الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فقاعة الأسهم والاقتصاد الصيني

فهمي الكتوت

2015 / 8 / 29
الادارة و الاقتصاد


بعد أسبوع من الذعر والهلع؛ سجلت أسواق المال العالمية مكاسب ملموسة الخميس الماضي، فقد ارتفع مؤشر بورصة شنغهاي الصينية بنسبة 5.34% بعد تدخل البنك المركزي الصيني بضخ 150 مليار يوان (23.4 مليار دولار) إضافية إلى سوق المال وفقا لما أوردته وكالة أنباء الصين الجديدة. وارتفع مؤشر وول ستريت بنسبة 3.9% محققا أكبر مكسب يومي منذ أربع سنوات، بعد سلسلة خسائر استمرت على مدار أسبوع، وتزامن انتعاش الأسهم الأمريكية مع تأكيدات وليام دودلي عضو مجلس الاحتياطي الاتحادي بصعوبة رفع أسعار الفائدة في سبتمبر القادم في ظل الإضرابات الشديدة التي تشهدها أسواق المال العالمية. كما عوضت الأسهم الأوروبية خسائر الأسبوع، حيث سجلت مختلف القطاعات مكاسب ملموسة. وسجلت أسواق الأسهم الخليجية، قفزة جماعية الخميس الماضي التي صعدت بنسبة 4%.
لكن ماذا بعد؟ هل ما شهدته أسواق المال حالة عارضة. أم أن فقاعة الأسهم ستقود الاقتصاد العالمي نحو أزمة مالية جديدة؟ قبل الإجابة عن هذه التساؤلات، لا بد من التعرّف على أسباب وتداعيات التراجع الحاد لأسعار الأسهم. والتي وصلت ذروتها الإثنين الماضي الذي وصف بـ "الإثنين الأسود".
لقد حقق الاقتصاد الصيني خلال السنوات الست الماضية نموًا اقتصاديا لم يشهده اقتصاد في العالم، حيث قفز الناتج المحلي الإجمالي من 4.327 تريليون دولار أميركي في عام 2008 إلى 9.469 تريليون دولار في عام 2014، ليس هذا فحسب، فقد نشر صندوق النقد الدولي تقريرا في أكتوبر 2014 عن آفاق الاقتصاد العالمي؛ اعتبر الاقتصاد الصيني أكبر اقتصاد في العالم، وتجاوز حجم الاقتصاد الأمريكي. "بتعادل القوة الشرائية" فقد بلغ الناتج الأمريكي 17.416 تريليون دولار في عام 2014، وبلغ الناتج الصيني "بتعادل القوة الشرائية" 17.632 تريليون دولار، أي أن الاقتصاد الصيني تجاوز الاقتصاد الأمريكي كمنتج بنحو 1.2%. بينما يقيم الإنتاج الصيني بالدولار الأمريكي بـ 9.469 تريليون دولار.
ومن المعروف أنّ الاقتصاد الصيني قاد النمو العالمي على مدى السنوات الست العجاف، وشكل صمام أمان لحمايته، وأن أي تراجع في معدلات نمو الاقتصاد الصيني يشكل منزلقًا خطيرًا للاقتصاد العالمي. فقد حقق الاقتصاد الصيني نموا مقداره 7.4% عام 2014، ووفق التقديرات الرسمية فانه مؤهل لتحقيق نمو نسبته 7% العام الحالي 2015. في الوقت الذي مازال اقتصاد الاتحاد الأوروبي يحقق نموًا أقل من 1% وبعض دول الاتحاد تعاني من حالات الانكماش الاقتصادي، وكذلك الاقتصاد الياباني الذي ما زال يعاني من التباطؤ، أما الاقتصاد الأمريكي فيشهد نموًا مضطرباً، ومدعومًا بسياسة التيسير الكمّي، وقد اعتبر مسؤول بارز في البنك المركزي الصيني أنّ القلق من زيادة محتملة في أسعار الفائدة الأمريكية ربما كان السبب في الاضطرابات التي شهدتها أسواق الأسهم العالمية، وليس خفض الصين لعملتها. كما يواجه الاقتصاد الروسي تراجعًا ملموسًا بسبب انخفاض أسعار النفط، وشهد الاقتصاد البرازيلي حالات من الركود الاقتصادي. فإذا ما استثنينا الصين والهند فإنّ معظم اقتصادات العالم تمر بظروف غير مواتية في النهوض بالاقتصاد العالمي، وأنّ مقدرتهما على تحمل هذه الأعباء لوحدهما أمر غير محتمل، ولذلك ما يشهده الاقتصاد العالمي يحمل مخاطر كبيرة، قد تعيد الاقتصاد العالمي إلى حالات الكساد.
وعلى الرغم من تميز الاقتصاد الصيني كونه يشكل نموذجا آخر.. فهو اقتصاد مختلط يجمع بين ملكية الدولة وبين استثمارات رأسمالية محليّة وأجنبية، كما أن الصين تعيش في ظل العولمة الرأسماليّة، وأصبح الاقتصاد الصيني يمثل القوة الاقتصادية الضاربة في العالم، ويقع تحت تأثير أمراض النظام الرأسمالي، على الرغم من حرص الحكومة الصينية على الإبقاء على دور قوي للدولة في الاقتصاد، يسمح لها بالتدخل لتصويب بعض الاختلالات، إلا أنّ حجم التجارة الخارجيّة "صادرات وواردات" يضع الاقتصاد الصيني تحت تأثير ارتدادات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، التي ما زالت المراكز الرأسمالية تعاني من تداعياتها. فقد انخفضت صادرات الصين بنسبة 8.3 % على أساس سنوي في يوليو الماضي، وتراجعت الواردات 8.1 بالمائة. كما تراجعت صادرات الولايات المتحدة بنسبة 5.2 % واليابان بنسبة 8.1 % في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري.
وقد أقدمت السلطات النقدية الصينية على اتباع سياسة التحفيز الاقتصادي، بتخفيض قيمة عملتها المحلية "اليوان" لثلاث مرات متتالية لدعم صادراتها وإعطائها ميزة تفضيليّة في الأسواق العالمية. الأمر الذي أدى إلى حالة من الخوف وعدم الاستقرار لدى أسواق المال. وما فقاعات الأسهم الصينية إلا تعبير عن ارتفاع غير مبرر في أسعار الأسهم، وجزء من سياسة المضاربات التي تعتبر إحدى مظاهر النظام الرأسمالي، وقد استخدمت الصين نفس الأدوات التي تتبعها المراكز الرأسماليّة في مواجهة التراجع الكبير في سوق الأسهم، بضخ الأموال لشراء الأسهم وزيادة الطلب لترتفع الأسعار، للحد من نزيف أسواق المال، وهو إجراء مؤقت، لكن الاقتصاد الصيني يحتاج إلى إجراءات أعمق بكثير، لإعادة التوازن، والتحوّل من اقتصاد موجّه نحو الخارج إلى اقتصاد للسوق المحلي، ومن استثمارات دافعها الوحيد الربح، إلى استثمارات تستهدف إشباع الحاجيّات الضروريّة للمجتمع المحلي، وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أخبار الساعة | رئيس الصين يزور فرنسا وسط توترات اقتصادية وتج


.. الاقتصاد أولاً ثم السياسة .. مفتاح زيارة الرئيس الصيني الى ب




.. أسعار الذهب اليوم الأحد 05 مايو 2024


.. رئيس مجلس النواب الأميركي: سنطرح إلغاء الإعفاءات الضريبية عن




.. ملايين السياح في الشوارع ومحطات القطار .. هكذا بدا -الأسبوع