الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لقطة العين الثالثة !

دعد دريد ثابت

2015 / 9 / 8
الادب والفن


يحتاج المصور الكثير للتحضير لصورة فوتوغرافية. الفكرة التي هي بداية الشروع لإبداعه، قد يحتاج بعضهم لشهور بل سنين للوصول لتلك الفكرة يعيش أثناءها حياة هي أقرب للجنون ناسياً العالم الواقعي حوله، مجتراً خياله لفكرة لم يتطرق اليها أحد قبله. تهيئة المكان المناسب لفكرته الذي يقتضيه ربما الى السفر الى أقاصٍ بعيدة مع شعوب وقبائل غريبة أو ربما يكون هو الغريب البوهيمي بالنسبة لهم، بآلاته السود التي يثقل بها ظهره وتعيقه عن المشي سريعاً كما يفعلون هم. أو تهيئة المعدات التقنية والأفلام التي قد تتعرض للتلف من رطوبة غاباته أو من قيظ صحراء قد يجوبها بحثاً عن ضالته المنشودة. أو الإضاءة المناسبة، وعليه ترقب إنبلاج فجر ليس أي فجر، وإنما فجره هو الذي تغويه الوانه العذرية بتمازجيتها التي لامثيل لها، أو غسقٌ قرمزي قبيل غرق الشمس لآخر مرة في لج أفقٍ تخاله نهاية العالم. من الممكن إنه سيحتاج لفريق عمل مهووسين بجنون مرض اللقطة المعدي أو وراء قروش لعلها تملأ جيوبهم ووو. ولكن حين تحين اللحظة لذلك عليه إختزال كل مهارته، جنون تمنعه عن مآثر الحياة وصدفته هو في وقت زمني هو أقل من اللحظة. يود لو يستطيع حصر وإختصار كل مفردات وأبجديات الكون في جزء أقل من تلك اللحظة القلقة. فغيرها لن ينال مثلها وستفوته فرصة تلك اللحظة الحلم التي هيأ وجهز وضحى لها، للأبد. من الممكن إنه يستطيع إلتقاط لقطات أخرى، ولكنها لن تكون لقطة صدفة لحظته تلك التي إن لم يمسكها بعينه الثالثة ستفوته للأبد.
وكذلك الأمر في حيواتنا. فنحن نعد ونهيأ وندرس وندقق ونخطط. وحين تحين اللحظة لإتخاذنا القرار، لاعودة لنا ولامفر من تلك البرهة الزمنية الرهيبة التي تحدد أو نتصورها كذلك ماهيتنا. التي هي قد تكون برهة نجاح وسعادة وقرار حكيم يحدد الكثير من مستقبل تلك الحياة اللاسرمدية الخطى. وقد يكون العكس تماماً، بالرغم من كل التدابير والتأهيلات لذلك، فتصبح شركاً لنا ونحن أسرى خطوات حسبنا لها، هراء زواياها وعبث أبعادها الوهمية. قد نستطيع أو نحاول جاهدين تغيير دفة سفينة حياتنا بما أوتينا من بقايا صبر وحكمة وجرأة ورغبة جنونية شبقة، لرؤية مسارات صحيحة وزوايا ولقطات أجمل وأكثر وقعا في نفوسنا، قد نصل لمرافئ أخرى لم تكن في بالنا ولم نخطط لها. سنكتشف شعوباً وثقافات أخرى تزيد مهاراتنا وآلامنا، فرحنا وتعاستنا، والأهم من هذا وذاك سنسبر أغوار فينا لم نكن نعلم إنها حتى فينا ونحن فيها. فما فائدة كل اللقطات الرائعة والخلابة، إن لم نجمد ونصور تلك اللحظة فينا بكل ضعفها وقوتها، بآمالها وإنتكاستها لنواجهها. نصفح لها ونغفر، نتصالح ونغدق عليها بكل أبعاد إضائتها وظلالها من تكريم وحنان بما تعانيه في هذا العالم الموحش المسطح التفكير كوجود ثنائي الأبعاد. وحينها فقط سنمسك بتلك اللقطة الرائعة، لحظة الخلق المعتقدة الأولى في تقديم الصورة التي ستنال الجائزة الأولى في مسابقة الحياة الوهم !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر