا ظهور وانتشار الديانات السماوية
والكنيسة قاومت بعنف النهضة الأوربية وحتى الإصلاحات داخل الكنيسة كحركة الإصلاح الديني وكلا الديانتين المسيحية والإسلامية وأقصد "وعّاض السلاطين"في كلتيهما قاوموا الأنظمة الديمقراطية وحقوق الإنسان كذلك قاوموا
مبدأ فصل الدين عن الدولة ، وما زال الإسلام السياسي يقاوم فصل الدين
عن الدولة وبعكسه نواجه تنازع السلطات وهو عكس فصل السلطات .و لا يمكننا تصور نظاما ديمقراطيا تقدميا دون فصل الدين عن الدولة . كما أن فصل الدين عن الدولة يأتي في صالح الدين نفسه للمحافظة على مكانته الرفيعة وصيانة
قدسيته من الألاعيب السياسية التي تتطلبها أحيانا المصلحة العليا للبلد وقلت في مقالة سابقة بهذا الصدد إن السياسي يتعاون حتى مع الشيطان !اذا تعرض الوطن للخطر كما قال ذلك السياسي المخضرم رئيس وزراء بريطانية " ونستن تشر تشل" عندما تعرضت بريطانية الى الخطر النازي في الحرب العالمية الثانية إضافة الى مصالح الإمبراطورية البريطانية آنذاك . أما الرجل الديني الملتزم قد يضحي بالوطن الغالي ولا يخرج عن الشريعة باعتبارها القانون السماوي أو الإلهي ولا تخضع لمتطلبات البشر ، وبعكس ذلك فالسياسي المخلص والغيور على وطنه عليه ان يسلك كل الطرق ويتعاون مع أية جهة كانت لإنقاذ الوطن
والشعب بل يحتم عليه واجبه ذلك. وهذا ما حصل فعلا في الحرب العالمية الثانية فقد التقوا الأعداء التقليديين ، تعاون الاتحاد السوفيتي مع المعسكر الرأسمالي بالرغم من أن الأخير قاد حرباً تدخل عدوانية عند انتصار الثورة البلشفية، تعاونوا ضد الخطر النازي، كما تعاون جيش التحرير الصيني بقيادة " ماو تسي تونغ" مع عدوه جيش "تشان كاي تشيك" ضد الغزو الياباني .
وهنا من حقنا أن نسأل السياسي الذي يتعكّز على الدين أي طريق سيسلك إذا كان في موقع المسؤولية وتعرضَ الوطن إلى الخطر، هل يترك الوطن ويتمسك بالشريعة أو بالعكس ؟!ويمكنني أن أوفر عليه الإحراج في الإجابة وأقول انه يترك الاثنين ويتمسك بمصلحته الشخصية !،لأن التجاءه الى الدين في شعاراته السياسية لم يكن ألا لفشله في كسب التأييد الشعبي له وطبعا هذا أيضا لتفاهة أهدافه وضحالة برامجه او لسوء ماضيه !، فالتجأ إلى الشعارات الدينية والدين ليس ملكا لأحد .
أما الفئة الأخرى التي تقاوم الديمقراطية جهارا :هي المتخلفة اجتماعيا والمتمسكة بالعادات والتقاليد البالية بحجة تفتت المجتمع وتحلله ، وبالحقيقة أن النظام الديمقراطي لم يفتت سوى مصالحهم الذاتية الضيقة وسلطتهم داخل العشيرة أو حتى داخل الأسرى .
أما الفئة السياسية و المتمرسة في أساليب اللف والدوران والخداع وفن المراوغة فهي الأخطر حيث تبدأ بتأييد المبدأ والتحمس له كي لا تتهم بالتخلف والرجعية ، وخاصة عندما تقتنع بعدم إمكانيتها بمقاومة تمسك الجماهير بالمبدأ الجديد ،أي لم يسبحوا ضد التيار بل يدخلوا فيه ويبدأون بالعمل على حرفه ، وهذا ما حصل فعلا للاشتراكية أي الاشتراكية العلمية
وعند عدم إمكانيتهم مقاومتهم للمبدأ يسلكون طريق التحريف ، فقالوا بالاشتراكية الطوبائية والاشتراكية المسيحية والاشتراكية الاجتماعية ، وفي الدول الإسلامية الاشتراكية الإسلامية والاشتراكية الرشيدة والاشتراكية العربية.!!
وعرف الذين لم يكن يعرفوا ماذا كان يعني حزب البعث باشتراكيته !
إن أمثال هذه الأحزاب ليست فقط عدوة الاشتراكية بل عدوة الإنسانية.
أن الشعب العراقي يمتلك الوعي السياسي ما يكفيه لتمييز وفرز الشعارات
الصادقة والمخلصة ولم تعد تنطلي عليه تلك الشعارات الديماغوغية مهما زينت
ولمّعت بكلمات برّاقة وما بين سطورها من نوايا مغرضة ، فكما رأينا أن "وحدة"
حزب البعث كانت وحدانيته في النهب والغدر والقتل ."والحرية" حريته للتصرف بمصائر مئات الآلاف بل ملايين الوطنيين العراقيين و"الاشتراكية" كانت
اشتركهم جميعهم بجرائم القتل والتعذيب والمقابر الجماعية وقصر الموت وسراديب التعذيب، وقال (حسن العلوي )أحد قادة البعث سابقا ،ضمن حلقات عن عبد الكريم قاسم في إحدى الفضائيات قال :
" إن الشعار الذي رفعناه في بداية ثورة 14/ تموز/1958 كان شعارا خاطئا ومغرِضا وكان فقط لمعارضة شعار الحزب الشيوعي العراقي الذي كان اكثر واقعية وصحيحا في حينه وهو : اتحاد فدرالي صداقة سوفيتية " كما عرفنا ماذا كان يقصد حزب البعث ومن وراءه كافة القوى الرجعية ببقية الشعارات كالحرية والاشتراكية وهم أعداء مضمون تلك الشعارات !والرسالة الخالدة !وعرف من خدعوا بها أنها تعني النهب والاغتصاب والأنفال والمقابر الجماعية ومحاربة الشعب العراقي والبلدان المجاورة !.
انه المسخ والتشويه في الشعارات ، انه قول حق يراد به باطل .
ولكن الشعب العراقي سوف لن تنطلي عليه الشعارات الديماغوغية مهما
تفنن رافعوها في تلميعها( وزركشتها) إن لديه من الخبرة النضالية والوعي
السياسي ما يكفيه للتمييز بين الصادق منها والمُغرض .كما يعرف من خبرته الطويلة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقارير تتوقع استمرار العلاقة بين القاعدة والحوثيين على النهج


.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطاب بايدن والمقترح الإسرائيلي




.. إيران.. الرئيس الأسبق أحمدي نجاد يُقدّم ملف ترشحه للانتخابات


.. إدانة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب توحد صف الجمهوريين




.. الصور الأولى لاندلاع النيران في هضبة #الجولان نتيجة انفجار ص