الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المؤتمر النقابي الدولي بدمشق .. توقيته وأهميته

بدر الدين شنن

2015 / 9 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


لقدر فرض عدوان الإرهاب الدولي الفاشي على الشعب السوري ، أن يكرس كل طاقاته .. واهتماماته .. ومقدراته .. وطموحاته .. للتصدي للعدوان . وفرض على الحركة النقابية العمالية .. واتحاداتها .. إجراء تغيير كامل .. في دورها .. وبرامجها .. وأولوياتها ، المتعلقة بالنضال المطلبي ، والانخراط في النضال الوطني ، والمهام الوطنية المقاومة ، وفي مقدمها حماية المؤسسات والمراكز الإنتاجية والخدمية . وذلك التزاماً بالمضمون النضالي للحركة النقابية السورية ، التي تحمل البعد الاجتماعي الطبقي ، والبعد السياسي الوطني التقدمي ، الذي تجلى بوضوح ، في مختلف الظروف التي مرت بها البلاد ، إن في زمن الاحتلال الفرنسي ( 1920 - 1946 ) من أجل الاستقلال ، أو في زمن الديكتاتوريات المتعاقبة دفاعاً عن الحريات العامة ، أو في النضال من أجل الوحدة القومية ، وبناء دولة الوحدة مع مصر ، أو في عملية بناء قطاع عام إنتاجي ، يشكل الدعامة الأساس لقوة الوطن ونموه ، ولبناء المستقبل على أسس الحرية والعدالة الاجتماعية .

وكانت المؤسسة النقابية تمثل على الدوام ، الحاضنة الشفافة لوحدة المجتمع والوطن ، نابذة بالمطلق للتقسيمات البشعة ، العرقية ، والطائفية ، والحزبية الرجعية ، وكانت قوة ناشطة مع القوى الوطنية التقدمية في الدفاع عن الحريات العامة والنقابية .

ولذا لم يكن مصادفة ، أن تكون خلفيات معظم القيادات النقابية ..في معظم الأحوال هي خلفيات ، وطنية ، وتقدمية ، وقومية ، واشتراكية .. كما احتل في صفوفها نقابيون ، يحملون خلفيات النضال الطبقي الثوري والأممي ، مواقع وأدوار بارزة .

وقد تجلت ذروة الحضور النقابي ، الوطني والتقدمي المعادي للاستعمار والرجعية في ظروف الحصار الاستعماري ( حلف بغداد 1956 - 1968 ) ) على سوريا . حيث شكلت الطبقة العاملة وحركتها النقابية في مراكز الإ نتاج عماد المقاومة الشعبية .

وكان للحركة النقابية السورية دور متميز في المجال النقابي العربي والدولي ، الذي يوحد نضال الطبقة العالة على المستويين العربي والعالمي ، ضد قوى الإمبريالية المستغلة لشعوبها ،، والمعتدية على الشعوب المستضعفة ، لاستعبادها ونهب ثرواتها ، وتوحد نضالها .. من أجل عالم خال من الاستغلال والاستعمار.. عالم تآخ إنساني .. وعدالة .. وكرامة .

من هنا .. من هذه الجذور النضالية النقابية العمالية .. والوطنية .. والقومية .. والأممية للحركة النقابية السورية ، ومن ضرورات التصدي لعدوان الإرهاب الدولي ، تأتي أهمية دعوة ، الاتحاد العام لنقابات العمال في سوريا ، للقوى النقابية العربية والدولية ، الوفية لنضالها الطبقي ، ولدعم حقوق وحريات الشعوب ، في ( 29 ) بداً عربياً وأجنبياً .. توقيتاً .. وفعالية إيجابية عمالية عربية ودولية .. لعقد مؤتمر تضامني مع عمال وشعب سوريا، ضد التحالف الإمبريالي ، الرجعي ، والإرهابي الفاشي ، الذي يرتكب أقذر جرائم الحرب وأكثر الجرائم وحشية بحق الشعب السوري .

وعلى هذا ، فإن المؤتمر النقابي الدولي ، الذي سيعقد بدمشق في يومي ( 13 - 14 ) أيلول الجاري ، هو إحياء لدور الاتحاد العام التاريخي ، الذي يتضمنه قانون التنظيم النقابي ، ونظامه الداخلي . وهو خطوة هامة لدعم النضال الوطني ضد الإرهاب الدولي الفاشي ، ولتعرية القوى الدولية والعربية الرجعية والإقليمية الداعمة له . وهو يلفت إلى أن النقابات السورية تستطيع أن تقوم بدور هام ، في مختلف الظروف الاجتماعية والسياسية والوطنية .

وفي غمرة التصدي لعدوان الإرهاب الدولي .. حيث ستقرر قدرة الشعب السوري وقواه السياسية والنقابية على حسم الحرب وإسقاط أجندة العدوان ، من المبرر عمالياً ، ووطنياً ، ومصيرياً ، تطبيق إعلان " النقابية السياسية بديلاً للنضال المطلبي " . الذي تم الالتزام به في منتصف السبعينات من القرن الماضي ، بمسوغ ، آنذاك ، وهو دعم خطط التنمية الاقتصادية ، الذي برزت أسوأ تجلياته في سياسة " اقتصاد السوق " التي طبقتها حكومة ( العطري - الدردري ) في العشرية الأولى من القرن الحالي . التي تزامنت مع فترة القحط الزراعي ، ما أدى إلى توسيع البطالة ، وهجرة الكثير من سكان الريف إلى المدن . فانتشر البؤس ، وتزايدت النقمة الشعبية .. التي صارت وقوداً ، لتأزيم وتصعيد الأزمة السورية ، اقتصادياً ، واجتماعياً ، وسياسياً ، في آن .

إن الإعلان النقابي في ظروف الحرب ، ينبغي أن يكون ، دون أي اعتراض أو غضاضة ، " النقابية الوطنية .. أولاً " . غير أن هذا لا يعني عدم الاهتمام بالقضايا العمالية المعيشية ، والاجتماعية ، في مواجهة الغلاء المسعور ، ومواجهة الفساد المتعاظم في ظروف الحرب .. وإرهاب الحرب . وإنما أن تكون أولويات الحركة النقابية ، من أجل توفير الأساسيات المعيشة الكريمة .. وتوفير مقومات التعبئة الوطنية ضد الإرهاب .

لقد كانت " النقابية السياسية بديلاً للنضال المطلبي " ، هي عمل كل ما يرضي الإدارة والسلطة . أما " النقابية الوطنية أولاً " . فهي عمل كل ما يمكن من أجل انتصار الوطن .. ومن أجل العمال الحاملين عبء الإنتاج في ظروف الحرب .. والتهديد الإرهابي بالموت .

إن الاتحاد العام لنقابات العمال في سوريا ، الذي تأسس عام ( 1938 ) ، هو مؤسسة نضالية اجتماعية طبقية عريقة . وقد مارس دوره الوطني منذ نشأته ضد الاحتلال الفرنسي ، وأطلق في حينه الإضراب العام ، الذي بلغ ستين يوماً ضد الاحتلال ، وقاوم الديكتاتوريات ، ودافع عن الحريات العامة ، واشترك بقوة في التظاهرات والإضرابات ضد ( حكم الانفصال ) مطالباً بعودة الوحدة مع مصر ، ولعب دوراً كبيراً في دعم توسيع القطاع العام ، وخاصة ما بين ( 1966 - 1970 ) . ومارس دوراً نقابياً عربياً ودولياً في اتحاد العمال العرب ، والاتحاد النقابي العالمي .

المطلوب الآن ، إحياء دور الاتحاد العام والحركة النقابية السورية ، وبخاصة في هذه الظروف ، في كل المدن وكل مراكز الإنتاج في سوريا ، وتقديم المساعدة في تعزيز وترسيخ التماسك الاجتماعي والوطني ، وتفعيل النقابات كمؤسسة طبقية وطنية ، نابذة للطائفية ، والمذهبية ، والأ قلوية ، وناشطة بكل طاقاتها لتعزيز الوحدة الوطنية .

لقد برهنت الحركة النقابية السورية أنها فوق كل الأحزاب . إن الأحزاب التي حاولت الهيمنة وفرض أجنداتها عليها فشلت ، أو تلاشت . وأنها فوق الطوائف ، والأديان ، والأقليات . إنها المؤسسة الوحيدة التي تتجلى فيها الوحدة الوطنية ، عبر الانتساب غير المشروط ، بأي انتماء إليها ، غير الانتماء إلى الطبقة العاملة والوطن .

على هذه الخلفية ، كان الاتحاد النقابي العالمي يتعاون مع الاتحاد العام في سوريا ، وعليها أيضاً جاء حضوره والاتحاد العام لنقابات العمال العرب ، ونقابيون مناضلون ، من بلدان عدة ، مؤتمر دمشق النقابي التضامني الدولي .

رغم كل الظروف الصعبة ، تستطيع الحركة النقابية السورية ، أن ترفع رايتها العمالية الكفاحية ، وأن ترفع راية " النقابية الوطنية أولاً " ضد العدوان الإرهابي الفاشي .. من أجل انتصار سوريا على العدوان .. ومن أجل تحسين مستوى المعيشة .. والوقوف ضد الغلاء والفساد وتجار الحرب .

تحية نقابية حارة .. لكل النقابيين العرب .. والأصدقاء في بلدان أخرى .. الذين جاؤوا إلى دمشق .. ليعلنوا تضامنهم الكفاحي .. مع الطبقة العاملة السورية والشعب السوري .. من أجل وقف حرب الإرهاب الدولي القذرة .. وإعادة السلام .. والأمان .. لسوريا الحبيبة البطلة .. من أجل حق الحياة .. الضامن للعدالة والحرية والكرامة لكل السوريين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-