الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماهي البورنوغرافيا ؟ [ تاريخ البورنوغرافيا (ج2) ] / (4)

ضياء البوسالمي

2015 / 8 / 21
العولمة وتطورات العالم المعاصر


لقد أدخل الكاتب "بِيَار كلُود فِيكتُوَارْ" في معجمه العالميّ للغة الفرنسيّة الصّادر سنة 1800 كملة "بُورْنُوغْرَافِيَا" ( Pornographie ) و هي مشتقّة من كلمة "ُبورْنُوغْرَافِيّ" ( Pornographe ) و التي تعني - كما أشرنا سابقا - تجسيد لحظات ممارسة الجنس من طرف بائعات الهوى. و في القرن 16، كان الشّيخ النّفزاوي* سابقا لعصره من خلال كتابه " الرّوض العاطر في نزهة الخاطر" و الذي تضمّن مجموعة من من النّصائح و الإرشادات نذكر منها كيفيّة تكبير حجم الأير أو تضييق فرج المرأة و هو أكبر دليل على أنّ هذه الأمور ليست مجرّد رغبات حديثة وقع نشرها و بسطها للعامّة بفضل وسائل الإعلام و بفضل إنتشار البورنوغرافيا كما يعتقد ذلك مجموعة من المفكّرين و العديد من وسائل الإعلام. و تزامنا مع إنتشار البورنوغرافيا و تخلّص المجتمعات من مجموعة من العقد و "التّابوهات" و مناداتها بالحريّة و الإنعتاق على خطى فلاسفة الأنوار، كانت المطالبة بموت الإلاه أي كسر و تحطيم أيّ حاجز دينيّ يقف أمام الحريّات. و قد طوّر مجموعة من المحافظين مفهوم "الإيروتيزم" أو "البورنوغرافيا المحتشمة" و تحوّل الإيروتيزم إلى رمز للحبّ. يقول "جُورْجْ بَاتَايْ" في كتابه "إِيرُوتِيزْم" الصّادر سنة 1957 : " الإيروتيزم هو ذاكرة الجنس " و تختلف البورنوغرافيا عن الإيروتيزم، حيث أنّ هذا الأخير يقوم بحجب الأعضاء التّناسليّة " لأنّ الذين يحسّون بالإنتشاء تُنزعُ عنهم صفة الإنسانيّة " كما كتب ذلك "جَاك ِوينْبِيرغ" الذي يُكمل تحليله : " و بدون الإنتصاب الذّكوريّ و الرّغبة لا توجد بورنوغرافيا ". إذا فالإنتصاب هو المعنى الحقيقيّ للبورنوغرافيا و بذلك فمن المنطقيّ في إطار تحليل شاملٍ أن نستعين ب"بيَارْ بُورْدْيُو" و كتابه "الهيمنة الذّكوريّة" و الذي أشار فيه الكاتب إلى نتائج هذه "الهيمنة المتكبّرة" على النّساء و قد حمّلهنّ مسؤوليّة ذلك " من خلال قبولهنّ بوضعيّات يكنّ فيها خاضعات لسلطة الرّجل " و يمكن أن يكون ذلك مصدر سعادة بالنّسبة لهنّ. و للتّذكير فقط فإنّ "سِيغْمُوند فْرُويد" هو من حدّد طبيعة الإنسان بكونه ساديّا بطبعه أي حالة الجلاّد الذي يتلذّذ بتعذيب ضحيّتِهِ.
البورنوغرافيا ليست ظاهرة إجتماعيّة أو تاريخيّة معزولة بل هي وسيلة للغوص في أعماق الذّات البشريّة ووضعها في صور علنيّة. ثمّ أخيرا و بعد عدّة قرون من عدم الإستقرارِ، ثبتت الأخلاق كما فسّر ذلك "فِيليب دِي فُولْكُو" :" بين 1800 و 1960 لم يتغيّر شيء " و لكن من الضّروريّ تنسيب هذه القولة ففي هذه الفترة تحديدا سنة 1895 وقع إختراع السّينما ( من طرف les frères Lumière ) و قد تمّ إستعمال هذه التّكنولوجيا الجديدة - آليّا - في تمثيل الجنس، و قد كانت نتيجة منطقيّة و متوقّعة. و تجدر الإشارة إلى أنّه و منذ إختراع السّينما و الكاميرات، صُوّرت أولى الأفلام البورنوغرافيّة - بطريقة هاوية و سريّة أساسا - التي صوّرت بائعات الهوى مع حرفاء في بيوت دعارة. و يصعب اليوم العثور على أثرٍ لهذه الأفلام مع العلم أنّه يمكنأن نجد 4 أفلام من إنتاج فرنسيّ و ذلك حسب موقع nuddz.com : فيلم la coiffeuse سنة 1905 مدّته دقيقة واحدة، فيلم l heure du thé سنة 1925 مدّته 5 دقائق، فيلم Agenor fait un levage سنة 1925 مدّته 8 دقائق و فيلم massage سنة 1930 و مدّته 7 دقائق. كذلك توجد مجموعة من الأفلام في فترة الإستعمار النّازي لفرنسا ففي الفيلم الوثائقيّ ل"بَاتْرِيك بوِيسُّون" " حبّ و جنس تحت الإحتلال" نلاحظُ أنّه هناك مجموعة من الأفلام البورنوغرافيّة التي صُوّرَت و بُثّت في في بيوت دعارة فرنسيّة يرتادها ألمان. يقول الشّاعر الفرنسيّ "بُودْلِيرْ" : " إذا عالجنا مثل هذه المواضيع و ناقشناها لن تكون مسبّبة للإحراج و الذي ليس إلاّ مجرّد هراء " و هنا دليل على أنّ البورنوغرافيا حتّى و إن بقيت تُصنَّف على أنّها موضوع "هامشيّ" فإنّها ليست كذلك وهذا منذ قرون عديدة.
*الشّيخ أبو عبد الله محمد بن محمد النفراوي صاحب كتاب "الرّوض العاطر في نزهة الخاطر" و الذي ألّفه ( بين عامي 1410م و 1434م ) بطلب من سلطان تونس عبد العزيز الحفصي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تظاهرات في إسرائيل تطالب نتنياهو بقبول صفقة تبادل مع حماس |


.. مكتب نتنياهو: سنرسل وفدا للوسطاء لوضع اتفاق مناسب لنا




.. تقارير: السعودية قد تلجأ لتطبيع تدريجي مع إسرائيل بسبب استمر


.. واشنطن تقول إنها تقيم رد حماس على مقترح الهدنة | #أميركا_الي




.. جابر الحرمي: الوسطاء سيكونون طرفا في إيجاد ضمانات لتنفيذ اتف