الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النفط والأزمة العراقية

عزيز الحاج

2003 / 1 / 11
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



 
إيلاف:الجمعة 10 يناير 2003 


 
يشيع الحديث في أوساط عربية وأوروبية يسارية وبين بعض المثقفين والسياسيين العراقيين بأن العامل الحاسم والأول للموقف الأمريكي الجديد من النظام العراقي هو النفط ـ أي الرغبة في بسط السيطرة عليه، وهذا أيضا ما ورد في خطاب الرئيس العراقي منذ أيام.
 إن أهمية النفط العراقي والعربي للغرب ليس مما يمكن التقليل من شأنها بحال من الأحوال.  ومنذ بداية الثلاثينات نشر اليساري العربي، يوسف يزبك، كتابه الشهير المعنون "النفط مستعبد الشعوب ".  كما أننا اليوم أمام مواقف لبعض الدول الكبرى تجاه الأزمة العراقية حيث ترتبط أنباء الصفقات النفطية الفرنسية والروسية ودورها في هذه المواقف.  ومن الشائع أيضا أن الولايات المتحدة قد طمأنت الدولتين المذكورتين حول هذه الصفقات في حالة كسح النظام العراقي.  والنفط العراقي والنفط الخليجي مهمان جدا للولايات المتحدة من جهة ضمان استقرار الأسعار واستمرار التدفق. ولعل ورقة النفط العراقي بعد اكتساح النظام ستظل ورقة ضغط مستمرة على أوروبا واليابان لضمان تقريب المواقف من الموقف الأمريكي. ونعلم أيضا بان أمريكا هي أيضا دولة نفطية، كما نعلم أنها تستورد منذ اتفاق "النفط مقابل الغذاء "النسبة العليا من النفط العراقي المصدر. ونعلم بجنب كل هذا أن أوروبا واليابان تعتمدان على نفط العراق والخليج أكثر من اعتماد الولايات المتحدة. وأخيرا هناك اتفاق النفط والغاز الأمريكي ـ الروسي الذي يستهدف من المنظور الامريكي تقليص الاعتماد على النفط العربي خلال نهاية العقد الحالي.
 إن ما يمكن توجيهه من أسئلة للذين يرجعون الموقف الأمريكي الجديد لشهوة السيطرة على نفط العراق، هو أولا لماذا لم تدفع هذه الشهوة أمريكا للعمل على ترحيل النظام خلال العقد الأخير، وإذ كانت الستراتيجية المتخذة هي " الاحتواء "؟ ثم أيضا هل لا تعرف أمريكا أن القيادة العراقية، التي فرطت بالأراضي والمياه العراقية وبالسيادة الوطنية، مستعدة كل الاستعداد لوضع النفط تحت التصرف الأمريكي لو كان ذلك ثمنا للبقاء؟
أجل، إن النفط كان وسيظل لسنوات قادمة من صلب المحركات والأهداف الأمريكية. ولكن القضية هنا هي: ماذا كان العامل الحاسم والنافذ في دفع السياسة الأمريكية من النظام إلى هذا الانعطاف الحاسم ؟ والحال إن هذا العامل، حسب رأيي، هو أحداث 11 سبتمبر.  فالولايات المتحدة دولة تحرص على أمنها المباشر في عقر دارها وعلى أمن مواطنيها، وهي تعرف، كما نعرف جميعا، أن النظام العراقي يمتلك مخزونا هائلا من الأسلحة الكيميائية والجرثومية ـ فضلا عن سعيه المتواصل لامتلاك مستلزمات الحيازة على السلاح النووي.  وفي تقديري أن المفتشين الدوليين لن يعثروا على شئ كثير حتى لو فتشوا عاما كاملا، لان النظام قد تفنن في إخفاء أسلحته المحرمة، خصوصا بعد مرور اكثر من أربع سنوات على طرد المفتشين من العراق. أما عن قدراته في الحقل النووي فإنه يضمن من جهة إخفاءها بتفنن، ومن جهة أخرى، ربما يبني بعض الحسابات على المواقف المثيرة للتساؤل للسيد البرادعي [منظمة الطاقة النووية ]، وهو مواطن مصري كما نعرف. وإذا كانت كوريا الشمالية تمتلك السلاح النووي فإنها لم تهدد جيرانها يوما، ولم تستعمل أسلحتها ضد شعبها، وهي تخضع لضغوط جيرانها الأقوياء ككوريا الجنوبية واليابان.  كما أن بالإمكان ضبط حركات القيادة الكورية الشمالية. وجميع هذه المواصفات مفقودة في الرئيس العراقي، الذي لا يستطيع أحد التنبؤ مسبقا بما سيفعل، والذي استعمل أسلحة كيميائية ضد الشعب العراقي وجيرانه ـ وهذا فضلا عن علاقات النظام الوثيقة بقادة الشبكات الإرهابية.  بل وهذه هي خطب الرئيس العراقي تدعو علنا إلى اقتراف الإرهاب وتصف الطالبان بالمقاومة المشروعة. ولهذه الأسباب يكون مفهوما لماذا تخشى الولايات المتحدة فعلا من بقاء أسلحة الدمار الشامل في حوزة النظام، من علاقاته بالإرهابين العربي والإسلاموي.
  إن تفسير كل القضايا الكبرى بمنطق الحرب الباردة وبالمقولات القديمة يقود إلى أخطاء كبرى في التحليل وفي المواقف السياسية.
 وهكذا، فالنفط نعم، ولكنه هنا لم يكن العامل المباشر والحاسم في تغيير الموقف الأمريكي من النظام العراقي.

خاص بأصداء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الضغوط التي تمارسها أمريكا لدفع إسرائيل لقبول الصفقة؟


.. احتراق ناقلة جند إسرائيلية بعد استهدافها من المقاومة الفلسطي




.. بعد فرز أكثر من نصف الأصوات.. بزشكيان يتقدم على منافسه جليل


.. بايدن في مقابلة مع ABC: كنت مرهقاً جداً يوم المناظرة والخطأ




.. اتصالات دولية لتخفيف حدة التصعيد بين حزب الله وإسرائيل ومخاو