الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وقف مخطط الاستدراج الإسرائيلي

عماد صلاح الدين

2015 / 8 / 31
الارهاب, الحرب والسلام


وقف مخطط الاستدراج الإسرائيلي
(المعضلة والحل)
الحلقة الأولى
عماد صلاح الدين

دفع الشعب الفلسطيني الثمن غاليا من حياته وكرامته ومصيره وأرضه واستقراره منذ مطالع القرن العشرين، حين أوصله واقع التخلف والاستبداد والانحطاط الديني، في حقب الدولة العثمانية إلى النهاية القريبة، من التهيؤ للوقوع أولا تحت سيطرة الطبقية العائلية والإقطاعية عليه، ثم سيطرة قوى أجنبية عليه، ابتداء من سياسة التقاسم الاستعماري الغربي للمنطقة العربية، بموجب اتفاقيات سيكس بيكو الشهيرة بين بريطانيا وفرنسا الاستعماريتين، ثم أخيرا جعله حلقة مطلوبة في ممارسة رؤية احلالية تطرفية في التطهير العرقي والترحيل القسري، من خلال تجربته مع مشروع الحركة الصهيونية، وتاليا دولته إسرائيل عام 1948 على الجزء الأكبر والاهم من فلسطين، وفيما مس التشكيل الإنساني والحضاري الأعظم من قطاعات وعموم سكانه قتلا وجرحا وسلبا وطردا وتهجيرا وتشتيتا.

ودفع الشعب الفلسطيني الثمن غاليا نتيجة لحالة الضعف العربي الرسمي والشعبي قبل احتلال فلسطين وبعدها، ودفع الشعب الفلسطيني الثمن غاليا في دول الجوار العربي القريبة أو في دول الطوق، نتيجة ضعف وتخلف بنية الإنسان الفلسطيني نفسه، عبر عقود وربما قرون من حالة التدهور والانحطاط الأخلاقي والديني والاجتماعي والسياسي على عموم المنطقة، التي انتهى بها التشخيص الأوروبي والغربي الاستعماري، على أنها جزء من تركة العثمانيين الذين أصابهم التراجع والتخلف، ومن ثم الأيلولة للهلاك الشامل، وكذلك نتيجة لضعف بنية الإنسان العربي القائمة عبر العقود والقرون نفسها، وضمن الظرف الفلسطيني وملابساته، القائم على المرض والفقر والجهل، فدفع الجميع الثمن خصوصا الفلسطيني وأرضه فلسطين الواقعة في دائرة الاستهداف الغربي، على اعتبار أنها الخيار المقدر من الناحية الإستراتيجية، وكممر لتكريس السيطرة الاستعمارية الغربية على المنطقة سياسيا واقتصاديا وامنيا، ولتكون فلسطين مخرج الأزمة فيما يتعلق بالمسألة اليهودية وتعقيداتها في المجتمعات الأوروبية في ذلك الوقت من القرنين التاسع عشر والعشرين، خصوصا في بعض دول غرب أوروبا، وفي دول شرق أوروبا، تحديدا في روسيا وبولندا وأوكرانيا.

دفعها وفق التفصيل أعلاه أثمانا باهظة في دول الجوار العربي، سواء في الأردن أو لبنان، أو في العلاقة مع سوريا، وغيرها أقطارا عربية، على شكل تداخل في حروب أهلية، أو تداخل مع سياسات عربية، أو تدخل متبادل فيما بينهما؛ فكان أيلول الأسود سنة 1970، وكانت المذابح الفلسطينية في مخيمات اللجوء اللبنانية عاما فعام، في خضم الحرب الأهلية 1975- 1990، ومتفاقمة مع الاجتياحات الإسرائيلية للجنوب اللبناني وبيروت سواء في عام 1978، أو في عام 1982.

ودفع الشعب الفلسطيني الثمن غاليا من دمه ومستقبله ومصيره وبقاء أرضه واستمرار سيادته عليها، من متحقق الواقع الدولي، وميزان القوى المائل فيه، لمصلحة منظومة القوى الامبريالية والاستعمارية الغربية والأمريكية، وكذلك من طبيعة منظومة القيم السائدة في العلاقات الدولية، والقائمة على مفاهيم القوة وقواعدها والمصلحة والمنفعة، بدون قيود أو ضوابط أو مرجعيات، برغم الحديث شكليا وديباجيا عن الشرعية الدولية وهيئة الأمم المتحدة، ودورها في حل النزاعات الدولية سلميا، وعدم السماح باستخدام القوة أو حتى التهديد بها في سبيل ذلك.
إن المنظومة الدولية المتحكمة في مسار العلاقات الدولية، وفي مصير شعوب الأرض، هي التي فرضت المشروع الصهيوني بقوة السلاح والمال والدعم السياسي والدبلوماسي على الفلسطينيين والعرب، وهي التي أقرت وقبلت قيام إسرائيل، واعترفت بها، واستمرت بدعمها، ومن خلال أدواتها الدولية، في الهيئة الدولية للأمم المتحدة، وخصوصا عن طريق مجلس الأمن الدولي.

والمنظومة الدولية الغربية أساسا والمتحكمة هي التي ساعدت على خلق أجواء الانحراف، الناتج عن الإحباط العام في المنطقة العربية، من سلسلة الاستهدافات الدولية الغربية للمنطقة وأهلها. وهي ساهمت بقدر كبير في دفع نظم عربية إلى ارتكاب أخطاء وخطايا سياسية ووطنية كبيرة، تحديدا بعد تفاعلات هزيمة عام 67؛ حيث استدرج بعدها النظام المصري بقيادة الراحل أنور السادات إلى توقيع معاهدة كامب ديفيد عام 1979 كصلح منفرد مع إسرائيل.

ثم انتقل هذا الاستدراج إلى القضية الفلسطينية، مربوطة معها، وبالتزامن الجانب الأردني، باعتباره الملاصق القريب، وصاحب الحدود الأهم والأطول، مع فلسطين المحتلة.

وقد تم توريط منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح بالمفاوضات مع إسرائيل، والتي أدت إلى توقيع اتفاق أوسلو في عام 1993، وتوقيع الجانب الأردني مع إسرائيل على اتفاقية السلام في وادي عربة عام 1994، وقد جاءت هذه الاتفاقيات الأخيرة مع بداية العقد الأخير من القرن العشرين الماضي، نتيجة أوضاع إقليمية وعربية وحتى إسلامية ودولية، كان للغرب الاستعماري اليد الطولى في خلقها وإيجادها، على حساب شعوب وسيادات دول، من المفروض أن القانون الدولي يقر مبدأ احترامها وعدم الاعتداء عليها وحلها خلافاتها بالطرق الدبلوماسية الدولية المعروفة، في عرف العلاقات الدولية وممارستها.

وكانت هذه الأوضاع السيئة، على خصوص القضية الفلسطينية، وعموم القضية العربية، متمثلة في توريط العراق في حربه على الجمهورية الإسلامية في إيران، وفي غزو الكويت من قبل العراق. وعلى المستوى الدولي كان انهيار منظومة الاتحاد السوفييتي عام 1989، ومن ثم اعتماد سياسة البيروسترويكا في الانفتاح على عموم الحالة السياسية والثقافية الغربية والأمريكية.

ومرة أخرى في الخصوص الفلسطيني، فان الثمن كان أفدح واخطر بكل المقاييس الأخلاقية والسياسية وحتى القانونية، لأنها هناك تتعلق بوحدة قضية ووحدة شعب ووحدة أرضه وتاريخه. ولقد جاءت أوسلو عام 1993، لتقرر وتكرس مسالة العمل على تفكيك وحدة القضية الفلسطينية، على وجه العموم، والى درجة في التجزئة والتفصيل خطيرة جدا؛

فلقد عملت أوسلو على تقسيم الشعب الفلسطيني إلى داخل وخارج، وفي الداخل الفلسطيني المحتل إلى فلسطين عام 1948، وفلسطين عام 1967، أما الأولون فأرادت أمريكا وإسرائيل إنهاء قضيتهم بالتوطين والتعويض، كما هو الأمر بخصوص اللاجئين الفلسطينيين بالخارج، وأما بخصوص فلسطين عام 1967، فكل ما جاء به أوسلو سياسيا وقانونيا هو حكم ذاتي وتقسيم الأراضي إلى مناطق أ،ب،ج وتمت المراوغة إسرائيليا، وبرعاية ودعم غربي وأمريكي، بشأن الدولة التي لم تتحقق للفلسطينيين، حتى كتابة هذه السطور؛ سواء عن طريق الإرجاء، فيما تعلق بالمرحلة الانتقالية عام 1995 إلى عام 1999، ثم المراوغة من جديد عبر خارطة الطريق ومؤتمر انابوليس 2002-2003، 2007 على التوالي.

بينما كانت الخطة الإسرائيلية جارية، بخصوص تفكيك وحدة القضية الفلسطينية ووحدة الشعب الفلسطيني، والاستيطان يتفاقم ويزيد في الضفة الغربية والقدس.

وبينما تزداد يوما بعد يوم، في سياق أوسلو، وعموم الخطة الإسرائيلية أعلاه، مسالة تضخيم العمل النضالي الفلسطيني، وتحويله إلى إرهاب في نظر المجتمع الدولي والعالمي، وبالتالي تبرير الاستهداف الجنوني لفلسطين وأهلها؛ بالقتل، والتدمير، والحصار، ومصادرة الأراضي، وإغلاق الطرق، ومنع التجول المدني عبر البلدات والمدن، وإقامة جدار الفصل العنصري، وحشر الفلسطينيين في معازل وصناديق مغلقة، لا تواصل بينها.

وتم العمل، وبإشراف أمريكي وغربي، على التخريب السياسي والحزبي والاجتماعي للفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وما لذلك من عظيم الأثر السيئ والبالغ على الفلسطينيين سواء في فلسطين المحتلة عام 48، أو الفلسطينيين الموجودين في الجوار العربي والشتات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر إسرائيلية تتحدث عن مفاوضات جديدة بشأن الهدنة في غزة


.. شاهد| مسيرة في شوارع دورا جنوب الخليل ابتهاجا بخطاب أبو عبيد




.. مقتل طيار بالقوات الجوية البريطانية بعد تحطم طائرة مقاتلة


.. دمار هائل خلفه قصف روسي على متجر في خاركييف الأوكرانية




.. حكومة السلفادور تلعن نشر آلاف الجنود لملاحقة العصابات