الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة المدنية

حمزة الكرعاوي

2015 / 9 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


يروجون الى أن المتظاهرين خرجوا بإسم ( المرجع ) وهو الذي أخرجهم ، ويريدون تصوير الامور أن شعب العراق مات ، وإيصال الاخرين الى لحظة ترفع فيها الراية البيضاء ، ويغلق ملف العراق ونتخلص منه ، وأن سيستاني أخرجهم للتظاهر وهو يرجعهم الى منازلهم .
مشكلة المطبلين والابواق ، لايعرفون الشعب العراقي ، وإلا لماذا خرج العراقيون في ثورة ضد رجال الدين عام 2015 ولم يخرجوا قبل هذا الوقت وبهذا الحجم ؟.
وعلى سبيل المثال : لماذا كانت الثورة الفرنسية في نهاية القرن الثامن عشر ولم تكن في بدايته ؟.
وبدل التشكيك بالملايين التي خرجت ، عليهم أن يشككوا بشخص واحد ، وهو المرجع الذي أسس لعملية الاحتلال التي دمرت العراق .
ولماذا من وجهة نظرهم إلتحق المرجع بالمظاهرات ولو تقية وإبراء للذمة ؟.
أسئلة كثيرة بحاجة الى إجابة ، لكن أبواق السلطة يختارون السؤال الذي يعجبهم ، ليخلصوا الى نتيجة أن العراق فيه شعب ميت .
والسؤال الحقيقي : هل سلطة المرجع السيستاني هي علاقة طردية مع سلطة الدولة ، ومع تعافي الدولة العراقية ، وكلما تعافت سلطة الدولة تتعافى سلطته ؟.
أم أن الامر معكوس ، كلما تعافت سلطة الدولة العراقية ، تضمحل سلطته وسلطة أحزاب الدين ؟.
وهل من العقل أن يقف شخص مع خيارات تضعف سلطته ، وهي سلطة الدولة المدنية ، وفصل الدين عن الدولة ؟.
وهل يقف شخص مع شعب أسقط كل أدواته التي يستمد منها قوته ؟.
تم تسقيط كل الاحزاب الدينية في العراق ، من نوري المالكي وعمار وإنتهاء بالحزب الاسلامي ، وهذه المسميات خيارات المحتل الامريكي والايراني والمرجعية الدينية ، التي دعمتهم بفتاوى تحث الناس على إنتخاب قائمة الشمعة .
فهل من مصلحة رجل أن يفقد أذرعه ويقف مع شعب يريد التخلص من احزاب بشعارات ( باسم الدين باكونا الحرامية ) ؟.
يحاول أتباع المرجعية المقارنة بين ثورة تونس ومصر ، وينسون أن مصر وتونس خاليتين من المليشيات ولايوجد فيهما إحتلالات مركبة ولامراجع دين ، ولامشروع خندقة المجتمع ، ولم تصفر الدولة ومؤسساتهما ، مثلما صفرت الدولة العراقية بالكامل .
وجيش مصر وتونس وقفا على الحياد ووفرا الحماية للشعب ، ولم يقفا مع الحاكم ، وفي العراق أكثر من 50 مليشيا مسلحة مدججة بالسلاح عدا مليشيات داعش ، تمول جميعها من المال الحرام ، وهي ادوات المرجعية الدينية ، عندما تصل المظاهرات الى لحظة الحسم ، ستتحرك المليشيات بأمر من المرجعية الدينية ، لتبطش بالمتظاهرين الذين قسم منهم هرب وغرق في البحار ، وعندما تتحرك المليشيات بقوة لقمع المتظاهرين ، ستكون لحظة الحسم الافتراق النهائي ، وإنهاء الزواج الكاذب .
الملايين الذين خرجوا يطالبون بحقوقهم التي سلبها منهم رجال الدين ، فمن العيب أن يقال : أخرجتهم عمامة ، أو بدفع من الخارج أو تيارات ضد الاسلام .
ملايين عاطلة عن العمل تعاني من الجوع ، ويأس من المستقبل ، وبلدهم إنتهى ، وفي النجف قرب بيت السيستاني يطالبون بالدولة المدنية ، وهناك فتاة نجفية محجبة ، ترفع لافتة كتب عليها ، نطالب بدولة مدنية ، وفصل الدين عن السياسة ، وبينها وبين بيت المرجع بضعة أمتار .
فهل أن المرجع اليوم نزل عليه الوحي ، واخبره بأن الوضع في العراق وصل الى الحد الذي وصل اليه ، وإصطف معهم ؟.
أم كان يعرف الوضع المتردي في العراق ؟.
سلطة الدين في العراق والمنطقة في أضعف لحظاتها ، واضطرت بعض العمائم لتصطف مع المتظاهرين ، لاجل التخدير ، لحماية سلطة الاحتلال المحلية .
المتظاهرون في العراق ركبوا على الجميع ، بما فيهم العمائم ، والرؤوس الكبيرة ، وهذه ليست المرة الاولى ، لكن التعميم الاعلامي حجب اصوات الناس ، وبالامس خرجت ملايين تهتف لعبد الكيرم قاسم ضد المرجعية ، لصالح قانون الاصلاح الزراعي وقانون الاحوال المدنية التي حرمهما رجال الدين ، مثلما حرموا فتح مدارس لتعليم النساء ، وهجاهم الجواهري بقصيدتين ( علموها ورجعيون ) ، وهم دائما حجر عثرة وعقبة أمام التطور وتحديث العقل ، وضد مشروع بناء الدولة والانسان .
الناس في النهاية تبحث عن لقمة العيش ، وكرامتها ، ولهذا السبب طالبوا بدولة مدينة ، وسلطة تخشى هذه المطالب ، بل لاتفهم معنى المدنية .
العلمانية التي يقولون عنها ، أنها ضد الدين ، هي إجراء مرتبط بالدولة ، ولا علاقة لها بالعقيدة ، وهي تحافظ على كل المعتقدات وتديم إستمراريتها ، وتؤمن للناس حرية العقيدة ، وفي دولة العلمانية لاتوجد إجتثاثات ولا تصفيات عرقية ولا دينية ، وها نحن نهرب الى دول علمانية حتى وان غرقنا في البحار ، والذي يحترم عقيدته يجب عليه أن يدعوا الى الدولة المدنية ، والى الحكم المدني الليبرالي العلماني لان هكذا نوع من الحكم يحافظ على الجيمع ، ويوفر الامن المجتمعي .
السلم الاهلي لايوفره الا المشترك الوطني ، وهو ليس الحكم بإسم طائفة ، بل الحكم بإسم الدولة وآلياتها ، لا بدين ولا طائفية ، ولا حتى قومية ، الذي يدير الدولة موظف ، يسمى إداري لاسلطوي ، لاعلاقة له بالعقيدة ولا حاجة له بالدين ، فمن يريد ان يضع موظفيه في قائمة معينة لايحتاج الى دين ، والطبيب اذا اراد تطوير ادواته لاعلاقة لها بالدين ولايحتاجه ، واذا ارادت الشركات تعبيد الطرق لاتحتاج الى دين ، او تصفية مياه صالحة للشرب ، هذه هي الدولة المدنية العلمانية هكذا تشتغل ، والدين المقدم من قبل العمائم مشروع تخريب .
العلمانية مشروع متصل بالدولة ، وهي آلية ، لاعقيدة لها ولا دين .
فمن كان غير متدين ، فهل هو غير قادر على بناء دولة ؟.
العلمانية لاتتعارض مع الدين ولاعلاقة لها به ، لانها مشروع بناء وتحضر وتقدم ، ولهذا طالب المتظاهرون بها ، لانهم شاهدوا خراب مشروع الدين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ