الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا نرفض الديمقراطية للاسلاميين و الأحزاب الاسلامية (في الرد على مقالة علاء الهويجل بتاريخ 2005 / 10 / 15)

ابراهيم القبطي

2005 / 10 / 18
ملف 15-10- 2005 الديمقراطية والاصلاح السياسي في العالم العربي


لا أعلم بالتحديد إن كان الكاتب المحترم علاء الهويجل لم يقرأ التاريخ الاسلامي ، أو من المحتمل لا يدرك المفهوم الكامل للديمقراطية ، ففي مقالته الموسومة "لماذا التخوف من وصول الاسلاميين الى سدة الحكم عن طريق صناديق الاقتراع" ، ترى نبرة البراءة و كأنما المثقفين هم أعداء الديمقراطية الذين يقفون بالمرصاد للتيار الاسلامي ، بل و أكد أن مثقفي العرب في حالة من غير النضج الديمقراطي لرفضهم وصول الاسلاميين للحكم ، حتى و إن كان عن صناديق الاقتراع. و الحقيقة أنه يعرض حقائق منقوصة لأحد سببين :
إما أنه لا يعرف ؟ و هذا ليس عذرا ليفتي فيما لا يعرف
أو أنه يعرف و لكنه يعرض أنصاف حقائق لباطل يريده في نفسه ، و هذا أنكى
و لتحديد الاسباب التي تجعلنا من الرافضين لأطروحته نقول:
أولا: من أساسيات الديمقراطية:
الديمقراطية تعني حكم الشعب Democracy ، حيث Demo مشتق الشعب ، و -cracy مشتق الحكم ، و حكم الشعب مباشرة لا يمكن تنفيذه عمليا ، مما جعل الانظمة و الشعوب الغربية عندما تحدت الحق الإلهي للملوك على مشارف عصر النهضة ، تبتكر فكرة الأحزاب السياسية و البرلمان ، لكي يستطيع الشعب بطريقة غير مباشرة عن طريق ممثليه في البرلمان أن يقوموا النظام الحاكم لما فيه من مصلحة العامة ، و أن يردوا طغيانه إذا طغى، و لعل من أهم المبادئ في هذه العملية الديمقراطية ، أن التعددية الحزبية و السياسية لابد من أن تكون مفتوحة ، و أن يكون للناس القدرة على تغيير الولاءات الحزبية دون أي مشكلة ، فهذا يسمح للأحزاب بالتنافس و القدرة على جذب المزيد من الاتباع ، و إذا لم يوف الحزب متطلبات الجماهير ، فلتتركه إلى حزب آخر.
و هذا ما لا يمكن أن يحدث في الأحزاب ذات الأيدولوجية الدينية ، فالانتماء الشعبي هنا ثابت و مبني على أساس الدين ، و لا يمكن تغييره طبقا للواقع السياسي ، وهذا ما يسبب الازمة الآن في العراق ، فالأحزاب هناك ذات أصول دينية أو عرقية ، و بالتالي كان انتماء الناس لها مبنى على أصول لا يمكن أن تتغير ، فالسني دائما سينتخب الحزب السني ، و الشيعي دائما سينتخب الحزب الشيعي ، و الكردي دائما سينتخب الحزب الكردي ، مهما كان فكر الحزب أو أطروحتة السياسية، و بالتالي فلا يمكن تغيير الولاءات إلا بتغيير العقيدة أو العرق ، و هذا مستحيل ، أو شبه مستحيل ، و بالتالي يصبح نجاح الحزب أو فشله مرتبط بعدد أتباعه من نفس العرق أو الدين ، و تصبح العملية الإنتخابية عملية تناسلية بحتة ، ويصبح الحزب قبيلة ، و بدلا من تعتمد على الفكرة الحزبية و مدى كفاءتها، تتحول إلى التعصب و الانتماء القبلي .
و هذا هو المتوقع من وصول أي حزب اسلامي الى الحكم ، فالناس ستختار الحزب ليس لأنه يملك أجندة سياسية واضحة تحقق مصالح الشعب ، بل لأنه اسلامي و هم مسلمون ، ولا سبيل لتغيير ذلك الانتماء الديني إلا بترك الدين. و هنا تختل الحياة السياسية تماما و تزول العملية الديمقراطية بأكملها ، و هو ما يحدث تدريجيا في العراق.
***
ثانيا: الاسلام = الشريعة الاسلامية
من أهم النقاط التي تجاهلها الكاتب ، هو أن الاسلام يختلف عن بقية الاديان في العالم ، في أنه يملك شريعة و قانون يدعي العصمة الإلهية ، و يريد الاسلاميون أن يطبقوه على العباد من المسلمين و غير المسلمين ، و المشاكل التي تحملها الشريعة لا تتفق و الديمقراطية ، فمن أهم الأهداف للديمقراطية هو القدرة على تعديل القوانين و الشرائع بما يتفق و مصلحة الشعب عبر نواب البرلمان ، و في حالة الشريعة الالهية فمن هو القادر على المساس بها ، أو الاقتراب ، أو التعديل . ومن المتوقع أن أى حزب اسلامي ، سوف يفرض الشريعة الاسلامية عودة للأصول ، و ما يتبع ذلك من السؤال المنطقي ، و ماذا عن غير المسلمين من أقليات دينية و عرقية؟ ثم هل يمكن أن نفتح فمنا لنقول أن هذا التشريع "الإلهي" يحتاج إلى تعديل؟ و ألا يجر هذا حرب أهلية كالتي على مشارفها العراق الآن.
***
ثالثا: لا ديمقراطية في الاسلام
الاسلام كعقيدة تملك تشريع إلهى مزعوم ، لا يمكن تغيره برفض أو موافقة الشعب ، و الحاكم الاسلامي على مر العصور منذ أيام محمد و حتى يومنا هذا يحكم بلا معارضة ، و إن وجدت المعارضة ، فمصيرها السجون أو القتل ، و للاسلاميين أسوة حسنة في رسول الاسلام الذي اغتال كل معارضيه من الشعراء ، فقتل كعب بن الأشرف (سيرة ابن هشام ج2: 56-58) ، وكما قتل سلام بن أبي الحقيق (سيرة ابن هشام ج2: 274-276) ، كذلك عندما اغتال أم قرفة السيدة المسنة (المغازي ج2: 564) ، فالمعارض للإسلاميين هو معارض لشرع الله و للاسلام ، و الحكم الاسلامي معروف في معارضي الله.
و لعل ورقة التين التي يستر بها الاسلاميون عريهم الديمقراطي هو مبدأ الشورى الاسلامية (آل عمران: 159، الشورى :38) ، و الذي لم تحدده الشريعة أو النص القرآني هو كم عدد المستشاريين ، وهل هم ممثلون للشعب أم هم من أولي الأمر ومن بطانة الخليفة ، بل و لم تذكر أن الخليفة أو الأمام يمكن أن يأخذ برأيهم أم أن رأيهم استشاري فقط ، ففي الغالب و من التاريخ الاسلامي ، هم كمثل مجلس الشورى المصري الحالى و الذي لا يملك القدرة التشريعية ، وفي الحالة الاسلامية ، ليس هناك دليل واحد على حكم ديقراطي مبني على أساس اسلامي من التاريخ أو الشريعة أو السنة أو القرآن.
مما سبق يتضح أن الديمقراطية فكرة علمانية لا يجوز فيها التحزب بالدين أو العرق ، و الاسلام دين لا يقبل التعددية ، فكيف يمكن أن تملك حرية الاختيار في حالة الحزب الواحد . إن الاسلاميين و الاسلام الذي يمثلونه لا يمكن ان يتفق و الديمقراطية ، و التاريخ يؤكد لنا أنهم ليسوا من أهل الثقة و إنما أهل تقية ، يظهرون الرغبة في ممارسة الديمقراطية طالما كانت هذه هي الوسيلة للوصول إلى الحكم ، و عند الوصول إلى الحكم فعلى الديمقراطية السلام.
أخيرا أؤكد للكاتب المحترم ، أن صناديق الاقتراع ليست هي الديمقراطية فقط ، فلابد من الحزب أن يكون مريدا لممارسة اللعبة السياسية بقوانين الديمقراطية إلى النهاية ، و في النهاية أختم مقالتي بسؤال و أترك لفطنته الأجابة ، ماذا بعد أن اكتشف الإيرانيون المستنيرون فساد الحكم الاسلامي؟ هل استطاعوا أن يزيلوه بصناديق الاقتراع ويأتوا بالبديل؟ وهل سيستطيع العراقيون في المستقبل أن يغيروا مقدراتهم عندما يفيقوا من خدر النعرة الاسلامية ؟ و يغيروا حكم الله إلى الحكم المدني؟ أشك في هذا .. فالتاريخ يؤكد لنا أنه إذا ما وصل الاسلام إلى الحكم فلن يزول إلا على يد طاغية جديد مثلما ما فعل كمال أتاتورك بقبضة حديدية في عام 1924م عندما أزال الخلافة الاسلامية .. و ياللعجب ، لم يستعمل صناديق الاقتراع . فلا تحمل عزيزي علاء (آسف على إزالة الالقاب) على عاتقك الدفاع عن الديمقراطية ، وتتهم العلمانيين باللاديمقراطية ، فما تشتهيه هو باطل و محاولة لتشويه حقيقتتين ، حقيقة الديمقراطية البيضاء و حقيقة الاسلام الدموية الحمراء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين أنستغرام والواقع.. هل براغ التشيكية باهرة الجمال حقا؟ |


.. ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 34388 منذ بدء الحرب




.. الحوثيون يهددون باستهداف كل المصالح الأميركية في المنطقة


.. انطلاق الاجتماع التشاوري العربي في الرياض لبحث تطورات حرب غز




.. مسيرة بالعاصمة اليونانية تضامنا مع غزة ودعما للطلبة في الجام