الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشفافية الدولية ومكافحة الفساد

عبد علي عوض

2015 / 9 / 6
العولمة وتطورات العالم المعاصر


في الوقت الراهن، تُعتبَر مشكلة الفساد واحدة من المسائل الموضعية الملحة في كل المجتمعات، والفساد لا يعرف حدود جغرافية الوطن، فهو ينتشر في كل الأماكن. حالياً، غالباً ما يجري التذكير بمفهوم «الفسـاد» في العناوين البارزة للصحف والمجلات لمختلف الاصدارات العالمية.
وعليه، فانّ دراسة وتحليل التطبيقات العملية الدولية بمكافحة الفساد تكتسب أهمية كبيرة عند إستخدام «التطبيقات الأفضل» للقضاء على الفساد ألذي أصبح يرتبط بعلاقة عضوية مع المنظمات الارهابية وعلى رأسها داعش. في المجتمع المعاصر، يجري تنفيذ مجموعة لمختلف البحوث والرقابة والتصنيف للدول بحسب مستوى الفساد. وتُعتبَر الأكثر أهمية من بين تلك البحوث هي – مؤشر الادراك «الاحساس» بالفساد، مؤشر دافعي الرشوة، المراجعة الدولية لضحايا الجريمة، مؤشر عدم الشفافية، نظام درجة نظافة الدولة، مؤشر العولمة وأخرى غيرها كثيرة.
دراسات منظمة الشفافية الدولية (Transparency international) تُعتبَر الأكثر تفضيلاً من بين الكم الكبير من البحوث عن الفساد، من أجل صياغة التصوّرات العامة حول حالة الفساد في العالم وإظهار عوامل الفساد.
إنّ منظمة الشفافية الدولية _ هي منظمة غير تجارية مستقلة معنية بدراسة ومكافحة الفساد مثلما على الصعيد الدولي، كذلك على صعيد بعض الدول، وأحد أهدافها هو الوصول إلى أكبر قدر من الشفافية ومساءلة الحكومة.
لقد فتحَتْ تلك المنظمة فروعاً لها في مختلف دول العالم، والجامع المشترك بينها هي الآيديولوجية الموحَّدة لمكافحة الفساد والموجَّهة نحو إقامة نظام أساسي موحّد للشفافية وفي مقدمته في المجال المالي. وهي أوسع منظمة تستطيع ولفترة طويلة أستكشاف مظاهر الفساد في مختلف مجالات النشاط الحياتي وتشير إلى الأساليب الممكنة لحل المشاكل ألتي يتم تحديدها.
مع تأسيس تلك المنظمة في عام 1993، ظهرَ البديل بادخال البيانات الاحصائية لمستوى الفساد في العالم. ومثلما تُعتمَد معطيات تلك المنظمة، كذلك تؤخَذ بعين الاعتبار الاحصاءات الرسمية الدولية المنشورة على مواقع الانترنيت.
بدايةً، علينا التعرف على مفهوم «الفساد» من وجهة نظر تحديده من قِبَل المنظمات الدولية. إنّ التعريف الواسع القديم المستخدَم في وثيقة دليل منظمة الأمم المتحدة حول مكافحة الفساد دولياً هو كألتالي: «الفساد – هو إساءة إستخدام سلطة الدولة من أجل الحصول على المنافع للأغراض الشخصية». أما التحديد العملي للفساد من قِبل مجموعة من المتخصصين لدى الاتحاد الأوربي فقد كان أكثر توسّعاً ويَنُص على أنّ «الفساد هو عبارة عن الرشوة وأي سلوك آخر للأفراد المكلفين بتنفيذ الواجبات المحدَّدة في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص، ويؤدي ذلك السلوك إلى خرق الواجبات المُلقاة على عاتقهم أو أي نوع آخَر من العلاقات يتضمن الحصول على منافع أخرى غير قانونية لهم وللآخرين».
من الضروري الاطلاع على تجارب بعض الدول وموقعها في التصنيف العالمي بمكافحة الفساد، ومنها:
سنغافورة: يُنظَر إلى حالة الفساد في ذلك البلد على أنها الأقل في المنطقة الآسيوية، ومُتّفق عليها في مؤشر «الادراك والاحساس» بالفساد لدى منظمة الشفافية الدولية لعام 2008، وتقع سنغافورة في المرتبة الرابعة مع المؤشر 9,2 درجة من 10 درجات، يعني يُقدَّر الحد الأدنى للفساد بــ 10 درجات.
ماليزيا: إنّ نجاحات ماليزيا في بناء ستراتيجية مكافحة الفساد وبدرجة عالية لتحقيقها، تستحق دراسة تلك التجربة تطبيقياً في ظروف الواقع العراقي. عند إجراء المقارنة، بصورة تقريبية، بين عدد العاملين في جهاز الدولة، عدد السكان، حجم الاقتصاد في العراق وماليزيا، تسمح جميعها بالاطلاع على مسألة إمكانية إستئصال الفساد الاداري من وجهة نظر التجربة الماليزية. ماليزيا كالعراق، بلد متعدد القوميات والأديان.
الصـين: إنّ تجربة الصين تثير الانتباه في ظل نظام شمولي. ففي هذا البلد، يجري تطبيق الاجراءات الصارمة مع أصحاب العلاقة بالفساد. فقط، في عام 1989 بسبب جرائم الفساد، تمَّ إعدام 30 شخص، والحكم بالسجن على 30 ألف آخرين باحكام مختلفة. في عام 2008، إحتلت الصين في مؤشر «إدراك» الفساد المرتبة – 72 من مجموع 180 مع 3,6 درجة.
أمريكا: في مؤشر «إدراك» الفساد لعام 2008، تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في مجموعة الدول (العشرين الرائدة) وتحتل المرتبة – 18 مع 7,3 درجة. الحقيقة الملفتة للنظر، هي أنّ أمريكا تأخذ بالمبادرات التشريعية ليس فقط فيما يخص الفساد الموجود في إطار الدولة، وإنما بالارتباط مع تطبيقات ونهج الفساد الدولي. لقد أصبحَت الولايات المتحدة البلد الأول ألذي أقرَّ قانون ( حول تطبيقات الفساد الخارجية) في عام 1977 والذي يمنع شراء الموظفين العموميين الأجانب.
فنـلنـدا: من دون الاطلاع على تجربة دول الاتحاد الأوربي، تعتبَر الدراسة غير كافية. لذلك من الضروري ذِكر التجربة الفنلندية كنموذج أوربي، حيث أنّ فنلندا تحتل المرتبة – 5 مع 9,0 درجة في مؤشر «إدراك» الفساد لعام 2008. إنجازات فنلندا بمكافحة الفساد، تؤكدها الدراسات الأخرى/ من ضمنها بارومتر الفساد الدولي
. (Global Briber Index) والمؤشر العالمي للمرتشين (Global Corruption Barometer)
روسـيا: إنتشار الفساد في روسيا " كثقافة مجتمع" مرتبط بالتقاليد والعادات والذهنية مثلما لدى المواطنين، كذلك عند الموظفين العموميين. وحسب مؤشر «إدراك» الفساد والمُعلَن من قِبل منظمة الشفافية الدولية لعام 2008، تحتل روسيا المرتبة 147 مع 2,1 درجة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صنّاع الشهرة - تعرف إلى أدوات الذكاء الاصطناعي المفيدة والمج


.. ماذا وراء المطالب بإلغاء نحر الأضاحي في المغرب؟




.. ما سرّ التحركات الأمريكية المكثفة في ليبيا؟ • فرانس 24


.. تونس: ما الذي تـُـعدّ له جبهة الخلاص المعارضة للرئاسيات؟




.. إيطاليا: لماذا تـُـلاحقُ حكومة ميلوني قضائيا بسبب تونس؟