الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أخيرا يا ابناء شعبي ...!

يوسف ابو الفوز

2005 / 10 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


اخيرا جلس جلاد الشعب العراقي ، الطاغية المجرم صدام حسين ، في قفص الاتهام .
تركت عملي ، والغيت كل مواعيدي خصيصا لاكون امام شاشة التلفزيون ، لاحظى بمشاهدة هذه اللحظة التاريخية ، التي لن تنسى في حياة اي عراقي . مع بدأ دخول المتهمين قاعة المحكمة العراقية ، التي شكلت بقانون عراقي صادر عن الجمعية الوطنية العراقية ، وجدت نفسي اقف على قدمي واقترب من شاشة التلفزيون وكاني اود الخول فيها . ومع دخول المجرم صدام حسين قاعة المحكة ودخوله قفص الاتهام ، حتى وجدتني اجهش بالبكاء من شدة فرحي ، بكيت بحرقة فرحا لان واحدة من اغلى امنياتي كمواطن عراقي تحققت اخيرا ووقف صدام في قفص الاتهام . لا اريد هنا التعليق على صلافة وبهلوانيات المجرم صدام حسين التي عرف فيها وتوقعها ابناء الشعب العراقي منه من اجل الاستهانة بالمحكمة واستغلال قاعتها للدعاية لنفسه والظهور بمظهر البطل المغدور ، ولا اريد مناقشة الذين يشككون بشرعية وعراقية المحكمة ، ولا الرد على ديماغوجية ازلام النظام ، بمختلف لبوسهم ومحاولاتهم التي بدأت للمتاجرة بكلمات صلفة نطقها المجرم وتحويله الى رمز لبطل قومي .
وبغض النظرعن سير المحاكمة ، ونتائجها ، والحكم الذي سيصدره القضاء العراقي ، بحق المجرم صدام وازلام نظامه ، عن جرائمهم التي ارتكبوها ضد ابناء شعبنا العراقي ، سواء في جريمة مدينة الدجيل ، او في حلبجة وغيرها ، فجرائم هذا النظام ورموزه لا تعد ضد ابناء شعبنا والانسانية ، وكفاه ان صار يحمل لقب " نظام المقابر الجماعية " . هنا ، في هذه السطور ، اريد تهنئة كل عوائل الشهداء والضحايا وذويهم ، اريد تهنئة كل أم ثكلى وكل زوجة مظلومة ، وكل ابن يتيم . اريد تحية الشهداء ممن حلموا وعملوا وقدموا حياتهم من اجل هذا اليوم . اريد تحية اصدقائي الشهداء ممن حلمنا معا بهذا اليوم . فهاهو المجرم ذليلا في قفص الاتهام ، وينادونه بتلك العبارة التي طالما تمنيت سماعها : المتهم صدام حسين !
كتبت وتحدثت في وسائل الاعلام المختلفة كذا مرة عن موضوع محاكمة صدام حسين . ايام هروبه واختفاءه والبحث عنه . قبيل اعتقال الطاغية في جحره الفضيحة ، كتبت ضد قتله ، وتمنيت القاء القبض عليه حيا ، لنراه ذليلا في قفص الاتهام في محكمة عراقية ليشهد مصيره كمجرم . وبعد القاء القبض على المجرم صدام كنت قلقا على ان يقوم اعوانه بتدبير عملية لاغتياله ليبدو شهيدا بطلا .
وها نحن الان امام واحدة من نتائج نضالات الشعب العراقي ، الا وهي تقديم جلادي الشعب الى عدالة القانون لينالوا جزائهم العادل ، وليموتوا مجرمين ويأخذوا مكانهم المناسب في صفحات التاريخ . المحكمة العراقية ، التي ستظهر للعالم امكانية هذا الشعب لتسجيل الماثر ، ليس في ابتكار العجلة ، وكتابة اول قانون في العالم ، واختراع ابجدية الكتابة ، و... ، و ... ، بل وانتخاب اول رئيس جمهورية كوردي ، ومحاكمة اول رئيس جمهورية طاغية .
ما تبقى ان اقوله هو امنيتي بأن تتحول محاكمة صدام الى محاكمة للفكر الذي انجب ظاهرة صدام حسين ، الا وهو الفكر القومانجي ، الشوفيني ، الفاشي ، الذي لا يؤمن بحقوق القوميات والطوائف ، وقاد هذا الفكر نظام ديكتاتوري ولد وجاء من داخل مؤسساته القومية فرد قائد تبوأ اعلى المناصب ، وكان قائدا دمويا حمل اسم صدام حسين ، وربما كان يمكن ووفقا لطبيعة الصراعات والتوازنات داخل حزب البعث العربي الاشتراكي الفاشي ، ان يكون المجرم صالح مهدي عماش او المجرم ناظم كزار او اي من الاسماء المجرمة التي كان يمكن ان تتولى المراكز الاولى وتسعى لتنفيذ سياسات هذا الفكر القومانجي الشوفيني ، وان بطريقة واساليب مختلفة . الشعب العراقي يحاجة لمقاومة هذا الفكر الشمولي ، الذي يلغي التعددية وحقوق الانسان ، وامكانية تشييد مجتمع مدني ، يعيش فيه الانسان العراقي وفق قوانين دستورية لا تسمح لاحد بالتجاوز على حرياته وكرامته وحقوقه ، وتضمن الامن والسلام والسعادة لاطفاله والاجيال القادمة . الشعب العراقي بحاجة الى وقف امكانية ان يلد هذا الفكر الفاشي نظاما مشابها او قائدا مماثلا يذيق اجيالنا الموت كل يوم ، وان يكون بامكان اجيالنا القادمة ان تعيش بامان في عراق ديمقراطي فيدرالي تعددي موحد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من المفاوض المصري المتهم بتخريب المفاوضات بين حماس وإسرائيل؟


.. غزة: ما الجديد في خطاب بايدن؟ وكيف رد نتنياهو؟




.. روسيا تستهدف مواقع لتخزين الذخيرة والسلاح منشآت الطاقة بأوكر


.. وليام بيرنز يواجه أصعب مهمة دبلوماسية في تاريخه على خلفية ال




.. ردود الفعل على المستويات الإسرائيلية المختلفة عقب خطاب بايدن