الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتصار لمقاربة جديدة لتعاطي المخدرات مبنية على الصحة وحقوق الإنسان: دعوة وطنية في مجرى حراك عالمي وترافع دولي

عمر زغاري

2015 / 8 / 29
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


بادرت لجنة التنسيق لحملة الجمعيات الحقوقية والجمعيات العاملة في مجال تقليص مخاطر الإصابة بالسيدا والالتهاب الكبدي(س) وإدمان المخدرات ،بالاتصال بقيادات أحزاب المعارضة البرلمانية وأحزاب الأغلبية الحكومية ، على المستوى المركزي بالرباط والدار البيضاء وعلى المستوى الجهوي بجهة طنجة والحسيمة ، مابين أيام 15 و 20 غشت الجاري، وذلك قصد الدفع بمذكرة ترافعية وطنية حقوقية والدعوة إلى تفاعل برامج الأحزاب الانتخابية وانتصارها لتوصياتها القاضية بوضع مقاربة جديدة لتعاطي المخدرات مبنية على الصحة وحقوق الإنسان.
وبهذا الخصوص، طالبت لجنة التنسيق عبر مذكرتها الترافعية الأحزاب السياسية المغربية، ومرشحي ومرشحات الانتخابات المحلية والجهوية، والغرفة الثانية للبرلمان المغربي بفتح نقاش وطني للنهوض بسياسات تقليص المخاطر الصحية المرتبطة بتعاطي المخدرات والاعتراف للأشخاص متعاطي المخدرات بحقهم الإنساني فى الكرامة، والتعامل معهم على أساس أنهم مرضى بحاجة للمساعدة والحماية وعدم اعتبارهم كمجرمين واعتماد مقاربات تشاركية في السياسات الموجهة لمجابهة المخدرات، تعتمد على إدماج جميع المتدخلين من أشخاص متعاطين للمخدرات، ومتخصصين في الصحة العمومية، ونشطاء المجتمع المدني، والسلطات العمومية.
كما طالبت اللجنة الأحزاب السياسية،معارضة وأغلبية، بتدعيم الإستراتجية الوطنية لمكافحة الإدمان بالإعلام والتحسيس وتوفير الرعاية الصحية والولوج إلى العلاج لمتعاطي المخدرات، وذلك بضمان مجانية العلاج، وتمكينهم من العلاجات الخاصة بمكافحة الإدمان،بما في ذلك الحصول على العلاج البديل (الميثادون)، وكذلك التكفل والعناية الشاملة بما فيها الرعاية الاجتماعية والدعم النفسي، وتوسيع خدمات تقليص المخاطر وتسريع الحصول على العلاج البديل وتوفيره في المستشفيات والسجون والاستمرار في العمل الذي أطلقته وزارة الصحة لتحسيس وتكوين العاملين في الصيدليات والمهنيين الصحيين.
هذا ، و تندرج مذكرة لجنة التنسيق ،في إطار مرافعة دولية تقودها اللجنة الدولية من اجل تغيير السياسات المتعلقة بالمخدرات، و الأمين العام السابق للأمم المتحدة بمعية أعضاء اللجنة العالمية من اجل الانتصار لمقاربة جديدة للتصدي لآفة المخدرات مبنية على الصحة، حقوق الانسان وكرامة الانسان وعبر سياسات تنموية مستدامة يستفيد منها مزارعي النبتات الثلاث التي تستعمل في صناعة المخدرات عبر العالم حتى تتمكن هذه الفئة من الاندماج في التنمية والعمل على ايجاد سياسات بديلة تحد من كوارث استغلال هذه النبتات الثلاث في صناعة المخدرات.
وكانت الجمعيات العاملة في مجال تقليص خطر الإصابة بالسيدا، ومنظمات حقوقية وجمعيات موضوعاتية وممثلون عن المؤسسات الأمنية والقضائية والصحية والمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان قد نظمت في أكتوبر من السنة الماضية
ندوة وطنية هي الثانية من نوعها بعد إعلان الرباط ،تمحورت عروض وتقارير برنامج فعالياتها ،حول ما بات يشهده المغرب ،من تزايد مقلق ومضطرد في عدد متعاطي المخدرات عبر الحقن والمعرضون أكثر من غيرهم للإصابة بفيروس فقدان المناعة المكتسب وفيروس الالتهاب الكبدي" س" من جهة ،وحول النتائج العكسية لسياسة الجزر والعقاب ضد متعاطي ومدمني المخدرات ،والتي صارت تعيق السياسات التي انخرط فيها المغرب منذ سنة 2008، وعلى رأسها الخطة الإستراتيجية الوطنية التي وضعتها وزارة الصحة وبرامج تقليص خطر الإصابة ومحاربة الإدمان ضمن البرنامج الوطني الذي أطلقته مؤسسة محمد الخامس للتضامن من جهة ثانية .
هذا ،وحسب تقديرات وزارة الصحة والدراسة المنجزة من قبل مصالحها المختصة سنة 2010،فإن عدد متعاطي المخدرات عبر الحقن يتجاوز 14 ألف شخص بشمال المغرب،وأن%37 من متعاطي المخدرات عبر الحقن بمدينة الناظور لوحدها ، مصابون بفيروس نقصان المناعة المكتسب و%90 منهم مصابون بالالتهاب الكبدي "س"، وأن البحوث الميدانية المنجزة خلال سنة 2011لدى 300 متعاطي للمخدرات في جهة تطوان طنجة ونواحيها تتضمن وقائع ومعطيات عن وجود العديد من خروقات الإنسان التي يتعرض لها مدمني المخدرات في أماكن الاعتقال والاحتجاز وفي السجون وداخل المراكز العلاجية والتي تتجاوز الوصم والتمييز إلى الدوس على حقوقهم الإنسانية والحط من كرامتهم .
وهو الأمر الذي يعاكس الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والسيدا التي ساهم المجلس الوطني لحقوق الإنسان في بلورتها بشراكة مع وزارة الصحة وبرنامج الأمم المتحدة المشترك لمحاربة السيدا ووحدة تدبير الصندوق العالمي لمكافحة السيدا والذي سطرت منطلقاتها الأساس على ضرورة مجابهة الوصم والتمييز عند الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالسيدا والفئات المهمشة، ومن بينهم متعاطو المخدرات عبر الحقن، بالإضافة إلى الحق في الصحة والتكفل بهم وادماجهم ، على اعتبار أنهم مرضى بحاجة للمساعدة الطبية والحماية الإجتماعية ، لامجرمين وجب مصادرة حقهم الإنساني في الكرامة والمشاركة الإجتماعية .
وعلى أرضية هذه الإستراتيجية ومعاييرها الحقوقية الكونية وإجراءاتها الهادفة إلى النهوض بحقوق الإنسان وتحسين البيئة التشريعية وإتاحة الوصول إلى الدعم القانوني، بغاية التلاؤم مع الرؤية المتمثلة في صفر إصابة جديدة، صفر تمييز، وصفر وفاة بسبب السيدا في المغرب، تثور بقوة ضرورة إعمال البعد الحقوقي وتعزيز المقاربة الحقوقية في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة السيدا ، بل وضرورة تغيير القوانين التي تجرم متعاطي المخدرات ومدمنيها صلة بظهير 21 ماي 1974، والنهوض بترسانة الأحكام البديلة وضمان حق المتعاطين للمخدرات المعتقلين والمسجونين في التكفل الطبي والرعاية الإجتماعية والدعم النفسي، حسب ما جاء في مرافعات جل الخبراء الدوليين والأطباء من ذوي الإختصاص في معرض خلاصات عروض وتقارير ومناقشات هذه الندوة الوطنية .
خلاصات أكدت على ضرورة مصاحبة الاستراتيجية التي وضعتها الدولة للتصدي لظاهرة تعاطي المخدرات بتغيير للترسانة القانونية من أجل الحصول على نتائج إيجابية إسوة بباقي التجارب الدولية المقارنة، واستحضار توصيات التقرير الصادر في شتنبر من سنة 2011 عن اللجنة العالمية حول المخدرات القاضية بوضع حد لتجريم ووصم متعاطي المخدرات التي لا تتسبب في أضرار للغير كالقنب الهندي، عبر تقنينات متسامحة ومضبوطة لاتقاء شرور الجريمة المنظمة وضمان صحة المواطنين وسلامتهم في إطار اعتماد استراتيجيات جديدة ومقاربات نوعية تتأسس على منظومة حقوق الإنسان.
وكان تقرير اللجنة قد أعلن عن فشل المجتمع الدولي في كسب حربه المعلنة منذ أربعة عقود ضد المخدرات، إلى حد أن أصبحت كل الأسلحة التي اعتمدتها الدول في حربها هاته، من قوانين صارمة وميزانيات ضخمة ووسائل أمنية ولوجيستيكية هائلة، عاجزة عن الحد من انتشار المخدرات بل وتعاكس الإجراءات الصحية المتخذة من قبل الدول من أجل الوقاية من انتشار داء السيدا وفيروس الالتهاب الكبدي" س" في أوساط المتعاطين للمخدرات عبر الحقن، والحد من الوفيات التي تتسبب فيها الجرعات الزائدة من المخدرات القوية وتطويق المخاطر المرتبطة بتعاطيها على صحة الإنسان وعلى الاستقرار العائلي والاجتماعي لمجتمعاته.
وهذا، في الوقت الذي يخلص فيه تقرير هذه اللجنة العالمية حول المخدرات ،إلى كون الميزانيات المخصصة لتمويل الاستراتيجيات الأمنية التي اعتمدتها الدول لردع منتجي المخدرات ومروجيها والمتعاطين لها والنفقات العمومية المصروفة لتوفير بنيات استقبالهم وإقامتهم داخل السجون، تتجاوز بشكل هائل الاعتمادات المرصودة من أجل تقليص الطلب على المخدرات والحد من مخاطر التعاطي لها على الصحة العقلية والجسمانية للإنسان ومحيطه المجتمعي ، وهذا خارج العواقب الكارثية لحرب المخدرات ،على التنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان والبيئة وبالتالي على أمن واستقرار المجتمع الدولي ،حسب ما كشفت عنه بعض الدراسات التي أنجزتها منظمات غير حكومية خبيرة ومختصة في إطار تقييمها لكلفة حرب المجتمع الدولي على المخدرات ماليا وسياسيا.
وفي هذا السياق، تسابق مجموعة من الدول الزمن ،لإستقطاب العديد من الأصوات المقتنعة بضرورة البحث عن مقاربات جديدة في حربها على المخدرات ، وذلك بغاية استصدار الإعلان السياسي الذي صاغته لجنة دولية من أعلى مستوى في مارس من السنة الماضية بفيينا ، وتبنيه كأرضية لأشغال الدورة الخاصة التي ستعقدها الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة سنة 2016 ، في إطار تقييمها لحرب المجتمع الدولي على المخدرات في ضوء معاهدة سنة 1961 الدولية ، ولسياقات الظرفية الدولية لإعلان نكسون الحرب على استهلاك المخدرات القوية في أعقاب هزيمة الجيش الأمريكي في فيتنام من جهة ، وتثمينها لحصيلة التجارب الدولية المقارنة ومقارباتها الجديدة في الحد من عوامل انتشار المخدرات وتقليص دوائر الإصابة بالسيدا وبالفيروس الكبدي "س" عبر ضمان الحق في الصحة وإقرار حقوق الإنسان في التعامل مع متعاطي المخدرات ومدمنيها من جهة ثانية.
مقاربات باتت تجد صداها القوي اليوم داخل المغرب ،عبر دعوات جمعيات مدنية ومنظمات حقوقية وفرق برلمانية وأحزاب سياسية بالمغرب إلى تقنين زراعة القنب الهندي وتوجيه استعمالاته إلى المجالات العلمية والطبية والصناعية ورفع الحظر عنها لتغدو مرتبطة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة،ووضع حد لتجريم متعاطي المخدرات ومدمنيها،وفق مقاربات حقوقية وتنموية تتمثل فشل المقاربة الأمنية ومضاعفاتها الاجتماعية على المزارعين وهشاشة البدائل المقترحة عليهم وتحول مافيات التهريب وأباطرة المخدرات إلى الاتجار في بدائل أخطر وأكثر تهديدا للمجتمعات والدول من تبعات الاتجار في مشتقات القنب الهندي،وخاصة مادتي الكوكايين والهيروين،وتبييض الأموال وتزويد الجريمة المنظمة والشبكات الإرهابية بالسلاح بمنزع إقامة دولة داخل الدولة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصير مفاوضات القاهرة بين حسابات نتنياهو والسنوار | #غرفة_الأ


.. التواجد الإيراني في إفريقيا.. توسع وتأثير متزايد وسط استمرار




.. هاليفي: سنستبدل القوات ونسمح لجنود الاحتياط بالاستراحة ليعود


.. قراءة عسكرية.. عمليات نوعية تستهدف تمركزات ومواقع إسرائيلية




.. خارج الصندوق | اتفاق أمني مرتقب بين الرياض وواشنطن.. وهل تقب