الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإنسان بين حب البقاء و الرغبة في التميز

عادل كوننار

2015 / 9 / 6
العولمة وتطورات العالم المعاصر


في صراعه من أجل البقاء، خاض جدنا الأكبر الإنسان البدائي، حربا ضروسا مع الطبيعة، و مع كائنات حيوانية عدة من ذئاب و أسود و ثعابين و غيرها، و باستخدامه لعقله ابتكر أسلحة مكنته من التغلب عليها، حتى وصل على زماننا، لحد وضعها في أقفاص و التفرج عليها في يوم نزهة، و حيث أن الانسان لم يوقف ابتكاره للأسلحة و تطويرها، فلم يجد بدا من توجيهها إلى عدو جديد، لم يكن هذا العدو سوى الانسان نفسه، ليتم التحول من حرب بين الانسان و الحيوان إلى حرب بين الانسان و الانسان.

و لئن كانت الحرب في الأساس، و حرب الإنسان مع الحيوان، هي صراع من أجل البقاء، عبر انتزاع مورد رزق عنوة من طرف آخر فإن نظرة بسيطة للعالم اليوم و لموارده الطبيعية تنسف هذا التعريف برمته و تعطي الانطباع على أن هذا العالم هو حتما مصاب بالجنون، و دليل ذلك أن المتحاربين في كل مكان(أفرادا و جماعات) يبذلون جهدا كبيرا لانتزاع الرزق من أفواه بعضهم البعض، في حين أن الرزق كاف لملء كل اﻷ-;---;--فواه و العقل يقول أن جهد المعركة لا يبدل إلا إذ تعدر انتزاع الرزق دونه.

بيد أن من خصائص الإنسان، أنه لا يحيا بالمأكل و المشرب فقط، فما إن يسد حاجته منهما حتى يفسح المجال لنوازع أخرى تتملكه، و أهمها الرغبة في التميز، و التي تشكل سلاحا ذو حدين، أي أنها نقمة و نعمة في نفس الآن، هي نقمة من حيث إلحاقها ضررا و هلاكا بالغير، و نعمة من حيث تحقيقها مكاسبا في سلم التقدم البشري، ربما ما كانت لتتحقق لولا هذه النوازع و الهواجس الطامعة في التميز على الآخر.

لكن في ظل الصعود الغير منقطع لهذا الصراع، و في خضم هذا التسابق البشري المحموم و ما وصله العالم إبانه، من أهوال حاقت بالإنسان في مناطق عدة من ربوعه، يأتي السؤال الذي قل ما يجد هذا الإنسان المنشغل بحروبه وقتا لطرحه، و هو : إلى متى يستمر هذا التطاحن؟ و أية قيمة تبقى للحياة حين تسرق في غفلة منا تحت تأثير هذا الهوس اللامتناهي؟

ربما كان العالم ينتظر صورة بقوة صورة الطفل الغريق إيلان، كي تستفز في سكان المعمورة أجمع انتماءهم لفصيلة البشر، و تسائل ضمائرهم في عمق عن الحدود بين الرغبة في التميز و بين مراعاة حقوق الآخر كإنسان مثلنا في العيش الكريم، حتى لا تصطدم هذه الحقوق بطموحاتنا.

و لئن وقف الكل مذهولا أمام قساوة الصورة، و لئن أثارت الصورة الكثير من مشاعر الحزن بل و حتى الغضب، فإن كلا تعاطى مع الصورة في النهاية من خلال منظوره الخاص، في تكريس بائس لتعنت الإنسان، ليتفرق دم إيلان بين القبائل، بين بشار و السعودية و إيران و أمريكا و روسيا، بل و هنالك حتى من حمل المسؤولية إلى الله، و كأن الله لابد و أن يكون سوبرمانا لكي يثبت وجوده، بين كل تلك القبائل ضاع إيلان و ضاعت معه إنسانيتنا الملقاة نحو مجهول، ينذر بالأسوء في ظل انبعاث أفق قاتم لبشر، كلما بلغت حضارتهم و رقيهم التكنولوجي مدى أكبر، كلما أنفقوا مع هذا الرقي ضريبة أكبر من حسهم الإنساني النبيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لاجئون الحجاب والنقاب والعباءة يلوثون اوروبا
سامى نون ( 2015 / 9 / 6 - 14:48 )
· r
عزيزى أليست الأديان الابراهيمية تصور الله فعلا سوبرمان وتخلع عليه أوصافا عجيبة غريبة. فلماذا تأتى انت وتنفى عنه ذلك. وما الذى يميز هذا الطفل الذى أصبحت موضة الجميع الحديث عنه ما الذى يميزه أمام المذبوحين على يد داعش والسبايا والمغتصبات لدى داعش و السمر البشرة الليبيين الذين ذبحتهم وطبختهم داعش

ثم نطرح السؤال الآن هل اللاجئون السوريون والعراقيين الخ إلى أوروبا بمئات الالاف هم بالفعل ضحايا ام داعشيين واخوانوسلفيين. ما السر وراءهم وما الغرض من تساهل أوروبا الفجائى وتعليقها قوانين شنجن. هل هناك تواطؤ من ميركل وأولاند وأوباما على أسلمة أوروبا وخرابها. حقا لقد تلوث هواء وشوارع وعلمانية أوروبا بلاجئى الحجاب والنقاب والعباءة

اخر الافلام

.. مرسيليا على أتم الاستعداد لاستقبال سفينة -بيليم- التي تحمل ش


.. قمع الاحتجاجات المتضامنة مع غزة.. رهان محفوف بالمخاطر قبيل ا




.. غزة: ما هي المطبات التي تعطل الهدنة؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. البنتاغون: الانتهاء من بناء الميناء العائم الذي سيتم نقله قر




.. مصدر مصري: استكمال المفاوضات بين كافة الأطراف في القاهرة الي