الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هجرة الكفاءات العربية (نزيف العقول)

خالد السيد حسن

2015 / 8 / 25
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


هجرة الكفاءات العربية (نزيف العقول)
عادة مايثار مصطلح هجرة الكفاءات أو نزيف العقول مع كل إنعقاد لمؤتمر للمصريين بالخارج، ولقد أحيي المؤتمر العام التاسع للمصريين بالخارج بمدينة الاقصر هذه التسأولات من جديد ولذا وجدنا لزاماً علينا كمتخصصين في الدراسات السكانية بصفة عامة والهجرة بصفة خاصة الخوض في هذا الموضوع بشي من التفصيل المبسط الغير مخلز
هجرة الكفاءات أو نزيف العقول هي ظاهرة وقضية طرحت نفسها في العديد من الدول النامية منذ بداية ستينيات القرن الماضي واخذت في التفاقم في حقبة السبعينيات. نزيف العقول هو مصطلح يطلق على هجرة العاملين ذوي المهارات العلمية والكفاءات العالية من الدول النامية إلى الدول المتقدمة، وعليه فإن نزيف العقول العربية هو الحركة البشرية العابرة للحدود من ذوي المهارات المميزة والكفاءات العالية من العالم العربي إلى خارجه.
بداية لا بد لنا من التعرض بالشرح والتوضيح لإشكالية هامة وهي، هل هجرة الكفاءات هو نزيف عقول أم فرص تنموية. مما لا شك فيه أن الهجرة الاختيارية لبعض من أفراد المجتمع بحثا عن فرص أفضل للحياة والرزق هي ظاهرة طبيعية وتتفق تماما مع ديناميكية السكان وربما يكون لها فائدة في تبادل الخبرات وتوسيع الخيارات أمام البشر والاطلاع على الثقافات والحضارات الأخرى وبالتالي يمكن أن يكون لها مردوداً إيجابيا على المهاجر والموطن الذي خرج منه، ولكن عندما تتحول الظاهرة من الفردية الي المجتمعية وتوثر بشكل سلبي علي توازن المهن والكفاءات والمهارات بالمجتمع وتتسبب في نقص الكفاءات المتميزة والقادرة على إحداث التغييرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية المرغوبة بالمجتمع فإنها لأيمكن أن توصف بانها فرصة ولكنها تعتبر في حقيقة الأمر "نزيفاً" للكفاءات لا يعوضة ما يمكن ان يتحقق من تحويلات مالية للمغتربين. وانما في حقيقة الأمر فإن هذا النزيف إنما يمثل هدراً للقدرات الابداعية وتعطيل لحركة النمو والتطور للمجتمع على الرغم من التوسع في التعليم بمستوياته المختلفة والرقي بمستوى الخدمات الاجتماعية والاقتصادية الاخري إلا أن التحولات الاقتصادية والاجتماعية التنموية الحقيقية تكون محدودة للغاية وهذا ما يمكن كلاحظته بوضوح على مدى العشرين أو الثلاثين عاماً الماضية.
تشير الإحصاءات المأخوذة من التقرير الثاني لإدارة السياسات السكانية والهجرة بجامعة الدول العربية، 2008 وكذا التقارير الصادرة عن منظمة العمل العربية واليونسكو وبعض المنظمات الدولية والإقليمية الأخري المهتمة بهذه الظاهرة إلى الحقائق التالية:
- يساهم الوطن العربية بثلث هجرة الكفاءات من البلدان النامية.
- 50 % من الأطباء و23% من المهندسين و15% من العلماء من مجموع الكفاءات العربية المتخرجة يهاجرون متوجهين إلى أوروبا والولايات المتحدة وكندا بوجه خاص.
- يشكل الأطباء العرب العاملون في بريطانيا حوالي 34% من مجموع الأطباء العاملين فيها.
- الاطباء والاكاديمين التعليمين هم التخصصات الأكثر هجرة من المنطقة العربية إلى الغرب. بلغت نسبة الأطباء العرب المهاجرين إلى دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية 18,2% وهي أعلى نسبة أذا ما قورنت بمثياتها من المناطق الأخري (الصين او الهند).
- 54% من الطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج لا يعودون إلى بلدانهم.
- 75% من المهاجرين العرب من ذوي المهارات والكفاءات العلمية يتوجهون إلي ثلاث دول غربية غنية وهي الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا.
- قدرت خسائر الدول العربية من جراء هجرة الأدمغة العربية بنحو 11 مليار دولار في عقد السبعينات من القرن الماضي.
- تضاعف عدد والمعدل السنوي لنزيف العقول العربية المتجهة إلى بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية منذ عام 1980 إلى عام 2000، حيث ازداد العدد من 452 ألف مهاجر إلى 854 ألفا وارتفع المعدل السنوي لهذا النزيف من 4,5% إلى 8,9%.
- مصر ولبنان والمغرب والعراق وسوريا وتونس هي الدول العربية الأكثر فقداً للكفاءات وتشكل مجتمعة نحو 75% من الكفاءات المهاجرة من العالم العربي.
- دول المغرب العربي هي الأكثر تصديرا للعقول العربية وعادة ما تتجه تيارات هجرة الكفاءات من هذة الدول إلى أوروبا وخاصة فرنسا، بينما تتجة تيارات هجرة الكفاءات من مصر وشرق المتوسط ألي انجلترا وأمريكا. وبصفة عامة تعد الولايات المتحدة وأوروبا الوجهة الأولى لهجرة العقول العربية بصفة عامة بينما تأتي كندا وأستراليا ونيوزيلاند في المرتبة الثانية.
- يفوق عدد الكفاءات العربية في المهجر مثيلها من الكفاءات الصينية والهندية.
تتمثل اهم العوامل الطاردة للكفاءات العربية في تدني مستوى الدخول وإرتفاع معدلات البطالة في مجتمعاتهم وإنخفاض ميزانية البحث العلمي التي تحد من طموحاتهم البحثية والعلمية، كما تلعب الأوضاع السياسية المتردية والضغوط الاقتصادية والحروب الأهلية والنزاعات العرقية والقبلية في الكثير من البلدان العربية دوراً هاماً في تزايد النزعة لدي الكثير من الكفاءات العربية للهجرة. إن ما يخصص سنوياً للبحث العلمي في البلاد العربية يبلغ في المتوسط نحو0,2% من الناتج المحلي الإجمالي في مقابل مابين 3% -4% من الناتج المحلي الإجمالي في الدول الصناعية، هذا مع الأخذ في الاعتبار الفارق الكبير في حجم الناتج المحلي الاجمالي بين دول المجموعتين.
ومما يدعو للدهشة في موضوع نزيف العقول العربية أن معظم الدول العربية الطاردة للكفاءات تري في التزايد المستمر لحجم التحويلات النقدية لمهاجريها عوضاً عن خسارتها البشرية. وأن نزيف العقول العربية لخارج الوطن العربي عادة مايقابل باستيراد الخبراء الأجانب بعقود باهظة وخاصة من قبل دول الخليج العربي والتي غالباً ما تسعي وراء الخبراء والكفاءات الغربية علي الرغم من عظم التكلفة واختلاف اللغة والعادات والتقاليد وعدم الالمام التام بالظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية للمنطقة العربية ومنطقة الخليج بصفة خاصة وعزوفها عن إبرام مثل هذه العقود مع من يتوفر لديهم نفس المستوي من الخبرات والكفاءات من الخبراء والكفاءات العربية.
إن الاستراتيجية الفعالة للإستفادة الواقعية من العقول المهاجرة لا تعني العودة بها الى أوطانها وإنما استثمار هذه العقول في اماكن وجودها بالخارج.وفي هذا المجال يمكن الاستفادة من تجارب بعض الدول التي سبقتنا وحققت نجاحات ملحوظة في هذا الشأن مثل الهند والتي بدأت تجربتها في الاستفادة واستثمار العقول والطاقات الهندية المبدعة منذ ثمانينات القرن الماضي في اماكن عملهم في الدول الصناعية.
وتتمثل آليات الاستفادة الممكنة من الكفاءات العربية المهاجرة في ثلاث برامج اساسية كالتالي:
- ربط الكفاءات المهاجرة بالجامعات ومراكز البحث والمنشآت الصناعية في الوطن الأم لتقديم المساعدة والنصح والمشورات العلمية والفنية والتكنولوجية لمشاريع معينة.
- إيجاد قنوات وجسور للتواصل بين علماء المهجر وبلدانهم وذلك من خلال دعوتهم الدائمة وضمان مشاركتهم الفعالة في اللقاءات الدورية والمؤتمرات العلمية وورش العمل وندوات النقاش والمحاضرات التقنية، بما يخدم تبادل الأراء والخبرات بين علماء المهجر وعلماء الداخل من ناحية، و تواصل الاجيال من خلال التواصل و نقل الخبرات من علماء المهجر للاجيال الجديدة من الباحثين الشباب في الوطن الام بما يساعد في خلق اللبنات الاساسية لمتطلبات واحتياجات التنمية في الوطن الأم . كما تمكن مثل هذه اللقاءات من التعرف على آخر التطورات العلمية والتقنية في المجالات المختلفة .
- تفعيل دور الكفاءات والعقول المهاجرة في نقل التكنولوجيا إلي مختلف المجالات الانتاجية والخدمية بما يتفق مع ظروف وامكانيات واحتياجات الوطن الأم، حيث أنهم هم الأكثر معرفة بتلك الظروف وباتالي هم الأكثر قدرة على تحديد المناسب منها.
هذا وتتمثل أهم الاصلاحات الداخلية المطلوبة لوقف نزيف العقول العربية في:
- توفير مستوى تنافسي افضل من المرتبات والمزايا المادية والعينية للكفاءات العلمية مقارنا بما قد يقدم أو يمنح له في حالة الهجرة للخارج.
- زيادة الموارد المالية للبحث العلمي وتوفير الأجهزة والمعدات المختبرية المتطورة لتحقيق طموحات ورغبات العلماء والباحثين.
- تأسيس اكاديميات للعلوم وتحسين طرق التعليم للمساهمة في تطوير المهارات وعملية الخلق والابداع عند الطلاب، لتعويض الكفاءات المهاجرة بكفاءات اخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات دفاعية في أوكرانيا تحسبا لهجوم روسي واسع النطاق


.. مدير وكالة المخابرات الأميركية في القاهرة لتحريك ملف محادثات




.. أمريكا.. مظاهرة خارج جامعة The New School في نيويورك لدعم ال


.. إطلاق نار خلال تمشيط قوات الاحتلال محيط المنزل المحاصر في طو




.. الصحفيون في قطاع غزة.. شهود على الحرب وضحايا لها