الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من اسقاط النظام إلى التحالف معه

منذر خدام

2015 / 8 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


من إسقاط النظام إلى التحالف معه
منذر خدام
كان لافتا ما صرح به وزير الخارجية السوري السيد وليد المعلم بعد لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، من احتمال قيام تحالف إقليمي يضم النظام السوري إضافة إلى الدول الأكثر عداءا له، أي تركيا والمملكة العربية السعودية وقطر، وذلك من أجل محاربة داعش. ومع أن الاقتراح الروسي بهذا الخصوص وضعه المعلم في إطار المعجزات، التي لطالما اشتغلت عليها القيادة الروسية ونجحت بحسب تعبيره، إلا أن نائبه السيد فيصل المقداد كان أكثر وضوحا عندما أعرب عن استعداد دمشق للمشاركة في تحالف إقليمي لمحاربة داعش.
في السياسة لا عداوات دائمة بل مصالح، ويبدو أن مصلحة الدول الإقليمية والبعيدة في محاربة داعش وأخواتها القاعديات تتزايد من جراء انتشار الإرهاب في جميع دول المنطقة فمن العراق وسورية، إلى ليبيا واليمن ومصر، إلى السعودية والكويت وأفغانستان ، وأخيرا إلى تركيا والجزائر مرورا ببعض الدول الأوربية، البصمة واحدة وهي بصمة داعش. خلال زيارة الوزير المعلم إلى موسكو، وبحسب ما أفادت به بعض المصادر الإعلامية المطلعة، فإن المعلم رفض العرض الروسي باشتراط التحالف مع الدول الإقليمية المشار إليها بإنشاء حكومة وحدة وطنية تضم أطرافا من المعارضة الخارجية والداخلية قائلاً " انتظروا وسوف تجدون جميع هذه الدول تتسابق إلى عندكم وإلى عند سورية طالبة التعاون في محاربة الإرهاب". تساءل بعض الإعلاميين المتابعين للشأن السوري هل بدأ النظام السوري يؤسس لإستراتيجية جديدة تراهن على انتشار الإرهاب في المنطقة وخصوصاً في الدول التي مدت لقواه المختلفة يد العون والمساعدة تحت مسميات مختلفة، ولسان حاله يقول " لتكتو بالنار ذاتها التي عملتم على إشعالها في سورية".
في حقيقة الأمر النظام ليس أمام إستراتيجية جديدة تماما، بل هي الاستراتيجة ذاتها معدلة بما يراعي الظروف المستجدة، التي عمل عليها منذ انطلاق انتفاضة الشعب السوري في آذار من عام 2011، والتي اقتضت دفع المتظاهرين السلميين إلى حمل السلاح لجرهم إلى ساحته التي يجيد التصرف بها، مستفيدا من تجربة صراعه مع الإخوان المسلمين في بداية الثمانينات من القرن الماضي، مراهنا على درسها الرئيس القاضي بأن مزيدا من العنف سوف يدفع الناس إلى الهدوء ومغادرة الشوارع. وإذا كانت هذه الإستراتيجية قد نجحت في ثمانينات القرن الماضي، لأسباب عديدة، منها على الأقل أن المجتمع الدولي كان إلى جانبه، والدول الإقليمية ساعدته، والأهم أنه كان يواجه حزب الإخوان المسلمين الذي كان يفتقر في ذلك الحين إلى حاضنة اجتماعية واسعة ، لكنها لم تنجح في أحداث 2011 وذلك لأن درس الثمانينات لم يعد صالحا هذا من جهة، فعنف النظام المتزايد استجر مزيدا من العنف المضاد. ومن جهة ثانية ، وهذا مهم ، فإن غالبية الدول المؤثرة في الساحة السورية، وخصوصا الدول الإقليمية، وقفت ضده، ومنها دول كان يعدها دولا صديقة له. وأكثر من ذلك أخذت هذه الدول تقدم الدعم المادي والسياسي للقوى التي انتفضت ضده، تحت يافطة دعم الشعب السوري، دون الاهتمام بطابعها المتطرف.
هنا بدأ النظام يجري تعديلات على إستراتيجيته السابقة ، فهو بداية صار مقتنعا أنه لا يمكن هزيمة قوى المعارضة المسلحة بعد أن سيطرت عليها القوى الإرهابية مثل داعش والنصرة وأخواتهما، لذلك أخذ يعمل على إدامة أمد الصراع والتمسك بالمواقع التي يمكن الدفاع عنها، والقيام بعمليات عسكرية هجومية محدودة في بعض المناطق المعزولة نسبياً.وثانيا، وهذا تعديل جوهري، راهن على أن قوى الإرهاب والتطرف سرعان ما تنقلب على رعاتها وداعميها مما يولد قوى محلية مضادة لدعمها لها، وقد نجح في رهانه. فهاهي اليوم أغلب الدول الإقليمية التي دعمت المعارضة المسلحة، تعاني من الإرهاب وصار الهم الأول للمجتمع الدولي محاربة الإرهاب وليس إسقاط النظام. اليوم حقيقة لا أحد يطالب بإسقاط النظام، وهو جاد في ذلك. على العكس بدأ حراك دولي لتشكيل تحالف إقليمي ودولي لمحاربة داعش والقوى المتطرفة الإرهابية الأخرى، يكون النظام جزءا أساسيا فيه. وإذا صدقت المعلومات الإعلامية، المستندة إلى مصادر من داخل النظام،ومن بعض الدول العربية، فإن اتصالات مباشرة بين ممثلين أمنيين من تركيا وأمريكا وفرنسا وحتى السعودية ومصر وغيرهما بدؤا الحج الأمني إلى دمشق. في موازاة ذلك تعمل روسيا ومصر مدعومتان من دول أخرى مثل إيران على تعويم النظام سياسياً من خلال التحضير لموسكو ثلاثة بدلاً من جنيف ثلاثة بطلب من النظام.
من جهة أخرى فإن التطورات على الجبهة مع تركيا قد أسعدت النظام كثيراً، فمن إغلاق الحدود إلى مشاركة تركيا المباشرة في الحرب على داعش، إلى منحها الإذن للقوات الجوية الأمريكية لاستخدام قاعدة انجر ليك لضرب داعش في العراق وسورية كلها تطورات عدها النظام تصب في مصلحته، وتؤكد على صواب رهاناته على انتشار الإرهاب في دول المنطقة .إن المتابع لإعلام النظام، ولتصريحات كثير من مسؤوليه، يلمس النبرة العالية والواثقة بحصول تحولات سياسية وميدانية حاسمة على صعيد الحرب على الإرهاب في سورية، والتي سوف تصب جميعها في مصلحة النظام بحسب هذه المصادر. ومما يدعم هذه اللغة الواثقة للنظام تصريحات المسؤولين الإيرانيين المستجدة بأنهم لن يتخلوا عن النظام السوري الذي لطالما وقف إلى جانبهم وساعدهم. إيران اليوم في وضع أقوى سياسياً واقتصاديا، ولا شك سوف توظف بعض عناصر قوتها هذه لدعم النظام السوري، وفي تكييف أي حل سياسي قادم للأزمة السورية مع مصلحة النظام. مرة أخرى تخسر الدول التي دعمت القوى المتطرفة في سورية، وراهنت عليها في إسقاط النظام، لكن يبقى الخاسر الأكبر هو الشعب السوري الذي نزفت دماؤه غزيرة، وتشتت في جميع بقاع الأرض ودمرت بلده بسبب هذه الرهانات الخاسرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انعكاسات مقتل رئيسي على السياسة الخارجية لإيران |#غرفة_الأخب


.. تحقيق للجزيرة يكشف مزيد من التفاصيل حول جرائم ميدانية نفذت ب




.. منير شفيق: وفاة رئيسي لن تؤثر على سياسة إيران الخارجية والدا


.. كتائب القسام تطلق صاروخا طراز -سام-7- تجاه مروحية إسرائيلية




.. خامنئي يكلف محمد مخبر بمهام إبراهيم رئيسي وتعيين علي باقري ك