الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صدام حسين والمحاكمة المنتظرة دروس تستحضر عبرها

طلال شاكر

2005 / 10 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


منذ فترة والتصريحات تتوالى من قبل المسؤولين العراقيين عن قرب تقديم الدكتاتور الساقط الى العدالة ومحاكمته من قبل محكمة و قضاة عراقيين ونتمنى ان يكون ذلك صحيحاً هذه المرة،أن مثل هذه التصريحات عادةً ماتثيرالظنون والالتباسات والتكهنات والتعليقات، فالاثارة والصخب جزء من تاريخ وشخصية هذا الدكتاتورالبغيض وحكمه، وستبقى تلازمه حتى وهو فطيسة، ولايبدو ان محكمة بتكوينها النمطي وقضاتها ومرجعيتها القلقة، قادرة ان تقتص من هذا الجلاد مايوازي ثقل جرائمه،فتنصف ضحاياه الشهداء منهم والاحياء باحكامها النمطية وهي تنطق بقصاص الموت بحق متهم فاطس؟؟،وربما يتساءل القارئ عن اي نوع من المحاكمة تبحث وعن اي قصاص تسعى؟ ولايبدوان الاجابة ستحظى بدلالتها القاطعة في موضوع يحمل تداعياته واستحقاقاته وحتى غرابته، وهذ مااحاول تناوله والاقتراب من مضمونه وغايته.. من الناحية الاجرائية فأن محكمتنا الموقرة ستواجه ملفاً مفتوحاً لجرائم وانتهاكات لاعد ولاحصرلها ولاتحتاج من الناحية النظرية الى ادلة واثباتات وتحليل حامضه النووي فالمجرم ,ارتكب جرائمه جهاراً نهاراً ولم يسلم من ساديته وبطشه احداً وشمل ظلمه وطغيانه كل مجالات الحياة بكل ماتعنيه الكلمة، ولو كانت الطبيعة تنطق لقدمت شكواها ضده على ماقترفه بحق اهوارها وانهارها وجبالها واحيائها من جرائم ،وهنا ستواجه المحكمة مجرماً نموذجياً لاتقف جرائمه في حدود قضية او موضوع فهو من هذه الناحية مجرماً شمولياً كحكمه لم توقفه اخلاقيات ولم تردعه قيم اوتقاليد انسانية بأبسط معاييرها، فهو لا ينتمي الا الى نفسه وقيمه التي صنعته وصنعها في بيئة متعصبة ومتخلفة محضت لنوازعه الشريرة واستهتاره.فكان حكمه شراً وتركة حكمه شروراً مضنية، فبعد 35 سنة من استبداده خلف دماراً شاملاً ،.مجتمع مشوه معقد .،اقتصاد متهاوي، وطنية مثلومة. وتداعيات سوداء لاحصر لها.،وكان ضحيته الاولى بامتياز الانسان العراقي، والمشكلة لم تنته حتى بسقوطه ،فهذا السقوط حل قسماً جوهرياً منها ولكنه بذات الوقت ازاح الغطاء عن مستنقع اسن يفيض بنوازع شريرة وتناقضات غريبة وممارسات مخجلة وعن ارث وضيع يعجز اللسان عن توصيف تلاوينه وتفاصيله. فتحت هذا الغطاء كانت تكمن الطائفية البغيضة،وايدلوجيتها الصدأة كنزوع سلفي تكفيري بلون سني يقابله تخلف وتعصب بلون شيعي، واستبدل طغيان صدام حسين واستبداده بأستبداد السيارت المفخخة والروبوتات البشرية المنتحرة،والاغتيالات على الهوية،واستبداد من كان ضحية صدام حسين ،هذه الضحية التي تخلقت بأخلاق الجلاد وتقاليده . لقد تكاثر اعداء هذا العراقي المغلوب ، بصنوف وعناوين ارهابية متعددة مستبيحين دمه. ومعيشته . وأمنه. وأمله.، وفوق ذلك فتحت في وجهه جبهات بلاء وقهرمتنوعة بدءً من الماء الى الكهربا ء الى الفساد الاداري، الى المجاري والقائمة تطول.... أن هذه الحصيلة الدامية وماأفرزته من معاني ودلالات وتجسيدات مأساوية مستمرة توجز ثقل الكارثة التي انتهت اليها بلادنا بفعل هذا الجلاد ونظامه، وبالتالي فان شدة العقوبة التي ينالها والحكم عليه بالموت قدلا تعني شيئاً بالمقاييس الموضوعية ونمطية الاحكام المعتادة ، فصرامة المحكمة وعدالتها لاتملك خياراً اخر في حكم تستنبطه وليس لها غير هذا القصاص المكافئ لجرائم صدام وهوعقوبة الاعدام، ومع ذلك فهذاالمستبد لاتساوي حياته شيئاً بقياسات الزمن الذي تجاوزه كحكاية مرعبة سمجة لحاكم مات منذ ان اخرج من جحره ذليلاً مدحوراً وهو يتلمس بقاءً مهيناً، وفي نظراته خزي الانكسار وذل الهزيمة وكأي طاغية لايؤمن بشعبه ووطنه اختار دونية الاستسلام المهين وعاره على نبل التضحية ورفعتها التي لاينشدها ولايستحقها. ان اعدام صدام بمعاني ومعاييرمعنوية وقضائية مختلفة لاينصف تلك الارواح البريئة واجسادها الطاهرة التي مددها في شوارع حلبجة الضيقة بسلاح همجي رهيب ولايعيد الحياة لارواح الالوف والالوف الذين دفنوافي المقابر الجماعية او الذين اسشهدوا في اقبيةالمخابرات او من شباب الاكراد الفيلية الذي نحروا في سجون الطاغية بطريقة مأساوية ام أولئك الضباط والمثقفون الذين قاوموا استبداده من ابناء الموصل والرمادي والفلوجة وكل ابناء المنطقة الغربية والذي فتك بعوائلهم، او الضحايا الذين حصدتهم حروبه العبثية ام اولئك الكويتيون الذين قتلهم ظلماً وعدواناً وغيرهم وغيرهم ، ولايمكن ان يعطي هذا الحكم المنتظر لوطن وشعب ادماه لعقود عجاف واغرقه في لجةالخراب الروحي والمادي سوى قصاص جنائي مباشريمنح الضحايا واهلهم فرصةعادلة لتشاطر حكم منصف يعطيهم الرضا وجزءً من السكينة بأن المجرم نال جزاءه العادل، وبالتأكيد يبقى القصاص مشروعاً ومطلوباً للضحايا واهلهم وهم بأ نتظارتحقيقه، بيد ان هذاالجانب القضائي واجراءاته وهو مقطع واحد من مشهد مترامي الابعاد ،فقرارالمحكمة سيقاضي واحداً من عناوين ورموزهذ الفصل،فملامح المشهد لم تكتمل ولايمكنها ان تكتمل، فابعاد محاكمة صدام واستحقاقاتها بدروسها وعبرها تتجاوزمسوؤلية صدام كدكتاتور مطلق رغم كبرها ورمزيتها،ولاتقف وتنتهي في حدود انزال اقصى العقوبات به،فصدام له شركاء واعوان طلقاء، واخطرهم ذلك الفكرالبعثي وذلك الحزب وتلك الثقافة المتخلفة التي صنعت هذا المجرم ومريديه وبنت اسس نظامه وأنتجت كل هذه الوحوش البشرية التي حملت مشروعه القمعي الرهيب، وباسف اقول ان هذه الثقافة الداكنة مازالت طليقة حرة لايستطع اي قاضي ان يجلبها الى العدالة فهي ممتدة وجاثمة في .البيئة. التربية. العادات .والتقاليد. والنزعات الدينية المهوسة. صدام هوابن نموذجي لهذه المنظومة المشوهة، الذي تربى في ظل قيمها المتوحشة. كان صدام نتاج ثقافة الدرك الاخير
بوصفها امتداداً لثقافة مشوهة اكبر واوسع في تركيبتها المعقدة ونزعتها البدوية المتخلفة تلاحمت مع سادية تكوين بشري معقد تهاوت في داخله اي ومضة انسانية، ألقاها قدر تعيس على حض عاثر. هذاالطاغية في جرائمه الممتدة التي لم ينجزها وحيدأ ، بل كان له شركاء ومعاونون دوليون في الجريمة شركاؤه ذلك النظام الدولي الفاسد بنظمه وألياته السياسية الاجنبية والعربية ومصالحها الوضيعة والتي تغاضت عن جرائمه عقوداً وامدته بممكنات الطغيان والجبروت واسمته رفيقاً واخاً وصديقاً وحليفا وهويفتك بالعراقيين، وجيرانه، شركاؤه في الجريمة اولئك المثقفون والسياسيون الفاسدون الذي خانوا شرف الالتزام الانساني ورسالة الثقافة وسموها، وباعوا ضمائرهم واقلامهم ومازالوا على حساب شعب ووطن مذبوح هولاء الذين جعلوا من الجلاد بطلا قومياً ومن جرائمه ملاحماُ بطولية ومن هزائمه انتصارات زائفة، لقد اشترى صدام بأموال العراق ضمائر عربية فاسدة تحركت في محيطاتها ودوائرها لترسم صورة فاقعة الالوان لبطل قومي مزعوم اوهمت به الملايين من ابناء الشعوب العربية متلاعبة بوعيهم مستغلة جهلهم وغفلتهم واحباطهم ، شريكه في الاجرام الاعلام العربي ذلك الاعلام المتحالف مع مافيات سياسية، والذي خان شرف الكلمة ومازال يخون ميثاق الشرف والرسالة الاعلامية النظيفة . وأذا كان شركاء صدام بهذا السوء بوصفهم انذالاً وعاراًعلى شعوباً خذلوها، فان نظام صدام واعوانه سيبقون عنواناً لهذا العار وامتداداً لزمن وثقافة ونظام عربي لايقل عنهم سوءً وعاراً، وانصافا اقول في كل تلك الحلكة ودونيتها كانت هنالك اقلام شريفة وضمائر حية وقفت الى جانب شعبنا ضد دكتاتورية صدام وبعثه وكانت الصورة المشرقة بموازاة ذلك الافق البهيم. في النهاية سيقف في هذه المحكمة التاريخية شهود الزور وشهود الحقيقة وسيكون صدام امام ضحاياه وهم من سيقاضيه ونظامه وسيترافع الشعب العراقي ضد السفاح وسيكون هذا الشعب هو الخصم’ والحكم’ اما محامو صدام وشهود الزور سيحتاجون الى من يدافع عنهم ويشهد لهم. ختاماً اقول كان صدام ونظامه وحزبه وفكره اسوأ طبخة رديئة اعدها طباخون دوليون ومحليون خائبون تعفنت قبل تسجيلها في موسوعة كًينس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائقة تفقد السيطرة على شاحنة وتتدلى من جسر بعد اصطدام سيارة


.. خطة إسرائيل بشأن -ممر نتساريم- تكشف عن مشروع لإعادة تشكيل غز




.. واشنطن: بدء تسليم المساعدات الإنسانية انطلاقاً من الرصيف الب


.. مراسل الجزيرة: استشهاد فلسطينيين اثنين بقصف إسرائيلي استهدف




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش إرهاق وإجهاد الجنود وعودة حماس إ