الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخوف على الضفة الغربية

عماد صلاح الدين

2015 / 8 / 25
الارهاب, الحرب والسلام



الكل يعرف طبيعة المشروع الصهيوني في فلسطين، بما فيهم رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية السيد الرئيس محمود عباس أبو مازن، وهو رجل سياسة ضليع ومتمرس، ولو مؤلفات قيمة ومهمة عن طبيعة المشروع الصهيوني ودولة إسرائيل ومدى خطورتهما.

وطبيعة المشروع الصهيوني، كحركة استعمارية في الرؤية والممارسة، هي انعكاس مئة بالمئة للمشروع الاستعماري الغربي في المنطقة العربية، سواء على عهد النفوذ البريطاني وفرنسا، أو حتى في العهود الفاشية والنازية الغربية البائدة، إلى أن تسلم راية هذا المشروع الولايات المتحدة الأمريكية، وكما هو معروف أيضا أن المشروع الصهيوني ذاتيا، وبموافقة مطلقة غربية أمريكية، يراد له السيطرة على كامل ارض فلسطين من بحرها إلى نهرها، بما فيها أراضي الضفة الغربية، باعتبار الأخيرة مجال كيان دولة إسرائيل الحيوي، خصوصا في تجمعات الاستيطان الكبرى، وفي الأغوار وفي المناطق القريبة من الساحل الفلسطيني في الداخل المحتل كمدن قلقيلية وطولكرم وغيرهما.

منذ عشرين عاما من الاتفاق في أوسلو، والمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وإسرائيل تصر على تقسيم المناطق الفلسطينية إلى مناطق ا،ب،ج، وهي عمليا تسيطر على معظم أراضي الضفة الغربية، وما تبقى من أراض تحت السيطرة الفلسطينية، فهي مناطق مكتظة بالسكان، ومقسمة بطريقة عشوائية، لا تواصل بينها، تقطع أوصالها المستوطنات، وطرقها الالتفافية .

يذكر الجميع تاريخيا، كيف أن العصابات الصهيونية الهاغاناة وشتيرن والأرغون، كانت تحاول جاهدة السيطرة على كامل الضفة الغربية وكامل القدس، هذا على الرغم من شبه الاتفاق ما بين قيادة الحركة الصهيونية، قبل حرب عام 48 وأثناءها، و الملك عبد الله الأول ملك الأردن على ترك الضفة الغربية للهاشميين، مقابل عدم دخول ودفاع الجيش العربي الأردني بقيادة جلوب باشا الانجليزي عن المناطق المخصصة للدولة الفلسطينية، بموجب قرار التقسيم رقم 181 لسنة 1947. الأمر الذي تحقق لإسرائيل بالسيطرة النهائية على الضفة الغربية عقب هزيمة حزيران عام 1967.

إن العقيدة والممارسة الصهيونية، تقوم على مبدأ السيطرة على الأرض واستيطانها، كما هو جار في الضفة الغربية، ولم يتوقف عمليا منذ أوسلو عام 1993 وقبل أوسلو وحتى اليوم، وكذلك على مبدأ الإزاحة السكانية عن الأرض سواء بالمجازر والإبادات الجماعية، كما حدث في أكثر من مجزرة قبل عام 48 وبعده في دير ياسين والطنطورة وقبية ويافا وحيفا وعكا وغزة وغيرها، أو بالإزاحة عن طريق الترحيل القسري إلى بلدان أخرى قريبة وبعيدة، سيما بلدان الجوار العربي.

قامت أمريكا ودول أوروبية، وبتشجيع من بعض دول الإقليم العربي، بتوريط رئيس السلطة الفلسطينية الحالي السيد محمود عباس وقيادات فصائلية فلسطينية سيما حماس والجبهة الشعبية والديمقراطية عام 2005، في الانخراط لأجل التوصل إلى تهدئة في القاهرة وإعلانها من طرف واحد فلسطيني، ومن ثم إجراء انتخابات محلية وتشريعية لمؤسسات السلطة الفلسطينية. رفضت حركة حماس عام 2005 المشاركة في انتخابات الرئاسة الفلسطينية، إلا أنها تورطت ومعها أبو مازن في المشاركة بانتخابات المجلس التشريعي للسلطة الفلسطينية، وكان رئيس وزراء الحكومة الإسرائيلية اريئيل شارون عام 2005 قد اتخذ خطوة تكتيكية ذكية للالتفاف على عملية السلام مع الفلسطينيين بالانسحاب أحاديا من قطاع غزة، هذا على رغم كل الضغوط التي شكلتها المقاومة الفلسطينية على مستوطنات إسرائيل في غزة، في فترة انتفاضة الأقصى.

إن الرؤية المدققة في الخطوات الإسرائيلية منذ عام 2005 وحتى هذه اللحظة كانت على النحو والمؤديات التالية:
1- انسحاب إسرائيل من قطاع غزة عام 2005.

2- إجراء انتخابات رئاسية، كانت إسرائيل وأمريكا والأوروبيون لا يمانعون مشاركة حماس فيها.


3- إجراء انتخابات تشريعية، وجزئيا انتخابات محلية وبلدية عام 2006، وحماس شاركت في تلك الانتخابات.

4- وقوع الخلاف من بين السلطة وفتح من جهة وحركة حماس من جهة أخرى في جزأين؛ الأول في عدم تقبل قيادة السلطة وحركة فتح بسيطرة حماس على المؤسسة التشريعية وعلى الحكومة الفلسطينية، والثاني يتمثل في صراع فرض الرؤية السياسية سواء من حماس أو من فتح على المشروع الوطني الفلسطيني.


5- وقوع الانقسام والقطيعة الفلسطينية الفلسطينية بحكم أن كلا من حماس وفتح تشكلان الغالبية العظمى في التأييد الشعبي المؤطر حزبيا على الأقل في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67.

6- هذا الانقسام والقطيعة الداخلية تحول إلى مرض مستعص على الساحة الفلسطينية. وطبيعي أن يكون حاله كذلك في نمط وواقع مجتمع يعاني من الاحتلال والفقر والمرض والعصبوية والجهل بمعنى الوعي وليس بالمعنى التعليمي التقليدي.

ولهذا فشلت، حتى لحظة كتابة هذه السطور، عمليا كل محاولات رأب الصدع والقضاء على مشكلة الانقسام ما بين فتح وحماس.

7- بالانقسام أصبحت غزة محاصرة بشكل مطبق وأصبحت كذلك عرضة في كل وقت ومناسبة لشن حروب إسرائيلية مدمرة عليها في أعوام 2006.... 2007 ...2008....2008....2009.... 2012...2014. وأصبحت الحياة في قطاع غزة صعبة ولا تطاق، على رغم بسالة وإبداع المقاومة فيها.

8- تم الاستفراد بالضفة الغربية منذ عام 2008 وحتى اليوم، فتوسع فيها النشاط الاستيطاني والاقتحامات والاستهداف المتكرر للمسجد الأقصى، وازدياد النشاط الاستيطاني في مدينة القدس، سيما في الجزء الشرقي منها، ومن جهة أخرى تم العمل على تمييع الشخصية الوطنية الفلسطينية للمواطن في الضفة الغربية وخلق هموم خاصة له على حساب الهم الوطني والعام، من خلال إغراقه بالحالة الاستهلاكية التي لا يمكن أن تناسب دولا عادية بل وناهضة كدول مجموعة البريكس روسيا والبرازيل والهند والصين وجنوب أفريقيا ، وذلك من خلال مشاريع دولية يتولاها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي سواء كان ذلك برضا السلطة الفلسطينية أو عدم رضاها. لمحنا ذلك كمراقبين في أثناء الحرب الأخيرة على غزة عام 2014، حيث كان الناس في الضفة الغربية ينظرون إلى ما يجري في قطاع غزة وكأنه في دولة أخرى كالعراق أيام التعاطف معها، حين كان يطلق منها صواريخ سكود روسية الصنع باتجاه المدن الإسرائيلية أعوام 1990-1991.


9- إن الذي جرى ويجري منذ عام 2005 وحتى اليوم هو مخطط إسرائيلي وبرعاية أمريكية وغربية، تورط الفلسطينيون على مختلف أطيافهم وأحزابهم السياسية في الوقوع في شركه، بحيث أدى ويؤدي في النهاية وعلى المستوى الاستراتيجي إلى ما يلي:

1- فقدان الصلابة والهوية الوطنية في الضفة الغربية؛ بحيث يكونون مهيأين نفسيا واجتماعيا للتعرض لموجات من الترحيل والهجرة القسرية، في حال هجوم عسكري ميليشياوي استيطاني على مدن الضفة الغربية، خصوصا المواقع الحيوية والإستراتيجية المهمة والقريبة من المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1948؛ حيث منذ سنوات تروج إسرائيل لفكرة انتفاضة المستوطنين ودولة المستوطنين وما إلى ذلك من ترويج سياسي وإعلامي، لتتنصل وقت تنفيذ مخططاتها الاستعمارية وفي المستقبل من أي مسؤولية عن جرائم ومجازر طرد المستوطنين للفلسطينيين من أراضيهم ومساكنهم في الضفة الغربية، وليحال الموضوع كما هي العادة إلى هيئة الأمم المتحدة على غرار ما جرى أعوام 48، 67.

وهنا يفهم المتابع مفردة تمييع الفلسطيني بالقيم الاستهلاكية في الضفة الغربية ليفقد كل توازن في الصمود و في عدم الرحيل والفرار.
2- أن تؤدي مجمل الأوضاع القائمة في قطاع غزة سواء بسبب الحصار المطبق أو بسبب التدمير الهائل والمتواصل الذي سببته الحروب الإسرائيلية على غزة إلى انفجار السكان ذاتيا ومن ثم الثورة على حكم حركة حماس فيه، ومن ثم ليجري إلحاق غزة بالحكم المصري مؤقتا لتحين الفرصة الإسرائيلية مستقبلا وضمن اعتذارية بعينها للسيطرة على غزة وتهجير أهلها إلى سيناء ورفح المصرية، ولن يتم إلحاق غزة كما يتوهم البعض إلى حكم السلطة في الضفة الغربية، فإسرائيل تريد كامل فلسطين خالية من أهلها، ولا تريد تحقق أي كيانية سياسية للفلسطينيين سواء كانت على شكل حكم ذاتي أو شبه دولة، وهي حينما قبلت بالحكم الذاتي للفلسطينيين في أوسلو كان ذلك من باب التكتيك السياسي لأجل تمرير كامل مشروعها على كامل ارض فلسطين.

3- أو أن تؤدي هذه الظروف أعلاه في حال لم ينجح سيناريو إسقاط حكم حماس بالانفجار السكاني في وجهها في غزة، إلى قبول حماس وعموم المقاومة الفلسطينية هناك باشتراطات إسرائيلية عبر مفاوضات غير مباشرة تقوم على تكبيل المقاومة مقابل السماح بترفيه السكان استهلاكيا بعد رفع الحصار عن القطاع، ليجري هناك ما جرى ويجري في الضفة الغربية.


وبالتالي ليجري الاتفاق لاحقا بعد تدبر أمر المقاومة في غزة، وضمن مخطط إسرائيلي وربما إقليمي عربي لإسقاطها، على إلحاق غزة بالحكم المصري إلى حين تحين الفرص المواتية للعودة الإسرائيلية إليه مستقبلا، خصوصا بعد أن جربت إسرائيل فداحة الثمن لانسحابها من غزة أحاديا عام 2005، وان كان ذلك الانسحاب ضمن خطة إسرائيلية محكمة ومخادعة للفلسطينيين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ


.. مسيرة تجوب شوارع العاصمة البريطانية لندن تطالب بوقف بيع الأس




.. تشييع جثمان مقاوم فلسطيني قتل في غارة إسرائيلية على مخيم جني


.. بثلاث رصاصات.. أخ يقتل شقيقته في جريمة بشعة تهز #العراق #سوش




.. الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إنسانية عبر الرصيف ا