الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محكمة تأريخية تحت نصب الحرية

علي عرمش شوكت

2015 / 8 / 19
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


من حسنات الطبيعة جيولوجية في العراق، ان البلد غير واقع فوق خط البراكين الطبيعية، الا انه ينطوي على براكين بشرية، اشد وقعاً اذا ما انفجرت، والتاريخ شاهد على ذلك. ان انتفاضة 31 تموز 2015 كانت انموذجاً منها، انفجرت وقد سبقتها مقدماتها ، متجلية باضرابات ومظاهرات معلنة عن كوامن البركان القادم، لقد تجاهلتها الحكومة المأزومة هي الاخرى، لكونها متخمة حتى الثمالة بفساد مالي واداري واخلاقي سافر. وعليه امسى العراقيون لا يختلف من بينهم عاقلان على حتمية "الثورة" لذلك نزلوا سيلاً بشرياً قض مضاجع المفسدين المتسترين بالدين زيفاً وبهتاناً. وبخاصة عندما انطلقت حناجر الجموع الهادرة هاتفة " باسم الدين باكونا الحرامية ".
ان حرامية العراق اليوم لم يتمالكوا انفسم حتى غدا بعضهم هارباً مستعيناً مرجعه في الخارج البلاد، او مارقاً واتباعه من " الروازين " للنفاذ الى متن الانتفاضة بغية الاخلال بمدنيتها الحضارية واصرارها على تحقيق اهدافها، وعلى الصعيد الاخر، استشرست محاولاتهم لايقاف عجلة الاصلاح، التي بدأت خجولة وسلحفائية الخطوات، ولم تقترب من المطلب الاول للجماهير الا وهو، اصلاح النظام السياسي الذي افرز الازمة وانهيار هياكل الدولة. حيث لم يمض السيد الاعبادي رئيس مجلس الوزراء الى احالة الفاسدين للقضاء، انما اتجه لحد الان الى معالجات سطحية لدعم خطته للتقشف ليس الا. لان تقليص المواقع الوظيفية، لا يشكل علاجاً لقلع جذور الفساد المالي، طالما بقي الفاسدون دون قصاص، بل في احد اوجه معالجاته" دمج بعض الوزارات" قد عزز مواقع البعض من الوزراء الذين كانوا سبباً في الخراب وتثقل اعناقهم ملفات الفساد.
اما ساحة التحرير فلم تكن كلوحة لكلمات متقاطعة، انما لوحة شطرنج قد تميز فيها الاسود عن الابيض، من خلال الشعارات التي كانت تكشف عن الهويه السياسية لم ينادي بها، رغم ان الساحة قد تجسمت فيها وحدة الاغلبية المدنية الديمقراطية بصورة تشفي الغليل، انما ثمة اقلية ضئيلة من ذوي الاهداف الضيقة الذين ارادوا حرف التظاهرة عن مسارها وراحوا يطالبون بالغاء الدستور اولاً، والغاء الاحزاب السياسية دون تمييز،والغاء العملية السياسية برمتها. بمعنى العودة الى حكم الفرد على نمط "القائد الضرورة"، سواء كان دكتاتوراً عسكرياً، ام دكتاتوراً دينياً من طراز "ولاية الفقيه". وان الاجابة على مطاليب الاكثرية او الاقلية يفترض ان تأتي في الخطوات الاصلاحية المطلوبة المنتظرة.
وثمة رهان تأريخي يفرض نفسه في خضم هذه الانتفاضة الباسلة التي تذكرنا بانتفاضات شعبنا العراقي ضد الظلم والتسلط. فأن الطليعة الثائرة تراهن على تراص صفوف اطرافها، وتصاعد الحس الثوري لدى الجماهير المكتوية بنار الفساد والمحاصصة الطائفية المقيته، الامر الذي سيبلور بروز قيادتها الطليعية من داخل الميدان. ما الطرف الثاني من الرهان، فهم الذين فقدوا وسيفقدون اثرائهم من السحت الحرام، وهم اقلية، تسلقوا الى مواقع المسؤولية بفضل هذه الاكثرية !!. ومن ثم تنكروا لها، اليوم في ساحة الحساب، قدمت الجماهير مطالعتها لاتهام الفاسدين الفاشلين، فكان (النظام كله في قفص الاتهام). اذن قرار الحكم هو الغاء نمط النظام القائم على المحاصصة واللصوصية الى نظام حكم مدني ديمقراطي تسوده العدالة الاجتماعية، واعلاء كرامة الانسان العراقي.
ومن الاهمية بمكان ان نشير الى ان هذه المحاكمة التي تجري تحت نصب الحرية قد خلت من احد اركانها المفترضة الا هو، جانب الدفاع عن المتهمين. واذا ما عنى ذلك شيئاً فانه يعني قطعاً، ان الجريمة المرتكبة بحق شعبنا لا تدع مجالاً لتبرئة اي من اركان نظام المحاصصة والفساد، الذي وضع البلد واهله في اتون الحروب وتحت رحمة أفة الفساد المطلق، وفي اسفل قاع الفقر المتقع المتزايد، فلا حكم اليوم سوى قرار قاطع ومباشر لبناء الدولة المدنية الديمقراطية المستندة على العدالة الاجتماعية الرصينة.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمين المتطرف في فرنسا يعتزم منع مزدوجي الجنسية من شغل مناص


.. تركيا تدعو سوريا -لاستغلال الهدوء- للتقارب مع المعارضة والتح




.. VODCAST الميادين | حمة الهمامي - الأمين العام لحزب العمال ال


.. غريتا ثونبرغ تنضم إلى آلاف المتظاهرين لأجل المناخ في هلسنكي




.. نيران تأتي على البرلمان الكيني إثر اقتحامه من آلاف المحتجين