الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نعمةٌ أم نقمة ..؟!

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2015 / 9 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


نعمةٌ أم نقمة ..؟!
المُستشارة الألمانية ،ميركل ،تفتحُ أبواب ألمانيا أمام المُهاجرين ، ودون تحديد لعدد ، نوع ، جنس ، دين وقومية المتدافعين برا ، جوا وبحرا على بوابات اوروبا . وقد "قَرصتْ" بفعلتها هذه "قرصة موجعة"، زملاء لها في الاتحاد الاوروبي، من أمثال رئيس الوزراء الهنغاري الذي أبدى مخاوفه على الجذور المسيحية لأوروبا ، والسيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا الذي حددّ العدد من اللاجئين ، الذي هو وبلاده ، على استعداد لاستيعابهم ويوافق على استقبالهم في بريطانيا ، بأربعة الاف فقط .
غالبية الاوروبيين ومن متابعتنا لنشرات الاخبار التي تنقل لنا بثّا حيا ، من باريس وبرلين ، بودابست ولندن، غالبتهم عَلَّمت شعوب العالم والعالمين العربي والاسلامي خاصة ، دروسا في أخوة الانسانية ، وفي تقبلها للمختلف والمُغاير ، ودون اي اعتبار .. بل إنّ هذه الشعوب ، قذفت عرض الحائط بكل التحذيرات التي اطلقها انصار اليمين الاوروبي والغربي ، والتي "خَوّفَت" هذه الشعوب بشبح الأسلمة والإرهاب الذي سيعم اوروبا قريبا من هؤلاء الناكرين للجميل .
لم يتوقف الأمر على انصار اليمين الاوروبي ، بل تعداه الى أن يُكتب ومن على صفحات هذا المنبر ، كلاما شبيها وبنفس الروح .
ومع تقديرنا الكبير واعجابنا بجرأة ميركل ، التي لم تأخذ بالحسبان مستقبلها السياسي والذي ربما سيتضعضع وقد تخسر شعبيتها ومنصبها السيادي جراء قرارها هذا ، إلّا ان ميركل ، ومن وجهة نظرنا ، "حسبتها صح " ، ليس على الصعيد الانساني فقط ، بل وعلى الصعيد الإقتصادي ايضا .
فالإحصائيات تُشير إلى أن اوروبا هي قارةٌ عجوز ، تقل نسبة الولادة فيها عن نسبة الوفيات ، وأنها ستواجهُ مستقبلا ، لا بل فهي تواجه حاليا نقصا في الايدي العاملة الشابة والقادرة على الانتاج والمساهمة في رفع المدخول القومي .
وبما أننا نعلم بأن غالبية المهاجرين السوريين ، هم من الشباب القادر على الاندماج تواً في عملية الإنتاج ، فإن "هجرتهم" هي بمثابة دماء جديدة تجري في عروق الاقتصاد الألماني والاوروبي .
وبما أن التقديرات عن كلفة "الهجرة" غير الشرعية من سوريا الى المانيا ، تُشير الى انها تبلغ الاربعة الاف يورو للفرد الواحد ، لعلمنا بأن هؤلاء المهاجرين هم من " الذين يملكون" شيئا ، ولن يحتاجوا كثيرا للاعتماد على المساعدات وخدمات الرفاه . ومجرد امتلاكهم للمال الضروري للهجرة ، يُخبرنا بأنهم عملوا في بلادهم في أعمال "عليها القيمة " .
وقد أخبرنا مراسلُ القناة التلفزيونية العاشرة في اسرائيل ، والذي قضى اياما بين المهاجرين واجرى معهم مقابلات ، أخبرنا بأن النسبة الأكبر منهم ،أكاديميون وذوو اختصاصات مطلوبة ، كالهندسة مثلا ، بل قال بالحرف الواحد ، بأنهم "النخبة السورية " .. ومع ذلك تشير بعض التقديرات الى ان 15% من المهاجرين هم أميون او شبه اميين ، لكني على ثقة بأن المانيا ستعلمهم القراءة وحب العمل .
وبهذا تُثبتُ ميركل بُعد نظرها الاقتصادي والانساني ، وتضرب عصفورين بحجر واحد .. ففي قرارها تتجلى اسمى المعاني الانسانية ، وتتأكد المقولة عن التخطيط الالماني بعيد المدى ..
ومع ذلك ، لا نستطيع ان ننكر بأن بعضا من هؤلاء المهاجرين ، لن يجدوا انفسهم في المجتمع ، وسيُعانون من صعوبة في التأقلم ، بل سينحرف بعضهم نحو سلوكيات عنفية ، لكن هذا "ثمن" مقبول للثراء الانساني المُهاجر .
لذا انا على ثقة بأن هؤلاء المهاجرين أو غالبيتهم ، ستندمج في الحياة الاجتماعية والاقتصادية ، ستستفيد وتُفيد بالمقابل ، ستُعطي بعد ان أخذت من المانيا ملجأً، أمنا وأمانا ، بل اقول وطنا جديدا . لن يطعنوه من الخلف ، لأنهم فروا من القتلة والسفاحين ، على كافة مسمياتهم او خلفياتهم الايديولوجية ..!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عزيزي قاسم
عتريس المدح ( 2015 / 9 / 8 - 08:11 )
أوافقك الرأي حين تقول (وبهذا تُثبتُ ميركل بُعد نظرها الاقتصادي) حيث أن اوروبا و ألمانيا بالذات تتصف بالمجتمع العجوز الذي يحتاج إلى دماء شابة لم تستطع لا ألمانيا ولا غيرها من البلاد الاوروبية قد نجحت سابقا بتجديد شباب مجتمعاتها رغم الحوافز التي تم التخطيط لها سابقا ومنذ عشر سنوات.ه
لكن أيضا دعني أختلف معك حين تصف ميركل ببعد النظرالانساني، فألمانيا كجزء من منظومة العالم الرأسمالي الغربي مسؤولة إلى حد كبير و من خلال استنزاف النظام الرأسمالي إلى ثروات العالم و إفقار شعوبه بخلق مشكلة التطلع إلى الهجرة من قبل شباب العالم العربي والافريقي الى أوروبا، فما بالك حين نعرف أن مشكلة الصراع الدموي في سوريا وليبيا ومشكلة انعدام وجود مستقبل أمام الشباب في باقي العالم العربي هي من صنع ودعم منظومة العالم الرأسمالي للسياسات الديكتاتورية في العالم العربي


2 - العزيز عتريس الغالي
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 9 / 8 - 08:19 )
صباحك فل
اتفق معك حول مسؤولية الرأسمالية عن أزمات دول الجنوب .
لكنني احمل القوى المحلية المسؤولية الكبرى عن ما آلت اليها الأوضاع
لك مودتي .


3 - العزيز القحطاني العزيز - من الفيسبوك
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 9 / 8 - 08:21 )
شكرا عزيزي على الملاحظة القيمة
ولكن يا صديقي عملية -تنظيف- المسلمين من التطرف هي قضية ثقافية بالاصل
مودتي


4 - إضافة
عبد القادر أنيس ( 2015 / 9 / 8 - 09:02 )
أحب أن أثير مسألتين. المسألة الأولى هي الدمار الذي لحق بشعوبنا بسبب هذه الخسارة الفادحة في هجرة كفاءاتنا، وهي خسارة لا تعوض بأي ثمن، حتى بعد حلول السلم. لقد خسرت بلادي عشرات الآلاف من العقول في شتى التخصصات خلال الحرب الأهلية التي تسبب فيها الجميع رغم أن الإسلاميين هم الذين أشعلوها. المسألة الثانية هي أن أوربا، مع غيرها طبعا من البلدان المتقدمة، هي، سواء شئنا أم أبينا، وصية على العالم، خاصة المتخلف، وبأي صورة من الصور. هي بهذا تتحمل مسؤولية كبيرة فيما آلت إليه الأوضاع. مسؤوليتها تكمن في عجزها عن توقع هذه الكوارث وفي تحالفها مع أخبث الدول الإقليمية مثل تركيا وقطر والسعودية وفي سكوتها عن حشد أقذر عناصر الإرهاب الإسلامي العالمي وترحيلها إلى المنطقة بحجة القضاء على الأنظمة الاستبدادية التي كانت تتواطأ معها قبل قليل. وفي الانسداد الذي تعرفه القضية الفلسطينية. في كل هذا النفاق الكريه الذي ساد ويسود العلاقات الدولية. أقول هذا دون أن أقلل من مستوى مسؤوليتنا، شعوبا وحكومات ونخبا، عن قصورنا المزمن عن اللحاق بركب الحداثة بسبب ارتهاننا لبنى فكرية ودينية واجتماعية وسياسية قروسطية.


5 - الاستاذ العزيز عبد القادر انيس
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 9 / 8 - 09:44 )
تحية حارة
واثُمن عاليا اضافتك القيمة
لك مودتي

اخر الافلام

.. ستيف بانون.. من أروقة البيت الأبيض إلى السجن • فرانس 24


.. فرنسا: حزب الرئيس ماكرون... ماذا سيقرر؟ • فرانس 24 / FRANCE




.. أوربان يزور أوكرانيا ويقترح وقفا لإطلاق النار للتعجيل بإنهاء


.. فرنسا: التعايش السياسي.. مواجهة في هرم السلطة • فرانس 24 / F




.. كبار جنرالات إسرائيل يريدون وقف الحرب في غزة حتى لو بقيت حما