الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا والهروب عبر إطالة عمر الأزمة السورية وإبعاد شبح التقسيم .. والصراع التركي مع الكرد .. وخلفيات دعم التركمان ..

إبراهيم كابان

2015 / 8 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


( القسم 4 من الجزء 3 الصراع السني – الشيعي / قراءة مبسطة ) ..
يدرك الأتراك جيداً حجم المخطط المرسوم لتقسيم المنطقة كاملة ، وإن العملية الجارية وإن كانت بشكل جزئي إلا إنها تنفذ شيء فشيء ولن تكون تركيا بعيدة عن آتون التقسيم ، لاسيما وإنها جزء حيوي في الشرق الأوسط والأقرب إلى مناطق التقسيمات ووجودها وميولها الدينية والاستعمارية تهدد الغرب ككل ، إلا أن الأتراك متأكدين بأن دورهم لم يحن بعد وإن سوريا آيلة للتقسيم بعد تقسيم العراق وكلما تعطلت العملية في سوريا تأجل التقسيم وهذا يعني يتخلى الغرب والأمريكان عن مشروع تقسيم تركيا – على الأقل على المدى القريب ، كما فعله النظام السوري بعد غزو العراق من قبل الغرب ودعم وقت ذاك جماعات متطرفة لضرب العراقيين ببعضهم وإدخال القوات الأمريكية في حرب استنزاف وتأزم الوضع حتى باتت العراق مستنقعاً بدل أن يكون معقلاً للتدخل الأمريكي في سوريا . وبسبب عدم تدخل التركي في العراق تطورت القضية الكردية هناك حتى نتجت عن قيام إقليم شبه مستقل ، مما دفعت بالأتراك إلى التعلم من الدرس السوري ونجاحه في إعاقة المشروع الأمريكي آنذاك ، وحاول الأتراك تكرار ذلك في سوريا بدعمهم لمنظمة الداعش الإرهابية التي حاولت احتلال مقاطعة كوباني والجزيرة وجاءت النتائج عكسية تماماً .
ويدرك الأتراك إن عليهم الاستفادة الوقتية من الحدث وخاصة إن الشبح الذي يهدد الأتراك بعد انهيار إمبراطوريتهم العثمانية هي البوابة الكردية في المنطقة وتطور وضعهم في سوريا وشبه استقلاليتهم في العراق ، ومن الطبيعي انعكاس ذلك على كرد تركيا الذين يبلغون 25 مليون نسمة على أقل تقدير ، وهو حجم ليس بقليل أمام تواجدهم في العراق وسوريا وتواجدهم في جغرافية موحدة جنوب شرقي تركيا وعلى احتكاك مباشر مع التطورات الكردية في سوريا بعد العراق . هذه المخاوف وغيرها تقلق تركيا كثيراً في ظل التقارب الأمريكي – الكردي في سوريا بعد أن جعلت أمريكيا من إقليم كردستان العراق معقلاً وقد يكون عسكرياً رسمياً في المراحل القادمة إن وجدت أمريكيا رفض تركي لأي مشروع .
وإن نظرنا إلى الخارطة التركية سنجد إنه يحد شريطها الحدودي إقليم روج آفا جنوباً وإقليم كردستان العراق جنوب شرقاً كما إن سيطرة حزب العمال الكردستاني على الحدود التركية الإيرانية شبه كامل وإمكانية تطور الوضع هناك وتحويلها إلى مناطق حرب غير آمنة - فإنه عملياً لم يبقى حدوداً تركية مع سوريا والعراق والوطن العربي عموماً وحتى مع إيران مستقبلاً إن تطورت القضية الكردية هناك واتسعت الجبهة الجارية بين الكرد والإيرانيين ، ويتسبب في ضربة اقتصادية وسداً منيعاً أمام الأطماع التركية في العمق العربي ، وأيضاً يتأثر تجارته مع الخليج والسوق السورية بعد الحرب ولن يمر شيء إلا يستفيد منها الكرد ويقيدون تركيا من كل الجوانب في ظل التقيد الغربي لها ، بالإضافة إن كرد تركيا أكثر تأثيراً بكرد سوريا كون الحزب الحاكم في إقليم روج آفا جزء لا يتجزأ من حزب العمال الكردستاني ، وهذا يعني إن عملية تطور الحالة الكردية في شمال سوريا سينعكس فوراً على كرد تركيا ويشكل تهديداً مباشراً لتركيا التي تحاول حل القضية الكردية ضمن دمقرطة البلاد دون إثارة أي نعرة انفصالية للكرد هناك ، وبذلك خسرت تركيا حربها مع حزب العمال الكردستاني بانتصار ساحق لهذا الحزب على الداخل التركي والسلطة العسكرية لأن حجم وقوة حزب العمال أصبح في المستوى القوي جداً مما دفعت بأمريكا وغيرها إلى التحالف مع بعض أجنحتها العسكرية والسياسية وروج آفا / شمال سوريا / نموذجاً لذلك .
لأن إقليم كوردستان وإقليم روج آفا يملكان طاقة نفطية هائلة ومناخ ومياه يطورانها بشكل سريع وعملية نقل النفط من كركوك عبر قامشلو إلى عفرين والبحر المتوسط أصبح أمراً سهل المنال بالنسبة لحزب العمال في ظل تطور وقوة الأحزاب الحليفة لحزب العمال في إقليم كردستان العراق كحركة التغيير وإتحاد الوطني الكردستاني اللذان يشكلان 50% من البرلمان وقضية سيطرتهم على القرار السياسي بات بين القوسين وأيضاً لامتلاك الحزب نوع من العلاقات مع الساحل السوري الذي سيكون له أيضاً خصوصية في المستقبل بعد حالة الشرخ بين المجتمع السوري ، كما إن سيطرة حزب العمال على الحراك السياسي الكوردي في إيران وتركيا وسوريا وشرائح واسعة في كردستان العراق يدفع بالأتراك إلى الجنون وفعل أي شي من أجل تحجيمها ، وتأتي العملية التركية الأخيرة على هذا الاساس .
هذه الاعتبارات والمخاوف التركية لا بد أن تترجم على الأرض ليعيق المشروع التقسيمي العالمي في الشرق الأوسط ، وبنفس الوقت يحجم تحركات حزب العمال الكردستاني ، وأيضاً تضييق على الوضع الكردي المتطور في شمال سوريا ..
هذا الرعب يلاحق الأتراك حتى في مضاجعهم ويدفع بهم إلى الوقوف أمام المشروع بكل حزم وقوة ، وذلك من خلال التدخل في سوريا ، وقد ساهمت عملية الفوضى في سوريا الطريق أمام تركيا للتدخل ، وهذا الذي دفعت بتركيا إلى دعم منظمة الداعش للهجوم على روج آفا / شمال سوريا / وإقليم كردستان العراق ظناً منها إن الداعش سيقضي على الوضع الكردي في شمال سوريا ويضعف كردستان العراق ، إلا أن الخدعة الأمريكية كانت أقوى من التدبيرات التركية - حيث جاءت النتائج عكسية تماماً وأصبحت روج آفا أكثر أمناً فيما إقليم كردستان أعادت المناطق المتنازع عليها بكل سهولة ، إلى جانب تأمين الحماية الجوية لروج آفا من أمريكا وحلفائها ؟ ..
من هذا المنطلق لم يبقى أمام الأتراك بعد فشل الداعش في احتلال روج آفا إلا استخدام ورقة التركمان في سوريا رغم إن تعداد التركمان قليل جداً وتواجدهم متفرق في كل أنحاء سوريا وليس لهم منطقة سكن موحدة ولا يشكلون نسبة سكانية .
ولكن الأتراك سيخلقون كل ذلك في منطقة محددة بغية تطبيق مشروعهم الخاص .

في الجزء الرابع تتابعون : اللعبة التركية الإيرانية في إقليم كردستان العراق وأزمة الرئاسة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد قضية -طفل شبرا- الصادمة بمصر.. إليكم ما نعرفه عن -الدارك


.. رئيسي: صمود الحراك الجامعي الغربي سيخلق حالة من الردع الفعال




.. بايدن يتهم الهند واليابان برهاب الأجانب.. فما ردهما؟


.. -كمبيوتر عملاق- يتنبأ بموعد انقراض البشرية: الأرض لن تكون صا




.. آلاف الفلسطينيين يغادرون أطراف رفح باتجاه مناطق في وسط غزة