الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رياح التغيير تعصف المنطقة وتصل الى مشارف دمشق

زوهات كوباني

2005 / 10 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


رياح التغيير الذي افرزته الثورة العلمية وثورة المواصلات ،الذي بدأ يعصف المنطقة ، اقترب كثيرا من مشارف دمشق ، فما اظهرته الرياح من تاثيرات ونتائج على الانظمة الموجودة في المنطقة بدا يفعل فعلتها في سورية ، وكل المؤشرات والدلائل تدل على ان سورية لا مفر منها امام هذه العاصفة القوية . لقد ازداد سرعة العاصفة في المسير وبدا تقطع المسافات الطويلة خلال زمن قصير ، نتيجة العولمة الحاصلة والتي حولت العالم الى قرية صغيرة ، رياح القرن الواحد والعشرين لم يترك بيت الا ودخل فيه في جميع انحاء العالم ، وقوة تاثيره يتناسب طرداً مع الزمن والبعد والقرب الجغرافي وعمق التاثيرات والقوالب والدوغمائيات القديمة ، وربما يتاخر في الوصول الى بعض المناطق التي تخدع نفسها بانها امنة منها ولكن ستتفاجئ كما فاجئ العالم بهزة تسنونامي وعندها لن تكون الفائدة لان الذي حصل سيكون قد حصل ، ولكن المهمة قبل ان تحدث مثل هذه الهزات العنيفة ان تدرك مخاطرها وتتخذ التدابير . هذه الاعاصير التي ضرب الاتحاد السوفيتي العملاق ومرت باوربا الشرقية جارفاً معه كل ماينافي العصر والعلم حتى ان كانت من اكثر الايديولوجيات تزمتا ووصلت تاثيرها حتى الى اعماق افريقيا وامريكا اللاتينية ، ومع بداية القرن الواحد والعشرين بدا يعد العدة العملية بعدما قامت بتحضيراتها التي تاخرت اكثر من اللازم ، من اجل هذه المنطقة التي تعد من اكثر المناطق في العالم تحفظا ًوصاحب الباع الطويل في التاريخ الحضاري والتي لعبت دور المهد للحضارة لذلك لا بد من التحضيرات والمواجهة ان يكون تامة وقوية لان فشل ونجاح هذه العاصفة يتوقف على فشلها ونجاحها في المنطقة التي ستعطي النموذج الجديد للنظام العالمي المقبل كما لعبت نفس الدور في التاريخ القديم .
لقد بدات الهزة فعلتها في المنطقة من افغانستان ووصلت الى العراق واسفرت عن سقوط الطاغية صدام وامتدت الى لبنان وقلبت لبنان( الآمن ) راساً على عقب ، اسفر عن سقوط الحكومة واعلان رئيس الوزراء للمرة الثانية عن اعفاءه من تشكيل حكومة جديدة وهذا يدل على الفشل في الترميم الذي كان يراد عن طريقه القيام بها في لبنان من قبل من وضعوا امالهم عليها . وبدات تنشر تاثيرها على دول الجوار من تركيا وايران وسورية ،هذه العاصفة تجرف معها كل قديم من على جميع الصعد ولا تقبل الترميم والترقيع والتجميل الذي يحبذه الكثيرون من المتربعين على سدة الحكم في الانظمة في المنطقة . بل يتطلب تغيرات كلية وجذرية وهي قضية الانظمة الشمولية الموجودة القائمة على الانكار والامحاء وتجاوز هذه الانظمة ، وهذا يمر من اصلاحات ديمقراطية شاملة بدا من الدستور الاساسي الى الاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية وحل القضية الكردية والقضايا الاثنية بشكل عادل وموضوعي وواقعي من اجل المشاركة الفعلية في تنمية وتطوير الدولة بهويتها وارادتها ، وفتح المجال امام التعدد الحزبي الديمقراطي وحرية العمل الحزبي وسنه في الدستور الاساسي ، وازالة الاحكام العرفية والطوارئ وصولا الى دولة القانون والحقوق . وبدون هذه التغيرات لا يمكن للنظام من الوقوف في وجه هذه العاصفة لانه ببنائها القديم لا يمكنها الوقوف على ارجلها وستنهار حتماً وهذا ما ظهر بشكلٍ واضح في مثال العراق ولبنان وان كانا باشكال وباساليب مختلفة . وربما ستحاول هذه الانظمة القيام ببعض الترميمات من اجل اطالة عمرها ولكن لن تفيد . فالوضع الموجود في لبنان وغيرها خير شاهد على ذلك .
ان التغيرات التي حصلت وتحصل في دول الجوار لسورية يضعها في حصار جدي يتطلب منها ان تقرأ التطورات التي تحصل والقرارات التي تتخذ في المحافل الدولية سواء قرار 1559 او قرار تشكيل لجنة دولية لتحقيق حادثة اغتيال الحريري وقرار المشاركة في الشراكة الاوربية والضغوطات الاخرى من اجل اجراء التغيرات الداخلية او الضغط عليها في قضايا التدخل في شؤون الغير من عراق وفلسطين ولبنان ، كلها تشير الى ان الخطر محدق وجدي تجاه سورية ويتطلب القراءة الصحيحة والموضوعية والواقعية لهذه التطورات ، دون الدخول في الغفلة ،من قبيل" الشارع السوري لا يمكنه الانجرار في مخططات القوى الخارجية ، ووطنيته لا تسمح بذلك " ، فالشارع السوري اصبح له خمس سنوات خاصة بعد مجيء الرئيس بشار الاسد على سدة الحكم وهو ينتظر التغير والاصلاح وتطبيق الوعود التي اعطاها في خطاب القسم او في الحوارات الجارية معه من قبل الفضائيات العربية والاجنبية ، عندما يخيب امله في تحقيق التقدم والحداثة والتجديد والاصلاح ، فان الشارع سيضطر الى اللجوء الى من يعمل ويعطيه الامل حتى ولو كان من الخارج لانه فقد امله في الداخل ومن اجل سد الطريق امام مثل هذه المخاطر فلا بد من التحليل الصحيح ، وتطبيق وتحقيق متطلبات الشارع السوري وعندها سيتحول سوريا الى حصن منيع تجاه المداخلات الخارجية والى مثال يحتذى به في المنطقة بتطبيق الديمقراطية وتتحول الى دولة الحقوق والقانون يحق الاحترام والتقدير .
ان النظام السوري بدأ يفهم قوة الرياح وشدة التيار والعاصفة ويظهر بانه يميل الى اجراء التغير والتحول سواء اكان هذه التغيرات نتيجة الضغوطات الداخلية ام نتيجة الضغوطات الخارجية ام انها نتيجة رغبة النظام في ذلك ، والخطوات العملية والمراسيم الذي يصدرها السيد الرئيس يدل على انه بدا بالتغير و يخطوا الخطوات الجادة في هذا السبيل ويتطلب تقييم هذه الخطوات بشكل موضوعي من باب كونها بادرة ايجابية ودعمها الى جانب انها لا تكفي من اجل حل القضية الكردية او دمقرطة سورية ويتطلب الاستمرار من اجل تطبيق المزيد . ان التطورات التي بدات باطلاق سراح المعتقلين على خلفية احداث 12 آذار وبعدها قرار اعادة الجنسية لعديموا الجنسية والعمل من اجل تبيض السجون السورية من المعتقلين واطلاق سراح معتقلي ربيع دمشق رياض السيف ومامون الحمصي الى الحديث في التلفيزيون السوري على القضية الكردية وانهاء الحديث بالكلمة الكردية" زور سباس" كلها دليل على انها بدات بمرحلة شبيهة بمرحلة التغير التي بدات في تركيا في بداية التسعينات عندما قال الجنرال التركي لطفل كردي باللغة الكردية" وره وره" . ان التغير هذا الذي بداه هو غيض من فيض التغيرات المنتظرة والذي يتطلب من سورية القيام بها وصولا الى سورية معاصرة ديمقراطية تشاركها جميع موزاييكها الموجودة بارادتها . وحل القضية الكردية التي تشكل المفتاح الرئيسي لدمقرطة سورية ، لان النظام القديم في سورية هو من ثمار الانظمة المتشكلة في القرن العشرين والقائمة على الانكار والامحاء . فالتغير يبدا بتحطيم المعادلة القديمة دون ترقيعها واجراء التكافؤ الصحيح للمعادلة الجديدة التي ستظهر دون ترك الشواغر التي ستسبب في تفسخ النظام على المدى القريب او البعيد .
الى جانب قيام سورية بالقراءة الصحيحة للاحداث والتطورات الجارية في محيطها والعالم ، يتطلب من المعارضة السورية والاحزاب الكردية ايضاً اجراء قراءة صحيحة وذلك بدون ان تتحول الى ادوات لجهات تحاول الاستفادة منها بل ان تجري التغيرات لتساهم في دفع عجلة التغير والتقدم الى الامام بدلا من عرقلتها لان هذه الاحزاب ايضا هي من ثمار عقلية القرن العشرين التي افرزت التنظيمات في المنطقة وكردستان ، وتعيش تاثيراتها بشكل ثقيل . وهذا ما تجعلها بعيدة عن اتخاذ قرار مستقل موضوعي وفق الخصوصية السورية ، مع مراعاة الجوانب المشتركة للمصالح الكردستانية العامة دون الدخول في انكارها ونسيانها او التحول الى تبعية وذيول لها ، وايصالها الى نهج سليم متوضحا اهدافها الملموسة في سورية والمنطقة لدعم عملية الدمقرطة ، وأن ينعكس هذا على نمط تنظيمها واسلوب نضالها . ان كل هذا يتطلب ان ياخذ وضعها بعين الاعتبار واجراء التقييم الجديد والوصول الى حركة كردية فعلية تستطيع الرد على مطالب الجماهير وتشكيل الضغط على الدولة وتشكيل الاعتبار لها سواء على الساحة الكردية السورية او العالمية ، وهذا يتم بترك الاقترابات الانكارية المتواجدة لديها والمصالح الحزبية الضيقة والوصول الى منهاج عمل مشترك يشترك فيها جميع الاحزاب الكردية صغيرة وكبيرة دون ترك اية جهة منها خارج الحدث نتيجة دوافع حزبية ضيقة او رغبات لاتفيد المصلحة الكردية السورية . لذلك فيتطلب ان لا تدخل الغفلة من قبيل "ان المكلفين والمفروض ان يقوموا بالتغير هم فقط النظام وهم بريئون ومعصومون عن الخطا ، وينتظرون ان يهطل لهم الخير والبركة كبديل للحرمان الذي عاشوهم " لانه لو لم يكن لديهم الاخطاء والنواقص لما كان حالتهم بهذا الشكل ، ولما كان للجماهير شكايات وانتقادات . فرياح التغير والعاصفة هي عامة ولا تخص احد دون سواها ، بل تشمل الانظمة القديمة بجميع مفرزاتها ، وكل تاثر بعقليتها وذهنيتها يتطلب منها التغيير الشامل . ولا يعرف التغير الدولة من الحركة او التنظيم بل يعرف المحافظ والمخالف لتوجهات العصر والمتناقض مع التطور والتقدم وحركة التاريخ ولا بد من تجاوزه سواء ان شاء ام أبى .
ان عدم القيام بهذه المراجعة التاريخية والموضوعية من قبل الاحزاب الكردية سيبقيها خارج دائرة التطورات ويتطلب تجاوز الاقترابات الدوغمائية والفوضوية والدعائية والشعاراتية التي لا تستند الى الاساس العملي والعلمي .
في مرحلة وصول رياح التغير الى مشارف سورية يتطلب من جميع القوى بدا من النظام الى المعارضة والحركة الكردية الى اجراء مراجعة نقدية صحيحة لواقعها الماضي المنصرم لتتمكن من الرد على العاصفة وذلك بازالة اسباب التي تولد العاصفة والاعاصير . وبالاقتراب الحساس والمسؤول والواقعي من المرحلة سيتمكن من انقاذ سورية من الفخ الذي تم نصبها لها من قبل قوى الشر والذي يقود الى الانهيار والتصفية ، والوصول الى سورية الجديدة تسودها القانون والحقوق والديمقرطية والعدالة والمساواة وتتخذ مكانتها المرموقة في الاسرة العالمية بارادتها وهويتها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسعى إسرائيل لـ-محو- غزة عن الخريطة فعلا؟| مسائية


.. زيلينسكي: الغرب يخشى هزيمة روسية في الحرب ولا يريد لكييف أن




.. جيروزاليم بوست: نتنياهو المدرج الأول على قائمة مسؤولين ألحقو


.. تقارير بريطانية: هجوم بصاروخ على ناقلة نفط ترفع علم بنما جنو




.. مشاهد من وداع شهيد جنين إسلام خمايسة