الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنثى المطر

بشرى رسوان

2015 / 9 / 1
الادب والفن


تتخذين المقعد الأخير تسندين رأسك على الزجاج ، وتضعين سماعات الهاتف ( أغنية وهي عامله ايه دي الوقت عمرو دياب) .يصعد بائع الفول السوداني ، يتبعه بائع الماء المعدني ، ثم المتسول الأعمى ،يليه بائع (الشو كلاه ) ،ويتوالى الباعة و المتسولون ،تتحرك الحافلة تترك خلفها محطة ( أولاد زيان) و ضجيجها ،تختفي حركة الهرج و المرج.
على الزجاج قطرات المطر ، تُبعْثرين الضباب ، يختفي صخب المدينة . تقابلين الريف، على الطريق قطيع ماشية ، رجل يركب عربته ، امرأة تجر بقرتها ،بِرْك ماء كبيرة ، تفكرين في الانتقال للعيش هنا، في أقصى الريف ،بيت كبير بحديقة جميلة ، خم للدجاج ،بقرة ،و حمار.... لا مانع لديك من كلب ، و قطة بيضاء ... بضع شجيرات ... شجرة ليمون … شجرة رمان .. كرم .. شجرة تتوسط البيت لتربط ابنتك أرجوحتها ، تحت العريشة تقرئين رواية (الجليد ) أو ( كوابيس بيروت ) أو( سقف الكفاية ) ، هنا حيث لا يمر الوقت بسرعة، حيث السكون اللامتناهي بإمكانك قراءة ما تشائين ، و عندما تتعبين تتمددين على الحشائش ، تتأملين بشغف زرقة السماء. تحدقين في أسراب الطيور الفاردة أجنحتها في عباب السماء ، طيلة الرحلة تبنين الأحلام و تهدمين
يوقظك بكاء الطفل في المقعد الأمامي ، و ثرثرة العجوز في الصف المقابل ، نقير بين السائق و المساعد (الكريسون) ، رائحة سندويتشات البيض ،رائحة العرق ، خليط غير متجانس من الأصوات و الروائح
تصيح امرأة في المقاعد الخلفية (الما كيقطر علينا واش هذا كار هذا؟؟تعرفو غير تخلصو ) تتهم السائق بالتقصير، تلعن الشركة ،يتدفق الماء من السقف ،من الزجاج ،من فتحات التهوية من كل مكان في الحافلة ، مسبح متنقل على الطريق السيار ،تتابع المرأة (أنا راني مريضة، يله دوزت ،راني غ نعادو نمرض السقف كيقطر و الكرسي سارد ) ،يحتجّ الركاب ، تنتفض النسوة ، يقف الركاب في الممر ،تشتد نبرة الاحتجاج .... لا أذان مصغية ، السائق يلوذ بالصمت .
تلوذين بالصمت مثله . ..لا شيء يُغري بالكلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القبض على الفنان عباس أبو الحسن بسبب دهس سيدتين


.. كرنفال الثقافات في برلين ينبض بالحياة والألوان والموسيقى وال




.. هنا صدم الفنان عباس ا?بو الحسن سيدتين بسيارته في الشيخ زايد


.. إيران تجري تحقيقا في تحطم المروحية.. وتركيا تتحدث عن رواية ج




.. ضبط الفنان عباس أبو الحسن بعد اصطدام سيارته بسيدتين في الشيخ