الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البارزاني والمالكي.. نموذجان.. للتعصب والتخلف...؟

طلال شاكر

2015 / 8 / 22
مواضيع وابحاث سياسية





العملية السياسية بعد 2003، أفرزت سياقات غريبة في العمل السياسي العراقي، وقدمت نماذج سياسية محيرة منها ماهو طارئاً اوانتهازيا محترفاً أو حزبياً مخضرماً ضمن مخاض سياسي معقد، لبلد يفتقد الى مقومات الثقافة السياسية وتقاليدها الاصيلة في الخبرة والمعرفة والادارة .الغرابة لاتكمن في وجود مثل هذه الشخصيات في مشهد مضطرب بل في وجود شخصيات اشكالية سياسية ترفض فكرة التغيير وتصرعلى تسيد الموقف ولعب دور بارز فيه، رغم اخفاقاتها وتهاويها في ظل تسويق سياسي واعلامي لها من قبل كتلها السياسية المتنفذة أواحزابها. في هذه المقالة سوف اسلط الضوء على ابرز شخصيتين سياسيتين هما البارزاني والمالكي أنطلاقاً من ادائهما السياسي خلال سنوات عديدة في فترات مؤثرة، كسلسلة متصلة صنعت الكثير من الاخفاقات والتعقيدات السياسية في مختلف المجالات، كمحصلة مترعة بالمشاكل المركبة التي غدت تحدياً مصيرياً أمام العراق عموماً و كردستان خصوصاً في مختلف المجالات. انها معاينة للمنهج والتفكير وتفكيكه خارج مربع الشخصنة ..

سأبدء بالبارزاني اولاً:

استناداً الى رؤيتي وتتبعي لمسيرة هذا القائد الكردي فأني وجدته لم يخرج من السياقات النمطية التي صنعت تلك الشخصيات المحورية لشعوبها ضمن تلك المنعطفات ألتاريخية ألملتبسة، في بلدان تعيش اشكالية الهوية والانتماء وبناء الدولة الوطنية مثل العراق الذي يواجه الان تحديات مصيرية لاقبلَ له بحلها وهو بوضعه الضعيف والمربك.. البارزاني الان يلعب على الورقة القومية بعقلية القائد التاريخي الموعود خارج مستلزمات النضج الحضاري وموازين المصالح في المنطقة مستغلاً ظروفاً تبدو مؤاتية له ساعياً الى اضعاف وتفتيت العراق كمقدمة لمشروع انفصال اقليم كردستان.. بدءاً افترض اني لن انال الرضى والتفهم مهما بدت مقالتي موضوعية ومقنعة بالنسبة لانصاره، فللرجل مريدين وازلام وابواق، وتدور حول ادائه اجتهادات وتقديرات مختلفة البعض منها يراه قائداً قومياً فذا لتحقيق حلم الشعب الكردي في اقامة دولته القوميةً وهو يسير بهذا الاتجاه بجدارة، بينما يراه اخرون زعيماً مستبداً وعشائرياً متخلفاً .. وهذا التوصيف والانطباع ينطبق على المالكي بحدود متقاربة دون اغفال التمايزات النوعية بينهما ومضمون الخطاب السياسي الذي يؤمنان به. مسعود البارزاني منذ عقود وهو يتبوأ المركز القيادي الاول في حزبه الحزب الديمقراطي الكردستاني وفي المعيار الموضوعي يبدو هذا الحزب ملكاً لعائلة البارزاني وهواداتها السياسية للقيادة والسيطرة والتوريث، هذاالواقع السياسي يرسخ عملياً المفهوم الشرقي للقائد التاريخي الشمولي الملهم الذي يجعل قضية شعبه تدور في فلك مكانته ورمزيته.غير أن هذا الامر لايسير في مشهد قومي متجانس كما في كردستان العراق، فالانقسام واضح بين اربيل والسليمانية في الرؤية والتطبيق وصعوبات التوافق تبدو عصية، ومن هنا يصبح التمسك بمفهوم القائد التاريخي نوعاً من التخلف والتعصب في مشهد يحتاج الى التغيير والتطور لاستعياب التحديات التي تواجه الاقليم، وفكرة التعلل بالرمزية التاريخية لاتكفي لبناء نظام سياسي معاصر يحتاج الى مرونة ودور مؤسساتي يتجاوز الزعامة الفردية وكارزما القائد التاريخي.. وبدلاً من ادراك قيمة التغيير وجوهريتها يجري تجاوز الحصافة والدراية نحو سياسة الاحتواء التي هي مزيجاً من الاجراءات والمراسيم التي ترتكز على سياسة التسويات التي تتجاوز القانون والامانة السياسية ،وهذا ماقام به مسعود البارزاني خلال ترؤسه لاقليم كردستان كشراء الذمم وتثبيت سياسة الاملاء والتطويع والتحالفات الفاسدة مما رسخ ونشر اليات الفساد المدمرة ووسع من دائرة التخريب القيمي، مقرونة بالمزايدات القومانية الرخيصة والتنازلات القومية المذلة ..في الوقت نفسه استغل الظرف العصيب الذي يعيشه العراقيون ليمارس ابتزاه وخيانته للقسم الذي التزم به امامهم دون حياء او شعور بالمسؤولية المشتركة من خلال ممثليه في السلطة الفدرالية. اما مايتعلق، بالاداء السياسي لكردستان العراق فالوضع يشير بلا لبس الى جموده وتعثره واخفاقه في المحاورالاقتصادية والاجتماعية والسياسية وبقاء الاكراد رهناً لريع النفط وتحول اقليم كردستان الى مجتمع رعاية واستهلاك غير منتج ينهشه الفساد والتردي دون رؤية فعلية لتغيير هذا الواقع المتخلف في ظل تفاوت اجتماعي عميق. رغم كل ذك يصر البرزاني على البقاء والقيادة وهو يستقوي بالخارج وبنفوذه السلطوي لتنفيذ اجندته المريضة وتصفية خصومه اواسكاتهم.. الغطرسة رديف للتعصب والتخلف وهذه شمائل مسعود البارزاني كقائد مستبد ومتغطرس لم تفارق سلوكه السياسي منذ ان عرفناه ...ولعل الايام القادمة مليئة بالمفاجأت وما سيجلبه هذا القائد المتعصب على الشعب الكردي من ويلات وكوارث وهو يصنع المشاكل ويهندسها في علاقته الابتزازية وألاستبدادية مع بغداد والقوى الكردستانية ومحيطه الاقليمي، ومع كل ذلك يصر على البقاء بمنصبه متجاوزاً القانون مهدداً متوعداً رافضاً التغيير والتداول السلمي للسلطة.. وبادانة وأزدراء اقول ان شخصيات ثقافية واعلامية وسياسية مأجورة عراقية ساهمت في تسويق هذه الشخصية وهي تتحمل جزءً من جنوحها وتطرفها وأستبدادها ... ان امثال هذا القائد المتعصب والمتخلف ستكون قيادته كارثية ومكلفة على شعبه ان بقى مستمراً في المشهد السياسي الكردستاني كقائد ملهم خارج وهج المؤسسة ورفعتها...ا

المالكي:

يختلف المالكي عن مسعود البارزاني فهو زعيم صنعته الصدفة السياسية ومخاضات التغيير بعد2003 التي وضعته في دائرة المسؤولية الرفيعة كرئيس للوزراء لدورتين انتخابيتين بعد ان كان قيادياً لاحد اجنحة حزب الدعوة الذي هو نسخة عراقية لحركة الاخوان المسلمين، وبهذا التجلي هو رجل عقائدي اسلاموي بأنتماء شيعي.. لم تضف تجربته بالعمل السياسي سوى ارادة الاستقواء بالطائفة لتحقيق المكانة السياسية ولعب دور الزعيم التاريخي برداء طائفي مموه .. ولم يكن اداءه في موقعه الرسمي سوى ترسيخ نفوذه وجماعته من خلال سياسة شراء الذمم استناداً الى عناوين ضيقة كالعشيرة والمواقع الوظيفية بالدولة والمراهنة على الحث الطائفي والرشى كتكوين مجالس الاسناد والتحالف مع المليشيات والتعاون مع فئات محسوبة على السنة خارج المشروع الوطني وغيرها ..نوري المالكي يذكرني بالزعيم الراحل نوري السعيد الذي كان وطنياً ومثقفاً ومن رواد بناء الدولة العراقية لكن مشكلته كانت في غروره وشمولية فكره حيث كان يعتقد انه المخلص الوحيد للعراق وفهمه للوطنية اعمق من الاخرين وابتعاده عن المنصب سيخلق فراغاً لايسده غيره وليس من قبيل الصدفة ان يتولى رئاسة الوزراء19 مرة وكان يرى الواقع وأنداده السياسيين من خلال منظار الريبة والشك ويحاول حصرهم باُضيق دائرة، وغالباً ما يلجاً الى المؤامرة والدسيسة للايقاع بهم، مستمرأ التزييف وشراء الذمم في نيل الاصوات الانتخابية في مناسبات كثيرة. المالكي يشبه نوري السعيد في سلوكه المذكور الى حد كبير كتفكير واداء سياسي، وهو كنوري السعيد يرفض مغادرة المنصب الرسمي الذي تبوئه رغم فشله الواضح قد يقول قائل بأنه جاء عبر انتخابات معترف بها هذا صحيح رغم وجود تحفظات على عملية الانتخابات وهيئتها المستقلة، لكن هنالك قاعدة سياسية فحواها ان الفشل السياسي في ادارة المسؤولية يعفي صاحبها من البقاء والاستمرار فيها حتى لوكان منتخباً، وهنالك شواهد كثيرة على ذلك رغم ندرتها في بلدنا. المالكي اعلن على رؤس الاشهاد وامام ملايين الناس ومن شاشة فضائية (افاق) بأنه سياسي فاشل كغيره من السياسيين.. لايبدو الامر مفاجئاً أومثيراً، فالاخفاقات والانكسارات السياسية والاقتصادية في فترة قيادته معروفة..وهو يتحمل مسؤوليتها بوصفه المسؤول الاول في البلاد لكنه يكابر ويلتمس لنفسه التبريرات متجاهلاً ان وقائعاً ملموسسة تدينه لايمكن النفاذ من حكمها.... المالكي واجه اعداء وخصوما شرسين البعض منهم حمل ويحمل اجندات مشبوهة ومشاريعاً ارهابية صريحة ترافق ذلك مع اعوان فاسدين وفاشلين ساهموا وخصومه مجتمعين في تعميق اخفاقه والاطاحة به ترافقاً مع ادائه المتهافت في مختلف المجالات الذي محض للارهاب والفساد.. مع كل ذلك يصر المالكي على التشبث للبقاء في مشهد سياسي محتقن.. مع علمه ومناصريه بأنه شخصية اشكالية وغير جامعة وقد لاتستوعبه العملية السياسية في منعطف خطير يواجه العراق الان.. المالكي كما اراه مشحونا ومستغرقاً (بفيض الوهم العقائدي) الذي يستحوذ على مدارك السياسي الاسلاموي عموماً، بأن له رسالة ينبغي عليه حملها ومواصلتها بغض النظر عن الظروف والنتائج والاحتمالات المترتبة على ذلك، وهذه معضلة فكرية وعصاب ذهني يعاني منه هذا اللون من السياسيين الذي يرفض بعناد مغادرة موقعه السياسي وكأنه تفويض الهي له، وهذا يشير بلا لبس ان مشروع ألدولة الوطنية المؤسساتية ودور القائد الوطني فيها لم تنضج في ذهن المالكي بعد كسياق تاريخي ملهم .. وبالمناسبة فأن اغلب الذين تركوا مواقعهم الرسمية كمسؤولين في السلطة التنفيذية من الكتل الشيعية عادوا كنواب في البرلمان العراقي وهذه من المفارقات العجيبىة في المشهد السياسي العراقي.الخلاصة ان البارزاني والمالكي يعانيان من عقدة( الزعيم التاريخي) ويرفضان مغادرة المشهد السياسي حتى وأن تعارض مع مصلحة البلاد أوعقد الموقف السياسي ويفهمان المسؤولية السياسية كتفويض غير متناهي يتجاوز المواثيق القانونية وضرورات التغيير، حتى وان فشلوا في مهامهم أستقواءً بنفوذ الاحزاب والكتل التي ينتميان اليها بوصفهم قادة ملهمين وتاريخيين وبدونهم تغرق السفينة. المالكي يزدري العلمانية ويجد فيها خصماً تاريخياً لافكاره ومشروعه وهو لايستوعب نظاماً مدنياً ديمقراطياً لايقر بفرادته واستثنائيته كزعيم تاريخي متلحفاً براية الدين والطائفة. برأيي أن المالكي نال من نفسه كسياسي اكثر من نيل خصومه له فمسؤوليته خلال 8 سنوات اظهرته كقائد متعصب محدود الرؤية لايصلح ان يكون رئيساً للوزراء في بلد يعيش مخاضاً استثنائياً ويحتاج الى خيارات مرنة غير قادر المالكي على فهمها واستيعاب اهميتها. اما البارزاني فهو يحتاج الى النظام العلماني برؤية برغماتية دون ايمان به. وهو في المحصلة يريد نظاماً علمانياً متكيفاً مع مفهوم العائلة السياسية البارزانية الحاكمة بل متواقفاً مع تسيدها وتعاقبها على الزعامة والسلطة على غرار الامارات الخليجية لكن بالهام قومي تعبوي لايتجاوز الخطوط الحمراء المرسومة له، المالكي في المعادلة السياسية كنموذج يبقى اقل خطراًوضرراً من البارزاني ليسر احتوائه وكثرة مناوئيه ورافضيه داخلياً واقليمياً ودولياً وبهذا المعنى هو لايملك مستقبلاً سياسياً مؤثراً في منعطف شديد الخطورة والحساسية تمر به البلاد الذي هو بحاجة الى رجال دولة وليس الى قادة ايدلوجيين متعصبين.. اما البارزاني فهو رقم متكرر في معادلة مشتركة تحتاجها قوى اقليمية وعالمية لكنه يبقى سياسياً متعصباً ومتخلفاً غير جديراً بثقة العراقيين سواءً كانوا ااكراداً اوعرباً او قوميات اخرى..القائد التاريخي هو من يدرك دوره ومكانته من خلال المؤسسة والقانون لا من الارتهان الى موحيات العقائد المتخلفة وسراب الاوهام في عالم متغير يسيره العلم والمعرفة والدراية الانسانية...


طلال شاكر كاتب عراقي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - احسنت يا سيد طلال
صباح ابراهيم ( 2015 / 8 / 23 - 09:17 )
احسنت في وصف كل واحد من هؤلاء المتخلفين والطامعين في الحكم لمنافع شخصية وعائلية

اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. ”قاتل من أجل الكرامة“.. مسيرة في المغرب تصر على وقف حرب الا




.. مظاهرة في جامعة السوربون بباريس تندد بالحرب على غزة وتتهم ال


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المشاركين في الاعتصام الطلابي




.. بعد تدميره.. قوات الاحتلال تمشط محيط المنزل المحاصر في بلدة