الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2015 / 8 / 29
كتابات ساخرة


بعد ستة أشهر تقريباً منذ بدء الحرب أصبح من الغريب جداً -حتى بالنسبة إليَّ- تجاهلي التام للكتابة عنها..لماذا أتجاهلها و أعجز عن تحريض نفسي على الكتابة عنها؟؟..لأقل بأني لا أشعر إنها تغريني كما كانت -و ما زالت حقيقةً- هند رستم تفعل بي بنبرة صوتها المُغرية الغريبة و الغير مُكررة..و بالرغم من أن الحرب تحمل أصواتاً تخترق أذنيَّ يومياً و كأنها طفلٌ يصرخ بصوتٍ مرتفع لكي يلفت نظري إليه إلا أن إصرارها ذك على شد اهتمامي باتجاهها يجعلني أفر منها إلى أي شيء أو حتى إلى اللا شيء.

الأغلبية عندما تكتب عن الحرب تستنكرها بما تحمله من بشاعةٍ بين ثنايا ثوب أحداثها و لكني لا أستطيع أن أفعل ذات الأمر تجاهها..بل أني أجد أن هذا الشعب يستحق هذه الحرب بكل تفاصيلها البشعة التي تتقاطر من بين أطراف ثوبها الأسود..أدرك بالطبع أنه من القسوة أن ترى أن شعباً بأكمله يستحق أن يُمارس ضده ما يُمارس الآن من إبادةٍ جماعية جسدياً و نفسياً..و لكنها مشاعري التي لا أملك السيطرة على تمردها ضد إنسانيتي و لا أملك أيضاً أن أخجل منها لأن لها ما يبررها أو ما أعتقد أنه يفعل.

نعم أجد أنه يستحقها لأن هذه الحال اللا إنسانية التي وصلنا إليها كان -و ما زال أيضاً- سببها في المقام الأول الشعب اليمني أو لنقل جُلُّه إن كنت أبحث عن القليل من الموضوعية..فلقد ارتضى هذا الشعب أن يوقع عقد توافق صريح -و ليس حتى بالضمني- ينص على أن يرتضي العيش تحت منظومتيَّ العبودية و الخوف لمدة عقود و أن يتنازل على أن يكون له الحق في إبداء أي اعتراض من قبله عليهما.

هكذا قادته المنظومة الأولى إلى أن يقوم بتمجيد أي شخص يلوِّح له و لو بالقليل من عظام جسد الكرامة أمامه ليهرول نحوه راكعاً مُقبلاً لقدميه..و لهذا كلما وصل إلى الواجهة السياسية أي حزب ذو شعاراتٍ دينية جوفاء -بالطبع- و مهما بلغ ذلك الحزب من فسادٍ ديني كما أخلاقي ستجد أن الجميع يهرول و يفر إليه ليُسبِّح بحمده!!..و بالرغم من أن تلك الأحزاب الدينية هي من أوصلتنا لمرحلة المجازر الجماعية -و التي يبدو أن المسلم يعاني غالباً من حالة عشقٍ غريزي لها- إلا أن هناك إصرار غريب على أن القتل باسم الدين هو من الأمور التي بالتأكيد تمنح الفرد إنسانية أكثر مما لو تخلى عنه لصالح إنسانيةٍ أكثر واقعية و عملية.

و أما المنظومة الثانية فقادته إلى أن يمتلك 90 مليون قطعة سلاح ليحتل المرتبة الثالثة على مستوى العالم -بعد الولايات المتحدة و جمهورية صربيا- في معدل امتلاك الأفراد لأسلحةٍ شخصية..أي أنه بين كل خمسة يمنيين -تقريباً- هناك شخص واحد منهم لا يمتلك قطعة سلاح ليس لعدم رغبته فيه بل لأنه لا يملك قيمته التي باتت مرتفعة نسبياً..و لكن و بالرغم من امتلاك معظم أفراد الشعب للسلاح بمختلف أنواعه -و هو الأمر الذي سيجعل أي أحمق يظن أنه شعب يمتلك بالضرورة مقومات الدفاع الشخصي ضد الانتهاك- إلا أنه و بسبب الخوف الذي أصبح من صفاته الفطرية استخدم ذلك السلاح ضد الآخرين الذين يعانون مثله من ثقل وزن تلك المنظومة الفاسدة فوق أجسادهم!!.

قد يكون الإقبال على امتلاك السلاح الشخصي وسيلة غير مباشرة للتعبير عن عدم الإحساس بالأمان ضمن نطاق المجتمع الذي يعيش فيه الفرد و لكن البحث عن الأمان لدى الفرد اليمني تطور من مرحلة الرغبة في حماية الذات إلى مرحلة قتل الآخر في مقابل من يدفع له أكثر..و لعل أكبر مثالٍ على ذلك الأمر هو أن الجيش اليمني "الوطني" خاض حربه الدينية المُقدسة ضد مواطنين عُزُل لصالح الفريق السياسي أو الديني الذي يدفع له أكثر..و في الجهة المقابلة نجد أن هناك من قاتل ضد ذلك الجيش لصالح من سيمنحه أي وظيفة براتبٍ شهري ثابت حتى لو كانت تلك الوظيفة هي وظيفة "مُرتزق"!!.

القتل في كل مكان..في كل مدينة..في كل حي..في كل شارع..في كل زُقاق..و بالرغم من أني لا أملك الحد الأدنى من التعاطف مع أيٍ من أطراف هذه الحرب العبثية المضمون الواضحة الأهداف إلا أني أجد أن هذا البلد -بطريقةٍ ما- يستحق هذه الحرب..و كم كنت أتمنى أن أجد القدرة على الادعاء إن هذا الشعب يستحق حياة أفضل عالم أفضل و لكني أعلم أنه لا يستحقهما لأنه في قرارة نفسه يشمئز من أي واقعٍ أفضل و يميل بفطرته إلى الواقع الأكثر وحشية ليتلاءم مع كل ذلك القبح الذي يختبئ بداخله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اصل الداء
على سالم ( 2015 / 8 / 29 - 15:09 )
بالطبع هذه مأساه مروعه ,هذا كله من تبعات سئ الذكر الصلعم والذى جاء الى البشريه بالخراب والدمار والهلاك والدماء , البلهاء فقدوا حاسه الفكر والادراك والعقل على مدى الف وخمسمائه عام


2 - قلم رائع
جيني ( 2015 / 8 / 30 - 03:33 )
أنت ثورة ضد الخنوع والتبعية لأي شخص كان حتى لو كن نبيا خاطئا...افتحوا آذانكم وعقولكم لاستيعاب ما تقوله القائدة الفذة - زين اليوسف - سلوككم المشين الغير واعي جعل قلبها قاسي عليكم لأنها تحبكم
شكرا عزيزتي زين آمل كلماتك أن تجد لها مكانا في نفوس اليمنيين والعرب كافة.


3 - إلى سما
زين اليوسف ( 2015 / 8 / 30 - 04:28 )
شكراً لتعليقك الذي منحني أكثر مما أستحق و أتمنى أن تُستجاب دعوتك و أن يكون هناك من يصغي...


4 - إلى أحمد
زين اليوسف ( 2015 / 8 / 30 - 04:30 )
شكراً لتعليقك و شكراً لأنك فهمت ما أردت أن أقوله دون أن تطالبني بتفسير إضافي لسبب تلك القسوة و دوافعها...


5 - شكرا
ابو الحق البكري ( 2015 / 8 / 30 - 10:32 )
تحية طيبه
بالحقيقه لم اجد شيئا اقوله امام ماتكتبين سوى كلمة شكر اعرب فيها عن اعتزازي ومحبتي متمنيا لك ولنا الاستمرار بالتواصل والتاشير على الخلل عسى ان نسهم ولو قليلا بتحرير بعض القيود التي تكبل عقل الانسان.. وشكرا يازميلتي


6 - إلى أبو الحق
زين اليوسف ( 2015 / 8 / 30 - 12:12 )
شكراً لتعليقك..و أتمنى أن نستطيع أن نسهم و لو في القليل من التحريض على الحركة تجاه التغيير لهذا المجتمع الجامد...

اخر الافلام

.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي


.. تسجيل سابق للأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن يلقي فيه أبيات من




.. الفنانة غادة عبد الرازق العيدية وكحك العيد وحشونى وبحن لذكري


.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب




.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس