الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين الوهم والحقيقه

تقي الوزان

2005 / 10 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


رافق الانتخابات الاولى في كانون الثاني الماضي الكثير من النواقص والسلبيات , سواء كانت مقصوده أو غير مقصوده. مما ترك شكوك كثيره حول نزاهتها . وآثار كبيره على نتائجها في تشكيل موازين القوى داخل الجمعيه الوطنيه , والافرازات التي تبعتها في تشكيل الحكومه , وفي كتابة الدستور . أن النقاش"الصراع" الغير مبرر في أغلبه الذي دار بين القوى الفائزه لتشكيل الحكومه , والخلافات التي رافقت الحكومه في عمرها القصير , أستنزفت الكثير من الوقت الثمين . وأدت الى النتائج المعروفه التي انعكست سلباً على الواقع اليومي لعموم الشعب العراقي . ولسنا بحاجه للتذكير بالانحدار المخيف للامن , الفساد , المليشيات , الاقتصاد , الماء , الكهرباء , المحروقات....الخ .

مما لاشك فيه ان الارهاب الذي مارسته وتمارسه عصابات البعث الفاشي والسلفيين التكفيريين كانت له اليد الطولى في اعاقة سير العمليه الانتخابيه بشكلها الصحيح . خاصه في مناطق غرب العراق . أضافه للكثير من المعوقات التي لها علاقه بالاستعدادات للعمليه الانتخابيه نفسها . مثل تشكيل اللجان الكافيه من الكيانات السياسيه والمنظمات المستقله لمراقبة نزاهة العمليه الانتخابيه , وفرز الاصوات , وحرمان مناطق باكملها في الشمال من التصويت . اضافة للتزوير , والتهديد في بعض الاحيان .
أسباب اخرى لها علاقه بتركيبة اللجنه المستقله المشرفه على الانتخابات . فالقصور الذي رافق اداء المفوضيه العليا للانتخابات نتيجة عدم الخبره احياناً , واحياناً الموالاة لطرف معين , زاد من صعوبة هذه العمليه . فالموقف المتفرج من قبل المفوضيه أمام مسألة استخدام الطرق غير الشرعيه في الدعايه الانتخابيه كما حصل مع قائمة الائتلاف [169] عند استخدامها للرموز الدينيه . وخاصه صورة المرجع الشيعي الكبير السيد علي السيستاني في " البوستر " الانتخابي. أوحى , أوأكد تأييد السيد المرجع لأنتخاب هذه القائمه . وفي نفس الوقت الدعايه الشفاهيه من قبل قيادات القائمه , ووكلاء السيد السيستاني عبر كل وسائل الاتصال بالجماهير / تلفزيون , اذاعه , صحف , ملصقات , لافتات , جوامع , حسينيات , ندوات جماهيريه ...الخ. كلها تؤكد تأييد المرجعيه لها . مستغلةً رد فعل الانفلات المذهبي الذي رافق عملية ازاحة النظام المقبور . ودعمت هذه الحمله بفتوى علنيه تقضي " بلزوم المشاركه في الانتخابات" وتكمله سريه للفتوى عن طريق المبلغين تقضي " للقائمه [169]". ومن لم يشارك فجهنم بأنتظاره. في الجانب الاخر واصلت المهزله سيرها. فقد أصدر علماء السنه من البعثيين الفاشيين , والتكفيريين السلفيين فتوى مضاده " تحرم الاشتراك في الانتخابات " . والذي يشترك مصيره النار . وجعلوا من رب العالمين اداة لرغباتهم غير المشروعه . كل هذا جرى والمفوضيه العليا للانتخابات تدعي بأنها لاتعرف كيف تتصرف . او لاتوجد ماده قانونيه في لوائح الانتخاب تمنع استخدام الرموز الدينيه .

السيد علي السيستاني من جانبه , وحاله كحال كل القيادات الروحيه في العالم . يبقي على مسافه بينه وبين الجمهور . ويكون الاتصال عبر وكلائه . لضمان جو الغموض الذي يحيط بشخصيته . وهذا الغموض يساعد بتركيز الولاء . وهذه القيمه النفسيه ليست حكر على القيادات الدينيه فقط . بل يمارسها الكثير من قيادات الاحزاب السياسيه التي تبغي الرواج لنفسها دون الارتكاز على برامج سياسيه واضحة الخطوات . وفي هذه الوضعيه لم يخرج علينا السيد علي السيستاني ليؤكد او ينفي تأييده للقائمه [169] . هل هو مع هذه المجموعه التي أختارلها السيد الشهرستاني للتنسيق ما بين اطرافها . أم هومع ابوته لكل العراقيين كما يصرح وكلائه بين تأييد وتأييد لقائمة الائتلاف .

في الثالث عشر من الشهر الجاري , وقبل يومين من التصويت . أصدرت المرجعيه فتوى تدعو للتصويت ب[نعم] للدستور . والفتوى رغم "ايجابيتها" تعكس الرغبه في الاستمرار بالتأثير على حرية الناخب . في نفس الوقت أصدر مكتب السيد علي السيستاني توضيحاً يؤكد فيه : ان السيد السيستاني سوف لن يدعم اية قائمه في الانتخابات القادمه . وسيرعى بأبوته كل العراقيين . وأصدر أمراً لوكلائه بعدم الترشح مع اية قائمه . وأن صح هذا , فسيكون ثاني أكبر أنجاز للسيد علي السيستاني بعد أنجازه الكبير في حقن دماء العراقيين , ومنع قيام الفتنه الطائفيه التي خطط لها كل اعداء العراق ومعارضي مسيرته السياسيه . اما اذا كانت هذه الابوه مثل الابوة الاولى . فلا زال يوجد متسع من الوقت لتدارك ما يمكن تداركه لتداعيات الابوة الثانيه . وحتى لا نبقى معلقين بين الوهم والحقيقه , يرجى جلاء الموقف بشكل أوضح من السيد السيستاني نفسه . والسيد علي السيستاني – وبعيداً عن مرجعيته الكبرى للشيعه - فأنه رجل حكمه كبير , وسبق له وأقترح أجراء الانتخابات بشكل مبكر , وأصر عليها . وعندما تحقق الفوز لقائمة الائتلاف التي سميت قائمة السيستاني . طلب منهم ترك مناصب الدوله وعدم الانجرار لها , والتفرغ لكتابة الدستور , لأنه الأهم . فهو يعرف جيداً مناسيب العراق السياسيه , ويعرف في أي المياه تسير سفينته .

العراق أصبح ساحة حرب , وتصفية حسابات دوليه . وأبرز هذه الصراعات حالياً هو الصراع الامريكي الايراني . والخوف أن يكون احد المراجع الكبار في النجف متورط بهذا الصراع . حتى ولو بأسم الانحياز حسب المثل الفاشي القائل " أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً " . عندها سيكون لامعنى لآمالنا التي سارت بهذا الاتجاه . أتجاه عدم التدخل في حرية الناخب , وستنسف كل الرغبات الصادقه في حقن دماء العراقيين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عواقب كبيرة.. ست مواقع بحرية عبر العالم يهددها خطر الاختناق


.. تعيش فيه لبؤة وأشبالها.. ملعب غولف -صحراوي- بإطلالات خلابة و




.. بالتزامن مع زيارة هوكشتاين.. إسرائيل تهيّئ واشنطن للحرب وحزب


.. بعد حل مجلس الحرب الإسرائيلي.. كيف سيتعامل نتنياهو مع ملف ال




.. خطر بدء حرب عالمية ثالثة.. بوتين في زيارة تاريخية إلى كوريا