الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرجعية الدينية ، والدستور العراقي ...

مرتضى عصام الشريفي

2015 / 9 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


لم أكن أتصوّر أنْ أكتب مقالاً عن غاية إصرار المرجعية على أنْ يُكتب الدستور العراقي بأيادي عراقية منتخبة من عامة الشعب؛ لكنّي فوجئت هذه الايام بقيام بعض المواقع الإلكترونية معروفة التوّجه بهجمة شرسة على المرجعية من خلال رجالها البارزين، ومنهم السيد الفاضل (أحمد الصافي) الذي كان أحد أعضاء اللجنة المكلّفة بكتابة الدستور، وجاءت هذه الهجمة متزامنة مع دعوة المرجعية للإصلاح الحكومي، والقضاء منه خاصّة، ومن هنا تعرف أسباب هذه الهجمة الساذجة .
.
وسميتها ساذجة، بل هي واقعاً أكثر من ذلك؛ لأنّ المغرضين الناشرين لهذه الاتهامات؛ لم يتمتعوا بذكاء سياسي؛ لأنّهم أغفلوا أموراً كثيرة أعلنتها المرجعية في وقتها عن غاياتها في معارضتها الشديدة للدعوات التي كانت تهدف إلى وضع دستور للعراق بأيادي أمريكية كما فعلت في دول محتلّة سابقاً كــ(اليابان، وفيتنام، وكوريا، وغيرها)، وعندما فشلت هذه الخطوة انتقلوا إلى خطوة أخرى، وهي تعيين لجنة عراقية من مجلس الحكم من قبل الأمريكان أيضاً مثلما قاموا بتعيين مجلس الحكم، والمرجعية أيضاً رفضت هذه الخطوة قائلةً : إنّ تلك السلطات (سلطات الاحتلال) لا تتمتع بأيّة صلاحية في تعيين أعضاء مجلس كتابة الدستور .
.
وما دعا المرجعية لهذا الموقف تخوّفها من أنْ يوضع للعراق دستور لا يراعي المصالح العليا للشعب العراقي، ولا يعبّر عن هويته الوطنية التي من ركائزها الأساس الدين الإسلامي الحنيف، والقيم الاجتماعية النبيلة، ومن هذه النقطة تعرف سبب دخول السيد الجليل (أحمد الصافي) لهذا المجلس (مجلس كتابة الدستور) فقد كان دخوله يمثّل الضامن لإدراج فقرات مهمّة، وليكون عين المرجعية على ما يحدث من سجالات، وحوارات، وخلافات حول فقراته، وبنوده .
.
وممّا تجدر الإشارة إليه إنّ الدستور العراقي بعد إكمال كتابته قد تمّ عرضه على المرجعية الرشيدة، وبعدما قرأته قراءة واعية سجّلت عليه بعض الملحوظات المهمّة، والخطيرة، وطالبت القوى السياسية إلى الإسراع بتعديلها، ومن أجل ذلك شُكّلت (لجنة تعديل الدستور) التي تعطّل دورها؛ لأسباب كثيرة، وأبرزها الخلافات السياسية .
.
وافقت المرجعية على النص المعدّ للدستور العراقي على الرغم من اشتماله على بعض العيوب؛ لأنّه إنْ لم تيم إقراره في هذا الظرف، فإنّه لن يتيسر إقرار دستور أفضل منه في وقت قريب، وهذا مقتبس من كلامها الشريف .
لذلك شجّعت المواطنين على التصويت له بــ(نعم) على الرغم من تحفظها على العديد من بنوده، وهذه الخطوة تعدّ إنجازاً تاريخياً حفظ سيادة العراق، وكرامة شعبه بفضل حكمة المرجعية آنذاك، وهو إنجاز قصرت عنه دول كبيرة عانت من الاحتلال الأمريكي، وما زالت بسبب فرض دستورها عليها .
.
وبعد هذه الحقيقة الشاخصة في تاريخ العراق الحديث يظهر علينا شخص يدعى (حسن سلمان) من بيروت يحاول التغطية على هذه الجهود الجبارة ناكراً على المرجعية دعمها للدستور العراقي في وقتها، ومنتقصاً من السيد الصافي؛ لكونه أحد أعضاء كتابة الدستور؛ قائلاً : الآن عرفت المرجعية أنّ في الدستور عيوباً، وفي الحقيقة هذا الكلام يدينه؛ لأنّه لم يعرف، أو يعرف؛ لكنّه مغرض؛ بأنّ المرجعية قد سجلّت ملحوظات على فقرات كثيرة منه قبل التصويت عليه؛ لكنّ مكر السياسة، ومصالح الكتل، وبعض الضغوط الخارجية منعت من أنْ يجرى تعديل عليه في وقتها .
.
وما دفعه إلى الموقف هو دفاعه عن رؤوس الفساد التي طالبت المرجعية الحكومة الجديدة بمكافحتها هذه هي السياسة الماكرة التي تعمي القلوب، والأبصار؛ لتأتي على من كان له الفضل في ما هم عليه الآن من النظام الحكومي، أمّا باقي كلامه عن السيد الصافي، ففي الحقيقة لا يستحق الرد عليه؛ لكنّي سأسرد بعض الأمور الواضحة المعروفة لعامّة الشعب .
وهي إنّ السيد السيستاني منع رجال الدين من مقلديه العمل السياسي في الدوائر الإدارية، والتنفيذية، ولديه فتوى أيضاً تحرّم استلام راتبين، أو أكثر من الحكومة، والسيد الصافي معروف بتدّينه، وورعه، ومن ثقات المرجعية أيعقل أنْ يخالف السيد الصافي المرجعية في ذلك، القائل بهذا الكلام رجل أقلّ ما يقال عنه جاهل، ومن المفارقات أنّ المرجعية من على منبرها الشريف دعت مراراً، وتكراراً إلى إلغاء هذه المخصصات، والرواتب التقاعدية للنواب، والدرجات الخاصة .
.
على شبابنا معرفة غايات هذه الهجمة، وعليهم أن يثقوا بمرجعيتهم الرشيدة، وفكرها الواعي، وبورعها النادر، وعليهم أنْ يدركوا أنّ لا همّ لدى المرجعية سوى الحفاظ على المصالح العامة للعراق، وشعبه بمختلف أطيافهم، وما هذه الهجمة الجاهلة إلا سهم حقد، وحسد قد أخطأ هدفه، وأصاب راميه ....... .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صاروخ باليستي روسي يستهدف ميناء أوديسا


.. ما فاعلية سلاح الصواريخ والهاون التي تستخدمه القسام في قصف م




.. مراسل الجزيرة يرصد آثار القصف الإسرائيلي على منزل في حي الشي


.. خفر السواحل الصيني يطارد سفينة فلبينية في منطقة بحرية متنازع




.. كيف استغل ترمب الاحتجاجات الجامعية الأميركية؟