الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق دولة مدنية أم دولة المرجعية

خلدون الغانمي

2015 / 9 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


بنظرة شبه خاطفة للعراق سنرى بكل وضوح ان العراق الان على مفترق طرق، بين الذهاب الى حكم مدني علماني بعيد عن كل مفاهيم المنقول المقدس، وبين الاستمرار بالسقوط في هاوية الفساد السلطوي برعاية العمائم المقدسة.
ولكن بنظرة اكثر تفحّصاً، سنكتشف بوضوح ايضا عدم نضوج التجربة العلمانية في الشارع العراقي حتى الان، فحتى التيارات التي هتفت ضد الفساد الديني وصرخوا بأعلى اصواتهم "بإسم الدين باكونة الحرامية" وتعني بإسم الدين سرقونا اللصوص. حتى هذه الاصوات بدأت تخمد أمام التيار المرجعي، والاسوء انهم يطلبون مباركة المرجعية لجهودهم، ويؤكده فرحهم ومباركتهم لدعم مقتدى الصدر وتياره الفاسد للمظاهرات المدنية، كما ويؤيده البيان الصادر بتاريخ 9/9/2015 من قبل اللجنة الناطقة بأسم المتظاهرين.
الإسقاط الاخر الذي وقعت به التيارات المدنية هو هشاشة الخطاب السياسي تحت عنوان عدم جر البلاد الى صراعات داخلية في ظل وجود عدو خطر كداعش يحتل اجزاء عديدة من العراق.
كلنا ندرك ان التجربة السياسية المدنية الشعبية في العراق تعتبر تجربة فريدة من نوعها، حيث ان اكثر المحللين تفاؤلاً لم يكن ليتصور ان ابناء هذا الشعب سيخرجون ليهتفوا ضد الاسلام السياسي يوماً، في ظل حرب طائفية ضروس. ولكن الشعب السومري والبابلي لم يكن يوماً لينسى تلك الاصول العريقة ولم يكن ليرض باستمرار الهوان والذل.
كل ما ادركته مما جرى ان التيارات الثائرة حالياً بعيدة عن المطالب الجوهرية فالحركة التي حدثت لاتعدو ان تكون حركة مطالبات خدمية وطالما ان المطالب الخدمية قرينة بالفساد فقد طالبت الجماهير بالاصلاحات الحكومية. غير مدركين ان الحكومة الفاسدة والتي خوّلوا رئيسها الحالي "العبادي" باجراء الاصلاحات، لم يدركوا ان سبب الفساد كله هي هذه الحكومة وكل الطبقة السياسية التي تسيطر على الحكم في البلاد. وهاهم الان يدركون ان العبادي يماطلهم ويلاعبهم حتى فقدوا ثقتهم التي اولوها اليه في بداية المظاهرات وبدأوا يطالبونه بالرحيل.
الحركة العلمانية والمدنية في العراق لاتزال تتخبط بين ادراكها الداخلي من ان الحكومة لن تصلح شيئاً وبين ضعفها العام ووهنها امام المرجعية الدينية. وهم يدركون بشدة ان المرجعية الشيعية ليست سوى جزء من الفساد العام في البلد وهي التي دعمت هؤلاء ومستمرة بدعمهم.
الاسوء من ذلك كله هم المتظاهرون المطالبون بدولة المواطن التي تحترم كل العراقيين ولكنهم يأتمرون باوامر مرجعية لا تحمل الجنسية العراقية اصلاً. اين العقول العراقية التي تأتمر بأمر مرجع من اصول ايرانية واخر افغاني واخر باكستاني؟ هل هذا هو عنوان الدولة المدنية التي تحلم به هذه التيارات؟ ! دولة المرجع؟!.
ببساطة ووضوح سنصل الى نتيجة واحدة ان التيار العلماني في العراق لايزال في المهد ويحتاج الى العديد من التجارب والادراكات حتى يصل الى مرحلة النضج السياسي ليدرك ان الجامع المانع للبلد ولسياسته هو العراق وحده لا شريك له. لو ادركت وتفهمت تلك التيارات هذه الحقيقة سيصلون بكل سلاسة الى دولة تحترم ابناءها ولاتفرق بينهم عرقيا او طائفيا. ولن يكون في هذه الدولة الوطنية اي حاجة لعمامة لاتدرك هل ان البرتقال يباع بالكيلو ام بالحبة.
اعطوهم المزيد من الفرص وستحصلوا على المزيد من خيبات الامل. وتذكروا ان المستقبل ليس سوى نتاج ما نصنعه اليوم بأيدينا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - طابور خامس لمغازلة الاسلام السياسي وتقبيل مؤخرته
طلال الربيعي ( 2015 / 9 / 10 - 13:07 )
الزميل العزيز خلدون الغانمي
نعم, لقد قرأت البيان. وهو بيان بائس بكل معنى الكلمة, وهو اذا يجتر نفس الكلمات بخصوص اقامة دولة مدنية ودولة المؤسسات الا انه يفرغها تماما من معانيها, ويأبى الا ان يأتمر باوامر مرجعية دينية رجعية لا عراقية, وقفت مع الاحتلال منذ بدايته, وهي لا تفقه في السياسة قيد شعرة. والتركيز على شخص المرجعية هو مناقض تماما للدعوة الى دولة المؤسسات وابعاد رجال الدين عن السياسة.
واقحام المرجعية الدينية عنوة في البيان هو مغازلة فجة ودنيئة للاسلام السياسي وتقبيل لمؤخرته, لربما كمكافأة له بسبب ما اقترفه من جرائم وسببه من كوارث لا تعد ولا تحصى. والبيان هو مخالفة حتى للدستور الاعرج الذي ينص على ان المرجعية هي مرجعية الشعب ولا توجد مرجعية غيرها. كما ان زعمهم ان تجذير المطاليب هو خدمة لداعش هو الغباء بعينه ويناقض الواقع تماما, لان العملية السياسية هي الخراج المتقيح الذي افرز صديد داعش, وهي التي سهلت لداعش انتصاراتها وسيطرتها على ما يقرب من ثلث العراق.
يتبع


2 - طابور خامس لمغازلة الاسلام السياسي وتقبيل مؤخرته
طلال الربيعي ( 2015 / 9 / 10 - 13:09 )
وهؤلاء المجرمين الذي فعلوا هذا لم يستطع لا العبادي, الذي هو من نفس مدرسة الفساد والرياء, ولا البرلمان والقضاء الغارقان في الفساد اتخاذ اية اجراءات قانونية بحق من تنازل لداعش كالمالكي وغيره. وبالتالي فان الابقاء على العملية السياسية يعني بالضرورة دعما وتقوية لداعش. ان كاتبي البيان هم الطابور الخامس الذي حذرنا منه كثيرا بانهم سيركبون موجة التغيير لاجهاضها. ولذا ينبغي التخلص من افراد الطابور الخامس كما يتخلص الجسم من ادرانه.
وافر تحياتي


3 - العراقيون اختاروا مصيرهم باختيارالعمائم مرجعية لهم
سيلوس العراقي ( 2015 / 9 / 10 - 16:06 )
مرحبا
تقول في اول مقالك
بنظرة شبه خاطفة للعراق سنرى بكل وضوح ان العراق الان على مفترق طرق، بين الذهاب الى حكم مدني علماني بعيد عن كل مفاهيم المنقول المقدس، وبين الاستمرار بالسقوط في هاوية الفساد السلطوي برعاية العمائم المقدسة.

ان العراقيين (بغالبيتهم) ليسوا على مفترق طرق ، انهم اختاروا وباصرار طريقهم وهو الخيار الثاني (العمائم) منذ 2003
اختاروا الاسلام بكافة الوانه وميليشياته واحزابه ، ونبذوا العراق الوطن الجميل بتنوع أطياف والوان شعبه بانتماءاته المختلفة ، وسحقوه بارجلهم ونهبوه بايديهم ودمروه تدميرًا ، ولا زالوا مصرين على أن تكون مرجعيتهم دينية معممة وملتحية
وصدقت حين تقول
ان المستقبل ليس سوى نتاج ما نصنعه اليوم بأيدينا.
والعراقيون يحصدون مازرعوا وسيحصدوا الذي لازالوا يزرعونه
تحية

اخر الافلام

.. شاهد| قوات الاحتلال تقصف تجمعا لمواطنين في شارع الجلاء بمدين


.. شاهد| تصاعد أعمدة دخان بعد قصف إسرائيلي على جباليا وسط قطاع




.. طلاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة يطالبون بوقف الاستثمارات مع


.. الجيش الأميركي يعزز دفاعاته ضد الطائرات المسيرة




.. بايدن و ترمب يتفقان على إجراء مناظرتين رئاسيتين واحدة في 27