الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنا والموت .. وهوايا .

رائد حسين

2015 / 9 / 10
الادب والفن


1
فى البدئ كان الموت ,لم يكن مخيفاً ولا مُظلماً ,ربما لعدم وجود ذاكرة أو وعى .. ولكن فى يوم أحمق من أيام الزمان
,إشتعل الظلام وإنفجر الوعى ,وبدأت الذاكرةُ تتمرن على حفظ الأشياء والأسماء ,
ولأن الأسماء كثيرة جداً كان الموت مجرد كلمة .

2
قال الموت : ليكن حُب,فالعُشَّاقُ أكثر الناس شجاعةً أمام الحياة, أكثرُ الناس جبناً أمام الموت,
وليتوهج لمعانُ الذاكرة ,فتحفظ الملامح والتقاسيم ,الأماكن واللقائات ,التواريخ ومذاق القُبلات ,
وتحفظ نبرة الصوت والإختلافات الدقيقة بين الإبتسامات ,ولتسجل كل تافهِ وغير ضرورى ,وكل التفاصيل التى ستؤلم يوماً حد الموت ,
ولتخشى على ذالك كله خشيىة الأم الحنون على وحيدها ,
وليُسجن العاشقُ بين خوفين ,الفراق والموت ,وليناقش بكل جدية وبؤس:
أيهما أشد قسوة من الآخر ؟..
حتى إذا بلغ العشقُ مكانتهُ فتمكَّن من الشرايين والقلب,وبسط سلطانهُ على الجوارح وطغى على العقل ,
وعصف بالماضى والآتى وتشبث باللحظة الواقعة فلم ير سواها ,
وفضلَّ العاشقُ الموت على الفراق ,فليكن فراق ..

3
قال الفراق :ليكن ألم ,و ليهبط الإنسان من الجنة وحيداً مكسوراً نازفاً, يتخبط بدمه فى الجدران كالعميان ,
فقد أكل من شجرة محرمة ,وليتجرع كل العذاب الذى توقَّع .. ولكن دون فناء ,
عذابٌ كعذاب أهل الحجيم ,يتوسلون الموت ولا يجدون منهُ سوى مذاقه ,
حتى ينضج القلبُ الرقيق على أسوجة الجحيم المحترقة ,فيقسوا لينجوا من شدة الألم..

4
قال الألم : ليكن نسيان, قبل فوات الآوان,
فالإنتحارُ إنتصارٌ على الموت ,ولابد للإنسان أن يظلَّ تحت وطأئةِ اللغز العظيم مرتعشاً ذليلاً ..,
وليَدفن الأصدقاء والأقرباء والأحباء ,ويبكِ على نفسهِ لا عليهم .. وليتأمل السماء فى ظلام الليل فيرسل برقيات الذكرى الى الأرواح العالقة ,
أليس النظرُ للنجوم تطلعٌ للماضى ! ,فليتأمل الماضى فهو مستقبله الآتى ,
وليعد لنقطة الخوف الأولى بكل رعونتها,نقطة الخوف من الرحيل المفاجئ لا من الرحيل ذاته .. نقطة البؤس .

5
قال البؤس : ليكن قلم ,وليكن الموت أحد الشخصيات التى أرسمها بقلمى وأقتلها بكل الكراهية التى خلَّفها بدمى ,
سأتحرى الدقة والعدل لأجعل قتلتهُ تليق بعظمته وجلاله ,
سأقتلهُ بعقل لامعٍ كسيف مصقول, بعد معركة شريفة ,
سأضربهُ فى أماكن عديدة عسانى أرى دمائه التى سرقها من دمى, فأرتوى,
وسأُجهز عليه فى صفحتى الأخيرة وأنقش توقيعى على جثتهِ الحقيرة وأمضى مرفوع الرأس منتصراً .. الى الموت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي


.. تسجيل سابق للأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن يلقي فيه أبيات من




.. الفنانة غادة عبد الرازق العيدية وكحك العيد وحشونى وبحن لذكري


.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب




.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس