الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأساة سوريا

اسلام احمد

2015 / 9 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


صدمت صورة الطفل السوري الغريق أيلان كردي الجميع وأحدثت دويا هائلا على مستوى العالم إذ كشفت عن حجم مأساة سوريا وكذلك ضعف الأنظمة العربية وعجزها عن تقديم شئ لحلها فضلا عن تعبيرها عن مدى التواطؤ الدولي فيما وصلت إليه الأزمة السورية لذا لم يكن غريبا أن يشعر الجميع في كل أنحاء العالم بالخزى والعار

وبينما أثرت الصورة بشكل ايجابي في العالم الغربي وخاصة دول الاتحاد الأوروبي التي تحرك بعضها وقامت ألمانيا وفرنسا بتحديد حصة إلزامية لاستقبال المهاجرين , لم تحدث الصورة نفس التأثير الايجابي في العالم العربي بكل أسف! , ولا شك أن الأزمات الداخلية التي تعاني منها أكثر الدول العربية وفي مقدمتها محاربة الإرهاب قد أثرت بشكل كبير على دعمها للشعب السوري فقد انكفأت كل دولة على نفسها مكتفية بمشكلاتها الداخلية وأمنها القومي ومن ثم تراجع اهتمامها بالأزمة السورية وبغيرها من أزمات العالم العربي والإسلامي

والمؤكد أن نظام بشار الأسد هو المسئول بشكل رئيسي عما حدث لسوريا ويتحمل الجانب الأكبر من انهيار وتفكك هذا البلد العربي الكبير فضلا عن حجم الضحايا الذي بلغ حوالي نصف مليون قتيل وأربعة ملايين لاجئ سوري , فقد كان بوسعه احتواء الأزمة منذ بدايتها قبل أربع سنوات من خلال القيام بإصلاحات في بنية النظام استجابة لمطالب التغيير , غير أن جشعه واستبداده جعله يتمسك بالحكم حتى آخر نفس كدأب كل الحكام العرب الفاسدين حتى لو انهار البلد فوق رؤوس الجميع!

معضلة الأزمة السورية تكمن أساسا في حجم التدخلات الخارجية من القوى الدولية والإقليمية فيما يحدث في سوريا , فمن ناحية تقوم روسيا وحليفها الإيراني في المنطقة بدعم نظام بشار الأسد سياسيا وعسكريا منذ بداية الأزمة وهو ما أدى إلى استبعاد تدخل القوى الدولية عسكريا وبريا في سوريا ومن ثم صمود النظام السوري حتى الآن

ومن ناحية أخرى فان الولايات المتحدة وإسرائيل من مصلحتها تأجيج الصراع في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام تنفيذا لمخطط التقسيم الذي يفضي إلى إعادة تقسيم المنطقة على أسس طائفية وإعادة رسم خرائطها من جديد بعد خلق توازنات إقليمية جديدة , وهو ما سيصب في مصلحة تأمين الدولة العبرية في النهاية , فضلا عن مصلحة الولايات المتحدة في استمرار عمليات بيع السلاح إلى مناطق النزاع

أضف إلى ذلك تدخل السعودية وتركيا ودعمهما للمعارضة السورية المسلحة في سوريا بالمال والسلاح وكذلك لتنظيم داعش ضد النظام السوري وهو ما أدى إلى إكساب الصراع في سوريا بعدا طائفيا بعد أن تحول من صراع سياسي بين النظام/المعارضة إلى صراع ديني سني/شيعي , وهو ما ساهم بشكل كبير في تعقيد الأزمة!

غير أن ثمة متغيرات جديدة على الأرض تلقي بظلال من الأمل في إمكانية إيجاد حل للأزمة السورية في المدى القريب أو المتوسط إذ بعد أن توحش تنظيم داعش وسيطر على أجزاء كبيرة من الأرض أدركت القوى الدولية ومعها السعودية وتركيا حجم الخطر الذي قد يلحق بها ويهدد مصالحها جراء استفحال هذا التنظيم وبالتالي بدأت في تغيير موقفها إزاء الأزمة السورية وبدأ الحديث يتردد عن ضرورة إحداث تغيير في النظام السوري بعد أن أصبح عاملا من عوامل نمو الإرهاب في المنطقة

ومن جهة أخرى بدأت القوى الداعمة للنظام السوري في تغيير موقفها تجاهه فروسيا بدأت هي الأخرى تدرك حجم الخطر الذي قد يسببه بقاءه ومن ثم صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخرا إن الرئيس السورى بشار الأسد مستعد لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة ولاقتسام السلطة مع معارضة بناءة , في تطور مهم للموقف الروسي , كما أن دعم إيران الحليف الأكبر للنظام السوري قد بدأ يتراجع بشكل ملحوظ على خلفية عقد الاتفاق النووى مع القوى الكبرى مؤخرا وكذلك بسبب تداعيات المواجهات الإقليمية بينها وبين المحور السعودية التركي في المنطقة لاسيما في اليمن

والمؤكد أن التقدم الكبير الذي أحرزته المعارضة السورية المسلحة على الأرض مؤخرا يمثل عاملا مهما لحل الأزمة السورية سياسيا إذ بدأ النظام السوري يدرك أن نهايته قد حانت كما بدأت القوى الدولية والإقليمية في تغيير موقفها والاتجاه نحو حل سياسي للأزمة لاسيما بعد واقعة غرق الطفل السوري

في سياق ما سبق يبدو واضحا أن الظرف الدولي والإقليمي مواتي تماما لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية يقوم بتغيير رأس النظام ويبقي على ما تبقى من الدولة والجيش السوري مع ضمان مشاركة الجميع في العملية السياسية , غير أن هذا الحل يواجهه في تقديري عائقان مهمان : الأول اختلاف قوى المعارضة السورية فيما بينها في العديد من النقاط وعدم توحدها في ائتلاف واحد , الثاني عدم حسم مصير بشار الأسد سواء من جانب القوى الدولية أو قوى المعارضة الداخلية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكافآت سخية للمنتخب العراقي بعد تأهله لأولمبياد باريس 2024|


.. عقاب غير متوقع من محمود لجلال بعد خسارة التحدي ????




.. مرسيليا تستقبل الشعلة الأولمبية لألعاب باريس 2024 قادمة من ا


.. الجيش الأمريكي يعلن إنجاز بناء الميناء العائم قبالة غزة.. وب




.. البرجوازية والبساطة في مجموعة ديور لخريف وشتاء 2024-2025