الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا على صفيح ساخن

معتز حيسو

2015 / 9 / 12
مواضيع وابحاث سياسية




جملة من المعطيات والمؤشرات الميدانية والسياسية، تشير إلى أن السوريين سيواجهون في الأيام القادمة متغيرات على درجة كبيرة من الخطورة الميدانية والأهمية السياسية.
في المستوى السياسي ثمة معطيات تشير إلى تسارع في توضيب تسويات سياسية توفيقية. يشارك في وضع مبادئها الأولية، وآلياتها التنفيذية أطراف متعددة، في مقدمتها السيد ستيفان دي مستورا، ومسؤولون روس وإيرانيين، إضافة إلى شخصيات قيادية من دول أخرى، ويتموضع ذلك الحراك في إطار من التنسيق مع الجانب الأمريكي. لكن جميع المبادرات التي يتم تداولها والترويج لها تتزامن حتى اللحظة مع تصعيد ميداني من قبل أطراف إقليمية ودولية ذات مصالح وأهداف متناقضة.
بالنسبة إلى المبعوث الأممي فأنه قدم وثيقتين لحل سياسي على ثلاثة مراحل، وكلتا الوثيقتين تعتمدان على تنفيذ إطار«بيان جنيف» مدعوماً بتشكيل مجموعة اتصال دولية- إقليمية.
أولاً: مرحلة تفاوض للوصول إلى تشكيل هيئة انتقالية تتمتع بصلاحيات تنفيذية كاملة عدا «الصلاحيات البروتوكولية» تؤسس إلى انتخابات رئاسية برعاية دولية. وتشرف الهيئة الانتقالية على مجلس عسكري مشترك يشرف بدوره على إصلاح أجهزة الأمن، وينسق مع جميع الفصائل العسكرية المحلية «عدا الفصائل الإرهابية» لمحاربة التنظيمات الإرهابية، ويُعتبر المجلس منصة لقيادة العمليات العسكرية، ولضمان احترام وقف إطلاق النار وإلى استعادة وحدة أراضي البلاد. وقد ترك تحديد فترة مرحلة التفاوض والمرحلة الانتقالية إلى السوريين.
ثانياً: المرحلة الانتقالية: يستمر فيها وقف إطلاق النار. تقديم «جدول زمني لوقف الدعم المقدّم لجميع المقاتلين الأجانب وانسحابهم». تأسيس مؤتمر وطني سوري من الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني، يقود حواراً وطنياً ومراجعة دستورية ويقدّم استشارات للهيئة الحاكمة الانتقالية حول عملها. تعليق أعمال مجلس الشعب طوال المرحلة الانتقالية. وتشير الوثيقة إلى أن الاتفاق المرحلي يحترم: سيادة سورية، واستقلالها ووحدة أراضيها، واعتماد مبدأ لا غالب ولا مغلوب، وإنشاء دولة «لا طائفية» تعددية، ديمقراطية، الحفاظ على المؤسسات الرسمية وإصلاحها على أن يشمل ذلك الجيش، وقطاع الأمن الأوسع نطاقاً، والقطاع القضائي، رفض «اجتثاث حزب البعث». وجاء في الوثيقة: «في سبيل بناء الثقة، سيشمل الاتفاق المرحلي قائمة متفق عليها بين الأطراف، تضم أسماء 120 شخصاً لن يتسنى لهم تسلم أي مناصب رسمية خلال المرحلة الانتقالية، بسبب الدور الذي أدّوه في الصراع»، إضافة إلى اقتراح «إغلاق أجهزة أمنية معينة»، واقترح دي ميستورا أن تكون اجتماعات مجموعات العمل الأربعة «في شكل مواز»، ويعتمد نجاح هذا المسار وفق توقعات ديمستورا على «الدعم الذي تقدّمه الأطراف الدولية والإقليمية»، وعلى تشكيل مجموعة اتصال لمساعدته.
المرحلة النهائية: تطبيق نتائج الحوار الوطني وإجراءات المراجعة الدستورية. إجراء انتخابات نيابية ورئاسية برعاية الأمم المتحدة، على أن تبقى المبادئ الأساسية الواردة في الاتفاق المرحلي نافذة في سياق الدستور». أما فيما يتعلق بدور مجلس الأمن يقوم الأمين العام للأمم المتحدة أو المبعوث الدولي بإحاطته بالتقدم الذي يتم إحرازه من خلال مجموعات العمل أو العقبات التي تعترض عملها خلال 90 يوماً من اعتماد مجلس الأمن البيان الرئاسي. وبناء على هذه الإحاطة ينظر المجلس في الإجراءات التي يمكن اتخاذها.
هذا في وقت تُكثف فيه الدبلوماسية الروسية لقاءاتها مع الحكومة وأطياف من المعارضة المختلفة، وحكومات عربية وإقليمية وأخرى دولية على صلة مباشرة بالصراع، وذلك من أجل إعداد مبادرة توافقية تلقى قبول الأطراف السورية. ومن الواضح أن محاربة المجموعات الإرهابية والحل سياسي سيكونان وفق منطوق الدبلوماسية الروسية والإيرانية بشكل خاص، في سياق زمني واحد. ولن يكون ذلك من وجهة نظر القيادة الروسية وحلفاءها دون مشاركة الرئيس السوري.
ورغم ازدحام المبادرات السياسية، والضجيج الإعلامي عن دخول الأزمة السورية في مراحلها النهائية. لكن ذلك لم يفضي حتى اللحظة إلى شيء ملموس. في ذات السياق تعمل القيادة الروسية والأمريكية إضافة إلى المبعوث الدولي بالتنسيق مع أطراف أخرى متعددة على وضع الخطوط الأساسية والمبادئ العامة لمبادرة توافقية ستوضع للنقاش والإقرار في مؤتمر جنيف 3. لكن ذلك لا ينفي أن دور الرئيس السوري في المراحل الثلاثة، بالنسبة إلى بعض الحكومات لا يزال السبب الرئيسي في إفشال أية تسوية سياسية. وذلك ينعكس على الأوضاع الميدانية، بمزيد من التصعيد والتداخل.
في المستوى الميداني أشارت بعض المصادر الإعلامية إلى أن القيادة الروسية لن تقف عند حدود الدعم العسكري والسياسي للرئيس الأسد، لكنها تخطط إلى التدخل المباشر لوضع حد لتفاقم مخاطر المجموعات الإرهابية، وإيقاف توسعها، وللحد من انتقال تأثيراتها إلى الأراضي الروسية، ويتصل في سياق ذلك إغلاق منافذ تمويل المجموعات المسلحة، ولجم تدخل العربية السعودية وقطر وتركيا .. . وبالرغم من أن التدخل الروسي المباشر يمكن أن يضع حداً لتمدد التنظيمات الجهادية، لكن حصوله دون غطاء أممي، أو تفويض من مجلس الأمن، يمكن أن يفتح سوريا على مرحلة جديدة من الصراعات الدولية المباشرة. إضافة للأهداف السابقة فإن القيادة الروسية تشتغل على تقوية دور الحكومة السورية في المفاوضات المحتمل إجراءها، وهذا يستدعي من وجهة نظرها مساعدتها في توسيع سيطرتها الميدانية. من جانب آخر فإن تخوّف القيادة الروسية من تحولات مفاجئة تهدد مصالحها الحيوية، يمكن أن يدفعها إلى التدخل المباشر. وأياً تكن الأسباب المباشرة وراء تدخّلها المنفرد، فأن ذلك سيضعها في مواجهة مباشرة مع الدول الداعمة للمجموعات المسلحة. وليس فقط في مواجهة المجموعات الجهادية. وإذا استثنينا الحكومة الروسية والإيرانية، فأن الدول الممولة للمجموعات المسلحة تربط محاربة الإرهاب والحل السياسي بإخراج الرئيس السوري من المعادلة السياسية. ويتزامن ذلك مع اشتغال تلك الأطراف على توسيع نطاق سيطرة المجموعات المسلحة للضغط على النظام السوري والدول الداعمة له. ويتجلى ذلك من خلال تمكين مجموعات مسلحة من اجتزاء مساحات جغرافية واسعة، تحديداً في الشمال السوري وجنوبه لإعادة رسم الجغرافيا السياسية من جديد، مع الإبقاء على إمكانية التقسيم قائمة. ورغم صعوبة تحقيق ذلك، لكنه يشكل ورقة ضغط قوية بيد الأطراف التي تقود الصراع بالوكالة، وفي أحيان أخرى بشكل مباشر. لذلك فإن استمرار انسداد آفاق الحل السياسي، يجعل مشاركة الدول الداعمة للصراع بشكل مباشر أمراً ممكناً. وذلك يعني دخول المنطقة العربية وجوارها الإقليمي في أزمة مفتوحة على المجهول. أما المواطن فأنه سيبقى وقود الحروب الراهنة والتحولات والمحتملة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قتلة مخدّرون أم حراس للعدالة؟.. الحشاشين وأسرار أول تنظيم لل


.. وكالة رويترز: قطر تدرس مستقبل المكتب السياسي لحركة حماس في أ




.. أوكرانيا تستهدف القرم.. كيف غيّرت الصواريخ معادلة الحرب؟| #ا


.. وصول وفدين من حماس وقطر إلى القاهرة سعيا لاستكمال المفاوضات




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - وفد من حماس يصل إلى القاهرة لاستكم