الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغرب والاسلام السياسي بمواجهة الجماهير

عصام شكري

2005 / 10 / 18
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


سبق وان اكدنا بان البرجوازية في العراق عاجزة عن الاتيان بالبديل العلماني وتحقيق المجتمع المدني والعلمانية في العراق.

البرجوازية العالمية تتحالف وتدعم قوى البرجوازية المحلية (الاسلام السياسي والشراذم القومية العشائرية) لحاجتها لها. انها تدعم مطالب تلك الطبقة وشروط ترسيخ قواها في السلطة بظل الظروف التي خلقتها امريكا في العراق. ورغم ما يبدو ظاهرا بان ذلك الدعم والاسناد هو تكتيك امريكي يهدف الى تحقيق "الاستقرار" في العراق واحراز نصر ما على شاشات الفضائيات، الا انه في الحقيقة ركيزة اساسية لمنهج البرجوازية الغربية وامريكا تحديداً تجاه حركات الاسلام السياسي الموالية لها سواء في العراق او افغانستان اوايران ودول اخرى.

ان تصريحات زلماي خليل زاد السفير الامريكي في بغداد حول ضرورة ان يكون الاسلام "مصدرا اساسيا" في القانون تختزل بعمومية هذا الميل الامريكي - الغربي. كما ان الدور الذي لعبه زاد في اقناع شيوخ الاسلام المعترضين على مسودة الدستور تبين اهمية الدور الذي تمنحه امريكا لقوى الاسلام السياسي من كل الاطياف والالوان السوداء في العراق. خارج العراق تبدو اوربا وبحكم علاقاتها السياسية الاكثر توافقا مع احد اكبر اقطاب الاسلام السياسي في المنطقة اي الجمهورية الاسلامية الايرانية اكثر قدرة على التعبير عن ذلك النهج. ورغم تصاعد حدة الخلافات بين امريكا وايران حول البرنامج النووي لايران فان الغرب يفضل التساوم والمهادنة مع ذلك النظام خصوصا انه يخشى ان يؤدي الصدام العسكري الى احداث تخلخل يؤدي الى صعود اليسار والحركة الشيوعية العمالية والعمال الى السلطة (على عكس العراق) نتيجة المد الثوري الحالي في ايران والنقمة الجماهيرية العارمة تجاه النظام الاسلامي على خلاف ما جرى في 1979. تصريحات جاك سترو وزير خارجية بريطانيا تؤكد هذا المنحى بالرغم من ان الغرب يعرف جيدت بان النظام الاسلامي ينفق حالياً الملايين من الدولارات على تطوير برنامجه النووي. ومن جهة اخرى فان الاحصاءات تشير الى تضاعف حجم التبادل التجاري بين اوروبا وايران ثلاثة اضعاف بين العام 2000-2005 رغم ازدياد دموية النظام اسلامي وارتفاع عمليات الاعدام ضد المخالفين السياسيين والعمال والنساء الى الضعف خلال نفس تلك الفترة.

ان الاحداث في العراق وخاصة ماحدث مؤخرا من قتال بين عصابات الاسلاميين والقوات البريطانية في مدينة البصرة تبين بان التوتر كان محكوما بصدام بين اجهزة مخابرات اقليمية ودولية. الا ان جماهير البصرة تعرف بان الصراع المحتدم بين قوى الاسلام السياسي التابعة لايران والمخابرات البريطانية لا يعدو ان يكون خلاف طارئ. ان الجماهير تتساءل: لم لم تنبس الصحافة الغربية بحرف او كلمة نقد تجاه تلك الشراذم الاسلامية التي حولت البصرة الى مرتع للاسلاميين ولعصابات اطلاعات الايرانية والتي ابدلت صور صدام بصور الخميني وخامنئي ورهط المعممين اياه؟ لم لم يتحدث احد في الصحافة والاعلام الغربي عن اعتداءات الاسلاميين على مجموعة من طلبة وطالبات كلية الهندسة المحتفلين بالتخرج وقتل احد الطلبة والاعتداء على الطالبات وضربهن؟ لم لم يتحدث احد عن مضايقة قوات بدر وجماعات الصدر للفتيات الصغيرات وارجاعهن الى البيوت واكراههن على ارتداء الحجاب الاسلامي؟ لم لم تتحدث وسائل الاعلام عن جرائم قوات بدر والمجلس الاعلى وعصابات الصدر ضد النساء ورمي الاحماض عليهن في وضح النهار وقتلهن ورميهن على جوانب الطرق؟ لم تسكت الصحافة الغربية على تحول البصرة اعلمانية الى محافظة تحكمها عصابات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر سيئة الصيت؟ امتلأت مدن العراق برايات الاسلاميين وصارت الجمهورية الاسلامية الايرانية تجند عملاءها لكي يسيطروا على كل مرافق الدولة في مدن الجنوب حتى انها باتت تستورد اعوانها الاسلاميين العاطلين عن العمل من خارج حدود العراق وتحديدا من لبنان حيث استجلبتهم واسكنتهم في ابنية رفاقهم الاسلاميين. بالامكان رؤية اعلام حزب الله اللبناني الصفراء ترفرف من على مباني المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق. لم لم يحرك البريطانيون ساكنا الى حد اليوم؟؟.

ان سياسة احتضان الحكومات الغربية للاسلام السياسي وقواه الرجعية والبربرية في العراق رغم انف الجماهير العلمانية والمتمدنة تهدف في التحليل الاخير الى تسهيل تحقيق الهيمنة السياسية للغرب وخصوصا امريكا على المنطقة. ذلك يأتي من خلال تفتيت المجتمع المدني ومحاربة العلمانية وتحويل المجتمع الى ساحة صراع اثني ومذهبي وديني تظطرم فيه الاحقاد ويعاد تعريف كامل المجتمع على اسس لفظتها البشرية منذ قرون طويلة. ان ابقاء المجتمع تحت سطوة الاسلاميين والقوى العشائرية والقوميين في العراق سيحقق لامريكا ابقاء اليسار وكل القوى الاشتراكية والشيوعية والثورية التحررية وكل النساء المتحررات والعلمانيين والعمال الراديكاليين تحت المراقبة الدقيقة وفي احسن الاحوال مختبئين في بيوتهم خوفاً من القتل وحز الرقاب. ان تسليط قوى الاسلام السياسي والرجعية المحلية والبدء بالتحضير لوضع المجتمع على حافة الاحتراب الداخلي الطائفي او المذهبي او الاثني هي خصيصة النظام العالمي الجديد. انها ليست منتجا عرضيا عفويا كما تحاول اجهزة دعاية امريكا والغرب الادعاء. تلك الاجهزة تكذب حينما تقول ان الاوضاع المزرية في العراق (السيناريو الاسود) ان هي الا مرحلة عابرة من مراحل تطور العملية السياسية نحو الديمقراطية. هذه المرحلة ستسحب المجتمع الى الخلف ولن تدفعه سنتيما واحدا الى الامام.

كلما تعالى صراخ امريكا بالديمقراطية وانهاء الدكتاتورية كلما عملت اكثر على مغازلة القوى الاكثر انحطاطا وعداء للانسانية في المجتمع وتسليطها على مقدراته. ان التدهور الذي يشهده العراق ومجتمعه على كل الاصعدة هو احد نتائج السياسة الامريكية. ان وضعهم لدستور اسلامي رجعي وعمل عشرات الاستفتاءات المزيفة عليه لن يثني الاشتراكيين والعمال والعلمانيين والنساء والطلبة على النضال من اجل العلمانية والمجتمع المدني الحر المتساوي.

ان القوى الاشتراكية والطبقة العاملة قادرة، على نقيض البرجوازية العاجزة—الا من وسائل الدمار والقتل والتحالف مع قوى الدين والرجعية- على بناء الدولة العلمانية الحديثة والمجتمع المدني.

ادعو الجماهير المحبة للحرية والتمدن للانخراط معنا لدحر مشروع الدولة الاسلامية الرجعي وتأسيس الدولة العلمانية — دولة الحرية والمساواة والرفاه لكل المواطنين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ??مجلس النواب الفرنسي يعلق عضوية نائب يساري لرفعه العلم الفل


.. الشرطة الإسرائيلية تفرق المتظاهرين بالقوة في تل أبيب




.. مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في تل أبيب وسط مطالبات بإسقاط


.. نقاش | كيف تنظر الفصائل الفلسطينية للمقترح الذي عرضه بايدن؟




.. نبيل بنعبد الله: انتخابات 2026 ستكون كارثية إذا لم يتم إصلاح