الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السوفييت الأعلى الخاص بليبرمان

أوري أفنيري

2003 / 1 / 9
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


أوري أفنيري
4.1.03

  

     لقد لحق بي الكثير من التجريح والتشهير في حياتي، وفي بعض الاحيان كنت أتلقى المديح والإطراء. ولكن لم أتلق في حياتي مثل هذا المديح، فقد ذكر احد الاحزاب الهامة الممثلة في الكنيست اسمي في برنامجه السياسي الرسمي.

     تحت عنوان "التشريع ومراقبة القانون للحركات اليسارية واليساريين المتطرفين"، أدرج حزب "الاتحاد الوطني" في برنامجه البند التالي:

    "هناك حاجة لتشريع أساليب متشددة، أقصاها التجريد من الجنسية، ضد اشخاص مثل أوري افنيري، ليئه تسامال والانشقاقيين الاخرين على انواعهم، الذين يفترون على اسرائيل في العالم.

     لا أعرف ان كان علي ان اتفاخر او ان اضحك أو ان اغضب.

     أن اتفاخر، لان اسمي يأتي هنا ليكون رمزا لمعسكر السلام الإسرائيلي برمته، ولان اسمي يقترن باسم ليئه تسامال المحامية الشجاعة التي تدافع عن السجناء الفلسطينيين ورافضي الخدمة في المناطق المحتلة الذين يمثلون الضمير الاسرائيلي الحي.

    أن اضحك، حيال الوقاحة المذهلة التي تتضمنها هذه العبارة. ان زعيم "الاتحاد الوطني" هو افيغدور (إفيت) ليبرمان، تلميذ جهاز التربية البولشيفية التابع لستالين، وقد تشرّب العنصرية وافتتن بقوة الدكتاتور الأحمر. لقد قدِم ليبرمان الى ما هو جاهز، الى الدولة التي اقمناها بدمنا، وهو يطالب الان بتجريدنا من جنسيتنا.

      أن اغضب، لان ليبرمان موجود، اسوة بإيفي إيتام وبعض زعماء الليكود، في طليعة الطابور العكِرالذي يهاجم الان الديموقراطية الاسرائيلية. لقد نجح هذا الطابور في الاسبوع المنصرم في جرف اغلبية السياسيين في لجنة الانتخابات العليا في تياره، وتقرير تجريد عضوي كنيست عرب (احمد الطيبي وعزمي بشارة) وقائمة عربية (الحزب الوطني الديموقراطي) من حقهم في خوض الانتخابات.

     إن من يوهم نفسه بان هذا الهجوم موجه ضد المواطنين العرب فقط، لا يدرك الى أية وجهة تنجرف هذه الدولة. يجدر به ان يتذكر إحدى اكثر المقولات أهمية في القرن العشرين، قرن ستالين  وهتلر وموسوليني الدامي.

    قائل هذه المقولة هو مارتين نيملر، قائد أول غواصة المانية في الحرب العالمية الأولى، الذي تحول فيما بعد الى كاهن بروتستانتي وداعية للسلام. لقد جز النازيون به في معسكر للإبادة، وعندما خرج من هناك باعجوبة، خرط في أذهان العالم عبارات لا يمكن ان تنسى، ومن بينها:

    "عندما جاء النازيون لأخذ الشيوعيين، لم انبس بكلمة فأنا لست شيوعيا".

    "عندما جزّوا بالجمهوريين الديوموقراطيين في السجن، لم أتكلم لانني لا انتمي اليهم".

    "عندما قبضوا على رجال التنظيمات المهنية، لم اعترض فأنا لست من أفراد هذه التنظيمات.         "عندما أتوا للقبض علي، لم يبق أي شخص ليعترض".

     يبيّن برنامج ليبرمان الانتخابي ان عملية كهذه تحدث الان في إسرائيل. لقد بدءوا بالتحريض ضد العرب وبطردهم من الساحة السياسية. والان يتحدثون عن إبعاد "اليسار المتطرف". هل هناك من شك بانهم سوف يطالبون في المرحلة القادمة بالقضاء على اليسار برمته، "المعتدل" و"الرسمي"؟ وفق ما نراه من الامثلة التاريخية، سيأتي دور أعضاء الليكود اللبراليين.

     أحلام اليقظة؟ ليس تماما. أهارون باراك، رئيس المحكمة العليا بجل وقاره، قارن هذا الاسبوع بين الوضع لدينا وبين المانيا النازية. لقد قال في خطاب ألقاه في بيت رئيس الدولة ان هذا قد حدث في "بلاد كينت وبطهوفن" ويمكن ان يحدث في أي مكان، وأضاف"إن لم ندافع عن الديموقراطية، فهي بدورها لن تدافع عنا!" (سنرى كيف سيتصرف القاضي باراك ذاته هذا الاسبوع عندما سيصدر قراره بشأن عضوي الكنيست العرب اللذين تم شطبهما من قائمة المرشحين).

     اننا لا نحب ان نقارن انفسنا بالأنظمة الفاسدة، فالذكريات ما زالت حديثة العهد، ومن الواضح انه لا يوجد في اسرائيل من يتحدث عن إبادة شعب بأكمله، ولكن ما لا شك فيه ان الاحزاب وزعمائها الذين تحدثوا عن "ترانسفير" بشكل لا يقبل التأويل، كانوا يدعون، في أي مكان آخر في العالم، "الفاشيين الجدد" (رغم ان المصطلح "البلشفيين الجدد" كان ليناسبهم أكثر، فستالين قد اعتاد على طرد الشعوب المتواجدة في الاتحاد السوفييتي من ارضها.)

     يورغ هايدر لا ينادي بتجريد من يعارض آرائه المظلمة من جنسيته النمساوية، وجان ماري لا بين لا يقترح طرد اعضاء البرلمان معدومي الدم الفرنسي الطاهر من المجلس الوطني الفرنسي.

     على امتداد 54 سنة تفاخرت دولة اسرائيل بانها "الدولة الديموقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط". ان الترويج الاسرائيلي في العالم، وخاصة في الولا يات المتحدة، يرتكز على هذا الشعار. والان يأتي ليبرمان واليبرمانيون ويطالبون بالقضاء على الديموقراطية الاسرائيلية، وهي من إبداعنا، وإقامة فاشستان (ما بين باكستان وافغانستان).

     إذا وُجد شخص "يفتري على اسرائيل في العالم" فهو هذا الرجل.

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماهو الهدف الحقيقي للحوثيين من استهداف السفن؟ فواز منصر يجيب


.. ترامب يعود إلى مبنى الكابيتول لتوحيد الصف الجمهوري | #أميركا




.. إطلاق صواريخ من غزة على جنوب إسرائيل وتفعيل القبة الحديدية


.. مراسلة الجزيرة ترصد تطورات التصعيد بين حزب الله وإسرائيل جنو




.. خليل العناني: قرار مجلس الأمن الدولي بوقف حرب غزة عقد مسار ا