الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خرافات السياسة الحديثة

فوزي بن يونس بن حديد

2015 / 9 / 6
كتابات ساخرة


أوهمونا أن الديمقراطية حلّ، وأن الدول لا تستطيع أن تعيش بدون ديمقراطية، أفهمونا أن الديمقراطية انتخابات في صناديق الاقتراع، ومن له الأغلبية يفوز بمقاعد البرلمان ويتحكم في الإنسان والشجر والحيوان، ترى ما هذه الأغلبية التي يقصدونها، هل هي أغلبية الشعب أم أغلبية الناخبين؟ لو أجرينا عملية حسابية بسيطة لكشف قناع الديمقراطية المزيف ولتبين لنا أنها ليست الحل للدول والشعوب، إنها القناع الذي توسّدت به وجوه الأغبياء في العالم، عالم الديمقراطيات والمسخ الأخلاقي، كونوا معي لتروا أني على صواب، شعبٌ عدده يتجاوز الثمانين مليونا، لو أقصينا الأطفال ومن هم دون سن البلوغ ومن هم لا يملكون الاختيار كالمجانين وغيرهم لوجدنا الباقي يفوق الخمسين مليونا من النساء والرجال ممن يحق لهم التصويت والانتخاب، هؤلاء يقسّمون إلى أجزاب قد تفوق أحيانا المائة حزب أو أكثر، ولو قسمنا العدد على عدد الأحزاب كانت النتيجة 5 ملايين أو اقل اذا اعتبرنا المستقلين ممن لا ينتمون لحزب ولا تيار، ولكن نفاجأ أن الإقبال على الانتخاب قد لا يتجاوز 40% في أحسن الأحوال، وقد يفوق وذلك مستحيل، وقد ينزل وذلك طبيعي، ممن أقبلوا على التصويت يوم الانتخاب، لنجد في النهاية أن عدد من انتخب الرئيس أو البرلمان لا يتجاوز الـ20 مليونا في كل مناطق الدولة.
تبدأ المناورات والتحليلات المحلية والعالمية وتُسلَّط الأضواء الكاشفة نحو البلد الديمقراطي الكبير، والحال أن جملة من انتخبوا الرئيس أو البرلمان إن نحن قسمنا الـ 20 مليونا على حزبين أو ثلاثة الباقية في نهاية التصويت بعد الفرز والتدقيق نحصل على ستة ملايين أو في أقصى الحالات على 10 ملايين، فهل هؤلاء يمثلون أغلبية الشعب الذي يتجاوز عدده الـ 80 مليونا، إنه الثُّمن وليس الأغلبية، فالأغلبية لم تصوّت له، فهل هذه هي الديمقراطية بعينها أو التزييف والتهميش، واللعب على الخطوط الحمر كما يقال، تلك هي العولمة وتلك هي مظالم المدنيّة الحديثة أوهمتنا أننا نعيش الديمقثراطية، وأن العرب لا يتقنونها وأن الغرب يجب أن يعلّمنا معنى الفوضى الخلاقة التي بدأ يغرسها في نفوسنا كما لو أنها هي الديمقراطية بعينها.
كفانا سخرية بأنفسنا، ومما زاد الطين بلة أن الرئيس له مدة أو مدتان، والبرلمان عليه أن ينتخب كل ثلاث سنوات، ما هذا الوهم والخرافات، لن تستطيع دولة أن تتقدم بهذا التفكير، فما أن يضع الرئيس أو البرلمان ساقه في الحكم حتى يجد نفسه أمام الباب مطرودا ليأتي خلفه وينسف ما قام به أو بالأحرى ما بدأ به من سياسات، وتظل البلاد في صراعات لا تعرف طعما للديمقراطية الجوفاء، وتكثر الفتن وتظهر المعارضات التي تنادي استقالة الحكومات أو الرؤساء مهما بدوا أخلاقيين فلن يصدقوهم، بل يعتبرون ما يفعلون نفاقا سياسيا، ويؤجج الإعلام هذه الصراعات ويدعي أنه ينقل الحقيقة من مضانها بدل أن يرسي قواعد الأمن يساهم في زعزعتها، فلا الرئيس قادر ولا البرلمان أيضا على بلورة أفكاره في 3 سنوات إلى عمل ملموس يراه الناس وينعمون بخيراته، ولذلك يلجأ كثير من الرؤساء إلى خرق هذا القانون عمدا حتى يبرهنوا أنهم قدموا شيئا، لا بد أن نعطيه مهلة من الوقت كافية حتى نرى ماذا يفعل ولهذا فشل الإسلاميون في الحكم لأنهم خدعوا بما يسمى ديمقر اطية.
نحن لا ندعو للاستبداد ولا للظلم ولا للطغيان، إنما ندعو إلى التفكير جديا في معنى الديمقراطية، وما مصلحة الشعوب والدول من ورائها، ولا ندعو إلى رئيس مدى الحياة ولكن يبقى العدل هو أساس الحياة، وأن الدساتير العالمية لا بد أن تراعي مصلحة الشعوب في ذلك، فما فائدة الديمقراطية التي يتشدقون بها، وكل من يأتي لثلاث أو أربع سنوات يخلف وراءه جرائم في الفساد بأنواعه المالي والأخلاقي والإداري، وتفلس الدولة من ورائه، فبالله عليكم هل هذه الديمقراطية؟ إنه الوهم بعينه، إنه الخيال بذاته، وحينما نزعم ذلك، فتبا لمثل هذه الديمقراطيات.
ولسائل أن يسأل ما البديل؟
البديل هو العدل بين الناس، فإقامة العدل بين الناس يقصي كل هدف وراء سياسات الطمع والجشع، فالرئيس أو البرلمان يشارك فيه كل الناس ممن يحق لهم البيعة والانتخاب، وعليه أن تتوفر فيه شروط تؤهله لقيادة البلاد، مع عدم تحديد للسنوات، ويبقى عمله هو الفيصل في بقائه أو عزله، فمادام يسير بالبلاد نحو الاستقرار والأمان والعدل والمساواة فذلك هو المبتغى ويبقى على رأس الحكم إلى أن يأتي مانع يمنعه من مواصلة المشوار، تلك هي نعمة الديمقراطية التي يتمتع بها الإنسان، هناك رقابة شديدة من الحكماء والأعيان، ولا مجاملة ولا محاباة، فمن وسوس إليه الشيطان بالغطرسة والتكبر والطغيان على العباد وجب عزله، ومن سار على النهج القويم نصره شعبه، وبالتالي يعيش الجميع في هناء واستقرار، فلا نزاعات ولا شقاق ولا نفاق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تسجيل سابق للأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن يلقي فيه أبيات من


.. الفنانة غادة عبد الرازق العيدية وكحك العيد وحشونى وبحن لذكري




.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب


.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس




.. بحضور شيوخ الأزهر والفنانين.. احتفال الكنيسة الإنجيليّة بعيد