الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقامات انتخابية.. (سبع مقامات عن استحقاقات 2015) / أذ. بنعيسى احسينات – المغرب

بنعيسى احسينات

2015 / 8 / 28
الادب والفن



موجة حرارة الصيف، تنبعث من عنان السماء، وحرارة الانتخابات، تصعد من أرض الأولياء، وبينهما حرارة الدخول المدرسي وعيد الأضحى المفعمة بالغلاء، كلها تتعقب الساكنة هذه الأيام المتبقية من صيف الرجاء. إلا أن حمى الانتخابات بدرجاتها المتفاوتة، بين البرودة والحرارة، تتصدر هذه الموجات بشرارات خاصة، بين المسجلين وغير المسجلين، بين مهتمين وغير مهتمين، بين متحمسين وغير متحمسين. بين الكائنات الانتخابية والمواطنين.

فمن وحي الانتخابات وخباياها الظاهرة منها والخفية، ببرودتها وبحرارتها الجامحة المحمومة، ارتأيت أن أحول نص قصيدة نثرية، منشورة في عدد من المواقع الإلكترونية، تحت عنوان: " تقرير عن الانتخابات، لسان حال الأغلبية الصامتة، إلى مقامات متميزة، بعنوان: مقامات انتخابية، عن استحقاقات قادمة، حتى تعود على القراء العاشقين للشعر والنثر، وكوميديا الانتخابات، بالمتعة والفائدة، وهي سبع مقامات، أتمنى أن تكون شيقة.

المقامة الأولى

حدثني مواطن فَطِنٌ مقهورٌ، يقول: بعد حين، لعبة الانتخابات في البلاد، تعودُ. كالمعتاد، بعادتها القديمة الجديدة تعود. في كل دورة، بمهرجانات أحزابها تعود. كالأمس، وما قبله، وما بعده تعود. بنفس الأساليب الماكرة تسود. بنفس الخروقات والتجاوزات تعود. بنفس الوعود المتكررة أبدا تعود. بنفس اللاعبين المحترفين تعود. بنفاق وقلة حياء المرشحين تعود. بتوزيع أموال مشبوهة المصدر تجود. بشراء الذمم وتسويق الأوهام تعود. بنفس الوجوه القديمة الجديدة تعود. بنفس السماسرة المتمرسين تعود. كأن الزمان عند الخلق لم يعد له وجودُ. بنفس الخداع والنصب والاحتيال تعود. بالتوسل، بالاستجداء، بالتملق تعود. وبتقبيل الرؤوس، وبروح النفاق تعود. بالتحالفات، بالتحايل، بالبلطجة تعود. كأن ذاكرة الناس أصابها التلفُ والجمودُ. لم تعد تستوعب ما جري، وما قد يعود. فتنسى ما فات، وتتبخرُ الأماني والوعودُ.

المقامة الثانية

حدثني مواطن فطن مقهور، يقول: إذا كان من الواجب الوطني أن نصوت فعلا. ونمارسُ حقنا كمواطنين مسئولين عقلا. ونختار فينا، بحرية، مَنْ سينوب عنا عدلا. فمن يستحق بيننا، أن نضع الثقة فيه أملا؟ ولمن ياترى، سنمنح أصواتنا الغالية أصلا؟ وبرامج الأحزاب، بغموضها تطرح استفسارا. جميعها متشابهة، يسودها الاجترار تكرارا. والأعيان، يتزعمون مقدمة اللوائح احتكارا. مسلحون بالنفوذ وسلطة المال استكبارا. والكل يباع ويشترى في سوق الانتخابات. يُسْتعمَلُ الناخبون قناطرَ وجسورا كعبارات. من أجل العبور الآمن إلى ضفاف الامتيازات. تُسْتعمَلُ أصواتُهُم كالسلالم بألف مدرجات. من أجل الصعود إلى أعلى، لجني الثمرات. لم يتغير أبدا شيء في كل الاستحقاقات. وتبقى حليمة عندنا متمسكة بأقدم العادات. ثابتة أبدا في مكانها، تردد نفس الاستنتاجات. فلا تغيير ولا تجديد، ولا تقدم في أفق الآتيات. ولا صحوة ولا أمل، ولا خير يرجى من الانتخابات. الكل يلهث وراء نصيبه الوافر من مجمل الكعكات. ومصير الوطن في مهب الريح يئن خارج الحسابات.

المقامة الثالثة

حدثني مواطن فطن مقهور، يقول: تُؤلٍهُ الأحزابُ الديمقراطيةَ في مظاهرها الخداعة، لخدمة الخاصة، وللتغرير بإرادة وحقوق العامة. بالكذب، بالنفاق، بالمؤامرة، بالوعود الفارغة. بالترحال، بحثا عن كراسي خارج المحاسبة.. لقد جعلوا الانتخابات مرتعا خاصا للسماسرة. وظفوا فيها الفقر والخوف، لاستمالة الرعية. وبأرانب السباق، تكتمل اللوائحُ الانتخابية، للاستفادة دوما من دعم الدولة السخية. لقد رموا الناخبين المواطنين بكل حقارة. حولوهم إلى قُطعان، تُعْرَضُ كالبضاعة. تباع وتشترى في الأسواق بالخسارة. رعاعٌ تابعين، لا مواطنين أحرارا بإرادة. جعلوا من المصوتين عَبارات مصطنعة. من أجل العبور لمحترفي السياسة. اتخذوا من احتياجاتهم سلالم مدرجة. لصعود ذوي مال الحرام لاحتلال الواجهة. للتحكم في مصير البلاد بالابتزاز والمكيدة. بنشر الفساد في الظاهر والباطن بالجملة. بدون محاسبة الضمير ولا سلطة المراقبة. لاستنزاف خيرات البلاد على حساب الأمة. لتخريب الوطن ظلما، بخدعة الديمقراطية.

المقامة الرابعة

.
حدثني مواطن فطن مقهور، يقول: في كل جولة، عداءو الانتخابات يظهرون. بعد غياب طويل، بالمواطنين يتصلون. نسمع باستعداداتهم، وهم مَفْتُونُون. تراهم في الأسواق والشوارع يهيمون. بسياراتهم الفارهة يجولون ويتجولون. في وجوه المارة، بشماتة، يبتسمون. حتى على الأبواب الموصدة يسلمون. ومع المتسكعين، لصور تذكارية يلتقطون. أمام الملء، على المتسولين يتصدقون. للولائم والتجمعات، عند الأتباع، يُقيمون. في الأفراح والمآتم، بوقاحة يحضرون. بمصاريفها أمام الجيران، قد يتكفلون. بالسر والعلن، للمال والسلع يوزعون. بالترغيب والترهيب للناخبين يتوعدون. والشباب العاطل، لحملاتهم يُجنَدون. ولمواقع الاتصال الاجتماعي يُسَخرون. بدون خجل للوعود القديمة يكررون. والمبعدون منهم، بدون رقيب يعودون. وأصحاب السوابق بلا حسيب يتأهبون. لمعركة الاستحقاقات الآتية يخططون. بلا حياء، على ذقون الناس أبدا يضحكون. الأحزاب يتحولون إلى مقاولات، للتزكيات يُسَوِقون، ولقميص كل حزب بلونه ورمزه يَبيعون، لوكلاء اللوائح الرحال، الذين لذكاء الناس يحتقرون. ولامنتمون، بانتهازية، خارج المحاسبة يترشحون. لجمع المال وحب الجاه، بلا ضمير، يتنافسون.

المقامة الخامسة

حدثني مواطن فطن مقهور، يقول: هي أحزاب بالعشرات، تتناسل عبر الانشقاق. تتكاثر أبدا بالاستنساخ، قبل وبعد الاستحقاق. تتوالد بين عشية وضحاها من خارج الأنساق. فهذا حزب يميني وذاك حزب يساري. وهذا حزب حداثي وذاك حزب إداري. وهذا حزب محافظ. وذاك حزب تقدمي. وهذا حزب شيوعي. وذاك حزب إسلامي. وهذا الحزب بيئي. وذاك الحزب قومي وهذا حزب اشتراكي وذاك حزب ليبرالي. وهذا حزب وطني وذاك حزب للحاكم موالي. تلك أحزاب بالجملة، تظهر وتنمو كالفطريات. تتقاطع فيما بينها في البرامج والتوجيهات. غالبيتها تكاد تتماثل في المرامي والغايات. بهيمنة جشع الأعيان، بذريعة التمويلات. إلا أنه وإن اختلفت حقا في التسميات، وكذا اختلافها في الألقاب والمسميات، وحتى الاختلاف في الرموز والشعارات. تبقى الأحزاب كلها كالقنافذ المتشابهة. ليس فيها أملس يليق بالاعتراف والتزكية. لا يستحق مرشحُها التقدير من الساكنة. ولا يَحْتَرِمُ أمانة الانتماء للوطن وللمواطنة.

المقامة السادسة

حدثني مواطن فطن مقهور، يقول: في كل الاستحقاقات، يتحول الدهماء إلى فاعلين. بقدرة قادر، وهم حقا، طوال حياتهم غير مٌعْتَبَرِين. باسم الحق والواجب، تحت ضغوط السياسيين. باستغلال المواطنين، بإغراءات ووعود المرشحين. لإكراهات الحياة، من عوز واحتياج المستضعفين. يلبون طواعية، نداء الوطن وهم للواجب منفذين. يتوجهون للتصويت على أشباح من المرشحين. في كل أربع سنوات، ربما أكثر، لمجرد جولتين. جولة للجهة وللجماعيين، وجولة للتشريعيين. ويظلون أبدا مفعولين به قهرا، لباقي السنين. ليتم التحكمُ في مصير حياتهم وهم صاغرين. مع نهاية الانتخاب، تنكشف اللعبة للمتتبعين. يتوزع الفائزون دوما على أغلبية ومعارضين. يظهرون حينا من الدهر، ليتغيبون لسنينَ. يتناوبون ظاهريا، على السلطة كخادمين. مُتَحكم فيهم عن بعد، بالخضوع للآمرين. لا حول ولا قوة لديهم أمام المحظوظين. من حكومة الظل، لمستشارين ومقربين. لخيْرات البلاد، بدون مراقبة، مستنزفين. بلا حسيب ولا رقيب، ولا لومة اللائمين. على رقاب الخلق، بلا موجب حق جاثمين.

المقامة السابعة

حدثني مواطن فطن مقهور، يقول: نحتاج اليوم إنصافا، إلى أحزاب حرة، مستقلة قوية. تقوم بالتأطير والتكوين، واقتراح حلول مفيدة. لتدبير شأن البلاد، بإرادة وحزم ومسئولية. لا نحتاج لأحزاب ضعيفة، مفبركة، هجينة. لا هَم لها إلا الابتزازَ بخلفيات ديمغوجية. نحتاج إلى كفاءات علمية ومصداقية. تعكس طموحات المواطنين بفعالية. تدفع البلاد نحو ديمقراطية حقيقية. لا إلى أصحاب المال ومآرب ذاتية. لا إلى الباحثين عن امتيازات وحصانة. لا إلى أميين وأشباه متعلمين وجهلة. نحتاج إلى شفافية وبرامج موضوعية. لا إلى ديمغوجية رثة، ووعود كاذبة. سئم منها الجميع، بتكراراتها المملة. لم يعد يتحملها أي أحد من الخليقة. كفى استهتارا بإرادة الناخبين السخية. كفى استخفافا بذكاء المواطنين البررة. أَلاَ يمل هؤلاء من ألاعيب النفاق الدنيئة. وينضبط الكل، لمحاسبة النفس اللوامة. بالعودة إلى الرشد قبل سقوط الأقنعة. فالوطن أكبر وأرحم، يتسع لكل طالبي التوبة.


أذ. بنعيسى احسينات - المغرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السوبرانو الأردنية زينة برهوم تبدع في الغناء على الهواء في ص


.. السوبرانو الأردنية زينة برهوم تروي كيف بدأت رحلتها في الغناء




.. بعد استقبال جلالة الملك للفنان عباس الموسوي.. الموسوي: جلالت


.. صباح العربية | بحضور أبطاله ونجوم وإعلاميين ونقاد.. افتتاح ف




.. اشتهر بدور الساحر غاندالف في -سيد الخواتم-.. الممثل البريطان