الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة

عبد شاكر

2005 / 10 / 17
الادب والفن


تتساءل لم هذا الصمت , لمن تبوح ألمك .. صماء هي تلك الرفيقة الرقيقة , يجذبني اليها , نقاؤها , طقوسها الصامته . تومئ لك بغنج , كي تبقى منكبا عليها , تسقط كل جنونك في مداها الواسع الذي لايعرف الضجر ! أبدا هي صامته , تحتمل كل نزواتك , أكاذيبك , خداعك , وتغفر ! بل تستفزك , كي تفعل من جديد ما يحلو لك ! خلقت هكذا . خازن أسرارك الامين , وعاء يتسع لجنون أهل الارض . لاتخشى الا النار والمطر , والوشاة الذين يتلصصون على صدرها الناصع البياض , رغم انه لايبدو كذلك , حينما يتراقص فوقها العشاق بنشوة وألم , تارة تبدو لك بيضاء كندف الثلج , وحين يشتد الالم تتحول الى دماء متناثرة , زرقاء , حمراء , خضراء , بلا مساحيق . توقظها في اية لحظة , تبتسم بخبث ومكر , لايتقنه سوى حواء ! لانها تعرف جيدا , لمجرد ان ترى رعشات يديك ! تنظر اليك بموده ساحره , تغوص في عينيك ان كنت ثملا , تنهض فاتحة ذراعيها , تضمك في اعماقها , وتهدهد شياطينك الهائجة ! تغفو فوقها , حتى تفيق وتغادرك الشياطين . تحرص على ان تبقى كما هي , الى ان تدفعها جانبا ! تاركا أياها جسد منخور بغضبك الملطخ بشتى الالوان ! وهي باسمه . ما الذي يدفع المرء للجوء اليها : كونها تستمتع حين ترسم فوق جسدها خربشات , أو وشم بصورة افعى أم حيوان ضخم , وماالذي يجعلها تحتمل كل هذا الجنون ! لان : جسدها يتسع لكل انواع الاسقاطات ! لاتعرف الملل , هي الوحيدة في هذا الكون , لاتعرف الا العطاء , تتعرى صيفا وشتاءا , بلا دثار , لاتخشى الا الماء والنار ! تتحدى الجميع , لما هم فيه من صلف وغطرسه! واحيانا ترثيهم , بل وكثير ما اعلنت لهم : ان ساعة الزمن لم تزل تطقطق في آذانهم , ولم يدركوا بعد سر هذه الهمهمة من بندول كبير , يجثم فوق الجميع ! بلا ملامح . تسهم في حمل لحما او خضارا , او مصل الحياة , وتتلاشى بعد ان تفرغ من عطائها , تتدحرج على قارعة الطريق , في مزابل الآدميين الذين هدهم اللهاث خلف السراب . لن تشي بعشاقها , ولدت مشرده , في حقل مشبع بالرطوبة والماء واللصوص والحيوانات . لم تختلط كثيرا . نقية , لاشائبة في جسدها . لذلك فهي لاتعرف , ماهي الوشاية , بمن تشي ؟ ولمن ؟ ولماذا ؟ . صماء , عمياء , لااحد يخشاها . لكنها ليست بكماء , تحاورك بمودة بالغة , وحياء يفوق الخيال , ليضفي عليها سحر له مذاق خاص . وهي بطبيعتها جذابة , تستلقي بغنج , تنظر اليك بكل حواسها , لتسقط عليها , لوعتك , وهمك اليومي . لاتعرف النوم حتى في الظلمة , تشع لك متوهجة , متوجسة , خشية ان تغادرها , حينما يغيب القمر , لاتعاتب ان خاصمتها , او اهملتها ليال . تتأملك بصبر ممزوج بوداعة ملائكية , تتجدد في غوايتها لك . تدعك ان تحدد باناملك , شكلها , تصفه على هواك , ضجرا كنت ام فرحا . تلتصق بيديك , حينما تطيل ملامستها , حتى تترك اثرا فوق جسدها النابض من شدة التمازج معها . حينما تضطرب حواسك , وتشكو لها أنينك . تتلقف منك آهاتك بعذوبه لتحيلها الى صور , عميقة التكوين , رائعة الدلالة . البوح لها اكثر أمنا , من الثرثرة مع الذين يتربصون بك . تحذرك من ان تغادر محرابها , كي لا يصيبها الجفاف وتذبل الامنيات . وفي غفلة من زمنك الواهي .. لم تستطع ان تتكور بكل كلك , على تلك الرفيقة الرقيقة البائسة , عندما كانت في حضنك , حينما داهمتك رعشاتك الابدية في تلك الليلة الممطرة , ولجأت الى مائدة النار الشتوية .. حيث تسرب الدفئ الى جوفها وتأججت ثناياها واحترقت تلك هي ( ورقتك البيضاء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟