الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطبيب الإنسان وليد عبد الحميد الهيتي

قحطان محمد صالح الهيتي

2015 / 8 / 27
سيرة ذاتية


كتبت في خاتمة بحثي الموسوم علم من مدينتي (عبد الحميد عبد المجيد الهيتي) المنشور في موقعي الفرعي بالحوار المتمدن بتاريخ 1 /12/2011 ما نصه "
ومثلما بقي خالدا في ذكره الطيب، معلما، ومربيا ونقابيا وشاعرا، بقي ذكره خالدا في أبناءه البررة لمدينة ابيهم، فقد كان وما زال ابنه البكر الدكتور وليد الهيتي علما من أعلام مدينة هيت، فما ذكرت هيت الا وذكر وليد وما ذكر وليد إلا وذكرت هيت. اليوم اعود، والعود أحمد لأكتب عن هذا الخلف لذلك السلف.

ولادته
ـــــــــــــــ
ولد وليد في مدينة هيت في يوم 14 / تموز / 1938 أي قبل يوم ثورة 14 / تموز / 1958 بعشرين عاما، وليس صدفة أن يُحبَ هذا الوليدُ تلك الثورة التي ناضل والده من أجلها. لقد خلد والده ذكرى ولادته شعرا بقصيدته (وليد) ومنها:
مــن بعـــد أمــر مقلـق وشـــديدِ
بُشـرتُ صبحاً في بزوغ "ولـيد"
-
اصبحت موصول الحياة به وقد
شُــدت حياتــي فـي وثاق حـديدِ
-
قـد كنت في الدنيا حميدا واحـدا
واليوم قد أصبحت ألف "حميد"
-
ولـذا هتفـتُ مع البشير مؤرخـاً
"بزغ الوليد وبان سطح خلودي"
-
ولما مشى وليد كتب الوالد قصيدة بعنوان (وليد يمشي) ومنها:
-
يا ارض لطفا بعض انتباه
الــى حديثــي ومــا اريــدُ
-
فانــــت لنـــــا ام حنـــون
وانــت خصــم لنــا لـدودٌ
-
يا ارض أقصى كـل اذاة
قــد قام يمشي فيـك ولـيدُ
-
قد قام يمشي وفيه رعش
كـان فيــه خــوف شــديدٌ
-
كأنمــا إذا يهـــم يمشـــي
قــد قيــدت رجليــه قيودٌ
-
فمرة يســتلقي وأخـــرى
يقـــوم حــــالا فيســتعيـدٌ
-
بـالله رفقــا بــه وكـــوني
لــه ذلــولا وبـــذا اريـــدُ

دراسته وعمله الوظيفي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دخل المدرسة الابتدائية في مدينة كبيسه في العام الدراسي 1943 / 1944 عندما كان والده معلما فيها، وبعد أن نقل والده مديرا لمدرسة دار السلام الابتدائية أكمل دراسته في الصفين الثاني والثالث في مدرسة هيت الابتدائية للبنين، ولما نقل والده الى الفلوجة في سنة 1948 أكمل دراسته في الصفين الرابع والخامس في مدرسة الفلوجة الأولى الابتدائية، وحين نقل والده الى بغداد واستقر بها في سنة 1950 أكمل دراسته الابتدائية في مدرسة المشاهدة في بغداد / الكرخ. بعدها أنهى دراسته في ثانوية الكرخ وتخرج منها في العام الدراسي 1954 /1955
دخل كلية الطب جامعة بغداد في العام الدراسي 1955 / 1956 وتخرج منها في سنة 1961، وكان من الطلبة المتفوقين في دورته. وبعد أن أنهى خدمته كضابط احتياط نُسب لقضاء فترة الاقامة الطبية في مستشفيات بغداد لمدة سنة واحدة.
في سنة 1963عين طبيبا ممارسا في مدينة هيت، فكان اول طبيب من ابناء المدينة يمارس مهنته فيها، فلم يسبقه أحد بهذا العمل بالرغم من وجود أطباء من أبناء المدينة سبقوه بالتخرج وهم الدكتور تحرير الكيلاني والدكتور ثابت نعمان الهيتي والدكتور عصام عبد الرزاق الهيتي، وقد باشر عمله خلفا للدكتور علاء المشاط. نقل بعدها للعمل في قضاء حديثة وقضى فيها بضعة شهور، ثم نقل الى مستشفى اليرموك للتدريب في اختصاص الباطنية، وبعد انتهاء الاقامة نقل الى قضاء الهندية في محافظة بابل ومارس عمله هناك أشهرا معدودة؛ نقل بعدها الى هيت بناء على طلبه.
لقد كان الطبيب الوحيد في مدينة هيت بكل قراها وقصباتها المنتشرة في البغدادي وكبيسة وزوية البو نمر أي: من حدود حديثة حتى حدود الرمادي.
في عام 1965 وفي أثناء زيارة رئيس الوزراء طاهر يحيى التكريتي لمدينة هيت طالب اهل المدينة بأنشاء مستشفى فيها؛ ولما ابدى الدكتور وليد الهيتي استعداده للعمل بالمستشفى المذكور لوحده مع من كان معه من الكوادر الطبية الوسطى تم افتتاحه، وقد اختير نادي الموظفين الحالي مكانا لذلك. وقد قام بتنظيم واعداد المستشفى ليكون جاهزا لاستقبال المرضى، بعد ذلك بحوالي السنة اضيفت ردهتين للمركز الصحي الرئيسي. وحين أصبح المستشفى جاهزا التحق به عدد الطبيبات لمساعدة الطبيب في حالات الامراض النسائية؛ ومن الطبيبات اللائي عملن في المستشفى المذكور حينذاك الدكتورة فضيلة الراوي والدكتورة رجاء اليوزبكي والدكتورة ليلى فرنسيس والدكتورة ميسون الخوجة والدكتورة سلوى شاكر الهيتي.
في عام 1970 سافر الى المملكة المتحدة، وحصل منها على شهادتي (F.R.C.P(UK) D.P.M) . ويعد من أوائل الأطباء الذين يحصلون على شهادتي تخصص في آن واحد.
في سنة 1977، ولما لم يجد في لندن ما يُغريه في البقاء فيها، ونظرا لحبه للعراق ولأبناء محافظته عاد الى العراق، وباشر عمله رئيسا لقسم الباطنية في مستشفى الرمادي العام (صدام سابقا) ومارس عمله طبيبا استشاريا في الامراض الباطنية والقلبية والعصبية والنفسية للفترة من سنة 1977 لغاية سنة 1999حيث نقل الى بغداد بناء على طلبه. ولما نقل الى بغداد نُسب رئيسا لقسم الباطنية في مستشفى اليرموك التعليمي للفترة من سنة 2000 حتى إحالته على التقاعد لبلوغه السن القانونية في سنة 2007. بعدها سافر الى الأردن واستقر بها بسبب الظروف التي يمر بها العراق.
-
نشاطه العلمي والمهني
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
شارك بفاعلية ونكران ذات في تطوير العمل في المؤسسات الصحية في محافظة الانبار وفي دعم النشاطات الطبية والصحية فيها، وساهم في وضع هيكلية مهنية لها، وكان له وما يزال ذكر طيب في كل تلك المنجزات. ومن أهم نشاطاته واعماله ما يأتي:
1. ساهم في فتح اقسام وشعب جديدة في مستشفى الرمادي العام في خلال فترة رئاسته لقسم الباطنية، ومنها: شعبة إنعاش القلب، وشعبة التنظير للجهاز الهضمي والقصبات، وقسم وظائف الرئة، وقسم الكلية الاصطناعية، وقسم الطب النفسي والعصبي وتخطيط الدماغ.
2. عمل في دعم كلية طب الانبار منذ تأسيسها، وشارك في جميع نشاطاتها وندواتها ومؤتمراتها العلمية، كما تولى مهمة التدريس فيها.
3. شارك في جميع اللجان التحضيرية والعلمية ومؤتمرات البحث العلمي والاعداد والتحضير لها في محافظة الانبار. كما شارك في دورات التعليم المستمر في دائرة صحة الانبار من خلال القاء المحاضرات وعقد الندوات. كما شارك في أكثر من دورة تدريبة وتطويرية داخل العراق وخارجه
4. شارك في بحوث طبية في المؤتمرات العلمية لنقابة اطباء العراق في مؤتمراتها 33، 34 ، 35 .
5. شارك في تقديم بحوثه العلمية في مؤتمرات طبية عربية في اليمن والسودان والامارات ولبنان.
6. نشر العديد من البحوث الطبية في المجلات العلمية ومنها مجلة كلية طب الانبار ومجلة طب المجتمع والمجلة الطبية العراقية.
7. كرم من قبل المؤتمر العلمي لنقابة أطباء العراق للدورتين الثلاثين والثانية والثلاثين لدوره المتميز فيها.
8. يعد اول طبيب في محافظة الانبار يحصل على لقب طبيب استشاري بناء على ما قدمه من بحوث علمية في مجال تخصصه.
9. تم تكريمه لأربع مرات لمساهماته الفاعلة في المؤتمرات العلمية لدائرة صحة الانبار وكلية طب الانبار.
10. أشرف على البحوث العلمية لطلبة الدراسات العليا الطبية في كلية طب الجامعة المستنصرية.
11. انتخب لأربع دورات متتالية نقيبا للأطباء –فرع الانبار، وكان مثالا للمهني وأبا راعيا لكل الأطباء.
12. تم تثمين موقفه المتميز ودوره الفاعل في دعم المسيرة العلمية في كلية طب الانبار من قبل عمادة الكلية المذكورة بكتابها ذي الرقم 163 في 22/ 4 /2010..

الطبيب الإنسان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
رأيته لأول مرة في العام 1963 حينما كان الطبيب الوحيد في المدينة، شاب جميل مرح مثابر، من يراه لأول مرة دون معرفة به يظنه أنه مازال في المرحلة الإعدادية. لقد كان محبا لمدينته وأهلها فأحبوه بقدر حبه لهم.
لقد كان يستقبل المرضى في داره المجاور لمستوصف هيت الجمهوري، وغالبا ما كان يعالجهم مجانا، وكان بالرغم من صعوبة المواصلات وعدم توفرها في أحيان كثيرة يذهب ماشيا لمعالجة المرضى في بيوتهم، فضلا عن ذهابه الى المرضى في اية قرية او قصبة كانوا وفي أي وقتمن الأوقات.
وعرفته أكثر حين جمعتنا الوظيفة في مدينة الرمادي، فتوطدت أواصر الصداقة بيننا وما زالت أخوية حميمية صادقة، ومنذ العام 1991 وحنى تاريخ انتقاله الى بغداد كنا نلتقي يوميا، وكان يسألني في كل لقاء عن أخبار مدينة هيت وأهلها، واليوم وهو يعيش في الغربة ما زال دائم التواصل معي سائلا عن الحال وما هي عليه في محافظة الأنبار.
لم يُغير من طبعه وإنسانيته حين عمل في مدينة الرمادي سواء في المستشفى العام أو في عيادته الخاصة، فقد كان يتعامل مع الجميع بكل رقة وعطف وحنان، وبسبب هذه العلاقة الحميمة مع مرضاه توطدت علاقاته الاجتماعية مع اغلب أبناء المحافظة.
كثيرا ما يظن بعض المرضى بأن الدكتور وليد لا يكترث لمرضهم حين يتركهم ويخرج من عيادته فجأة، فيتصورون أنه قد تركهم ولكن ظنهم يخيب وشكوكهم تتبدد حين يعود إليهم حاملا بيده علاجهم الذي يقدموه لهم مجانا ويودعهم بعد أن يعيد لهم أجور الكشف الطبي، كما انه كان يحتفظ بالكثير من الأدوية في أدراج مكتبه ليعطيها مجانا الى مرضاه دون أن يكلفهم عناء الذهاب الى الصيدلية أو كلفة شرائها.
هذا هو وليد الطبيب والإنسان الذي يشهد له من سافر معه لأداء فريضة الحج بأنه كان يقضي جلّ وقته في زيارة الحجاج للاطمئنان على صحتهم وتقديم ما يحتاجونه من الأدوية التي أخذها معه من العراق. وها هو اليوم في الأردن يقدم كل ما بوسعه للمرضى من أبناء محافظته ولكل من يحتاج المساعدة من العراقيين.
وعن وليد وحب الناس له كتب الدكتور وعد عبد الرحيم في مجلة طب وصيدلة بعددها الصادر في تموز 2010 ما يأتي" ان اشراقة الدكتور الاستشاري وليد عبد الحميد الهيتي واطلالته المهنية ومقدرته وتواضعه تتوقد في ذاكرتي وباقي عباد الله(مراجعيه) بكل زوايا العيون. فقد كان يبعث فينا الأمل ويتشوق بمتابعته للجميع. فهو نبراس للكل قولا وفعلا، وللطيبة عنوان في جميع وحدات الزمن السالفة".
يظن البعض أن الدكتور وليد منصرف لمهنته فقط، ولا يعرفون عنه أنه قارئ نهم لأغلب الكتب وبمختلف المواضيع، ولديه خزانة من الكتب النفيسة وأنه زائر دائم في كل يوم جمعة الى شارع المتنبي ليطلع على أحدث ما نشر من الكتب وليشترى منها ما يروق له.
اكتب اليوم عن وليد الهيتي الطبيب والإنسان، وفاءً له ، وتقديرا لشخصه ، وليس في هذا منّة ولا فضلا ، بل هو الواجب الذي يحتم أن أضع هذا الرجل بتاريخه الناصع أمام الأجيال كلها سواء منهم من يعرفه شخصيا او من لا يعرفه، إنه بحق رجل يستحق أن نفتخر به وأن نجعله قدوة لنا، أطال الله في عمره ومنحة الصحة والعافية والهناء.
_____________________
الدكتور اديب توفيق الفكيكي، اعلام الطب العراقي الحديث، ج4، بغداد 2004 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد تأكيد مقتل هاشم صفي الدين.. ما تأثير ذلك على حزب الله؟


.. الجيش الإسرائيلي يرصد صاروخين في منطقة حيفا




.. سقوط عدد من الصواريخ أطلقت من جنوب لبنان على منطقة روش بينا


.. استشهاد طفل إثر إطلاق الاحتلال صاروخا على مدرسة لنازحين بدير




.. كولومبيا وإسبانيا تجليان رعاياهما من لبنان