الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعامل بحكمة مع النظام المصري

عماد صلاح الدين

2015 / 9 / 2
السياسة والعلاقات الدولية


يدرك الباحث والمتابع السياسي، كم هي التحولات الخطيرة، التي طرأت على توجه وعمل منظومة السياسة الرسمية، وتحالفاتها النخبوية الثقافية والمالية، وحتى الدينية التقليدية، خصوصا على مستوى مؤسسة الأزهر الدينية، ومؤسسة الأقباط الدينية، وذلك منذ تم احتواء المؤسسة الأولى والسيطرة عليها، لصالح نظام ثورة يوليو سنة 1952، ثم تكرس ارتباط المؤسسة الأزهرية بنظام الحكم على عهد السادات، وإعطاء تحركاته السياسية والتسووية الشرعية، تحديدا فيما تعلق باتفاق الصلح المنفرد مع إسرائيل، في كامب ديفيد عام 1979.

هذه التحولات، تكرست بشدة في عهد مبارك، التي استمرت لتصبح نهجا سياسيا واستراتيجيا، في التعامل الإقليمي والدولي، حتى أصبح نظام مبارك، بمثابة كنز استراتيجي للإسرائيليين ، ثم تفاقمت هذه السياسة وهذا التوجه، بعد التمكن من الثورة المصرية، واحتوائها وتجييرها والنطق باسمها، لذات النهج، الذي افتتحه الراحل أنور السادات، وسار عليه مبارك لعقود.

ومعروف تاريخيا، أن النظم التي تستعيد نفسها، بأشكال جديدة، بعد ثورات شعبية في مواجهتها، تكون أكثر شراسة، ولا أخلاقية، في تكريس نفسها من جديد، وحتى أدواتها السياسية والإعلامية، بما فيهم –أيضا- العسكر. وهم على استعداد للدخول في تحالفات وشراكات مع الشيطان نفسه، وليس العدو الإسرائيلي، في سبيل تثبيت الشكل الجديد لنظام حكم مؤسساته هي هي، ونخبه الثقافية كذلك. ومعروف، أن المنظومة الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وتابعها الاستراتيجي في المنطقة العربية الإسلامية، تحرص على قيام بنية، وممارسة استبدادية، في نظم الحكم العربي، لجلب الأمن لإسرائيل واستقرارها، في مواجهة أي حراك ثوري أو مقاوم، يمس هذا الأمن والاستقرار، بعيدا عن كل كلام دبلوماسي أو حقوقي جميل، عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، وحتى الانتقاد الطقسي التقليدي، لأوضاع حقوق الإنسان في السعودية أو سوريا أو في مصر. ولذلك رأت إسرائيل، في النظام المصري الجديد، برئاسة عبد الفتاح السيسي، معجزة في جلب الأمن والاستقرار لها، وتأكيده وتثبيته.

وتسعى إسرائيل، جاهدة، بسبب طبيعتها الاستعمارية الاستيطانية والاحلالية، إلى تحقيق الأمن المطلق وليس التبادلي، الذي تقوم عليه منظومة الدول العادية، في سياق علاقاتها البينية والدولية. هذا على رغم أن لديها اقوي جيش في المنطقة، والطبيعة أعلاه تفرض عليها، أن تحتاج بشدة، إلى درجة السعي الحثيث، إلى توقيع اتفاقات سلام مع نظم المنطقة، وبحسب شروطها هي، وبالتالي تكوين شراكات، والطموح إلى تحالفات معها، كما جرى مؤخرا في حرب غزة الأخيرة عام 2014.

إن واقع نخب الحكم العربي، قبل الثورة وبعد الثورة، تلتقي مع سمة وميزة وماهية الكيان الصهيوني، ضمن مشترك سمات وماهيات الجماعات الوظيفية، التي يحكمها التقاء المصالح، ومصلحة الراعي الأكبر من الدول الغربية، وفي المقدم منها الولايات المتحدة الأمريكية، الذين يوفرون المساعدة العسكرية والمالية، وحتى السياسية والدبلوماسية لهاته النظم، كما هو شان الحالة الإسرائيلية. ولذا ينبغي على الفلسطينيين، وحتى على كل حراك عربي، باحث عن التحرر، وتقرير المصير، العمل على هامش المتاح في السياسة والدبلوماسية، في مخاطبة تلك النظم والجماعات الوظيفية، عن طريق لغة المصالح، وبما لا يمس – طبعا- التوجهات الأساسية، في التحرر، وتقرير المصير.

وبرأيي، أن يكون الضغط السياسي، والمقاوم والثوري، سواء في فلسطين أو في المنطقة العربية، موجها إلى مصالح أسياد النخب الوظيفية؛ عربية أو إسرائيلية، بدلا من أن تدخل قوى الحراك المقاوم في غزة، وخصوصا إعلامها في مهاترات ومكاشفات، في سياق الرد على الإعلام المصري، الذي يتهم الفلسطينيين بالتدخل في شؤون المصريين، ومن ثم يحرض عليهم، و يأتي عليهم شتما وهجاء، إلى درجة وصفهم بالصراصير والنمل، وغير ذلك، لعل ذلك، يمنع تفاقم الأمور – سلبيا- في النهاية على الفلسطينيين، بتقديم مبرر زيادة إحكام الحصار على غزة، أو استدراج الفلسطينيين، لمواجهة مع الجيش والأمن المصري.

إن المنظومة الكولونيالية الغربية والأمريكية، مرجعيتها القوة وتحقق المصالح. وهي لا تقدم تنازلات، ولا تتخذ إجراءات، ولا تقدم على مغامرات حربية، إلا بوزنها بميزان القوة والمصالح.
لقد قبل الغرب والولايات المتحدة التوقيع على اتفاق مع إيران، بخصوص برنامجها النووي؛ حين فرضت القوة والمصلحة الاعتبار في ذلك، في سياق العلاقة ما بين الأطراف نفسها.
وإسرائيل، هي الأخرى، ستضطر في النهاية، وبأمر أمريكي، ولاعتبارات ذاتية وموضوعية، قبول صفقة متفق عليها مع الفلسطينيين، وعن طريق وسطاء، أو مفاوضين غير مباشرين، بخصوص تهدئة ما، ورفع للحصار عن الفلسطينيين، ولو جزئيا، وتبادل للأسرى، لان اللغة السائدة، لأطراف الرؤية والممارسة الكولونيالية، هي القوة والمصالح، في عالم اليوم الدولي. وهذا ما تريده أمريكا – تحديدا- من تهدئة جبهة الشرق العربي، للتفرغ للعملاق الصيني، المتعاظم نفوذه، في منطقة أسيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سوليفان في السعودية اليوم وفي إسرائيل غدا.. هل اقتربت الصفقة


.. مستشار الأمن القومي الأميركي يزور السعودية




.. حلمي النمنم: جماعة حسن البنا انتهت إلى الأبد| #حديث_العرب


.. بدء تسيير سفن مساعدات من قبرص إلى غزة بعد انطلاق الجسر الأمي




.. السعودية وإسرائيل.. نتنياهو يعرقل مسار التطبيع بسبب رفضه حل