الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عزيزة

امين يونس

2015 / 8 / 25
الادب والفن


" إدريس " من عائلة البيطار ، المعروفةِ في مدينة العمادية ... وهو بسنواتهِ الخَمس والعشرين ، لابُدَ أن يكون قَد إكتسَبَ بعض الصفات التي إشتهرَ بها قسمٌ من أفراد عائلتهِ ... وفي الواقع أن الصفات التي أعنيها ، سيئة في الغالب ، وعلى رأسها : مُراقبة الناس / تزويد الجهات الأمنية ، بالإخباريات / ترويج الشائعات بمُختلَف أنواعها السياسية منها والإجتماعية . ومن نافلة القَول ، ان إطلاق الصِفات على الناس ، في مدينةٍ صغيرة مثل العمادية ، من السهل بِمكان ، وسُرعان ما تلتصق بهم ، سواءً كانتْ صحيحة أو مُبالغاً بها .. وعلى أية حال ، فأن " مِيزة " نَقل الأخبار وخَلق البلبلة والمشاكَل ، أصبحتْ من الصِفات المُرافِقة ل " إدريس " وعائلته .. بِغض النَظر ، عن مدى صِحَة هذه التُهمة من عدمها !.
وبالطَبُع ان القيام بأفعال المُراقَبة والإخباريات وبث الشائعات ، يحتاج الى مواصفات ، ينبغي توَفُرها في الشخص الذي يُمارِسها ، من بينها .. شئٌ من التربية المُشّوَهة المُكتسَبَة أو بعض الجينات الوراثية ، وكذلك الذكاء وسرعة البديهة وإمكانية التغلغُل بين الناس وأُذنَين كبيرتَين وعينَينِ مفتوحتَين ، كي يستطيع ، إلتقاط الأخبار والحوادث وتوصيلها الى الجهات المعنية .
وكما يبدو ، فأن إدريس كانَ يمتلك العديد من هذه المواصفات !.
وكانَ من ضمن " واجباتهِ " المُكَلَف بها ، أو رُبما تطّوعه القيام بها ، من دون أن يُكّلفه أحد .. هو مُراقبة عوائل الأشخاص الذين إلتحقوا بالثورة الكردية ، ومعرفة تحركاتهم وإكتشاف آليات الإتصال ، بين البيشمركة في الجبال وعوائلهم في العمادية . ومن ضمن هؤلاء ، كانتْ عائلة ( مريولا ) ، حيث ان الأب إلتحق منذ سنتَين بالثورة وتبعهُ إبنهُ الكبير .. وتركوا وراءهم عائلة متكونة من الزوجة وبنتاً في الثامنة عشرة وإبناً في الثامنة . الإبنة الشابة ، إسمها " عزيزة " ، كانتْ جميلة ومَرِحة ، تُساعِد أمها في جميع أعمال المنزل ، بل وتذهب معها بين الحين والحين ، الى بيوت الميسورين ، للقيام بالتنظيف او الغسيل وما ألى ذلك ، والحصول على بعض المال ، لتلبية إحتياجاتهم الضرورية . إدريس ، ومن خلال مراقبته ومتابعته ، لتحركات عزيزة ، أعجِبَ بها ، وحاول في مراتٍ عديدة ، التقرُبَ منها ومغازلتِها ، لكنها كانتْ تصدهُ بِحَزم . إدريس إستغلَ غياب الأب والأخ ، وتصورَ أن نَيل الفتاة ، سيكون سهلاً ومُتاحاً ، لاسيما وهُي تعيش في ضائقةٍ مالية .. ولكن لأن عزيزة كانتْ قوية الشكيمة ، ومُعتَزة بأنها بنت وأخت بيشمركة ، فأنها في قرارة نفسها ، كانتْ تحتقرُ إدريس وتعتبرهُ مُخّنثاً ، بإسلوبهِ المُداهِن وحديثهِ المُراوغ .. وأُمها كانتْ تُحّذرها دوماً ، من إدريس وأمثالهِ ، ولكن في نفس الوقتْ ، تُذّكِرها ، بأنه من المُمكن أن يُسّبِب الأذى لهم ، لأن له علاقات مع الحكومة ! .
بعدَ أن يأسَ إدريس ، من تكوين علاقة مع عزيزة ، بل وفشله حتى في تقبيلها أو إقناعها في قبول ، بعض الهدايا البسيطة ، كَفَ أخيراً عن ملاحقتِها . وبدلاً من ذلك ، وإنسياقاً وراءَ خباثتهِ الموروثة ، فأنهُ لجأ الى تشويه سُمعتِها ، وترويج الإشاعات ، حول علاقة عزيزة ببعض الشباب في المحلة ولا سيما من الجيران .. وإدعى أنه طالما ، نصحها بالإبتعاد عن هذه الأفعال ، لكنها لم تستمع إلى نصائحهِ ! . ولأن عم عزيزة وأخوالها ، كانوا منشغلين كُلٌ بمشاكله الخاصة ، ولأن أبوها وأخوها الكبير ، كانا غائبَين ، فأن إدريسَ نجحَ ، بجعل بعض الألسُن ، تلوك سُمعة عزيزة .
في صيف 1964 ، عُقدت هُدنة ، بين الحركة الكردية ، والحكومة العراقية في عهد عبد السلام عارف ، وجرتْ بينهما مفاوضات ، إستمرتْ عدة أشهُر . خلال هذه الفترة ، عاد قاهر مريولا ، والد عزيزة ، الى العُمادية .. وكانتْ بعض الأخبار قد وصلتْ الى مسامعهِ قبلَ أيام ، عما يتحدث بهِ الناس عن إبنتهِ .. فما أن وصلَ الى منزلهِ .. وكانتْ عزيزة في تلك اللحظة ، تجني التُكي من على الشجرة الكبيرة وسط الحوش .. فوّجهَ اليها بندقيتهُ البرنو ، وأرداها قتيلةً في الحال ! .
نُقِلَتْ جثة عزيزة بسيارة إسعاف ، الى الطُب العدلي في الموصل ، وتَبّين أنها عذراء ! .
كانت تلك من الأحداث النادرة في العُمادية .. وذهبتْ عزيزة الجميلة ، ضحية بريئة ، لإنسياق الأب وراء حمية التقاليد وغسل الشرف المزعوم ، من دون رَوِية وبلا أي تحقيقٍ .
في ذلك الوقت ، لو علم قاهر مريولا ، بأن إدريس البيطار ، هو مَنْ لَفقَ التُهَم ضد إبنتهِ عزيزة ، لكانَ قتلهُ رُبَما ، أو على الأقل ، سّببَ له عاهةً مُستديمة !.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كانت فاجعة
حسن الكوردي ( 2015 / 8 / 25 - 14:20 )
تحياتي أستاذ أمين . رحمةُ الله عليها كانت فتات جميلة وذكية ومرحة والبسمة ماكانت تفارق وجهها البريء وأينما كانت تحضر كان يحضر معها البراءة والفرح والمرح ذهبت ضحية رجعية والدها ومن دخلو الشكوك في رأسه وبالرغم من ثبوت عذريتها وعفتها وطهارتها إلآ أن والدها وبعض الرجعيين من العمادية لَم يقبلو أن تدفن هذه البريئة في مقبرة العمادية ودفنت في ( كَركَي غريبا ) أي تل الغرباء ولم يكون لها شاهده على قبرها . ولا زلنا نرضخ تحت ضلم هذه الرجعية . ولم يكن اسمها عزيزة ولاكن فليكن لأن أهل العمادية يتذكرونها . وشكرا لك ذكرتنا على أكبر فاجعه في حينها


2 - تكملة
حسن الكوردي ( 2015 / 8 / 25 - 14:43 )
تحياتي ثانية . ولايزال ادريس وأمثاله يعملون وبطرق أكثر خبثاً ودنائتاً. !؟ وشكراً


3 - هناك المزيد من امثال ادريس
صباح كنجي ( 2015 / 8 / 26 - 09:44 )
في سنجار زمن البعث كان هناك الكثيرون ممن يكتبون التقارير للامن وبقية اجهزة القمع وكان احد انصارنا البواسل الذي التحق معنا منذ البداية خليل ابو شوارب احد ضحايا هؤلاء السفلة من كتاب التقارير الذين تخصصوا بخلق وتلفيق الاكاذيب عن حركة ابو شوارب وقدومه وخروجه من سنجار ومن ثم قيامه بكافة النشاطات المعادية للبعث في حينها وبعد سقوط النظام قرأ الناس جزء من هذه التقارير الكاذبة التي كان كتبتها يقبضون الثمن والانكى منها ان صاحبنا المناضل خليل الذي تمكن من زيارة اهله بعد سقوط النظام في الاجواء الجديدة اكتشف ان ذات المخبرين ما زالوا يلاحقونه ويتتبعون اخباره وقد استغلوا زيارته لسنجار لتدبيج العشرات من التقارير التي كتبت عن تصريحاته واحاديثه في تلك الزيارة بعد السقوط لكن الغريب في الامر انهم تناسوا وهم يقدموها لممثل الحزب الديمقراطي الكردستاني ومسؤوله الذي كان بيشمركة ومن اصدقاء ابو شوارب في الجبل ويعرفه جيدا ليقول لصديق له انظر هؤلاء كانوا من كتبة التقارير للامن في زمن البعث وما زالوا يلاحقون خليل لليوم ووضع بين يديه نتفا من تقاريرهم المخزية ..
صباح كنجي

اخر الافلام

.. اتكلم عربي.. إزاي أحفز ابنى لتعلم اللغة العربية لو في مدرسة


.. الفنان أحمد شاكر: كنت مديرا للمسرح القومى فكانت النتيجة .. إ




.. حب الفنان الفلسطيني كامل الباشا للسينما المصرية.. ورأيه في أ


.. فنان بولندي يتضامن مع فلسطين من أمام أحد معسكرات الاعتقال ال




.. عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ