الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا ديمقراطية في غياب الثقة ..

احمد الطالبي

2015 / 8 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


وجود الإنتخابات في المغرب ، لا يؤشر على وجود ديمقراطية حقيقية بالمعنى المتعارف عليه فلسفيا و سياسيا ، ولا يشفع لها قدمها لكي تؤشر على ذلك ، وهذا راجع إلى عدة أعطاب مست مسلسل البناء الديمقراطي المزعوم ، و أفقدته الكثير من المعنى ، وربطت البلد برهانات و أجندات أبعد من أن تحقق للشعب المغربي كل طموحاته ، وتعزز أمله في المستقبل ، ويمكن إجمال هذه الأعطاب في ما يلي:

– الإستقلال الشكلي الذي أعقب مفاوضات – إكس ليبان – والذي تم بموجبه هدر كل تضحيات الحركة الوطنية ، وربط البلد بمصالح قوى خارجية ، وهذا ما دفع بالقائد الشهيد بنيركة إلى الحديث عن سلبية أنصاف الحلول في نقده للتجربة في كتاب الإختيار الثوري..

– – قمع وتصفية جيش التحرير بالجنوب في ما عرف آنذاك بعملية المكنسة عندما هم باستكمال تحريرالصحراء ، مما إدى إلى تعقيد المشكل ، واستنزاف جهود البلد اقتصاديا و سياسيا و عسكريا

– إغتيال القائد المهدي بنبركة ، بتواظؤ مع قوى أجنبية وصهيونية ، وهو بصدد التحضير لإنعقاد مؤتمر القارات الثلات..

– التآمر على الإتحاد الوطني للقوات الشعبية و إسقاط حكومة عبد الله إبراهيم التي كانت بصدد قيادة أوراش إصلاحية كبرى ، وهي الرسالة التي كانت واضحة حدد فيها المخزن وأدواته نوعية السياسة التي يريدها في البلد…

– قمع اليسار الجدري طيلة سنوات السبعينيات مما خلق جوا من الهلع و الرعب و الخوف لدى عموم الشعب المغربي الذي لم يكن يطالب سوى بالحد الأدنى من الحقوق..

– خلق كائنات سياسية مشبوهة ومدها بكل الإمكانيات من أجل تنزيل وتنفيذ استراتيجية المخزن لتشويه معنى الديمقراطية ، وهي الكائنات التي أطلقت عليها القوى الوطنية : الأحزاب الإدارية…

– إغتيال القائد السياسي عمر بن جلون من طرف قوى إرهبية متطرفة ورجعية بتحريض مخزني..

– إعتقال عبد الرحيم بوعبيد بعد رفضه موافقة النظام على إجراء استفتاء في الصحراء المغربية…

– قمع الحركة العمالية ومعها حلفاؤها قمعا شرسا في إضرابي20 يونيو 1981 و 14دجنبر 1990.، إحتجاجا على تصفية الأزمة على حساب الشعب بتطبيق مخطط مسار للتقويم الهيكلي…

– تفجير الإتحاد الإشتراكي من الداخل بتواظؤ مع التيارات الإنتهازية ، واعتقال جناحه الجدري آنذاك – حزب الطليعة – الآن…

– فرض الحضر العملي على الإتحاد الوطني لطلبة المغرب ، مدرسة الصمود و تكوين القيادات السياسية الشبابية ، و الأطر المناضلة المتشبعة بالفكر الثوري التحرري ..

، والتضييق على جماعته .. فرض الإقامة الجبرية على الشيخ عبد السلام ياسين –

– المناورة على المجتمع المدني بخلق ما كان يعرف لدى القوى المناضلة بجمعيات السهول و الهضاب .للحيلولة دون خلق مجتمع مدني حقيقي و ديناميكي ، مع توريط الجمعيات في معالجة مخلفات تراجع الدولة عن أداء دورها التنموي بعد سقوط جدار برلين وانفراط عقد دولة الرفاه ، تطبيقا لاختيارات ما بعد سقوط جدار برلين …

– إدماج المغرب في نظام النيوليبرالية المتوحشة فازدادت معدلات الفقر و ارتفعت مؤشرات الإقصاء الإجتماعي ، وتدهورت الخدمات الإجتماعية : تعليم ، صحة ، سكن

– مناورة ما سمي هيأة الإنصاف و المصالحة التي لم تجد توصياتها طريقا إلى التنزيل بما يضمن تأسيسا جديا لدولة الحريات و الحق و القانون….

– تتبخيس نضالات حركة 20 فبراير و الإلتفاف عليها بأكذوبة دستورية ، بتواطؤ مع حزب يدعي الصدق و النزاهة و محاربة الفساد و الإستبداد ، والدي قاد حملة تصفية ما تبقى من الحراك العشريني بدعوى استرجاع هيبة الدولة ، فما كان غير الإنتقام من العشرينيين و الزج بهم في السجون ، وما كان أيضا غير تطبيق توصيات صندوق النقد الدولي في أبشع صورها ، من إزدياد للغلاء و الفقر و سحق الطبقة الوسطى …

كل هذه الإجراءات وغيرها كثير ، تؤكد عدم جدية المخزن وقواه في التعبير عن الرغبة في بناء الديمقراطية بالبلد ، فكل هذه الإجراءات لم تكن سوى تعبيرا عن استراتيجية المخزن في قمع الأصوات الحقيقية المطالبة بالديمقراطية ، وهي أصوات الصف اليساري الوطني التقدمي الديمقراطي الذي ما زال متمسكا بشعار الملكية البرلمانية ، في الوقت الذي اختار البعض التطبيع مع المخزن منذ تجربة الإ تـحاد الإشتراكي ، إلى مهزلة البيجيدي ..

تقييم هذه المرحلة من تاريخ المغرب المعاصر ، يعكس جو اللاثقة الذي تجري فيه العمليات الإنتخابية وتعاقب الحكومات و المجالس ، بحيث يشعر المرء أن الإختيارات التي تتعاقب علينا هي هي لا تتغير و إن تغيرت الأحزاب ، وبدل أن تنتج العملية السياسية مناضلين و أطر متشبعة بالهم الوطني ، كما في أزمنة النضال الحقيقي ، أصبحت تنتج سماسرة..

ومع أن القاعدة الشعبية والشبابية الواعية بخطورة مناورات المخزن وشركائه القدماء و الجدد ، في اتساع مستمر فعليها يمكن الرهان لتشكيل قوة ضاغطة داخل الأحزاب والمجالس المنتخبة و في الشارع ، هذه القوة يجب أن تتشكل وتضغط في اتجاه ما يلي:

احترام ما ورد في الدستور بشأن حقوق الإنسان في بعدها الكوني و الشمولي ، ووضع تشريعات منسجمة مع هذا المبدأ تضمن الحقوق الفردية و الجماعية كما تضمن الحريات –
الضغط في اتجاه إقرار تشريعات تضمن استفادة جميع المواطنين من خيرات بلدهم -الضغط في اتجاه الحسم مع كل القوى الإنتهازية السياسية و النقابية ، التي لا تصطف إلى جانب مقهوري المغرب وو فقرائه و كادحيه
الضغط في اتجاه ترسيخ معنى الديمقراطية في بعدها السياسي و الفكري و الفلسفي بدل ترسيخ مفهموم مشوه يختزلها في أغلبية عددية ، مما يكرس الفهم الإستبدادي لها ، هذا الفهم الذي ليس من روحها في شيء…

و إذا كانت كل هذه الأفكار لا تتعارض و الروح الوطنية ، فإن الدولة مدعوة بدورها للتفاعل الجدي و الصادق و بشكل إيجابي و سريع مع المطالب الديمقراطية و الإجتماعية و الحقوقية و الثقافية للشعب المغربي ، بما يضمن بناء الثقة بين المجتمع و الدولة

و في اعتقادي فإن المطالب تلك يمكن تحقيقها في المزاوجة بين ضغطين متواززين ، الضغط من داخل المؤسسات عبر تكثيف المشاركة باختيار من هو قادر على النضال و الإرتباط العضوي بالناخبين و إبلاغ الصوت الحقيقي للشعب والجماهير مع عدم تزكية محترفي السمسرة ، والضغط من الخارج عبر أحزاب سياسية تعبر حقيقة عن حلم المواطنين ، وجمعيات المجتمع المدني التي يجب أن تعيد النظر في دورها وتعمل على بناء الإنسان وعيا وفكرا وثقافة ، وبذلك تخدم الحاضر و تؤسس المستقبل ، ويمكن كذلك الرهان على حركة نسائية بمضمون تحرري تقدمي ديمقراطي و حركة نقابية قوية نساهم جميعا في بنائها و تجديرها ، كما يجب على المثقفين الإضطلاع بمهامهم النقدية في إطار هيئات و اتحادات مستقلة تماما عن المخزن و متجدرة في المجتمع…

وكما طبيعة كل تفكير بشري ، تبقى هذه الأفكار مجرد راي نسبي ، لا يدعي امتلاك الحقيقة المطلقة ، فكل خطاب يدعي ذلك ، هو بالضرورة خطاب زائف..

و إلى أن يتحقق حلمنا جميعا ، والذي يجب أن ندافع عنه بمختلف التعبيرات المتاحة لنا وبمعية الشرفاء الصادقين في أفعالهم ونواياهم ،فللشعب المغربي و لقواه التقدمية الديمقراطية و الوطنية كل التحية وكل التقدير، هذه القوى التي قدمت شهداء و أمتلأت سجون المخزن بمناضليها من مختلف التلوينات ، عندما كان للنضال معنى ،حيث لم يجرأ الذين يتسلقون المناصب و يتهافتون عليها الآن ، لم يكونوا بقادرين على حل أفواههم ولو تثاؤبا ، واليوم يزعقون و يصرخون ملء أشداقهم لينطقوا سفاهة و ثفاهة من قبيل : ديالي لي كبير عليك..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا قال النائب الفرنسي الذي رفع العلم الفلسطيني في الجمعية


.. لا التحذيرات ولا القرارات ولا الاحتجاجات قادرة على وقف الهجو




.. تحديات وأمواج عاتية وأضرار.. شاهد ما حل بالرصيف العائم في غز


.. لجنة التاريخ والذاكرة الجزائرية الفرنسية تعقد اجتماعها الخام




.. إياد الفرا: الاعتبارات السياسية حاضرة في اجتياح رفح